تعامل قاضي الأحوال الشخصية مع دعوى الطلاق بالإرادة المنفردة

حقوق
حقوق
القاعدة العامة أن الحكم القضائي الصادر بفك الرابطةالزوجية بالإرادة المنفردة للزوج هو حكم تقريري يقتصر فيه دور القاضي على تكريسإرادة الزوج و الكشف عنها إلا أن المشرع جعل له طابع الإنشاء رغم هذه الخاصية ، ومن ثمة خصه بإجراءات متميزة ينبغي إتباعها و إلا تعرض الحكم للنقض و الإبطال وتتجلى هذه الإجراءات بصفة خاصة في ضرورة إجراء الصلح، أما فيما يخص التحكيم فإنمجاله هو حالة الخصام طويل الأمد بين الزوجين مع عدم ثبوت الضرر وهذا ما تقضي بهالمادة 56 من ق.أ، و على هذا الأساس سوف نتعرض في هذا الفرع إلى إجراء الصلح كإجراءجوهري في جميع دعاوى الطلاق بالإضافة إلى مسألة عرض القضايا المتعلقة بالطلاق علىالنيابة العامة و مدى إلزامية هذا الإجراء .

أ- إجراء الصلح :تنص المادة 49 من ق. أ على ما يلي : لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي دون أن تتجاوز هذه المدةثلاثة أشهر .
ما يلاحظ على هذه المادة أنها أكدت على عدم إمكانية الفصل فيدعاوى الطلاق إلا بعد إجراء القاضي لمحاولة الصلح بين الزوجين ، وذلك في مدة أقصاها 3 أشهر ، وهذا الإجراء من النظام العام لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه فإذا لميحترم كان الحكم الصادر بالطلاق عرضة للنقض من المحكمة العليا و ذلك على أساس الخطأفي تطبيق القانون و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الذي جاء فيه : منالمقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي ، وعندنشوز أحد الزوجين يحكم القاضي بالطلاق …… و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأيعد خطأ في تطبيق القانون .
و قد جاء في قرار آخر للمحكمة العليا أنه من المقررقانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي و من ثمة فإنالقضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون
و تجدر الإشارة إلى أنهعندما صدر قانون الإجراءات المدنية في سنة 1966 كان قد نص في المادة 17 منه علىوجوب القيام بمحاولة الصلح في كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية قبل الفصل في الموضوعو لا سيما إذا كانت الدعوى تهدف إلى الطلاق و انحلال عقد الزواج، كما نص على وجوبأن يحرر القاضي محضرا بما تم التصالح عليه تكون له قوة الحكم و قابليته للتنفيذ، أويحرر محضرا بفشل محاولة الصلح و دعوة الزوجين إلى جلسة علنية للمحاكمة، و قبل ذلككانت المادة 13 من المرسوم رقم 59/1082 الخاص باللائحة التنفيذية المكملة للأمر رقم 95/274 المتضمن تنظيم عقود الزواج المبرمة في ولايتي الساورة و الواحات تنص على أنهللقاضي بعد سماع مزاعم الزوجين أن يصرح للمدعي منهما بدعوة المدعى عليه إلى جلسةصلح، ويسمع كل واحد منهما على انفراد في مكتبه و بدون حضور الوكلاء والمحامين و لاحتى كاتب الضبط، وفي حالة فشل محاولة الصلح أو غياب المدعى عليه يثبت القاضي ذلك فيمحضره و يستدعي الزوجين رسميا لحضور الجلسة و يفصل في الموضوع .

وعندما عدلتالمادة 17 أصبحت تنص على أنه يجوز للقاضي مصالحة الأطراف أثناء نظر الدعوى في أيةمادة كانت ، و بذلك أصبحت إجراءات الصلح شاملة لجميع الدعاوى المدنية بما فيهادعاوى الزواج و الطلاق ، و أصبحت أيضا اختيارية تخضع لتقدير القاضي ولكن و بعد صدورقانون الأسرة في سنة 1984 نصت المادة 49 منه على وجوب الصلح إلا أنها أغفلت النصعلى وجوب تحرير محضر بالصلح أو بعدم الصلح ، وأغفلت كذلك ما يجب على القاضي أنيفعله بعد فشل محاولة الصلح أو نجاحها . إلا أن المنطق الإجرائي يقتضي أن يقوم قاضيالأحوال الشخصية باستدعاء الزوجين إلى مكتبه ليسمع مزاعم كل منهما تجاه الآخر ثميحاول الإصلاح بينهما قدر الإمكان ، وسواء فشل في ذلك أم نجح فإنه ينبغي عليه أنيحرر محضرا بما توصل إليه يلحقه بملف الدعوى ثم يحيل الطرفين إلى حضور جلسة علنيةتنعقد ضمن الجلسات المقررة للمحكمة ، وعندئذ يقع النقاش في الموضوع ليصدر فيما بعدحكمه وفقا للإجراءات العادية .

و في حالة تصالح الزوجين فإن النزاع بينهماينتهي و ما يبقى أمام القاضي إلا الإشهاد بوقوع الصلح و هذا ما جاء في قرار المحكمةالعليا إذ ذهبت إلى أنه من المقرر قانونا أن الصلح عقد ينهي به الطرفان النزاعالقائم أو يتوقيان به نزاعا محتملا و ذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التبادل عنحقه ….. و متى تبين في قضية الحال أن قضاة المجلس لما قبلوا الإستئناف قي الحكمالقاضي بالصلح المقام بين الطرفين و الذي شهدت عليه المحكمة أخطأوا في تطبيقالقانون ، لأن الإستئناف لا يرفع إلا ضد الأحكام التي صدرت إثر نزاع بين الأطرافبخلاف الصلح الذي يبرم بين الأطراف الذين جعلوا حدا لهذا النزاع وأن المحكمة ينحصردورها ف مراقبة صحة و سلامة هذا الصلح ….

