ولا يمكن إضافة أي جديد في ركن السبب في عقد الإيجار , على ما قيل فيه في النظرية العامة في السبب في العقد بوجه عام , ونحيل بالتالي إلى هذه النظرية , ويبقى بعد ذلك ركنا التراضي والمحل , ولا بد من البحث فيهما هنا .
الفرع الأول
التراضي في عقد الإيجار
لا بد , لبحث التراضي بوصفه ركناً في عقد الإيجار , من استعراض هذا العقد , وشروط التراضي فيه .
المبحث الأول
أطراف عقد الإيجار
لقعد الإيجار طرفان , هما المؤجر والمستأجر .
ويجب هنا تحديد المؤجر , أي تحديد الشخص الذي يكون له حق التأجير .
ويجب أيضاً تحديد المستأجر , أي تحديد الشخص الذي يكون له حق الاستئجار .
المطلب الأول : المؤجر
قد يكون المؤجر مالكاً للشيء , وقد يكون منتفعاً به , وقد يكون من له الحق في إجارته .
أولاً : مالك الشيء :
يكون لمالك الشيء أن يؤجره , لأنه يكون له أن يتصرف في ملكه بكل أشكال التصرف من بيع وهبة وغير ذلك , فيكون له من باب أولى أن يؤجره .
ولكن يشترط لصحة تأجير مالك الشيء هذا الشيء أن تتوافر فيه الأهلية المطلوبة للتأجير , والتي سنراها عند البحث في أهلية المؤجر .
ثانياً : المنتفع بالشيء :
يكون للمنتفع بالشيء أن يؤجره , لأنه يستطيع بوصفه منتفعاً به أن يلتزم بتمكين غيره من الانتفاع , ولا يلزم عقد الإيجار خلاف عقد البيع المؤجر بنقل ملكية الشيء المؤجر إلى المستأجر وإنما يلزمه فقط بتمكين المستأجر من الانتفاع به .
وقد يكون المنتفع بالشيء مالكاً لحق الانتفاع به , وقد يكون مستأجراً له , وقد يكون دائناًَ مرتهناًَ رهناً حيازياً له .
1- مالك حق الانتفاع بالشيء :
يعدّ حق الانتفاع بالشيء من الحقوق العينية الأصلية التي تخول صاحبها استعمال شيء يخص الغير واستغلاله , ويكون للمنتفع بالتالي أن يؤجر الشيء المنتفع به , لأن إيجار الشيء يعدّ الطريقة المثلى لاستغلاله .
ويزول حق الانتفاع حتماً بموت المنتفع , وينتهي بالتالي الإيجار الصادر من المنتفع حتماً بموته لزوال حق الانتفاع بالموت , ولكن لا ينتهي الإيجار وإنما يبقى قائماً على الرغم من موت المنتفع إذا كان مالك الرقبة قد أقره مقدماً أو عند موت المنتفع , و ذلك في السنوات المتبقية من مدة الإيجار فقط .
ولا ينتهي الإيجار وإنما يبقى قائماً في هذه الحالة بين المستأجر ومالك الرقبة الذي يستعيد الملكية التامة بموت المنتفع , لا بين المستأجر و ورثة المنتفع .
ولا يجوز للمنتفع أن يؤجر الشيء المنتفع به لمدة تزيد على مدة الانتفاع , لأن حق الانتفاع يعد حقاً مؤقتاً بطبيعته .
فينتهي الإيجار حتماً بانتهاء مدة حق الانتفاع إذا أجر المنتفع الشيء لمدة تزيد على مدة حق الانتفاع .
ولكن لا ينتهي الإيجار وإنما يبقى قائماً على الرغم من انتهاء مدة الانتفاع إذا كان مالك الرقبة قد أقره مقدماً أو عند إبرامه فيما زاد على مدة حق الانتفاع .
وتؤكد هذا الحكم العبارة الأولى من المادة 528 من القانون المدني .
