كشف وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد، أمس، عن صعوبة تلبية المزيد من مطالب 670 ألف موظف نظرا لضعف موقفه أمام الحكومة، التي أبلغته بأن “قطاع التربية أصبح عبئا عليها”، وذلك نتيجة موافقة الوظيفة العمومية على أمور غير قانونية في القانون الخاص للقطاع لإرضاء موظفي التربية. وأفاد الوزير أنه تلقى تعليمات من الوزير الأول، على غرار باقي القطاعات، بتجميد صرف كافة المنح والعلاوات إلى إشعار لاحق بسبب انكماش في ميزانية الدولة.
عرف اللّقاء الذي جمع، أمس، وزير التربية والمديرين المركزيين للقطاع بأعضاء المكتب الوطني للمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني-موسّع بمقر الوزارة، نقاشا حادا حول القضايا المرفوعة والتي دفعت بالنقابة إلى استمرارها في شل المدارس.
لكن اللقاء شهد في بدايته ولمدة ساعة ونصف، حربا كلامية بين النقابيين والوزير ومديريه المركزيين حول قضية فصل عضو المجلس الوطني لولاية البويرة، الأستاذ عبيدي محمد من منصبه بموجب قرار من مجلس تأديبي منذ 6 أشهر، وعرف تبادلا للتهم بخرق للقانون وتضييع حقوق العمال وتضييق حرياتهم النقابية، فتحوّلت الجلسة إلى تصفية حسابات أمام أنظار الإعلاميين الحاضرين لضمان التغطية.
ووعد الوزير ممثلي “كناباست” بفتح الملف مجدّدا وتشكيل لجنة تحقيق لإيجاد مخرج للقضية، واستعداده لمعاقبة المسؤولين المتورطين في تحويل الأستاذ المفصول من ضحية إلى متهم بتجاوزات عديدة.
وفي ملف تطبيقات القانون الخاص لقطاع التربية، طلب “كناباست” بالتسوية العاجلة لوضعية الأساتذة الموصوفين بالآيلين للزوال، وهم الأساتذة التقنيون ومعلمو المدرسة الابتدائية وأساتذة التعليم الأساسي، عن طريق إدماجهم في الرتب القارة وإيجاد آليات تسمح لهم بالترقية في الرتب المستحدثة بتثمين الخبرة المهنية المكتسبة.
وكان رد وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد “سياسيا” قبل تحويله إلى مدير المستخدمين ليقدّم “التوضيحات التقنية”، فقال الوزير إن مصالح الوظيفة العمومية أصبحت “معقّدة” في الاستجابة لهم، مضيفا أن مسؤولها يرد عليهم بأن كل ما ورد في تعديلات القانون الأساسي الخاص بمستخدمي التربية الوطنية، كان يحمل توقيعا وموافقة من طرف كافة الشركاء الاجتماعيين.
وأوضح الوزير أن قطاعه استفاد من امتيازات كثيرة في مجالات عديدة، لاسيما ما تعلّق بتطبيقات القانون الخاص، مشيرا إلى أن موقفه بدأ يضعف أمام الوزير الأول عبد المالك سلال الذي أبلغه بأن قطاع التربية أصبح يشكل عبئا على الحكومة، نظرا لكثرة مطالب النقابات الممثلة للموظفين. وقال بابا أحمد، إن مديرية الوظيفة العمومية أضحت توافق أحيانا على مسائل غير قانونية بسبب إصرار الوزارة على تلبية انشغالات العمال.
وعن المناصب الآيلة للزوال، أفاد مدير المستخدمين بوزارة التربية عبد الحكيم بوساحية، أنه سيجري الشهر المقبل امتحان مهني لفائدة أصحاب هذه المناصب (الأساتذة التقنيون ومعلمو المدرسة الابتدائية وأساتذة التعليم الأساسي) لاستفادتهم من الترقية وستظهر النتائج شهر ديسمبر، لكنها نقطة لاقت اعتراضا شديدا من طرف “كناباست”، لأنّها تسقط عن هذه الفئة، بالخصوص الأساتذة التقنيين، حق الاستفادة من أحكام المادّة 31 مكرر من المرسوم 240-12 التي تضمن أثناء الترقية احتساب سنوات الأقدمية.
وفي السياق، وافق الوزير على مطلب ممثلي “كناباست” بعقد جلسة عمل مشتركة هي الأولى من نوعها مع مصالح الوظيفة العمومية، للتباحث حول قضية المناصب الآيلة للزوال، وذلك في ظل اعتراض النقابة على مخاطبة الوظيفة العمومية للنقابات عن طريق الوزارة.
وفي ملف منحة الامتياز، علّق الوزير الإجابة عنها إلى إشعار لاحق بعد سماعه عرضا من أعضاء “كناباست” الذين طالبوا بتحيينها عن طريق احتسابها وفق الأجر الجديد وبأثر رجعي ابتداء من الفاتح جانفي 2008، وكذا منحة الامتياز من خلال توسيعها إلى مناطق أخرى، لكن بابا أحمد أجابهم أنّه تلقى، مؤخرا، تعليمات من الوزير الأول بتجميد صرف المنح والعلاوات في كافة القطاعات الوزارية بسبب انكماش الميزانية وتراجع مداخيل البترول.
كما كشف بابا أحمد عن مشروع مع وزارة العمل لتوسيع قائمة الأمراض المهنية في قطاع التربية، وعدم حصره في مرض “الأحبال الصوتية” الذي تعترف به وزارة العمل. وجاء ذلك في أعقاب تدخل شديد من عضو المكتب الوطني لـ«كناباست”، مقراني عبد الله، الذي كشف للوزير عن وجود أساتذة مجانين يدرسون التلاميذ ومصالحه لا تتحرّك.
وقال مسؤول الإعلام في “كناباست”، مسعود بوديبة، إن الإضراب سيبقى متواصلا إلى غاية عرض محضر اللقاء على المجلس الوطني لدراسة إجابات مسؤولي الوزارة حول القضايا العالقة، وذلك كأقصى تقدير اليوم.