و تجدر الملاحظة أن القاضي وبعد أن تصبح القضية جاهزة للحكم و قبل أن يضعها في النظر يقوم بعرض الملف علىالنيابة العامة وفقا لما تقضي به المادة141 من ق.إ.م فما مدى إلزامية هذا الإجراءلقاضي الدرجة الأولى؟

ب- عرض الملف علىالنيابة العامة : تنص المادة 141 من ق.إ.م على أنه يجب إطلاعالنائب العام على القضايا الآتية:
2- القضايا الخاصة بحالة الأشخاص …..
وترسل هذه القضايا الموضحة آنفا إلى النائب العام قبل 10 أيام على الأقل من يومالجلسة بواسطة كتابة الضبط.
و نجد أن هذه المادة قد ورد النص عليها في القسمالثالث – المتعلق بالأحكام – من الباب الأول و المتضمن الإجراءات المتبعة أمامالمجالس القضائية و لا يوجد ما يفيد ضرورة عرض ملفات قضايا الطلاق على السيد وكيلالجمهورية ذلك أن دعاوى الطلاق يعود الاختصاص بالفصل فيها كما سبق و أن أشرنا إلىالمحاكم كدرجة أولى و أخيرة .
وقد ذهبت المحكمة العليا إلى أنه من المقرر قانوناأنه يجب إبلاغ النائب العام بالقضايا المتعلقة بحالة الأشخاص ومن ثمة فإن القضاءبما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لإجراء جوهري وانتهاكا لقاعدة قانونية من قواعدالنظام العام و لما كان قضاة الاستئناف وافقوا على حكم قضى بالطلاق دون إبلاغ الملفإلى النائب العام فإنهم بقضائهم هذا خرقوا أحكام المادة 141من ق.إ.م .

الفرع الثاني : تعامل قاضي الأحوالالشخصية مع دعوى إثبات الطلاق العرفي.

سبق لنا و أن ذكرنابأن دعوى إثبات الطلاق العرفي هي دعوى وليدة القضاء و لا تستند إلى أية مرجعيةقانونية و عليه فهي تتميز بإجراءات خاصة هي الأخرى وليدة العمل القضائي حيث يعقدالقاضي أولا جلسة الصلح ثم يقوم بإجراء تحقيق حول الواقعة المدعى بها و هذا ما سوفنتناوله فيما يلي:

أ- إجراء الصلح : قلنا أنهبعد تسجيل دعوى إثبات الطلاق يقوم القاضي باستدعاء الطرفين إلى مكتبه بواسطة أمينالضبط أو أثناء حضورهما الجلسة لتاريخ معين لإجراء الصلح أين يقوم بسماع كل منهماحول واقعة الطلاق المدعى بها و التأكد من إرادتهما و السؤال المطروح في هذا الصددهو : ما مدى جدوى إجراء الصلح في حد ذاته ؟
و بعبارة أخرى إذا قلنا أن القاضييعترف بوقوع الطلاق خارج ساحة القضاء و يبقى فقط اللجوء إلى القضاء من أجل توثيقهذه الإرادة، فما هي الفائدة العملية من إجراء الصلح ؟ و في حالة ما إذا تراجعالزوج كيف يكون حكم القاضي ؟
هذه جملة من التساؤلات و غيرها كثيرة في هذاالمجال نظرا لتعقد هذه المسألة و عدم استنادها إلى نص صريح .
وفي رأيي و جواباعلى ذلك يمكن القول أن القاضي إذا ما تأكد من وجود طلاق عرفي و مع إصرار الزوجينعليه لا يبقى أمامه إلا الحكم به في حين أنه إذا تصالحا فإن الصلح ينهي كل نزاع هذامن جهة ومن جهة أخرى فإن الصلح في حكم سحب الطلب القضائي و لا يجوز للقاضي أن يحكمبما لم يطلب منه ، وعليه لا يبقى أمامه إلا الإشهاد
بوقوع الصلح و تبقى مسألةوقوع الطلاق من عدمه بين الزوجين الذين من المفروض أن يكونا أحرص على دينهما منالقاضي .
هذا من الناحية القانونية البحتة إلا أنه من الناحية الشرعية فإنالمسألة محل نظر ذلك أنه يتم رفع دعوى إثبات الطلاق العرفي الواقع في زمن ماض وعليهفمن غير المنطقي أن يصرح القاضي بالصلح في مسألة مع علمه علم اليقين أن الزوجة قدبانت من زوجها و أصبحت أجنبية عنه وبالتالي وحسب رأيي فإنه لا مبرر لإجراء جلسةالصلح في دعاوى إثبات الطلاق العرفي .

ب- التحقيق فيواقعة الطلاق العرفي : لم ينص قانون الأسرة على هذا الإجراء في دعوىالطلاق لكونه لا يعترف بوقوع الطلاق أصلا خارج ساحة القضاء إلا أنه و مع ذلك فإنالمحاكم تعمل به و هذا ما لاحظناه في كل من محكمة البويرة و الجلفة ، و سوف نتطرقإلى دراسة هذا الإجراء بنوع من الاختصار فيما يلي :اللجوء إلى التحقيق : اللجوء إليه يكون تلقائيا دون الحاجة إلىطلبه من الأطراف و يكون ذلك وفقا لقواعد قانون الإجراءات المدنية و تحديدا المادة 43 و ما بعدها إما بموجب أمر كتابي أو شفوي .
فأما الأمر الكتابي فهو عبارة عنحكم تحضيري بإجراء التحقيق و في هذه الحالة يجب أن يبين فيه القاضي الوقائع المرادالتحقيق فيها و يوم و ساعة الجلسة المحددة لإجرائه .
و بصدور هذا الحكم يتعينعلى من له مصلحة استخراج نسخة منه و تبليغها للخصوم الآخرين مع إحضار شهودهبالتاريخ الذي يحدده القاضي .
و أما الأمر الشفوي و هو المعمول به عادة فإنالقاضي يحدد تاريخ جلسة إجراء التحقيق و يبلغ الأطراف به بالجلسة و يتعين عليهمإحضار شهودهم بذلك التاريخ .
ب- إجراءالتحقيق :يقوم القاضي بالتحقيق بالتاريخ المحدد بموجب الأمر بالتحقيق و ذلك بسماع شهودالإثبات أو النفي بعد أدائهم اليمين القانونية ، و يتم سماع الشهود وفقا للقواعدالعامة و ذلك بأن تسمع شهادة كل واحد منهم على انفراد بعد تذكيره باسمه و لقبه ومهنته و سنه و موطنه و يؤدي اليمين بأن يقول الحق و إلا كانت شهادته باطلة في حينأن القصر يتم سماعهم على سبيل الاستدلال و دون تحليفهم اليمين ،كما يجوز إعادة سماعالشهود و مواجهتهم بعضهم ببعض ، و يجوز سماع شهادة جميع أقارب الزوجين في دعاوىالطلاق ما عدا الأبناء . و يدلي الشاهد بشهادته دون أن تتم مقاطعته من أحد ثم تتلىعليه أقواله و يقوم بالتوقيع عليها أو ينوه على أنه لا يحسن التوقيع أو أنه امتنععن ذلك .