ولا ينتهي الإيجار وإنما يبقى قائماً على الرغم من انتهاء مدة حق الانتفاع , في
هذه الحالة , بين المستأجر ومالك الرقبة الذي يستعيد الملكية التامة بانتهاء حق الانتفاع , لا بين المستأجر والمنتفع .
ولا يحكم على المستأجر بالإخلاء فوراً , وإنما يجب على المالك أن ينبهه بالإخلاء في المواعيد المبينة في المادة 531 من القانون المدني والتي سيأتي بيانها , إذا انتهى عقد الإيجار بموت المنتفع قبل انقضاء مدته , أو إذا انقضت مدة حق الانتفاع عندما تزيد مدة الإيجار على مدة الانتفاع ولا يقر مالك الرقبة الإيجار .
ولا يجوز إنهاء الإيجار قبل نقل المحصولات , إذا كانت العين المؤجرة أرضاً زراعية وانتهى عقد الإيجار بموت المنتفع قبل انقضاء مدته , أو إذا انقضت مدة حق الانتفاع عندما تزيد مدة الإيجار على مدة الانتفاع , ولا يقر مالك الرقبة الإيجار .
ولا يجوز إنهاء الإيجار قبل نقل المحصولات , في هذه الحالة , ولو اقتضى هذا النقل وقتاً أطول من الميعاد المقرر للتنبيه بالإخلاء .
وتؤكد هذا الحكم العبارة الأخيرة من المادة 528 من القانون المدني .
2- مستأجر الشيء :
يكون لمستأجر الشيء أن يؤجره تأجيراً سنوياً , لأنه يكون له حق شخصي ثابت يستمده من عقد الإيجار , ويكون له بالتالي , أن يتصرف في هذا الحق بموجب عقد الإيجار بكل أشكال التصرف من بيع وهبة وغير ذلك , ويعدّ هذا تنازلاً من جانبه عن الإيجار , ويكون له من باب أولى أن يؤجره ثانوياً . وسنرى تفصيل ذلك عند البحث في التنازل عن الإيجار والإيجار الثانوي .
3- الدائن المرتهن للشيء رهناً حيازياً :
يلتزم الدائن المرتهن للشيء رهناً حيازياً بأن يستثمره , ويجب عليه أن يخصم ما يحصل عليه من هذا الاستغلال من المبلغ المضمون بالرهن .
ويترتب على ذلك أنه يكون للدائن المرتهن رهناً حيازياً أن يؤجره , لأن الإيجار يعدّ الطريقة المثلى للاستغلال .
ولا يتقيد الدائن المرتهن للشـيء رهناً حيازياً بتأجيره لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات , لأن الدائن المرتهن للشـيء رهناً حيازياً يؤجره بوصفه يستغل الشيء المرهون , شأنه في ذلك شأن المنتفع , لا بوصفه نائباً عن المدين الراهن .
ولكن لا ينفذ عقد الإيجار في حق المدين الراهن إلا في حدود ثلاث سنوات إذا انقضى الرهن الحيازي قبل انقضاء عقد الإيجار .
ثالثاً : من له الحق في إدارة الشيء ( النائب عن المالك ) :
يكون لمن له الحق في إدارة الشيء أن يؤجره , لأن عقد الإيجار يعدّ من عقود الإدارة , كما بينا , ولأن الإيجار يعدّ الطريقة المثلى للإدارة .
ويثبت الحق في إدارة الشيء , من حيث الأصل , لمن يملك الشيء , ولكن قد يثبت هذا الحق لغير المالك , فيكون هذا نائباً عن المالك في استعمال هذا الحق .
وقد يكون النائب عن المالك نائباً اتفاقياً كالوكيل , وقد يكون نائباً قضائياً كالوصي والقيم , وقد يكون نائباً قانونيا كالولي .
