مقدمة:
المبحث الأول : مفهوم النظام شبه الرئاسي :
المطلب الأول : تعريف النظام شبه الرئاسي
المطلب الثاني: نشأة النظام شبه الرئاسي :
المطلب الثالث: مزايا و عيوب النظام شبه الرئاسي :
المبحث الثاني : مؤسسات النظام شبه الرئاسي ( النظام الفرنسي نموذجا) :
المطلب الأول : المجلس الدستوري
المطلب الثاني : السلطة التنفيذية
المطلب الثالث : السلطة التشريعية:
المطلب الرابع :السلطة القضائية :
الخاتمة :
الهوامش:
المراجع
مقدمة:
من الأنظمة التي بدأت تنتشر في الحياة السياسية في الحقبة الأخيرة نظام الحكم شبه الرئاسي الذي يعتبر من احدث الأنظمة الحالية رغم كونه يستمد أصله من النظام البرلماني إلا أنه تسارع ليمنح للرئيس سلطات أكبر و هذا من عهد الجمهورية الخامسة الفرنسية عن طريق شارل ديغول و هي بداية لظهور هذا النوع من الحكم
و سنحاول في هذا البحث الإحاطة بكل ما يتضمنه نظام الحكم شبه الرئاسي.
وذلك في مبحثين :
حيث نتطرق في المبحث الأول لمفهوم النظام شبه الرئاسي ، والمقصود منه ، ونشأته والمزايا والعيوب الواردة بشأنه.
أما المبحث الثاني : فإننا نخصصه لمؤسسات النظام شبه الرئاسي منتهجين في ذلك النظام المتبع في فرنسا
المبحث الأول
مفهوم النظام شبه الرئاسي
المطلب الأول : تعريف النظام شبه الرئاسي
1- تعريف النظام شبه الرئاسي : النظام شبه الرئاسي أو ما يعرف أيضا بالنظام الرئاسي-البرلماني. هو نظام خليط بين النظام الرئاسي و البرلماني. يكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شئون الدولة. وتوزيع هذه السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يختلف من بلد إلى آّخر. ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب. ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسئول أمام البرلمان ويستطيع البرلمان محاسبته وعزله اذا أراد.
و الأنظمة شبه الرئاسية تقوم على دستور يشمل قواعد يتميز بها عن النظام البرلماني و قواعده سائدة في المجتمع [1] ، فهي تقرر في دساتيرها انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الانتخاب و هو يتمتع بسلطات خاصة، و كذا وجود وزير أول يقود الحكومة التي كما ذكرنا يستطيع البرلمان إسقاطها. فهو كما ذكرنا سالفا نظام مختلط يجمع بين النظامين البرلماني و الرئاسي و من أمثلة الأنظمة شبه الرئاسية النظام الفرنسي و النظام البرتغالي. و النظام الفلندي و النمساوي.
و تختلف هذه الأنظمة من حيث أبعاد السلطات التي تتمتع بها على ضوء موقف و قوة الرئيس الفعلي و يمكن تلخصيها فيما يلي:
1- الرئيس متمتع بالأغلبية البرلمانية : كلما كان الرئيس يتمتع بمساندة الأغلبية البرلمانية فإن موقف الحكومة قوي بالنظر إلى أن الرئيس هو من يعينها فهو بذلك يكتسب قوة كبيرة تتجاوز أحيانا سلطة الرئيس في النظام الرئاسي، و النظام الفرنسي هو أحسن مثال على ذلك حيث أنه منذ الستينات يتمتع الرئيس بالأغلبية حتى أنه أصبح يقيل رئيس الوزراء رغم عدم وجود ما يخول له ذلك في الدستور و لم يحد عن ذلك الا سنة 1986 حين عرفت حالة “التعايش المزدوج.” Cohabitation وهى الحالة التى يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية من إتجاة فكري مناقض للاتجاه الذى يمثله رئيس الوزراء. حيث اضطر الرئيس الفرنسى السابق ميتران “الاشتراكى” عندما فرضت عليه الجمعية العمومية ان يختار السيد شيراك “اليمينى الرأسمالى” – الرئيس الحالي – المنتهية عهدته- ليكون رئيسا للوزراء عام 1986. كما حلت الجمعية عدة مرات و بالمقابل نجد أن الرئيس النمساوي ضعيفا واقعيا على خلاف الرئيس الفرنسي مع أنه يتمتع تقريبا بنفس الصرحيات، وهي وضعية تجعل من الرئيس شخصا شبيها بالرئيس في النظام البرلماني [ن الأحزاب السياسية هي التي ارتضت أن يكون المستشار هو الذي يتمتع بالأغلبية البرلمانية فهو يمارس السلطة السياسية كما أنه يتمتع بسلطات وفق الدستور و لكن لا يمارسها.