و يقوم أمين الضبط بتدوين أقوال الشهود في محضره فيما يخص الدعاوىالتي لا يجوز استئنافها ، أما الدعاوى الجائز استئنافها فيحرر محضرا خاصا بأقــوالالشهود ثم يرفقه بعد التوقيع عليه من القاضي بالنسخة الأصلية للحكم ، و يجب أنيتضمن بيان يوم و ساعة التحقيق و حضور الخصوم و غيابهم واسم كل شاهد و لقبه و مهنتهو موطنه و بيان أداء اليمين و يثبت فيه أقوال الشهود و يشار إلى تلاوتها عليهم . وهنا يجوز للقاضي أن يصدر حكمه فور إجراء التحقيق كما له أن يؤجل الدعوى إلى جلسةمقبلة و في هذه الحالة الأخيرة يصرح للأطراف بالإطلاع على التحقيق قبل المناداة علىالقضية من جديد في الجلسة المحددة .

و تختلف طريقة إجراء التحقيق باختلافموقف الزوجين من الطلاق و هنا ينبغي علينا أن نفرق بين ثلاث حالات:
-حالةاتفاق الزوجين على وقوع الطلاق : هذه المسألة لا تطرح إشكالا لكونها لا تنطويأصلا على نزاع ، وهنا يقوم القاضي بسماع الشهود فقط لتأكيد الواقعة و تحديدا لتأكيدالتاريخ و المكان الذي وقعت به.
-حالة إنكار أحد الزوجين : في حالة ادعاءالزوجة وقوع الطلاق العرفي وإنكاره من طرف الزوج فإن القاضي هنا يقوم بالتحقيق معالشهود بدقة لكون أن المسألة تتضمن اعتداء على أحد أهم حقوق الزوج ألا و هو حقه فيطلاق زوجته و لكون أن القاضي سوف يحل محله في القول بوقوع الطلاق من عدمه خاصة و أنالعصمة بيد الزوج ، و قد اتجهت التطبيقات القضائية إلى الأخذ بشهادةالشهود في إثبات الطلاق حتى في حالة إنكاره من طرف الزوج و هو الأمرالذي يتجسد منخلال الحكم رقم 75/2001 الصادر بتاريخ 10/02/2001 و الذي قضى في الشكل بقبولالمعارضة و في الموضوع تأييد الحكم المعارض فيه و القضاء نهائيا بالإشهاد علىالطلاق العرفي الواقع بين الطرفين مع الأمر بالتأشير به على هامش عقدي ميلادهماوعقد زواجهما لدى مصالح الحالة المدنية لدار الشيوخ.
و قد ذهب الاجتهاد المصريإلى اعتبار أنه إذا صدقت الزوجة زوجها المقر في إسناد طلاقها إلى تاريخ سابق اعتبرفي حقها لا في حق الله فتعامل بهذا الإسناد بالنسبة لنفقتها ولا يعمل به فيما هو منحقوق الله كتزوجه بأختها أو أربع سواها لتهمة المواضعة .
كما ورد في اجتهاد آخرما يلي : المنصوص عليه أن المقر إذا أسند الطلاق إلى تاريخ سابق فإما أن تقوم علىهذا الإسناد بينة أم لا ، فإذا قامت بينة فإن الطلاق من وقت أن قامت عليه البينةقولا واحدا و إن لم تقم فالمتقدمون على اعتباره من وقت أسنده له و المتأخرون علىاعتباره من وقت الإقرار سواء صدقته أو كذبته أو قالت لا أدري ، إلا أنها في حالةالتصديق لا نفقة لها و لا سكن لقبول قولها في حق نفسها لا في حق الله على المفتى به .
– التحقيق في حالة وفاة أحد الزوجين : هنا تكون الدعوى إما مرفوعة منالزوج الباقي على قيد الحياة ضد ورثة الزوج المتوفى أو من ورثة الزوج المتوفى ضدالزوج الباقي على قيد الحياة .
و نظرا لخطورة هذه المسألة لتعلقها غالبا بأمورالميراث أين يكون القصد منها استبعاد الزوج الباقي على قيد الحياة منه فإنه يتعينعلى القاضي التدقيق قدر الإمكان قبل الحكم بالإشهاد على وقوع الطلاقالعرفي.

المبحث الثاني : طرق الطعن فيالحكم بالطلاق و تنفيذه .

تنص المادة 57 من ق. أ على أنالأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبها المادية ، و نعلم أن الحكمبالطلاق وان كان يصدر في شكل الحكم القضائي إلا أنه ذو طبيعة ولائية و من ثمةفالمفروض أن يخضع لنظام خاص به و مفاده أن يكون الطعن فيه بموجب تظلم أمام القاضيمصدر الأمر ، ولعل نص المادة 57 من ق.أ قد سار في هذا الاتجاه عندما نص على عدمخضوع الحكم بالطلاق للاستئناف وفي ذلك تماشيا مع القواعد الشرعية إذ لا يعقل أنيستعمل الزوج حقه في الطلاق استنادا إلى كون العصمة في يده ثم يعطى الحق للزوجة فياستئنافه، هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن المادة 57 نصت على عدم القابليةللاستئناف و لم تنص على عدم القابلية للطعن بالنقض و هنا يطرح السؤال فيما إذا كانتأحكام الطلاق تقبل الطعن بالنقض أم لا ؟
وعلى صعيد آخر و بالعودة إلى الواقعالعملي و تحديدا محكمة الجلفة نجدها كما سبق البيان تذهب إلى إثبات الطلاق العرفيبأثر رجعي فهل تطبق عليه نفس الأحكام المطبقة على الحكم بالطلاق أم أنه يقبل الطعنفيه كباقي الأحكام ؟
إجابة على هذه التساؤلات سوف نتطرق لدراسة طرق الطعنالعادية وغير العادية و مطابقتها على حكم إثبات الطلاق في مطلب أول لندرس تنفيذالحكم بالطلاق في مطلب ثان.

المطلب الأول : طرق الطعن في حكم الطلاق .
بصفة عامة تنقسم طرق الطعن إلى طرقطعن عادية و أخرى غير عادية والأصل أنه بالعودة إلى المادة 57 فإنه يستشف منها أنالطلاق لا يقبل إلا الطعن بالنقض إلا أننا و مع ذلك سوف نحاول تسليط الضوء على هذهالطرق و مطابقتها بأرض الواقع لنخلص في النهاية إلى النتيجة القانونية و هذا ما سوفنتناوله فيما يلي :

الفرع الأول : طرقالطعن العادية .