ولا يملك هؤلاء جميعاً الشيء , ولا يكون لهم إلا حق إدارته , ويطرح , بالتالي , السؤال لمعرفة مدى سلطتهم في تأجير هذا الشيء ؟
للإجابة يمكن القول إن العبارة الأولى من المادة 527 من القانون المدني أتت بمبدأ عام مفاده أنه :
” لا يجوز لمن يملك حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة , فإذا عقد الإيجار لمدة أطول
من ذلك , أنقصت المدة إلى ثلاث سنوات ” .
ونصت العبارة الأخيرة من المادة 527 المذكورة أيضاً على أنه :
” كل هذا ما لم يوجد نص يقضي بغيره ” .
ويتبين من هذين النصين أنه قد يستطيع بعض من لهم الحق في إدارة الشيء تأجير الشيء دون إذن لمدة تزيد على ثلاث سنوات , وقد لا يستطيع بعضهم تأجيره لمدة تزيد على أقل من ثلاث سنوات .
وسنستعرض بإيجاز سلطة التأجير المعطاة لبعض من لا يملكون الشيء , وليس لهم إلا الحق في إدارته , وهم الوكيل والولي والوصي والقيم .
1- الوكيل :
يقصد بالوكيل هنا الوكيل وكالة عامة , و الوكالة الواردة بألفاظ عامة لا تخصيص فيها لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل , لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة , ويعدّ من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات … ” .
وبناءً على ذلك يكون للوكيل وكالة عامة أن يؤجر الشيء لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات , ولا يلتزم الموكل بالإيجار إلا لمدة ثلاث سنوات , إذا أجر الوكيل وكالة عامة الشيء لمدة تزيد على الثلاث سنوات .
2- الولي :
يكون للولي أن يؤجر مال القاصر لأية مدة كانت , ولو زادت على ثلاث سنوات , لأنه يكون له التصرف في مال القاصر , فيكون له من باب أولى إدارة هذا المال .
ولا يعدّ الولي ممن ليس له إلا حق إدارة مال القاصر , فلا يعدّ بالتالي ممن يدخل في نطاق المادة 527 من القانون المدني فلا يتناوله نصها .
وتتقيد سلطة الولي في تأجير مال القاصر بقيد واحد , ورد في قانون الأحوال الشخصية , فقد ورد في هذا القانون أن : ” للقاضي أن يأذن للقاصر بعد بلوغه الخامسة عشرة بتسليم جانب من أمواله لإدارتها , وأنه لا يجوز للقاصر المأذون بغير موافقة القاضي عقد الإجارة لمدة تزيد عن سنة ” .
ويفهم من هذا أنه لا يكون للولي أن يؤجر أموال القاصر المأذون ولو لسنة , ولا يكون له إلا أن يأذن للقاصر المأذون في التأجير لمدة تزيد على سنة ولو جاوزت ثلاث سنوات .
3- الوصي والقيم :
لا يكون للوصي والقيم إلا حق إدارة أموال القاصر أو المحجور عليه .
ورأينا أن المادة 527 من القانون المدني تنص على أنه : لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة .
وجاء في قانون الأحوال الشخصية أنه : ” لا يجوز للوصي دون إذن من المحكمة إيجار عقار القاصر لمدة أكثر من ثلاث سنوات في الأراضي الزراعية وأكثر من سنة في المباني , أو إيجار عقار القاصر لمدة تمتد إلى سنة بعد بلوغه سن الرشد ” .
ويتبين من نص المادة 527 من القانون المدني أنه يكون للوصي أو للقيم بغير إذن المحكمة تأجير أموال القاصر , عقاراً أو منقولاً , لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات .
ويتبين من قانون الأحوال الشخصية أنه لا يكون للوصي أو للقيم بغير إذن المحكمة , تأجير عقار القاصر لمدة تتجاوز ثلاث سنوات في الأراضي الزراعية وتتجاوز سنة في المباني , ولا يكون لهما في الحالتين تأجير عقار القاصر لمدة أكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد , أو بعد فك الحجر عن المحجور عليه .
