إن كلمة”المصدر” لغة يقصد بها الأصل أي أصل الشئ.وانطلاقا من هذا التعريف،فان مصادر القانون الإداري لا تختلف في جوهرها عن مصادر القانون بوجه عام، بصرف النظر عن اختلاف فروعه.بمعنى أن القانون هو مجموعة القواعد الملزمة.القانون الإداري هو مبادئ وقواعد ملزمة حيث تدور مصادر القانون الإداري مع مصادر القاعدة القانونية عموما، على اختلاف وتفصيل في الأمر.وبالتالي فمصادر القانون الإداري هي تلك الطرق والوسائل التي تتكون بواسطتها مجموعة من القواعد التي يتضمنها القانون الإداري.
فتحديد مفهوم مصادر القانون الإداري هو الإجابة كما يقول الأستاذ هنري ليفي بريهل على السؤال التالي: من أين يأتي القانون الإداري؟أو بعبارة أخرى ما هي مصادر القانون الإداري؟
ولقد وجدت ثمة تقسيمات تقليدية للمصادر، لكل تقسيم منها ضابط خاص، فمنهم من قسمها إلى مصادر مكتوبة وأخرى غير مكتوبة وكذا إلى مصادر أساسية وأخرى ثانوية ومنهم أيضا من قسمها إلى مصادر رسمية وأخرى تفسيرية.
ونحن في بحثنا هذا اعتمدنا على التقسيم الأخير.حيث سنتناول هذا البحث في مبحثين، نتطرق في المبحث الأول إلى المصادر الرسمية فيما نكرس المبحث الثاني لدراسة المصادر التفسيرية وذلك وفق الخطة الآتية:
المبحث الأول: المصادر الرسمية
المطلب الأول: التشريع بالمعنى الواسع
الفرع1: التشريع الأساسي (الدستور)
الفرع2: التشريع العادي (القانون)
الفرع3:التشريع الفرعي (اللوائح والقرارات الإدارية)
المطلب الثاني:المبادئ العامة
الفرع1: تعريفها
الفرع2: أصلها
الفرع3: القيمة القانونية
المطلب الثالث: القضاء الإداري
المبحث الثاني: المصادر التفسيرية
المطلب الأول: العرف
الفرع1: الركن المادي
الفرع2: الركن المعنوي
المطلب الثاني: الفقه
المبحث الأول: المصادر الرسمية
لقد قسمت هذه المصادر إلى عدة تقسيمات من بينها كما أسلفنا الذكر مصادر رسمية وأخرى تفسيرية.
والمعنى الأول هو الذي يهمنا في هذا المبحث، بمعنى المصادر الرسمية.
وجدير بالذكر هنا أنه ورغم الخصيصة المميزة للقانون الإداري أنه قانون قضائي فان هذا لا يعني أن القضاء هو المصدر الوحيد لهذا الفرع من القانون، بل إن للتشريع دور رغم عدم قابلية القانون الإداري للتقنين كما أن للعرف ومبادئ القانون دور لا يستهان به في إبراز أحكام ومبادئ القانون الإداري.
المطلب الأول: التشريع
يعتبر التشريع مصدرا هاما من مصادر القانون الإداري.ولا يقصد بالتشريع في هذا المقام المعنى الضيق له.
ونعني به مجموع النصوص القانونية التي تشكل ما يسمى التشريع بالمعنى الواسع وهو ما يضم التشريع الأساسي، التشريع العادي واللوائح التنظيمية وتخضع هذه القوانين لقاعدة التدرج.
الفرع1:التشريع الأساسي (الدستور)
وهو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم السلطات المختلفة في الدولة وتحدد اختصاصاتها وتنظم العلاقات فيما بينها،كما تبين حقوق وحريات الأفراد في مواجهة الدولة.بالتالي يشكل الدستور القانون الأساسي والأسمى بالنسبة للنظام القانوني بالدولة.وهو عادة ما يتضمن القواعد والمبادئ الأساسية التي تحكم المجتمع في مختلف نواحي الحياة ومنها الناحية الإدارية.
فالدستور يعتبر مصدرا للقانون الإداري عندما يضع الأسس العامة لبناء الجهاز الإداري للدولة وأساليب تنظيمه.مثل ما ورد في المادة 15 من الدستور الجزائري حينما حددت وحدات الإدارة المحلية
كما تضمنت مختلف الدساتير في الجزائر نصوصا تخص الإدارة العامة في مجالات مختلفة منها على سبيل المثال المادة 16 حيث تحدثت عن اللامركزية وعددت المواد 17 و18 الأملاك الوطنية وأرست المادة 20 مبدأ نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة .
فالدستور الجزائري يعد مصدرا من مصادر قانون الإدارة العامة الجزائرية فيما يتضمنه من نصوص ومبادئ تتعلق بالنظام الإداري الجزائري من الناحية الفنية أو القانونية من حيث إنشاء الإدارة العامة أو أحكام نظام سيرها والرقابة على أعمالها.
الفرع2: التشريع العادي (القانون)
لم تقف خصيصة عدم قابلية القانون الإداري للتقنين حائلا دون سن نصوص تحكم مجالات كثيرة تخص الإدارة.
حيث يشكل الدستور، بمعناه الضيق،المصدر الرئيسي للقانون الإداري،ذلك أن أغلب جوانب الإدارة العامة تنظمها وتحكمها قواعد واردة في قوانين متعددة صادرة عن السلطة التشريعية(البرلمان) في المجالات الواردة بالمادة 122و المادة 123 من الدستور إذ يتعلق جلها بالإدارة العامة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
فالقانون المدني يتضمن العديد من القواعد والأحكام المتعلقة بالإدارة العامة مثل المادة49 المتعلقة بالأشخاص الاعتبارية،وهي الأشخاص القانونية الأساسية بالنسبة للقانون الإداري أو المادة 677 التي تحدد القيود والشروط المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
وقانون العقوبات تعرضت أحكام مواده إلى قضايا وموضوعات ذات علاقة مباشرة بالإدارة العامة في العديد من جوانبها،مثل ما ورد خاصة:في حماية الموظفين أثناء أداء مهامهم بالإدارة العامة من مختلف الاعتداءات عليهم،وذلك بتحريمها ومعاقبة مرتكبيها.
ومن قواعد القانون الإداري،وهي كثيرة،ما ورد أيضا بقوانين مستقلة وقائمة بذاتها:
سواء كانت متعلقة بأوضاع عامة،مثل قوانين الإدارة المحلية ونعني بالذكر مثلا:
-القانون رقم 90-08 المؤرخ في 07/04/1990 والمتعلق بالبلدية
-القانون رقم 90-09 المؤرخ في 07/04/1990 والمتعلق بالولاية
أو القوانين التي تتعلق بمجالات ومواضيع محددة،مثل:
القانون رقم 91-11 المؤرخ في 27/04/1991 و المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
إذن القانون هو مصدر نصي هام،ويستخدم كأساس للمراقبة التي يقوم بها القاضي على مشروعية العمل الإداري.كما يلعب دورا هاما في تنظيم جانبها العضوي وفي جانبها الموضوعي-الوظيفي.
الفرع3: التشريع الفرعي(اللوائح والقرارات الإدارية)
و تسمى كذلك بالتشريع الفرعي، ويقصد به،التشريع الذي يصدر عن السلطات التنفيذية،تمييز له عن التشريع العادي أي القانون الذي يصدر دائما كمبدأ عام عن السلطة التشريعية.
تساهم المراسيم الرئاسية والتنفيذية والمناشير والقرارات الوزارية الفردية والمشتركة والقرارات الصادرة عن رؤساء المجالس الشعبية البلدية