يقصد بطرق الطعن العادية تلك الطعونالتي ترفع إلى محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو إلى ذاتالمحكمة و سميت طعونا عادية لأنه يجوز بناؤها على أي سبب من الأسباب سواء تعلقتبصحة الحكم من الناحية الشكلية أو بعدم عدالته من ناحية مضمونه أو موضوعه بالإضافةإلى ذلك فإن سلطات القاضي في الفصل فيه تكون مماثلة لسلطات القاضي الأول و تتمثلهذه الطرق في المعارضة و الاستئناف وكل طريق منها يمثل مبدأ من مبادئ التقاضيفالمعارضة تمثل مبدأ الوجاهية و الاستئناف يمثل مبدأ التقاضي على درجتين ، وسوفنحاول التطرق لهما بشيء من الإيجاز في النقاط التالية:

أ-الاستئناف: الطعن بالاستئناف هو طريقعادي للطعن في الأحكام الصادرة ابتدائيا عن محاكم الدرجة الأولى و يرمي أساسا إلىإعادة الفصل في ذات القضية مرة ثانية و باعتباره طريقا عاديا فإن المشرع لم يحددأسبابا محددة لبناء الطعن على أساسها.
وبالرجوع إلى نص المادة 49 من ق. أ نجدهاتنص على أن الطلاق هو حل عقد الزواج و يتم بإرادة الزوج المنفردة أو بتراضي الزوجينأو بطلب من الزوجة في حدود ما هو وارد بنص المادتين 53 و 54 من هذا القانون . وتنصالمادة 57 منه على أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبهاالمادية ، ومن هنا وجب التفرقة بين الأحكام الصادرة بحل الرابطة الزوجية بالطلاقبالإرادة المنفردة للزوج أو بتراضي الزوجين و الأحكام الصادرة بالتطليق و التي لمتتضمنها المادة 57 من ق . أ و من ثمة تبقى خاضعة لإجراءات الطعن العادية إلا أنهكان ينبغي على المشرع أن يحسم الخلاف بالنص صراحة على ذلك ، وإذا قلنا بأن أحكامالطلاق وفقا للمادة 57 من ق. أ غير قابلة للاستئناف فهل تنطبق هذه القاعدة علىالأحكام الصادرة برفض دعوى الطلاق لعدم التأسيس ؟

مبدئيا نجد أن القضاء فيهذا المجال انقسم إلى اتجاهين :
– ثمة هناك اتجاه يذهب إلى اعتبار الحكم برفضدعوى الطلاق لعدم التأسيس حكم ابتدائي قابل للاستئناف لكونه لم يصدر بالطلاق وحجتهم في ذلك أن المشرع عندما نص على عدم قابلية الحكم بالطلاق للاستئناف فإن ذلكمرده طبيعة الحكم في حد ذاتـه و الأســـاس

الشرعي الذي يستند عليه و هوالعصمة الزوجية، في حين أن الحكم برفض دعوى الطلاق لعدم التأسيس هو حكم عادي يخضعلمبدأ التقاضي على درجتين، ذلك أن جهة الاستئناف هي جهة مراقبة لشرعية أعمال قاضيالدرجة الأولى و من ثمة وجب إعطاء فرصة للخصم لتدارك هذا الخطأ خاصة و أن الطلاق هوحق إرادي والمفروض ألا يثار مثل هذا الإشكال بخصوصه لأن الحكم به يكون مجرد تقديمالزوج لطلبه وفقا للشكل المنصوص عليه قانونا. و قد سارت المحكمة العليا في هذاالإتجاه إذ جاء في قرارها أنه من المستقر عليه أنه يجوز الحكم بالطلاق أمام المجلسالقضائي لما تقضي المحكمة بالرجوع إلى بيت الزوجية أو ترفض دعوى الطلاق .
ومنثمة فإن قضاة المجلس لما قضوا بإلغاء الحكم القاضي برفض الدعوى و حكموا من جديدبإثبات الطلاق العرفي الواقع بين الطرفين و اعتبروه تعسفيا على مسؤولية المستأنفعليه طبقوا صحيح القانون .
ولكن هذا القول يتناقض مع قواعد الاختصاص النوعي إذأصبحت المحاكم منذ صدور قانون الأسرة هـــي المختصة نوعيا بدعاوى الطلاق دون غيرهاو أصبح التقاضي بالنسبة لها يتم على درجة واحدة .
-أما الاتجاه الثاني فيذهبإلى أنه في دعاوى الطلاق يجب أن يكون التقاضي على درجة واحدة حيث يصدر الحكمبالدرجة النهائية غير قابل للاستئناف و لكنه يقبل الطعن بالنقض طبقا للقاعدة العامةالمنصوص عليها بالمادة 232 ق.إ.م . وعليه إذا وقع الطعن بالاستئناف في الحكم الصادرفي دعوى الطلاق سواء انتهت هذه الدعوى إلى نتيجة إيجابية أو سلبية فإنه يجب أنينتهي هذا الاستئناف إلى عدم القبول.
و إذا فصل المجلس خلاف ذلك كأن يفصلبتأييد الحكم الصادر بالطلاق أو برفض دعوى الطلاق أو يفصل بالطلاق ووقع الطعنبالنقض في هذا القرار فيجب على المحكمة العليا أن تفصل ببطلان القرار المطعون فيهدون أن تحيل القضية من جديد أمام نفس الجهة التي أصدرته استنادا إلى أن المجلس ليستله ولاية الفصل في دعاوى الطلاق و لا تقبـــل سوى الطعون المرفوعة ضد الأحكامالصادرة عن المحاكم الابتدائية و الفاصلة في دعاوى الطلاق .
و يذهب الأستاذزودة عمر إلى أن المحكمة العليا لم تميز بين الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة عنالمحاكم الابتدائية في دعاوى الطلاق و القرارات الصادرة عن المجالس القضائية و منثمة فهي لم تلتزم بأحكام المادة 57 من ق. أ حيث نجدها تصرح بقبول الطعون بالنقض فيالقرارات الصادرة عن المجالس القضائية الفاصلة في دعاوى الطلاق و يتجسد ذلك من خلالقرارها رقم 182483 المؤرخ في 17/02/1998 غير المنشور .