ويتبين من جمع أحكام المادة 527 من القانون المدني وأحكام الأحوال الشخصية أنه :
A ـ لا يكون للوصي أو للقيم , بغير إذن المحكمة , تأجير منقولات القاصر أو المحجور عليه لمدة تجاوز ثلاث سنوات .
B ـ ولا يكون لهما , بغير إذن المحكمة , تأجير الأراضي الزراعية العائدة للقاصر أو للمحجور عليه لمدة تجاوز ثلاث سنوات , أو لمدة تمتد أكثر من سنة بعد بلوغ سن الرشد أو رفع الحجر عن المحجور عليه .
C ـ ولا يكون لهما , بغير إذن المحكمة , تأجير مباني القاصر أو المحجور عليه لمدة تزيد على سنة .
وإذا أذن القاضي للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره أو للمحجور عليه في تسلم أمواله وإدارتها :
A ـ فلا يكون للوصي أو للقيم تأجير أمواله , ويكون له الإذن للقاصر أو للمحجور عليه في تأجير الأراضي الزراعية والمنقولات لمدة تزيد على سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات .
B ـ ولا يكون له أن يأذن للقاصر أو للمحجور عليه في تأجير المباني لمدة تزيد على سنة , ويعود الإذن للمحكمة صاحبة الحق فيه , لأنه لا يكون للوصي أو للقيم التأجير هنا لمدة تتجاوز سنة , فهو في ذلك كالصغير والمحجور عليه .
المطلب الثاني : المستأجر
المستأجر هو الملتزم بدفع الأجرة , ويستأجر المستأجر شيئاً لا يملكه أو
شيئاً يملكه .
أولاً : المستأجر هو الملتزم بدفع الأجرة :
يلتزم المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر في مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة , وبناءً على ذلك يمكن أن يكون مستأجراً كل من يستطيع أن يلتزم بدفع الأجرة للمؤجر .
ويستطيع الشخص أن يلتزم بدفع الأجرة , عندما تتوافر فيه الأهلية الواجبة لذلك , وسيأتي بيان هذه الأهلية عند البحث في أهلية المستأجر بوصفها شرطاً من شروط صحة التراضي في عقد الإيجار .
ثانياً : المستأجر يستأجر شيئاً يملكه أو شيئاً لا يملكه :
يستأجر الشخص عادة شيئاً لا يملكه , ولكن قد يحصل أن يستأجر الشخص شيئاً يملكه .
1- المستأجر يستأجر شيئاً لا يملكه :
لا يملك المستأجر عادة الشيء الذي يستأجره , لأن الشخص لا يحتاج أن يستأجر الشيء إذا ملكه , إذ يكون له أن ينتفع به بوصفه مالكاً له .
2- المستأجر قد يستأجر شيئاً يملكه :
قد يستأجر الشخص شيئاً يملكه , ويكون ذلك عندما يتجرد المالك عن حق الانتفاع بملكه لمدة معينة , فيكون له عندئذ أن يستأجره لينتفع به بوصفه مستأجراً لا بوصفه مالكاً .
وبناءً على ذلك :
o يستطيع مالك رقبة الشيء أن يستأجر هذا الشيء من مالك حق الانتفاع به ,
o ويسـتطيع المدين الراهن لشيء رهن حيازة أن يستأجر هذا الشيء من الدائن المرتهن ,
o ويستطيع المؤجر أن يستأجر العين المؤجرة من مستأجرها ,
o ويستطيع الشريك أن يستأجر من شريكه حصته المفرزة في العين الشائعة التي قسمت بينهما قسمة مهايأة .
المبحث الثاني
الشروط العامة في التراضي
يحتاج التراضي بوصفه ركناً من أركان عقد الإيجار , إلى شروط انعقاد , وشرط صحة .
