يلتحق، يوم الأحد المقبل 08/09/2013 م ، 8.470.007 تلميذ بمقاعد الدراسة، من بينهم 321.978 تلميذ جديد، أي بزيادة 3,95 بالمائة مقارنة بالموسم الدراسي الفارط،
في ظروف مميزة بحكم الترتيبات التنظيمية الجديدة التي أقرتها وزارة التربية، للقضاء على الكثافة في جداول التوقيت والاكتظاظ في الأقسام.
مديرو مدارس عاجزون عن الالتزام بالإجراءات الجديدة
يرى مختصون بأن تجسيد الترتيبات التنظيمية التي أقرتها وزارة التربية بدءا من الدخول المدرسي الحالي، سيكون مهمة صعبة على المؤسسات التربوية، كون أغلبهم يعجزون عن التطبيق الكامل للقانون الداخلي، فما بالك بالترتيبات الجديدة التي تمس المحفظة الصحية والتوزيع الزمني، بالنظر إلى اختلاف إمكانات كل بلدية لتوفير الأدراج والخزانات لحفظ الكتب ومشكل الاكتظاظ.
وتراهن وزارة التربية الوطنية على تجسيد الاستشارات الوطنية حول الإصلاحات التربوية، في شكل ترتيبات تنظيمية وتربوية ستطبّق بدءا من الدخول المدرسي، تتعلق بتخفيف ثقل المحفظة المدرسية وتحديد مدونة الأدوات المدرسية لمرحلة التعليم الابتدائي والتوزيع الأسبوعي الموحد للنشطات التعليمية للسنتين الأولى والثانية ابتدائي. ومن أهم الترتيبات، جمع المواد المتقاربة في كراس واحد وتخصيص كراس واحد للدروس والتطبيقات بالنسبة لكل مادة، والأهم إلغاء نظام الدوامين.
ويعتبر متابعون للشأن التربوي بأن التعليمات التي أعطيت في مجال ثقل المحفظة، لفائدة مديري المدارس الابتدائية والمعلمين والأساتذة، بالاستعانة بمفتشي التعليم الابتدائي باللغة العربية ومفتشي اللغة الفرنسية، كل حسب مقاطعته التفتيشية، سيكون مهمة صعبة بالنظر إلى العدد المحدود من المفتشين.
واستغرب المتابعون أن يلتزم معلمو وأساتذة التعليم الابتدائي بالتقليل من حجم وعدد الكراريس المطالب بها التلاميذ، والاقتصار على القدر الضروري من الأدوات اللازمة لإنجاز الأنشطة البيداغوجية المقرّرة وفق قائمة الأدوات المدرسية الواردة في مدونة رسمية للأدوات المدرسية لمرحلة التعليم الابتدائي، من دون أن يتم تنظيم ندوات ولقاءات معهم من أجل تمكينهم من التحكم في مثل هذه الوضعيات بشكل كاف.
بلديات عاجزة ومحافظ ثقيلة
الأكثر من هذا، فإن الرهان الذي تصر وزارة التربية على تجسيده وإنجاحه، وهو التخفيف من وزن المحفظة، لا يمكن أن يتحقق ميدانيا، بالنظر إلى أن الإمكانات المادية بين كل مؤسسة تربوية وأخرى تتفاوت حسب ما ترصده البلديات من ميزانية للتجهيزات المدرسية.
وسيفرض على التلاميذ الذين يزاولون دراستهم في البلديات الفقيرة أو العاجزة، الاكتفاء بالمحافظ الثقيلة التي ستجعلهم يعانون من آلام الظهر موسما آخر والتي تتسبب في التواء في العمود الفقري يمينا أو يسارا. كما ستفشل البلديات في توسيع فتح الأقسام لفائدة التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة والماكثين في المستشفيات مدة طويلة والمتأخرين دراسيا والمعاقين حسيا، لاسيما أقسام التعليم المكيف، حسب ما نصت عليه الاقتراحات التي أعدتها الوصاية في هذا المجال لفائدة التلاميذ.