و عليه فقد انتهيناإلى أن الحكم بالطلاق يصدر ابتدائيا نهائيا لا يقبل إلا الطعن بالنقض إلا أنالإشكال الذي يبقى مطروحا يتجسد في الحكم بإثبات الطلاق العرفي هل يتم الحكم بهابتدائيا أم ابتدائيا نهائيا؟
لم تستقر التطبيقات القضائية على مستوى محكمةالجلفة على وصف معين للحكم بإثبات الطلاق العرفي إذ نجدها تصدر أحيانا نهائية وأحيانا أخرى ابتدائية مما يعطي الفرصة للخصم لإمكانية الاستئناف، فقد جاء في منطوقالحكم رقم 489/03 الصادر بتاريخ 25/10/2003 وصف الحكم بالإشهاد على الطلاق العرفيبأنه ابتدائي في حين نجد أن هناك أحكام أخرى صدرت نهائية و مثالها الحكم رقم 161/2002 الصادر بتاريخ 09/03/2002.
وعلى صعيد آخر فإن مجلس قضاء الجلفة قضى فيقراره رقم 88/99 الصادر بتاريخ 03/07/1999 برفض الاستئناف شكلا طبقا للمادة 57 منقانون الأسرة.
و في رأيي أن الحكم بإثبات الطلاق العرفي يختلف عن الحكم بالطلاقذلك أن القاضي في الحكم بالطلاق له دور سلبي فمتى رفع أمامه طلب الطلاق من الزوجوجب عليه أن يقضي به دون أن يكون له البحث في أسبابه ، في حين أن الحكم بإثباتالطلاق العرفي يكون دور القاضي فيه إيجابيا إذ يبحث و يحقق في الواقعة ثم له أنيحكم بالطلاق في حالة اقتناعه كما له ألا يحكم به في حالة عدم ثبوت الواقعة المدعىبها و عليه فالمفـــروض أن تطبق عليه القواعد العامة ليكون بالتالي خاضعا للاستئنافخاصة و أنه لا يؤسس على العصمة الزوجية و بالتالي تنتفي الحكمة من جعله يصدرنهائيا.
و بخصوص تطبيق المادة 57 من ق.أ فقد جاء في قرار المحكمةالعليا مايلي : متى كان مقررا أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا فـــي جوانبهاالمادية فإن قضاة المجلس في قضية الحال بإلغائهم للحكم المستأنف لديهم القاضيبالطلاق خالفوا القواعد الجوهرية للإجراءات .

ب- المعارضة :تنص المادة 98 من ق . إ . م على أنهيجوز الطعن في الأحكام الغيابية بطريق المعارضة ضمن مهلة 10 أيام من تاريخ التبليغالحاصل وفقا للمواد 22،23،24و26 .
و بذلك فقد وضعت قاعدة عامة تسري على جميعالأحكام الابتدائية و الأحكام الصادرة نهائيا و التي يعبر عنها الفقهاء بالأحكامالإنتهائية ذلك أن صدور الحكم ابتدائيا انتهائيا لا يمنع من المعارضة فيه .
وبالرجوع إلى قانون الأسرة نجده لم يتضمن النص على المعارضة في الحكم القاضي بالطلاقفهل يفهم من ذلك تطبيق القواعد العامة في هذا الصدد أي العودة إلى الأصل العام والذي مفاده أن الأصل في الأشياء الإباحة مالم يوجد نص مقيد ؟
بدراسة طبيعة الحكمبالطلاق نجده يقوم على أساس العصمة الزوجية و هو حق إيرادي للزوج لا يحتاج فيه إلىرأي الزوجة بل أكثر من ذلك فإن دور القاضي فيه يكون سلبيا و عليه و على فرض صدورهفي غياب الزوجة ما لحكمة من المعارضة في هذه الحالة ؟هل يمكن تصور إعادة الحال إلى ما كان عليه ؟ حتى وان حدثذلك فإن الدعوى سوف تنتهي إلى نفس النتيجة مع إصرار الزوج على الطلاق و على هذاالأساس يمكن القول بأن الحكم بالطلاق لا يقبل المعارضة إلا في جوانبه المادية .
و يذهب الأستاذ زودة عمر إلى أنه إذا تم إعلان الزوجة بتاريخ النطق بحكمالطلاق فيعد ذلك قرينة على علمها بالفرقة و بالتالي تسري آثار الطلاق من تاريخالنطق به في حين أنه إذا لم يتم تبليغ الزوجة بتاريخ جلسة الإعلان عن الطلاق فهيتعد غير عالمة به و لا يسري أثر الطلاق في حقها إلا ابتداء من تاريخ إعلامها و هـنايحق للزوجة أن تطعن في الحكم الصادر بالطلاق طبقا لطرق الطعن المقررة للأعمالالولائية ، فترفع تظلما أمام القاضي المعلن عن الطلاق و يمكن أن تستند في ذلك إلىعــدم إعلامهـا بجلســة المصالحــة

و ينظر القاضي في هذا التظلم و يفصل فيهبقبوله و الغاء العمل الصادر عنه إذا برهنت عن عدم إعلامها بالحضور إلى هذه الجلسة .
و نجد أن العمل القضائي في محكمة الجلفة مستقر على جواز المعارضة في أحكامالطلاق الغيابية و يتجسد ذلك بصفة خاصة من خلال عدة قرارات أهمها القرار رقم 27/99الصادر بتاريخ 13/02/1999 و الذي تضمن التماس إعادة النظر في القرار الصادر فيالاستئناف المرفوع في الحكم في المعارضة في حكم الطلاق وهذا الأخير الذي قضى بقبولالمعارضة شكلا و في الموضوع تأييد الحكم المعارض فيه.
وعليه و إذا كان الأمركذلك فيما يخص أحكام الطلاق فكيف هو الحال في الحكم بإثبات الطلاق العرفي؟
استقر العمل القضائي في محكمة الجلفة على أن أحكام إثبات الطلاق العرفي قابلةللمعارضة و يتجسد ذلك من خلال الأحكام الصادرة في هذا الصدد وأهمها الحكـم رقم 75/2001 الصادر بتاريخ 10/02/2001 و الذي قضى بقبول المعارضة شكلا و تأييد الحكمالمعارض فيه ، هذا الأخير الذي قضى غيابيا نهائيا بالإشهاد على الطلاق العرفيالواقع بين الطرفين .
و ختاما يمكن القول أنه لا يمكن تصور المعارضة في الحكمبإثبات الطلاق إلا أن ذلك ممكن في الحكم بإثبات الطلاق العرفي لأن دور القاضي فيهإيجابيا كما سبق البيان و أن المعارضة وفقا للمادة 100من ق.إ.م توقف تنفيذ الحكممالم يقضي الحكم الغيابي بخلاف ذلك.

الفرعالثاني : طرق الطعن غير العادية .