المطلب الأول : شروط الانعقاد
تخضع شروط انعقاد التراضي في عقد الإيجار إلى القواعد العامة في انعقاد العقد بوجه عام , ولا يشترط أي شكل خاص لانعقاد هذا العقد , ولكن , إذا كان الإيجار لا يتطلب في انعقاده شكل خاص , فإنه يثبت وفقاً للقواعد العامة في إثبات التصرفات القانونية .
أولاً : تطبيق القواعد العامة :
لا بد , لانعقاد عقد الإيجار , من أن يصدر إيجاب من المؤجر أو المسـتأجر
وقبول من الآخر , وأن يتطابق الإيجاب والقبول , وأن يتم التطابق على عناصر الإيجار , وهي طبيعة العقد ( أي الإيجار ) والشيء المؤجر ومدة الإيجار والأجرة .
ويخضع كل ذلك للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد بوجه عام :
فيجوز التعبير عن الإيجاب باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً , ويجوز التعبير عنه أيضاً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود .
ويلتزم الموجب , إذا عين ميعاداً للقبول , بأن يبقى على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد .
وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة .
وإذا صدر الإيجاب في مجلس العقد دون أن يعين ميعاداً للقبول , يتحلل الموجب من إيجابه إذا لم يصدر القبول فوراً , ويكون الحكم نفسه إذا صدر الإيجاب من شخص إلى آخر بطريق الإنترنت أو التلفون أو بأي طريق مماثل .
ويتم العقد على الرغم من ذلك , ولو لم يصدر القبول فوراً , إذا لم يوجد ما يدل على عدول الموجب عن إيجابه في الفترة ما بين الإيجاب والقبول , وكان القبول قد صدر قبل أن ينقضي مجلس العقد .
ويعدّ التعاقد بين غائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يصدر فيها القبول , ما لم يوجد اتفاق أو عرف أو نص يقضي بغير ذلك .
وإذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحاً بالقبول , فإن العقد يعدّ قد تم إذا لم يرفض الإيجاب في وقت مناسب .
ويعدّ السكوت عن الرد قبولاً إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل .
وقد يكون الإيجار بالمزايدة العلنية , فلا يتم إلا بالإحالة القطعية , ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلاً .
ثانياً : شكل عقد الإيجار :
يعدّ عقد الإيجار من عقود التراضي , لا من العقود الشكلية , فلا يشترط لانعقاده شكل خاص كورقة رسمية أو ورقة عرفية .
ولا تعدّ خاصية الرضائية في عقد الإيجار خاصية مطلقة له , فقد يتفق المؤجر والمستأجر على شكل معين للإيجار , فقد يتفقان على أن يكتب بالإيجار ورقة رسمية أو ورقة عرفية , ويقصدان باتفاقهما مجرد مشروع إيجار على أن لا يتم الإيجار إلا عند كتابة الورقة الرسمية أو العرفية , فلا ينعقد الإيجار في هذه الحالة إلا باستيفاء الشكلية المطلوبة ولا يكفي مجرد الرضا لانعقاده .
ثالثاً : إثبات عقد الإيجار :
يخضع عقد الإيجار في إثباته للقواعد العامة في إثبات التصرفات القانونية , وتعدّ قيمة الإيجار بمقدار البدل السنوي , أي الأجرة السنوية .
وبناءً على ذلك , إذا زاد البدل السـنوي على خمسمائة ليرة سورية , أو كان غير محدد القيمة , فلا تجوز الشهادة في إثبات عقد الإيجار , ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك .
وإذا لم يزد بدل الإيجار السنوي عن خمسمائة ليرة سـورية أو زاد عنها وكان الإيجار تجارياً , فيجوز إثبات عقد الإيجار بالشهادة .
المطلب الثاني : شروط الصحة
يشترط لصحة التراضي في عقد الإيجار ما يشترط لصحة التراضي في أي عقد آخر من شروط , وهي توافر الأهلية الواجبة وسلامة الرضا من عيوب الإرادة .