وفي مقابل ذلك، سيرهن الموسم الدراسي لهذا العام، مرة أخرى، مصير الآلاف من التلاميذ، بسبب مشكل الاكتظاظ الذي اعترف به وزير التربية الوطنية، بابا أحمد عبد اللطيف، في الندوة الوطنية التي جمعته بمديري التربية الوطنية، وقال بأن ”مشكل الاكتظاظ سيكون في الجزائر العاصمة التي تتواجد في المقدمة بنسبة 15 بالمائة، وبعض الولايات الأخرى، وهو نفس السيناريو الذي جعل من بعض الأقسام يصل فيها عدد التلاميذ إلى 50 تلميذا .
إجراءات جديدة في مقابل مشاكل قديمة
وتحدث مديرو مؤسسات تربوية عن ثقل حجم المهمة التي ستسند إليهم هذا الموسم، بالنظر إلى أن التغيير يشمل في كل مرة المقررات الدراسية، ويجعلهم في سباق ضد الزمن لتجسيدها مع المعلمين والأساتذة.
ووصف هؤلاء مثل هذه الإجراءات بالتعجيزية بالنظر إلى قلة الإمكانات و«طموح” الاقتراحات والتوصيات التي تواجهها في الميدان مشاكل تتعلق أساسا بحالة ”العصيان” التي يقودها عدد من التلاميذ في القسم، ويتسببون في بث الفوضى وعدم احترام القانون الداخلي للمؤسسة، فما بالك بالالتزام بالإصلاحات الجديدة ولو كانت في صالحه.
ورغم أن عددا كبيرا من المؤسسات التربوية تفتقر للتدفئة في فصل الشتاء ويحرم تلاميذها من النقل المدرسي، توصى وزارة التربية عن طريق لجنتها الاستشارية بأن يتم ”العمل على الإدماج التدريجي لتكنولوجيات الإعلام والاتصال في التعليم”، فهل يعقل أن يتحقق ذلك بالنسبة لتلاميذ يتمنون الجلوس في قسمهم لمتابعة الدروس من دون ارتداء المعطف والقبعات الصوفية؟
طالبت برفع منحة التمدرس إلى 10 آلاف دينار
جمعيات أولياء التلاميذ: 3 مشاكل تؤرقنا
تخوفت جمعيات أولياء التلاميذ من عودة شبح الاضطرابات في الدخول المقرر الأحد المقبل، تبعا لتهديدات النقابات بشلّ القطاع، وتوقعت تراجع نوعية التكوين، بسبب الهجرة الجماعية التي عرفها بعد خروج آلاف الأساتذة إلى التقاعد، مطالبة برفع منحة التمدرس إلى 10 آلاف دينار، لتواكب الارتفاع الرهيب لمختلف المستلزمات المدرسية.
وقالت فيدرالية جمعيات أولياء التلاميذ بأن الدخول المدرسي لهذا العام سيكون مميزا من ناحية الظروف المحيطة به، وتنبأت بعودة مشحونة إلى مقاعد الدراسة، بسبب استمرار القبضة الحديدية بين الوزارة والشركاء الاجتماعيين.
وقال رئيس الفيدرالية خالد أحمد ، بأن رحيل حوالي 13 ألف أستاذ من القطاع بسبب إحالتهم على التقاعد، سيرمي بثقله على مستوى التكوين والتعليم، فالمنظومة التربوية بصفة عامة، يقول، ستفقد كفاءات وخبرات، القطاع في حاجة ماسة إليها اليوم، للعودة إلى إطار الإصلاحات التي شرع فيها منذ سنوات.
مخاوف من عودة الاحتجاجات
من جهة أخرى، لم يخف محدثنا تخوف جمعيات أولياء التلاميذ من عودة التوتر إلى القطاع، تبعا لتجند النقابات وتهديدها باستئناف الإضرابات والحركات الاحتجاجية ما لم تعجل وزارة التربية في تلبية ما تبقى من مطالبها، وهو ما جعله يدعو الوصاية والتنظيمات النقابية، على حد سواء، إلى التحلي بالحكمة وروح المسؤولية وعدم الزج مجددا بالتلاميذ في صراعات لا دخل لهم فيها.