أ- اعتراض الغير الخارج عن الخصومة :

تنص المادة 191 من ق.إ. م على أنه لكل ذي مصلحة أن يطعنفي حكم لم يكن طرفا فيه بطريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة.
والسؤال الذييطرح نفسه هو: هل يجوز اعتراض الغير الخارج عن الخصومة في الحكم الصادر بإثباتالطلاق ؟
الإجابة على مثل هذا السؤال تقتضي منا التطرق بالتحليل لكل من الحكمبإثبات الطلاق و كذا الحكم بإثبات الطلاق العرفي .
فأما الحكم بإثبات الطلاقفإنه وكما سبق البيان يقوم على أساس العصمة الزوجية و من ثمة يكون دور القاضي فيهسلبيا هذا من جهة و من جهة أخرى فإن آثاره لا تشمل إلا الزوجين دون أن تمتد لغيرهماو عليه فلا يمكن في رأيي أن يكون محلا لاعتراض الغير الخارج عن الخصومة .
في حينيمكن تصور اعتراض الغير الخارج عن الخصومة في الحكم القاضي بإثبات الطلاق العرفينظرا لطبيعته الخاصة ذلك أن القاضي له دور إيجابي على أساس أن وظيفته لا تقتصر علىمجرد تقرير حق الزوج في الطلاق و إنما تتعداه إلى التحقيق في واقعة الطلاق في حدذاتها هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه غالبا ما يتم إثبات وقوع الطلاق بعد وفاة أحدالزوجين ومن ثمة يكون في ذلك مساس بحقوق الورثة مما يعطي لهم الحق في الاعتراض علىحكم إثبات الطلاق العرفي رغم أنهم لم يكونوا أطرافا فيه .
ب- إلتماس إعادة النظر :تنص المادة 194 من ق.إ.م على ما يلي : إن الأحكامالصادرة عن المحاكم أو المجالس و التي لا تكون قابلة للطعن فيها بطريق المعارضة أوالاستئناف يجوز التماس إعادة النظر فيها من جانب من كان طرفا فيها أو ممن أبلغقانونا بالحضور و ذلك في الأحوال الآتية :
– إذا لم تراعى الأشكال الجوهرية قبلأو وقت صدور هذه الأحكام بشرط ألا يكــون بطلان هذه الإجراءات قد صححه الأطراف .
– إذا حكم بما لم يطلب أو بأكثر مما طلب أو سهى عن الفصل في أحد الطلبات .
– إذا وقع غش شخصي .
– إذا قضي بناءا على وثائق اعترف أو صرح بعد صدورالحكم أنها مزورة .
– إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق قاطعة في الدعوى كانت محتجزةلدى الخصم .
– إذا وجدت في الحكم نصوص متناقضة .
– إذا وجد تناقض في أحكامنهائية صادرة بين نفس الأطراف و بناءا على نفس الأسانيد من نفس الجهات القضائية .
– إذا لم يدافع عن عديمي الأهلية .
كما تنص المادة 199/2 على أنه ليسللالتماس أثر موقف .
و تجدر الإشارة إلى أن ميعاد تقديم الالتماس هو شهران منتاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه مع مراعاة أحكام تمديد المواعيد المنصوص عليها فيالمادتين 104و105 من ق.إ.م .

فما مدى إمكانية الطعن في الحكم المثبت للطلاقبطريق التماس إعادة النظر ؟
الإجابة على هذا السؤال تقتضي منا تفصيل إمكانيةتوافر حالات أو أوجه التماس إعادة النظر في الحكم القاضي بالطلاق ، وبمطابقتها عليهنجد أنه لا يمكن تصور ذلك في الحكم بالطلاق بناءا على الإرادة المنفردة للزوج لأنهمجرد تقرير لإرادة الزوج ، أما الحكم القاضي بإثبات الطلاق العرفي فإن الأمر فيهيختلف إذ يمكن أن يكون محلا لالتماس إعادة النظر لأن القاضي يحقق في واقعة الطلاق ويعتمد على شهادة الشهود و مستندات الخصوم .

ج- الطعن بالنقض :
الطعن بالنقض هو طريق غير عاديللطعن في الأحكام القضائية و يطعن بهذا الطريق في الأحكام النهائية الصادرة عنالمحاكم الابتدائية أو المجالس على حد السواء ، فهو طعن يباشر أمام المحكمة العلياو لا يمكن تأسيسه إلا على الأوجه التي قررها القانون .
أما أجل تقديم الطعنبالنقض فهو شهران من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه و هو يرفع على شكل عريضة مكتوبةو موقع عليها من محامي مقبول لدى المحكمة العليا وهذا ما ورد في المادتين 235و240على التوالي من ق.إ.م .
و بالرجوع إلى القواعد العامة نجد أنه لم يرد ضمن قانونالإجراءات المدنية ما يفيد أن الحكم بالطلاق غير قابل للطعن بالنقض حيث تنص المادة 231 على أنه فيما استثني بنص خاص و مع عدم المساس بالباب الرابع من هذا الكتاب تختصالمحكمة العليا بالحكم في :
الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة عنالمجالس القضائية و عن المحاكم بجميع أنواعها .
و نجد أن المادة 02 من ق.إ.م تنصعلى أن المحاكم تختص بالفصل ابتدائيا و نهائيا في مجموعة من الدعاوى و ليس من بينهادعوى الطلاق و أن المادة 03 مــن نفس القانون تنص على أن المحاكم تقضي في جميعالدعاوى الأخرى بأحكام قابلة للاستئناف ….
إلا أنه بالعودة إلى قانون الأسرة والذي هو نص خاص نجده يتضمن قواعد موضوعية وردت ضمنها قاعدة إجرائية تتعلق بالحكمبالطلاق و الذي يكون غير قابل للاستئناف إلا في جوانبه المادية و عليه فإنه بنصالمادة 57 من قانون الأسرة على عدم قابلية الحكم بالطلاق للاستئناف فان المقصود بهأن يصدر عن الدرجة الأولى نهائيا وبالتالي يكون غير قابل للاستئناف إلا أن هذهالمادة لم تشر إلى الطعن بالنقض ونجد أن المحكمة العليا لم تستقر على رأي في هذهالمسألة حيث ورد في قرار صادر عنها أنه من العبث أن يستأنف الطلاق أمام المجلسمادام الزوج قد طلبه و هو مصر عليه غير أنه يمكن المطالبـة بتوابع فك العصمة أمامالجهة الاستئنافية و هذا القول كـما ينطبــق علـى لاستئناف فهو ينطبق لا محالة علىالطعن بالنقض. وعلى صعيد آخر نجد أن المحكمة العليا قبلت الطعن بالنقض في قضاياالطلاق وما أكثرها .
و عليه فمن المنطقي حسب هذا التحليل القول بأن أحكام الطلاقتخضع لطريق الطعن بالنقض ذلك أنه مادامت هناك إجراءات مقررة قانونا ينبغي احترامهافإنه لا بد من وجود رقابة المحكمة العليا عليها و هي محكمة قانون لا علاقة لهابالواقع .
و يرى الأستاذ زودة عمر أن الأحكام بالطلاق ليست أحكاما قضائية قابلةللطعن فيها بطرق الطعن المقررة قانونا للأحكام القضائية بل هي قرارات ولائية تصدرفي شكل العمل القضائي و من ثمة تخضع للنظام القانوني الذي تخضع له الأعمال الولائية .
و رأينا في هذا المجال أن الطلاق هو أحد حقوق الزوج و أنه في حالة غموض النصفإن المادة 222من ق.أ قد أحالت على قواعد الشريعة الإسلامية ، و لم يثبت في تاريخالأمة الإسلامية و أن قام قاض بإلغاء طلاق أوقعه الزوج فالطلاق يقع بمجرد إيقاعهدون الحاجة إلى موافقة القاضي عليه و تبقى فقط مادياته خاضعة لرقابة القضاء و خاصةفيما يخص الطابع التعسفي له و التعويض عنه .
المطلب الثاني : تنفيذ حكم الطلاق .
إن حكم الطلاقشأنه شأن جميع الأحكام يجب أن يكون قابلا للتنفيذ و يكون تنفيذه بتسجيله بسجلاتالحالة المدنية للبلدية و على هذا الأساس سوف نتناول في الفرع الأول الحكم القابلللتنفيذ في حين نتناول في الفرع الثاني كيفية التنفيذ .