الأهلية في عقد الإيجار
تختلف الأهلية الواجبة لصحة التراضي في عقد الإيجار من طرف إلى آخر في هذا العقد , ويجب أن تتوافر الأهلية المطلوبة لدى أي من طرفي عقد الإيجار , وقت انعقاد هذا العقد .
ـ تحديد أهلية أطراف عقد الإيجار :
تختلف أهلية التأجير لدى المؤجر في عقد الإيجار عن أهلية الاستئجار لدى المستأجر في هذا العقد .
أولاً – أهلية التأجير لدى المؤجر :
يعدّ التأجير , كما رأينا , من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف , ويترتب على ذلك أن الأهلية المطلوبة للتأجير لدى المؤجر هي أهلية الإدارة لا أهلية التصرف .
ويمرّ الإنسان من ولادته إلى وفاته بثلاثة أدوار طبيعية , وتختلف أهلية الإدارة لدى الإنسان في كل دور من هذه الأدوار الثلاثة , وتختلف بالتالي أهليته للتأجير في كل منها .
وقد يصل الإنسان إلى الدور الثالث من أدوار حياته , ولكنه يصاب بعارض من
عوارض الأهلية , فتتأثر أهلية الإدارة لديه , وتتأثر بالتالي أهليته للإيجار الصادر منه .
1ً – أهلية التأجير لدى الإنسان في أداوره الثلاثة :
يمر الإنسان من ولادته إلى وفاته بثلاثة أدوار طبيعية , هي دور عدم التمييز ودور التمييز ودور الرشد , وتختلف أهلية الإدارة لدى الصبي غير المميز عنها لدى الصبي المميز , وتختلف أهلية الإدارة لدى الصبي غير المميز والصبي المميز عنها لدى البالغ الراشد , وتختلف أهلية كل منهم للتأجير .
أ- أهلية التأجير لدى الصبي غير المميز :
يعدّ الصغير دون السابعة من عمره , عديم التمييز , ولا يكون عديم التمييز أهلاً لمباشرة حقوقه المدنية , فلا تثبت له لا أهلية التصرف ولا أهلية الإدارة .
ولا يكون بالتالي لعديم التمييز أن يؤجر ماله , ويعدّ التأجير الصادر عنه باطلاً بطلاناَ مطلقاً .
ب- أهلية التأجير لدى الصبي المميز :
يعدّ الصبي الذي يبلغ سن السابعة ولم يبلغ سن الرشد مميزاً , وتكون تصرفات الصبي المميز صحيحة , متى كانت نافعة نفعاً محضاً كما لو قبل هبة , وقد تكون باطلة متى كانت ضارة ضرراً محضاً كما لو وهب شيئاً من ماله , وتكون قابلة للإبطال لمصلحته متى كانت دائرة بين النفع والضرر .
ويعدّ التأجير من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر , ولا يكون للصبي المميز بالتالي أن يؤجر ماله , ويكون بالتالي التأجير الذي يصدر عنه , قابلاً للإبطال لمصلحته .
ولكن قد تتوافر في الصبي المميز أهلية إدارة محدودة , ويكون التأجير الصادر عن الصبي المميز الذي توافرت فيه أهلية إدارة محدودة , صحيحاً في حدود هذه الأهلية .
وتتوافر أهلية الإدارة المحدودة في الصبي المميز إذا بلغ الثالثة عشرة من عمره وكان يكسب من عمله , أو إذا بلغ الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله .
– أهلية التأجير لدى القاصر الذي بلغ الثالثة عشرة من عمره ويكسب من علمه :
يتبين من نصوص قانون الأحوال الشخصية أنه يكون للقاصر الذي بلغ الثالثة عشرة من عمره ويكسب من عمله أن يدير المال الذي يكسبه .
