تتفرّج وزارة التربية على ظاهرة تحدث سنويا بالمؤسسات التربوية يصبح فيها التلاميذ “رهائن” لدى معلمين وأساتذة “يعذّبونهم” بأعمال وتمارين وشبه فروض منزلية في أيام راحتهم (العطل المدرسية) والأخطر أنّها تحسب على المتمدرسين بـ”إلزامية” ويعاقب من لا ينجزها وتخصم منه علامات. في المقابل، سيدفع تلاميذ الثانويات بالخصوص الأقسام النهائية، ثمن إضراب نقابة الـ”كناباست” الذي ضيع من المقرّر الدراسي 10 أيام.
يحرم أساتذة ومعلّمون 8.4 مليون تلميذ في الأطوار التعليمية الثلاثة من حقهم “الطبيعي والقانوني” في الراحة من خلال عطلهم المدرسية المكفولة بقوة النصوص القانونية، لكنّها مجرد “شعارات جوفاء” غير محترمة من طرف مرّبين يعلمون تلاميذهم ضرورة احترام القوانين وإعطاء كل ذي حق حقه، حيث يلزم المعلمون والأساتذة المتمدرسين بأعمال وتمارين منزلية على شكل فروض إجبارية، لينجزوها في أيام عطلهم، في ظل غياب أي سند قانوني (تعليمة وزارية) أو بيداغوجي (توصيات خبراء).
وفتح رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ خالد أحمد، أمس، النار على الأساتذة والمعلمين ووصف إرهاق التلاميذ بتمارين منزلية في العطل المدرسية، بالتحديد عطلة الشتاء باعتبار الثلاثي الأول “الأطول مدّة”، بـ«الإجرام” في حق المتمدرسين. وأفاد خالد أحمد في تصريح له، أن شكاوى تصل من أولياء تلاميذ عن تعرض أبنائهم إلى عقوبات من طرف أساتذة ومعلمين تخص الشريحة التي كانت علامتها ضعيفة، فيفرض عليهم من قبل “مربيهم” إنجاز أكثر من 20 تمرينا في كل مادّة، مشيرا إلى أن هذه الأفعال تعتبر غير قانونية وغير تربوية.ودعا المتحدث مفتشي التربية إلى مراقبة التلاميذ بعد دخولهم من عطلة الشتاء والإطلاع على كراريسهم لمعرفة الفئة التي تعرضت إلى هذه “الظاهرة” التي أضحت تسيء إلى قطاع التربية ونظامه التربوي بممارسات عن ما وصفهم خالد أحمد، بـ«أشباه المعلمين والأساتذة” الذين ينقصهم التكوين والتأطير، مضيفا أن تحسين أداء التلاميذ يكون بتلك التمارين لكن لا تتجاوز “الواجبين” كأقصى حد ولا تكون إلزامية، وليس 20 تمرينا كما يحدث في مؤسسات تربوية، لاسيما في مواد صعبة كالرياضيات والفيزياء واللغة العربية.
وندد رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ، بدفع المتمدرسين لدفع إضرابات النقابات ودعوتهم إلى المؤسسات التربوية في عطلة الشتاء لتعويض الدروس، مشيرا إلى أن هذا “الإجراء” من سلبيات النظام التربوي، وأن عملية التعويض ما هي إلا استدراك للدروس وليس “تعويضا” حقيقيا، بل الهدف منه هو القول “المهم أننا أنهينا المقرر الدراسي”.
وتحدث مسؤول الإعلام في المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني “كناباست – موسع” مسعود بوديبة لكونه أستاذا قبل صفته النقابية، حيث اعترف المتحدث أن “العطلة المدرسية” تعتبر عند المختصين التربويين والبيداغوجيين “برنامجا” ليتخلّص التلاميذ من المجهود الفكري “الكبير” مع ما يقتضيه الأمر إلى فترات راحة من أجل منح فرصة للمتمدرسين لاستيعاب معلومات جديدة والتأقلم مع البرامج التعليمية وتغيير من نفسياتهم. ودافع مسؤول الإعلام في “كناباست – موسّع” عن المعلمين والأساتذة، معتبرا أن التمارين الهدف منها عدم انقطاع التلاميذ عن “دراستهم”، كي لا تضيع منهم المعلومات المكتسبة في الثلاثي الأول، لكنه ندّد في المقابل، بـ”الأعمال المجهدة” في حق التلاميذ، بالخصوص لما تصبح “إلزامية”، وهنا من المفروض، حسبه، أن يكون هناك تنسيق بين الأساتذة لتنظيم هذه الظاهرة. وقال بوديبة إنّ الإضرابات “ظرف استثنائي” ويتم اللجوء إليها في غياب أجواء الثقة والحوار وعدم التزام الوصاية بوعودها، مضيفا أن تعويض الدروس الضائعة أيام العطلة كانت بموافقة من أولياء التلاميذ، في ظل صعوبة التعويض أيام السبت وأمسيات الثلاثاء نظرا لإقبال التلاميذ فيها على الدروس الخصوصية.
من جانبه، هاجم مدير ديوان وزير التربية عبد المجيد هدواس، أمس، النقابات وبالخصوص “الكناباست” التي تلجأ إلى الإضرابات وترهن معها ما وصفهم بـ”البراءة” (يقصد التلاميذ)، لذلك، يضيف المتحدث، كان لزاما اقتطاع أيام من عطلة الشتاء لتعويض الدروس الضائعة. وكشف المسؤول عن آليات يتم التحضير لها “لمنع ظاهرة إرهاق التلاميذ بالتمارين والأعمال المنزلية التي تحرم حق التلاميذ في الراحة”، مشيرا إلى إعطاء أوامر إلى المفتشين بمرافقة التلاميذ داخل أقسامهم وإسداء تعليمات لمديرية التربية لمنع المعلمين والأساتذة من ممارسة تلك الظاهرة.
نقلا عن جريدة الشروق اليومي