الفرع الأول : الحكم القابل للتنفيذ .

انتهينا فيما سبق إلى أن الحكم بالطلاق هو حكم منشئلأنه لاوجود للطلاق إلا بعد صدور الحكم إلا أن الأمر ليس كذلك فيما يخص الحكمالمثبت لواقعة الطلاق العرفي ذلك أن له طبيعة التقرير لكون القاضي يقرر وجودالواقعة من عدمها و بالتالي فهو حكم كاشف و مع ذلك فقد انتهينا و حسب رأيي إلى أنهيقبل الطعن فيه ســـواء بطرق الطعن العادية أو غير العادية على خلاف حكم الطلاق ومنثمة فإن القابلية للتنفيذ تختلف في كل منهما عن الآخر مما يقتضي بنا دراسة كل منهماعلى حدى :
01/الحكم بالطلاق :المفروض أنه بمجردصدوره يتم اشباع الحاجة من الحماية القضائية و بالتالي فإنه يكون نافذا بذاته دونالحاجة إلى أي إجراء آخر .
و على هذا الأساس المفروض أن يتم التأشير به علىهامش وثائق الحالة المدنية مباشرة ، إلا أنه و كما سبق الذكر فإن المحكمة العلياتقبل الطعن بالنقض فيه ، وطالما كان الأمر كذلك فإن تكريس الطلاق من عدمه متوقف علىفوات آجال الطعن بالنقض أو صدور قرار المحكمة العليا في حالة الطعن بالنقض و عليهفإن المعمول به فــي محكمة الجلفة و على غرار محاكم الوطن أن الحكم بإثبات الطلاقلا يكون قابلا للتنفيذ إلا بعد مرور أجل الطعن بالنقض مع عدم تقديمه.
02/الحكم بإثبات الطلاق العرفي :سبق وأن ذكرنا بأن المحكمةالواحدة منقسمة على نفسها فيما يخص وصفه فتارة يوصف بالنهائية و تارة أخرى يوصفبالإبتدائية و طالما أن الأمر كذلك فإنه حسب رأيي انتهينا إلى أنه من المفروض أنيصدر ابتدائيا وفقا للقواعد العامة وعلى هذا الأساس و إذا قلنا بذلك فإننا نكونأمام حكم قابل لجميع طرق الطعن و بالتالي و حتى يصبح قابلا للتنفيذ فإنه يتعين أنيستنفذ طرق الطعن العادية و غير العادية و عليه يكون قابلا للتنفيذ بعد مضي آجالالطعن بالنقض .
الفرع الثاني : كيفية تنفيذ الحكم المثبت للطلاق .
لقد جرىالعمل في محكمة الجلفة على أن تنفيذ الأحكام بالطلاق سواء كان عرفيا أم طلاقابالإرادة المنفردة للزوج يكون بسعي من صاحب المصلحة ، و على هذا الأساس ينبغي علىالمعني أن يقوم باستخراج نسخة من الحكم القاضي بالطلاق ثم يقوم بتبليغها إلى الخصمالآخر و بعد فوات آجال الطعن يتقدم إلى أمانة الضبط مرفقا بالوثائق التالية نسخة منعقد الزواج ، حكم الطلاق ، محضر التبليغ ، شهادة عدم الطعن بالنقض . و هنا يقومأمين ضبط المحكمة بتحرير إخبارا بالطلاق و الذي يوقع من طـرف رئيس كتاب الضبط .
و بعد أن يقوم أمين الضبط بتحرير الإخبار بالطلاق بالصيغة المذكورة أعلاه يقومبإرساله إلى البلدية التي أبرم عقد الزواج بدائرتها ليقوم ضابط الحالة المدنيةبتسجيل الطلاق على السجل المخصص للزواج و على عقدي زواجهما و بسجلات الميلاد إذاكان المطلقين قد ولدا بدائرة اختصاصها و إلا فإنها ترسل إشعارات إلى البلدياتالمختصة التي ولدا بدائرتها .
و في الأخير يعيد ضابط الحالة المدنية الإشعار أوالإشهاد بالتسجبل إلى المحكمة موقعا من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي .
وأما عنكيفيات التسجيل فإن المادة 58/2 من الأمر07-20 المؤرخ في 19/02/1970 المتعلقبالحالة المدنية تنص على أنه في كل الحالات التي تقتضي تسجيل قضائي يجب على ضابطالحالة المدنية وضع مباشرة ملاحظة في شكل إشارة موجزة في هامش العقد المسجل أو فيالتاريخ الذي كان يجب تسجيله فيه .
ومن جهة أخرى تنص المادة 60 من الأمر المذكورأعلاه على أن : ضابط الحالة المدنية المحرر و المسجل للعقد لذي يستدعي ملاحظة يضعهذه الأخيرة ثلاثة أيام في السجلات التي بحوزته و إذا كانت النسخة من السجل حيث يجبتسجيل ملاحظة لدى كتابة الضبط يوجه إشعار إلى النائب العام .
ويستنتج من هذهالمواد أن الملاحظات الهامشية يجب أن توضع إلزاميا في بعض العقود التي تقتضي ملاحظة (شهادات الميلاد، عقد الزواج ) و كذا في السجلات من طرف ضابط الحالة المدنية الذييحرر أو يسجل العقد ، وفي حالة ما إذا كانت النسخة عن السجل بكتابة الضبط عليه أنيرسل إشعارا إلى وكيل الجمهورية بدائرته .
و إذا كان العقد الذي يجب أن تسجل فيههذه الملاحظة في هامشه محررا أو مجلا في بلدية أخرى فإنه يجب إرسال هذا الإشعار إلىضابط الحالة المدنية الموجود بتلك البلدية و الذي يعلم مباشرة وكيل الجمهوريةبدائرته إذا كانت النسخة عن السجل لدى كتابة الضبط .
و إذا كان العقد الذييستدعي ملاحظة محررا أو مسجلا في الخارج فإنه يجب على ضابط الحالة المدنية الذي حررأو سجل العقد إرسال إشعار إلى وزارة الشؤون الخارجية .
خاتمـــــــة :