وبناءً على ذلك يكون للقاصر الذي بلغ الثالثة عشرة من عمره , ويكسب من عمله , أن يؤجر هذا الكسب , ويكون له تأجيره لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات .
– أهلية التأجير لدى القاصر الذي بلغ الخامسة عشرة ويؤذن له في تسلم أمواله :
يتبين من نصوص القانون المدني ونصوص قانون الأحوال الشخصية أن القانون يتيح للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة أن يتسلم أمواله .
ويكون للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله حق إدارة هذه الأموال دون حق التصرف فيها .
ويعد الإيجار من أعمال الإدارة , كما رأينا , ويكون بالتالي , للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره , وأذن له في تسلم أمواله , أن يؤجر هذه الأموال , ولكن لمدة لا تزيد على السنة , فإذا زادت مدة التأجير على سنة , يجب على القاصر المأذون أن يحصل على إذن خاص من المحكمة , ويعدّ القاصر المأذون كامل الأهلية فيما أذن له فيه وفي التقاضي فيه .
ج- أهلية التأجير لدى البالغ الراشد :
يستنتج من النصوص الواردة في القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية أن أهلية التصرف تثبت لكل من بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية , وغير مصاب بعارض من عوارض الأهلية .
وتثبت أهلية الإدارة من باب أولى لكل من تثبت له أهلية التصرف , ويكون لمن تثبت له أهلية الإدارة أن يؤجر ماله لأية مدة كانت , ولو تجاوزت ثلاث سنوات , وهي المدة التي لا يستطيع أن يؤجر لأكثر منها من يكون له حق إدارة مال الغير .
2ً – أهلية التأجير لدى الإنسان المصاب بعارض من عوارض الأهلية :
قد يصل الإنسان إلى الدور الثالث من أدوار حياته وهو دور الرشد , ولكنه يصاب بجنون أو عته أو غفلة أو سفه , وتتأثر أهلية الإدارة لدى المجنون والمعتوه والمغفل والسفيه , وتتأثر بالتالي أهلية كل منهم للتأجير .
أ- أهلية التأجير لدى المجنون والمعتوه :
يعدّ المجنون أو المعتوه كالصغير غير المميز , ويكون بالتالي عديم التمييز , ولا يكون عديم التمييز كما رأينا , أهلاً لمباشرة حقوقه المدنية , ولا تثبت لعديم التمييز لا أهلية التصرف ولا أهلية الإدارة , ولا يجوز له بالتالي أن يؤجر ماله , ويعدّ الإيجار الصادر عن عديم التمييز باطلاً بطلاناً مطلقاً .
ب- أهلية التأجير لدى ذي الغفلة والسفيه :
يتبين من نصوص القانون المدني أن التأجير الذي يصدر من ذي الغفلة والسفيه
المحجور عليهما , بعد شهر قرار الحجر , يكون قابلاً للإبطال لمصلحتهما .
وتسري على ذي الغفلة والسفيه المأذون لهما في أن يتسلما أموالهما وإدارتها أحكام القاصر الذي بلغ الخامسة عشرة ويؤذن له في تسلم أمواله , ويكون بالتالي , التأجير الصادر من ذي الغفلة والسـفيه والمأذون لهما في أن يتسلما أموالهما وإدارتها , صحيحاً , ولكن لمدة لا تزيد على سنة .
ويكون التأجير الذي يصدر من ذي الغفلة والسـفيه قبل شهر قرار الحجر صحيحاً في الأصل , لأن انتقاص الأهلية لا يثبت إلا بالحجر , ولا يسري قرار الحجر في حق المستأجر إلا بشهره , فيكون بالتالي صحيحاً التأجير قبل شهر قرار الحجر , كما سبق القول .