وبالنسبة للتحضيرات الجارية للدخول المدرسي، قال خالد أحمد إن سوق الأدوات والمستلزمات المدرسية تعرف هذا العام ارتفاعا رهيبا في الأسعار، ما وضع الأولياء في حرج كبير ووضعية معقدة، باعتبارهم لم يتجاوزا بعد ”آثار” كل من رمضان والعيد وما خلفاه من تبعات مالية أثقلت كاهل العائلات، لتضاف إليها ميزانية مخصصة للأدوات والمستلزمات، لاسيما المآزر والملابس الضرورية للدخول المدرسي.
وانتقد نفس المتحدث عدم تحرك الحكومة، لحد الآن، لإقرار إجراءات جديدة تساعد العائلات، خاصة المعوزة منها، على تحمل كل هذه الأعباء، باعتبار أن منحة الـ3 آلاف دينار التي تسلم للتلاميذ بداية كل دخول ”لا تغن ولا تسمن من جوع..”، فأكثر من 90 بالمائة من العائلات، يضيف، عاجزة اليوم عن مواجهة تكاليف تمدرس أبنائها، واقترحت الفيدرالية على لسان ممثلها في هذا الإطار مراعاة غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية في تحديد قيمة جديدة للمنحة لا يجب أن تقل عن 10 آلاف دينار.
وحسب جمعيات أولياء التلاميذ، فإنه أصبح لزاما على الوصاية التفكير في رفع الغبن عن التلاميذ، من خلال تقديم اقتراحات عملية للحكومة، قصد العودة إلى النظام الذي كان معمولا به نهاية السبعينيات، حيث كان التلاميذ يستفيدون من منحة فصلية على غرار ما هو حاصل اليوم في قطاع التعليم العالي، وتلتزم الوصاية بذلك بتقديم مساعدة مالية دورية للمعوزين، تضمن من خلالها، على الأقل، استمرار تمدرسهم وعدم لجوء أوليائهم إلى حرمانهم من الدراسة بسبب الفقر.وفي هذا الإطار بالذات، ربط رئيس فيدرالية جمعيات أولياء التلاميذ ظاهرة التسرب المدرسي التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، بعجز العائلات عن مواجهة تكاليف تمدرس أبنائها، وإن كان عدد كبير من الأبناء يغادرون مقاعد الدراسة لأسباب أخرى مختلفة لها علاقة بضعف المستوى أو الانحراف خاصة في الطورين المتوسط والثانوي، إلا أن المستوى المعيشي ”البائس” الذي تعانيه الأسرة الجزائرية خاصة في الولايات الداخلية، كان وراء تخلي أبنائها عن الدراسة للالتحاق بسوق العمل والمساعدة في إعالة الأسرة.
الاكتظاظ سيبقى من أهم السلبيات حسب النقابات
هذه شروطنا لضمان دخول مدرسي آمن
أجمعت نقابات التربية على أن هناك ملفات كثيرة عالقة وهو ما يهدد الموسم الدراسي ككل سنة، سواء تعلق بمطالبهم كعمال؛ حيث لاتزال حقوق أغلب الأسلاك مجمدة، أو ما يخص الملفات البيداغوجية والاجتماعية التي تتصدرها إعادة النظر في البرامج وتجسيد مشروع القسم النموذجي وإلغاء العتبة التي تسببت في فوضى خلال السنوات الأخيرة، بخروج التلاميذ إلى الشارع للمطالبة بها.فالدخول المدرسي هذه السنة، حسب المكلف بالإعلام بالمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مسعود بوديبة، تنتظره عدة عقبات من شأنها التأثير سلبا، على رأسها التضييق على الحرية النقابية، وهو تجاوز لقوانين الجمهورية حسبه، واستدل بـ17 منخرطا في التنظيم بولاية قسنطينة متابعا قضائيا، ونفس الأمر بولايتي الشلف والأغواط، ما يدفع لقلب الموازين والإعلان عن احتجاجات وطنية بعد انطلاق الموسم الدراسي.