2- الرئيس لا يتمتع بالأغلبية البرلمانية[2] : إذا كان الرئيس لا يتمتع بالأغلبية البرلمانية فإن الحكومة هنا يكون منقوصة من وسيلة المبادرة مما يؤثر على استقرارها ، و قي هذه الحالة قد نجد حزبا يمتلك الأغلبية رغم تعدد الأحزاب مثل ايسلندا ( حزب الاستقلال ) و البعض الآخر لا يملكها مثل فلندا و البرتغال ، ففي الحالة الأولى يستطيع الرئيس أن يترك المبادرة للحكومة، أما الحالة الثانية فإن هذه المبادرة تكون للرئيس نتجية لعدم سيطرة مطلقة على البرلمان و كذا انقسام الأحزاب، ففي ايرلندا و ايسلندا مثلا يكون الرؤساء من الضعف بحيث يتركون الحكومات تواجه البرلمانات و تسير سياسة الدولة، فهم يشبهون الرؤساء في الأنظمة البرلمانية بحيث تقتصر مهمتهم على تعيين رئيس وزراء قادر على جمع أغلبية برلمانية مع الإحتفاظ لنفسه بدور المحافظ على النظام و إن كان يمارس سلطة معنوية واسعة.
أما فلندا فإننا نجد الرئيس قويا نتيجة الإنقسام الداخلي للأحزاب فهو مجبر على استعمال كل السلطات قويا نتيجة الإنقسام الداخلي للأحزاب فهو مجبر على استعمال كل السلطات المخولة لدفع الأحزاب إلى تكوين ائتلاف يسمح للوزير الأول و مساعديه لتسيير شؤون الدولة .
المطلب الثاني: نشأة النظام شبه الرئاسي :
اتجهت بعض النظم الليبرالية الغربية المعاصرة و التي هي برلمانية في الأصل إلى تقوية سلطات رئيس الدولة و التي هي أصلا ضعيفة حيث يمارسها عنه الوزراء و يسألون عنها امام البرلمان و هذا لن يتم الا من منطق وجود شرعية أقوى وهي تلقى السلطة مباشرة من الأمة ( الشعب) بالإنتخاب فتصبح وضيفته نيابية، فلا يسأل أمام البرلمان مما يعطيه سلطات إضافية. و من هذا المنطلق نشأ النظام شبه الرئاسي الفرنسي بداية من 1958 حيث قام الرئيس الفرنسي ديغول بتأسيس ما عرف في التاريخ السياسي الفرنسي بالجمهورية الخامسة. حيث وضع دستور جديد و عرض على الاستفتاء الشعبي في سبتمبر من عام 1958 و تمت الموافقة عليه و قد مر ظهور الجمهورية الخامسة بعدة مراحل بداية سقوط الجمهورية الرابعة التي كان للثورة الجزائرية دور بالغ الأهمية في سقوطها، و ذهب الى ذلك الأستاذ أندي هوريو حيت قال ” ربما كانت الجمهورية الرابعة قد توصلت الى اصلاح ذاتها لو أنها استطاعت انهاء مشكلة استعمار الجزائر”[3] فالدولة فشلت و المتسبب في ذلك حسب ديغول هو نظام الأحزاب مما استدعى ضرورة إصلاح مؤسسات الدولة [4] . فبعد استقالت حكومة بفليملين Pflimlin يوم 28 ماي 1958 ، طلب رئيس الجمهورية روني كوتي René Coty من شارل ديغول تشكيل حكومة و هدد بأنه في حال رفض منح الثقة له من طرف النواب فإنه سيستقيل و يمنح السلطة لرئيس الجمعية الوطنية، و في اليوم الأول من شهر جوان 1958 حصل ديغول على ثقة أغلبية النواب ( 329 ضد 224 ) و طلب من البرلمان الموافقة على قانون يمنح للحكومة جميع السلطات و تعديل المادة 9 من الدستور المتعلقة بتعديل الدستور، فوافق البرلمان على القانون الأول الذي مكنها من اللجوء إلى الأوامر لمدة ستة أشهر و اتخاذ الإجراءات الملائمة قصد الإستقرار، ثم وافق على المشروع الثاني .
