يبدأ معظم التلاميذ رحلة البحث عن الدروس التدعيمية، مع بداية كل دخول مدرسي، خاصة بالنسبة للمقبلين على اجتياز امتحانيْ شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا، رغم الأجرة المرتفعة التي يحددها الأساتذة المشرفون على تقديم هذه الدروس، والتي بلغت 1200 دج للمادة الواحدة لمدة لا تتجاوز أربع ساعات في الأسبوع، أي 4800 دينار شهرياً، وهي المصاريف الإضافية التي أثقلت كاهل الآباء، بعد أن أفرغت جيوبهم القائمة الطويلة للأدوات المدرسية.
شرعت معظم “المدارس” التي تقدّم دروس دعم المستوى لتلاميذ الأطوار الثلاثة في عملية التسجيل، مع أول يوم للدخول المدرسي الجديد، حيث أينما تولي وجهك في شوارع العاصمة، تقابلك الملصقات والإعلانات لهذه المدارس، “مدرسة النور”، “مدرسة المستقبل”، “مدرسة المتفوق”، “مدرسة النجاح” وغيرها، ويحتوي الإعلان على اسم المدرسة والمعلومات الخاصة بها فيما يتعلق بالعنوان ورقم الهاتف، كما تعرض مجموعة المواد التي تقدم فيها الدروس.
وفي المقابل انطلق بعض الأساتذة في عملية تسجيل التلاميذ الذين يرغبون في الاستفادة من دروس خصوصية في البيت، ورغم الأجرة المرتفعة التي يطلبها القائمون على تقديمها، إلا أن هذه المدارس وهؤلاء الأساتذة يلاقون إقبالاً منقطع النظير من قبل التلاميذ مع بداية السنة الدراسية الجديدة، وفي ظل هذا التهافت الكبير لم يجد بعض التلاميذ مكاناً شاغراً في قائمة بعض الأساتذة، على الرغم من أن السنة الدراسية مازالت في بدايتها، وهو ما لفت نظرنا خلال حديثنا مع بعض التلاميذ الذين تفاجأوا باكتمال قائمة التسجيل لدى بعض الأساتذة الذين تعوَّدوا على الاستفادة من الدروس الخصوصية عندهم، فيما اصطدم البعض الآخر بغلق بعض المدارس الخاصة باب التسجيلات في بعض المواد الأساسية مثل الفيزياء والرياضيات.
“ياسمين”، طالبة مقبلة على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، قالت إنه لم يمض على انطلاق الدراسة سوى أيام معدودات، إلا أنها لم تتمكن من التسجيل لدى أستاذ الرياضيات الذي قام بتدريسها السنة الماضية؛ إذ أنها تفاجأت عندما أخبرها أن قائمة التلاميذ المعنيين بالاستفادة من الدروس التدعيمية قد اكتملت ولا يمكن أن يقوم بتدريس أكثر من العدد المحدد، مؤكدة أنها كانت مستعدة لدفع ضعف المبلغ الذي طلبه، وهو 1000 دج، في سبيل الاستفادة من خبرته الطويلة في المجال.
ونفس الشيء حدث مع “فايزة”، طالبة في السنة الثانية ثانوي، حيث أنها أرادت الاستفادة من مجموعة من الدروس التدعيمية في بعض المواد التي حصلت فيها على علامات جد ضعيفة السنة الماضية، مثل “مادة الرياضيات”، “الفرنسية”، “الإنجليزية”، ومادة “الفيزياء”، فقصدت إحدى المدارس الخاصة الموجودة على مستوى البلدية التي تسكن فيها، إلا أنها وجدت القائمة الخاصة بالتلاميذ المسجلين في مادتي “الفيزياء” و”الرياضيات” قد أغلقت، وهما المادتان اللتان تحتاج التدعيم فيهما، بما أنها تدرس في شعبة علوم الطبيعة والحياة، مضيفة أنها استغربت الأمر كثيرا بما أننا في بداية السنة الدراسية، بالإضافة إلى الأجرة المرتفعة للمادة الواحدة التي بلغت 1200 دج، والتي لم تثن من عزيمة الكثير من التلاميذ في السعي إلى رفع علامات الامتحانات، عن طريق الاستفادة من هذه الدروس.
“عبد المالك” تحدث عن تذمر والده من الأسعار المرتفعة التي حددها أساتذة الدروس الخصوصية هذا العام، إذ يقول أنه لم يستوعب سبب الزيادة في الأجرة مقارنة بالسنة المنصرمة، حيث أن أستاذ العلوم الطبيعية طلب أجرة 1000 دج لتقديم درسين خصوصيين في الأسبوع، تستغرق مدة الدرس الواحد ساعتين، موضحا أنه كان يريد التسجيل في أربعة مواد، وبعملية حسابية بسيطة تقدر أجرة المواد الأربعة ب، 4000 دج، وهو ما لم يتقبله والدُه، فرفض دفع المزيد من المصاريف، بعد أن أفلسته قوائمُ الأدوات المدرسية الخاصة به وبإخوته الأربعة، متهما بعض الأساتذة باستغلال حاجة التلاميذ الذين لا يتحصلون على علامات جيدة في بعض المواد، إلى الدروس الخصوصية، للرفع من أجرة المواد كل سنة.
أما “أسامة” فقد اتهم بعض الأساتذة بأنهم يتعمدون عدم شرح الدروس جيدا في القسم، بغية استمالة التلميذ إلى طلب الاستفادة من دروس تدعيمية لديهم، بينما يبذلون قصارى جهدهم في حصص الدروس الخصوصية حتى ينالوا استحسان التلاميذ الذين يقومون بمدح طريقة تقديمهم هذه الدروس لبقية زملائهم، من أجل الظفر بزبائن جدد – على حد قوله – بما أن العديد من الأساتذة حوَّلوا فكرة الدروس التدعيمية إلى تجارة رابحة تدر عليهم المزيد من الأموال، وراحوا يتنافسون في كيفية جلب التلاميذ، وليس في طريقة مثلى تمكن تلاميذهم من استيعاب الدروس بشكل جيد.