أما عن النقائص المسجلة في الجانب البيداغوجي، فنبه بوديبة إلى استمرار ظاهرة الاكتظاظ التي تبقى تؤرق الأستاذ والتلميذ معا، وأشار إلى أن تقارير مديري التربية التي تحاول التقليل من المشكلة بتقديم أرقام تبدو للرأي العام بسيطة، إذ لم يتم تحري الموضوعية في ذلك، ومعيارها أن الحد الأدنى للاكتظاظ هو 44 تلميذا في القسم، إلا أن ذلك ليس صائبا حسبها، لأن المعيار التقليدي هو35 تلميذا في القسم وحاليا هناك طموحات واسعة لبلوغ 25 تلميذا في القسم الواحد.
تأخر في استلام المؤسسات التربوية الجديدة
وفي سياق ذي صلة، عرج بوديبة على تأخر تسليم المؤسسات التربوية وتساءل عن الطريقة التي تسلم بها المشاريع والمقاولات التي تشرف عليها التي جزم بأنها لا تملك الإمكانات لتشييد هذه المؤسسات.
من جهته، ذكر رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، أنه يتوجب على وزارة التربية الالتزام بتعليمات الوزير الأول حول فتح باب الحوار للتفاوض على مختلف المطالب وهو الحل الأسلم، حسبه، إذا أرادت الوصاية سنة دراسية ”هادئة”. وأشار رئيس ”أنباف” إلى الملفات العالقة الخاصة بمعالجة اختلالات القانون الأساسي، حتى يأخذ كل ذي حق حقه، خاصة من اصطلح عليهم ظلما ”الآيلة للزوال”، بالإضافة إلى تسوية وضعية موظفي المصالح الاقتصادية والمساعدين التربويين والمديرين والنظار والمراقبون العامين والفصل في ملف الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين.كما يجب على الوزارة، يضيف دزيري، أن تفي بوعودها حول مطالب جوهرية كملف المنح والامتياز وملف طب العمل الذي بات أكثر من ضرورة، يضاف لها ملف المناصب المكيفة ”فرغم أهمية هذا إلا أنه لحد الآن لا توجد نتائج ملموسة والموسم الجديد سيظهر مدى التزام الوزارة بتعهداتها”.
وعن الشق البيداغوجي، قال دزيري إن تخفيف الحجم الساعي لا يكفي وإنما يتوجب مرافقته بإعادة النظر في البرامج، واستدل المتحدث بوجود تشابه في عدة محاور في سنتين متتالين وهو ما يستدعي تنقيح البرامج وتطويرها، في الوقت الذي أبدى اعتراضه على العتبة وقال إنه ينبغي السماح للأستاذ بإكمال البرنامج لأن هناك دروسا هي امتداد لما سيتلقاه التلميذ في الجامعة.
ودعا المتحدث في الأخير إلى ضرورة العودة إلى نظام البطاقة التركيبية التي تعمل على المراقبة المستمرة لسلوك التلميذ، في الوقت الذي انتقد تأخر مشروع ”القسم النموذجي الذي يضم 25 تلميذا” وهذا بسبب الاكتظاظ الذي حال دون تجسيد هذا الأخير، ما يتطلب، حسبه، إيجاد حلول استعجالية لهذه الظاهرة التي أثرت سلبا، يضيف المتحدث. أما رئيس الاتحاد الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”سناباست”، مزيان مريان، فعاد إلى تصريحات الوزير الأول خلال ندوة التربية، وقال إن الحوار الذي دعا إلى الالتزام به بين الأطراف ينبغي أن يتوسع ليصل إلى فتح المجال للنقابات المستقلة في المشاركة في الثلاثيات لعرض وجهة نظرها ومطالب عمال القطاع.
أما عن مطالب القطاع، فعرج المتحدث على الملفات العالقة التي ينبغي أن تسارع الوزارة إلى الفصل فيها قبل اختيار الاحتجاج وسيلة لافتكاكها. وتأسف مريان لفشل الوزارة في حل مشاكل موظفي القطاع وأكبر دليل، حسبه، الطوابير المسجلة عبر الأكاديميات الوطنية التي يطالب فيها العمال بتسوية وضعيتهم، كما دعا إلى ضرورة وضع معادلة متكافئة بين الحجم الساعي والبرامج، مشاطرا رأي ”الكناباست” و”الأنباف” بضرورة وضع حد للعتبة التي لا تخدم مصلحة التلميذ، حسبه.
عن جريدة الخبر