و على اثر ذلك قدم مشروع الدستور الجديد للجنة الاستشارية لدراسته ، و صدر مرسوم تشكيلها يوم 16 جويلية 1958 ، و بعد الدراسة قدم للشعب يوم 28 سبتمبر للإستفتاء فيه بموجب أمر 20 أوت 1958 و نال موافقته أيضا ، ثم أنشأت المؤسسات الدستورية بموجب الدستور الجديد حيت انتخب نواب الجمعية الوطنية و اجتمعت لأول مرة في 09 ديسمبر 1958 ، و في يوم12 ديسمبر 1958 انتخب شارل ديغول لولاية رئاسية أولى من قبل هيئة ناخبة خاصة مؤلفة من أعضاء البرلمان ومستشارين عامين وممثلين عن الأعضاء المنتخبين في المجالس البلدية، أي نحو 80 ألف ناخب كبير. واعتمد هذا النظام لمرة وحيدة و باشر وظائفه يوم 08 جانفي 1959 و شكلت الحكومة في نفس اليوم و انتخب مجلس الشيوخ في 26 افريل 1959. ثم توالت تعديلات الدستور حتى سنة 1962. حين أقيمت أول انتخابات رئاسية مباشرة من طرف الشعب.
و يتميز دستور 1958 بكونه أخذ لأول مرة بنظام برلماني عقلاني يسيطر فيه الجهاز التنفيذي كما حولت للرئيس سلطات واسعة اتجهت إلى تقويته فاقترب النظام الفرنسي الحالي و الذي هو برلماني أصلا من النظام الرئاسي و لذلك سمي بالنظام شبه الرئاسي.[5]
المطلب الثالث: مزايا و عيوب النظام شبه الرئاسي :
1- مزايا النظام :للنظام شبه الرئاسي عدة مزايا نذكر منها
* من حق الحكومة إصدار قرارات لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية على ذلك. و الحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في مجلس الشعب ويمكن أن تشترط على مجلس الشعب الكيفية التى يجب أن يتم بها مناقشة هذه القضايا كأن تشترط أن يتم مناقشتها بدون تعديل ولا إضافة أوان يتم التصويت عليها بنعم أو لا.
* هذا النظام يعطى لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب والمطالبة بانتخابات جديدة للمجلس بشرط ألا يسيء استخدام هذا الحق. بمعنى لا يجب على رئيس الجمهورية المطالبة بانتخابات جديدة للمجلس أكثر من مرة واحدة في كل سنة. ومن جهة أخرى يمكن للجمعية الوطنية فصل رئيس الوزراء أو أي وزير آخر عن طريق سحب الثقة منهم. كما أن لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ. و الحق في استفتاء الشعب في قضايا يراها هامة ونتائج هذا الاستفتاء لها قوة القانون في الدولة.
* المرجعية الدستورية في هذا النظام في يد مجلس دستوري. وكيفية اختيار هذا المجلس يختلف من دولة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال يتكون المجلس الدستوري فى فرنسا من تسعة (9 ) أعضاء يتم اختيارهم لمدة تسعة (9 ) سنوات كالاتى: يختار رئيس الجمهورية ثلاث (3) أعضاء, ويختار رئيس مجلس الشعب ثلاث (3) أعضاء, ويختار رئيس مجلس الشيوخ ثلاث (3) أعضاء . أما فى ايران فيتم اختيار أعضاء المجلس الدستوري عن طريق الانتخابات العامة من مجموعة من الفقهاء والخبراء الدستوريين..
عيوب النظام شبه الرئاسي :
* المشكلة الأساسية التى تواجه هذا النظام هى عندما تتصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذى يمثل مصالح البرلمان. وهذه المشكلة عرفت في السياسة الفرنسية “بمشكلة التعايش المزدوج.” وهى الحالة التى يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية من إتجاة فكرى مناقض للاتجاه الذى يمثله رئيس الوزراء. كما حدت للرئيس الفرنسى السابق ميتران “الاشتراكى” عندما فرضت عليه الجمعية العمومية ان يختار السيد شيراك “اليمينى الرأسمالى” – الرئيس الحالي المنتهية عهدته- ليكون رئيسا للوزراء عام 1986. وعليه فمن الواجب على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ان يتعاونا وأن يتحدا لكي تنجح الحكومة وتحقق أهدافها.
* إساءة استخدام قانون الطوارئ من قبل رئيس الجمهورية. ولعل خير مثال على ذلك هو استخدام الرئيس المصري حسنى مبارك لهذا القانون مند ان تولى السلطة عام 1981 الى الآن.
* إمكانية قيام رئيس الجمهورية بإساءة استخدام حقه في استفتاء الشعب كما هو سائد اليوم في كثير من الدول ذات النظام شبه الرئاسي
ارجووووووو نجاح الجميع !!!
قائمة المراجع