انتهينا إلى أن اتجاه المشرع في مسألة الطلاق هو عدماعترافه بالطلاق الواقع خارج القضاء إلا أن غموض عبارته يوحي باعترافه به و لكن لايرتب آثاره إلاا إذا صدر في شكل حكم قضائي ، و أن هذا الحكم جميع عناصره تؤكد بأنهعمل ولائي إلا أن المشرع الجزائري اشترط صدوره وفقا للعمل القضائي ذلك أن القاضييزيل عقبة قانونية تعترض إرادة الزوج إذ لا يوجد نزاع أصلا في مسألة الطلاق فمتىقرر الزوج طلاق زوجته ما على القاضي إلا أن يحكم به و هذا ما أكدته المحكمة العلياإلا أن الإشكال الذي أثرناه و الذي ناقشناه بجميع آثاره هو مسألة إثبات الطلاقالعرفي بأثر رجعي و الذي لا يجد مرجعا قانونيا له و مع ذلك فهو مكرس في أغلب محاكمالوطن بل و تم استحداث اجراءات خاصة به و هنا يظهر دور العرف كمصدر للقانون وعليهفنحن نناشد المشرع الجزائري أن يتدخل و يقوم بتعديل قانون الأسرة و ذلك بتقنين هذهالقواعد العرفية إن صح التعبير و نحن نقترح في هذا المجال أن ينصب التعديل علىالأخص على الأحكام التالية :
– فيما يخص نص المشرع في المادة 48 من ق .أ على أنالطلاق حل عقد الزواج و يتم بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجين أو بطلب من الزوجة فيحدود ما ورد بالمادتين 53و54 من هذا القانون ، نقترح في هذا المجال أن يقوم المشرعبالتفرقة بين الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج و يطلق عليه مصطلح الطلاق وغيره منصور حل الرابطة الزوجية .

– فيما يخص تحديد أجل الصلح بثلاثة أشهر نقترحفي هذا المجال تقرير جزاء على الصلح الذي يتم بعد فوات هذه المدة كما نقترح أيضاتحديد طبيعة هذه المدة خاصة مع نص المشرع في المادة 50على أنه من راجع زوجته أثناءمحاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد ومن راجعها بعد صد\ور الحكم بالطلاق يحتاج إلىعقد جديد فإذا كان المشرع يقصد بها مدة العدة كما نعتقد فهنا لا تجوزالمصالحة بعدانتهائها و بالتالي يكون المشرع قد فرق بين الطلاق الرجعي و الطلاق البائن و بعبارةأخرى يكون قد اعتبر أن رفع دعوى الطلاق من طرف الزوج هو طلاق رجعي و أن القاضي يجوزله خلال مدة ثلاثة أشهر المصالحة بين الطرفين و نقترح أيضا أن ينص في التعديل علىأن القاضي عندما يحكم بالصلح فإن هذا الحكم يعتبر طلقة أولى تحتسب ضمن الطلقاتالثلاثة التي يملكها الزوج على زوجته .
– فيما يخص نص المشرع في المادة58 منق.أ على أن تعتد المطلقة…….من تاريخ التصريح بالطلاق ، هنا نجد أن عبارةالتصريح بالطلاق جاءت غامضة ، وعليه نقترح أن
– يتضمن التعديل بيان المقصودبالتصريح بالطلاق ، هل يقصد به تاريخ رفع الدعوى من الزوج أم تاريخ تصريح الزوج بهأم تاريخ الحكم بالطلاق .
– فيما يخص المادة 57 من ق.أ و التي تنص على أنالأحكام بالطلاق غير قابلة لللإستئناف ما عدا في جوانبها المادية ، هنا نجد أنعبارة الأحكام بالطلاق جاءت واسعة إذ تشمل الطلاق بإرادة الزوج و التطليق ، وعليهينبغي على المشرع تحديد ذلك ، وعموما هذه المسألة سوف تحل تلقائيا بتعديل نص المادة 48 على النحو المذكور أعلاه ، حيث نكون حينها أمام الأحكام بالطلاق و التي يقصد بهافقط الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج و الأحكام بالتطليق .
– فيما يخص الطلاقالعرفي حتى و إن قلنا أن المادة 222 من ق,أ تحيل على أحكام الشريعة الإسلاميةبالنسبة لما لم يرد النص عليه في قانون الأسرة إلا أن ذلك لا يكفي و عليه ينبغي علىالمشرع التدخل و النص صراحة على امكانية إثباته بأثر رجعي والنص كذلك على طرقإثباته و آثاره و كذا طرق الطعن فيه نظرا لخطورة آثاره على الصعيد القانوني بتغييرمركز الزوجين و من ثمة إقرار نتائج أخرى على هذا التغيير و خاصة فيما يتعلق بالإرثو صحة الزواج الثاني و الأخطر من ذلك هو وقوع الطلاق في حد ذاته دون أن ننسى الجانبالإجتماعي إذ يؤدي إلى تشتيت شمل الأسرة بأثر رجعي ، وتتعقد المسألة أكثر في حالةإنكار الزوج ، كما أن مسالة الأثر الرجعي في حد ذاتها تطرح إشكالا هذا بالإضافة إلىإشكالية استحقاق النفقة و نفقة العدة و غيرها من الحقوق المترتبة على وقوع الطلاق ولعل أخطر مسألة هي إثبات النسب .
و في الختام يمكن القول أن الطلاق وان كان حقاللزوج إلا أنه مكروه لذاته و محظور إلا لضرورة ، وعلى هذا الأساس ينبغي على المشرعتقنين هذه المسألة بدقة أكثر لأن الأسرة هي أساس المجتمع و بصلاحها يصلح المجتمع ،ومن ثمة وجب أن تكون الأحكام التي تحكمها واضحة وصريحة ولا يكتنفها أي غموض حفاظاعلى استقرار المعاملات و ضمانا لحقوق الزوجين و بصورة أخص حقوق الأولاد وهم الضحيةالأولى والأخيرة و البريئة للطلاق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *