ينتظر التلاميذ المقبلون على اجتياز شهادة البكالوريا إقدام وزارة التربية، نهاية شهر أفريل، على إعلان قائمة الدروس التي ستتضمنها الأسئلة، وهو الانتظار الذي أصبح عادة سنوية يأتي مباشرة بعد موجة احتجاجات عارمة للمطالبة بما أصبحوا يعتقدون أنه ”حق مكتسب”، ترضخ أمامه وزارة التربية في كل سنة، رغم التحذيرات الواسعة من النقابات التي طالبت بوضع حد لهذه ”المهزلة”، ووقف هذا القرار الارتجالي الذي سيدفع التلاميذ مستقبلا للمطالبة بأسئلة البكالوريا.
في الوقت الذي ينتظر آلاف الطلبة الموعد الحاسم لضبط أمورهم مع الدروس المعنية بالأسئلة، تعالت أصوات الرافضين لهذا القرار الذي أصبح كـ”الحبوب المهدئة” الذي تريد الوزارة شراء السلم المدني من خلاله.
فحسب رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”سناباست”، مزيان مريان، فإن العتبة التي انتهجتها الوزارة سنة 2008 والتي كانت بعد سنة من تطبيق الإصلاحات، أصبح اليوم في نظر التلاميذ بمثابة الحق الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وهو إجراء لا يخدم مصلحة هذا الأخير، حسبه، خاصة عند التحاقه بالجامعة، فيفترض أن يلم التلميذ بكل الدروس التي يتلقاها طيلة السنة، لأهمية كل درس في البرنامج ولا توجد درجات في الأهمية لأن لكل منها مجال.
وطالب مريان وزارة التربية بالتعجيل في إيجاد حلول سريعة توقف من خلالها هذا القرار الذي سبق واتخذته دون العودة لهم، لأنه أصبح في السنوات الأخيرة مصدر احتجاج، ففي بداية الفصل الثاني من كل سنة يخرج التلاميذ عبر الوطن للمطالبة بالعتبة، وهذه سابقة في المنظومة التربوية، وعلى الوزارة، حسبه، أن تتخذ القرار دون التراجع عنه مثلما يحدث في كل مرة استجابة للضغوط، لأن ذلك من شأنه أن يفرض الانضباط وإعادة المكانة التي كان يتميز بها الجانب التأديبي بالنسبة للتلميذ، بعد أن أصبح هذا الأخير يتمرد على التعاليم ويسيء لأساتذته، ويصل إلى درجة التفاوض مع الوزارة مع مطلب لا يمت للشرعية بصلة.
من جهته، تحدث المكلف بالإعلام بـ”كناباست”، مسعود بوديبة، عن القرار باستياء كبير لأنه ”ارتجالي” لجأت إليه الوزارة دون العودة إلى النقابات لاستشارتهم في تطبيقه، ولجأت إليه سنة 2008 بعد أن باشرت الإصلاح، واصطدمت بكثافة البرامج لعدم تحضيرها لأرضية لتطبيق هذا الأخير، وكررت هذه الخطوة سنة 2009 على الرغم من أن السنتين لم تسجلا اضطرابات خلال الموسم الدراسي، ليصبح بمرور الوقت عادة سنوية، تحولت فيما بعد إلى حق مكتسب للتلميذ، وهو ما أدى إلى ”تمييع” شهادة البكالوريا رغم أنها من أهم الشهادات الوطنية ويفترض أنها أهم محطة لتقييم مستوى التلميذ.
وعاد بوديبة إلى تحذيراتهم كنقابة في بداية تطبيق العتبة وعواقبها المستقبلية، حتى أصبح التلميذ يحتج سنويا للحصول عليها، في الوقت الذي بات يهجر مقاعد الدراسة في الفصل الثاني ويعتمد على ما يتلقاه من الدروس الخصوصية، خاصة بعد إلغاء البطاقة التركيبية التي كانت تعمل على تقييم التلميذ من كل الجوانب، دون إهمال الجانب السلوكي له.
وقدم بوديبة مجموعة من المقترحات للتخلي عن العتبة، كبسط الاستقرار في القطاع بالتزام الوزارة بتعهداتها المدونة في المحاضر، وفتح نقاش موسع لتقييم امتحان شهادة البكالوريا، والعودة للعمل بالبطاقة التركيبية التي من شأنها إجبار التلميذ على البقاء في المؤسسة واستكمال البرنامج، مع إجبارية احتساب تقييم ذلك مع امتحان الشهادة.
أولياء التلاميذ يرفضون العتبة
رفض العتبة لم يقتصر على النقابات، حيث وصف رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ، أحمد خالد، تحديد العتبة بـ”الظاهرة السلبية” التي لم تخدم مصلحة التلاميذ طيلة فترة تطبيقها، ودعا المتحدث الوزارة لإشراكهم للتخلي عن هذه الأخيرة بإيجاد ميكانيزمات مناسبة، وأضاف أنه على الوزارة حل مشاكلها مع شركائها الاجتماعيين لتفادي اضطرابات خلال المواسم الدراسية المقبلة، والبحث عن الإجراءات التي تصب في مصلحة التلميذ وتعوده الاعتماد على نفسه وتحضره جيدا لدخول الجامعة بمستوى يليق بهذه الأخيرة، وهي نقاط يمكن أن يتم إثراؤها في اللقاءات الثنائية التي تصب في مصلحة التلميذ، يضيف أحمد خالد.