ولكن قد يتوقع ذا الغفلة أو السفيه الحجر عليه , فيسعى إلى تبديد أمواله بالتصرف فيها إلى من يتواطأ معه على ذلك , أو قد يستغل الغير الغفلة أو السفه فيحصل من ذي الغفلة أو السفيه على تصرفات يبتز بها أمواله , ويكون تصرف ذا الغفلة أو السفيه , في حالة التواطؤ وفي حالة الاستغلال , باطلاً إذا كان التصرف من أعمال التبرع , ويكون قابلاً للإبطال إذا كان من أعمال التصرف أو من أعمال الإدارة .
ويكون , بالتالي , التأجير الذي يصدر من ذي الغفلة أو السفيه قبل شهر قرار الحجر , ولكنه ناتج عن تواطؤ أو استغلال , قابلاً للإبطال لمصلحة ذي الغفلة أو السفيه .
ثانياً – أهلية الاستئجار لدى المستأجر :
قد يكون الاستئجار من أعمال الإدارة , وقد يكون من أعمال التصرف .
فيعدّ الاستئجار من أعمال الإدارة :
A ـ إذا قام به المستأجر ليدير شأناً من شؤونه , كما لو استأجر شخص شقة ليسكنها , فهو بهذا الاستئجار يدير شأناً من شؤونه وهو السكنى .
B ـ إذا قام به المستأجر بوصفه عملاً تابعاً اقتضته ضرورات الإدارة , كما لو استأجر محامٍ مكتباً ليباشر فيه مهنة المحاماة , فهو بهذا الاستئجار يقوم بعمل من أعمال الإدارة اقتضته الضرورة في إدارة شؤونه .
ويعدّ الاستئجار من أعمال التصرف , إذا قام به المستأجر بوصفه عملاً مستقلاً لا تابعاً لعمل آخر , وقصد به استغلال المال بقصد المضاربة , كما لو استأجر شخص مصنعاً ليستغل ماله , فهو بهذا الاستئجار لا يقوم بعمل من أعمال الإدارة , وإنما يقوم بعمل من أعمال الاستغلال ويتصرف في ماله بقصد المضاربة , شأنه في ذلك شأن من يشتري سلعة بقصد الاتجار بها .
ويتطلب الاستئجار إذا كان من أعمال الإدارة , أهلية الإدارة في المستأجر دون أهلية التصرف , ويتطلب الاستئجار إذا كان من أعمال التصرف , أهلية التصرف في المستأجر ولا تكفي أهلية الإدارة .
ويمر الإنسان من ولادته إلى وفاته بثلاثة أدوار طبيعية , وتختلف أهلية التصرف وأهلية الإدارة لدى الإنسان في كل دور من هذه الأدوار الثلاثة , وتختلف بالتالي أهليته للاستئجار في كل منها , وقد يصل الإنسان إلى الدور الثالث من أدوار حياته , ولكنه يصاب بعارض من عوارض الأهلية , فتتأثر أهلية التصرف وأهلية الإدارة لديه , وتتأثر بالتالي أهليته للاستئجار الصادر منه .
1 – أهلية الاستئجار لدى الإنسان في أدواره الثلاثة :
يمر الإنسان من ولادته إلى وفاته بثلاثة أدوار طبيعية هي دور عدم التمييز ودور
التمييز ودور الرشد , وتختلف أهلية التصرف وأهلية الإدارة لدى الصبي غير المميز عنها لدى الصبي المميز , وتختلف أهلية التصرف وأهلية الإدارة لدى كل من الصبي غير المميز والصبي المميز عنها لدى البالغ الراشد , وتختلف بالتالي أهلية كل منهم للاستئجار .
أ- أهلية الاستئجار لدى الصبي غير المميز :
يعدّ الصغير دون السابعة من عمره عديم التمييز , ولا يتمتع عديم التمييز لا بأهلية التصرف ولا بأهلية الإدارة .
ولا يكون لعديم التمييز بالتالي أن يتعاقد , ولا يكون له , بالتالي , أن يستأجر ولو كان الاستئجار من أعمال الإدارة .
ب- أهلية الاستئجار لدى الصبي المميز :
تعدّ تصرفات الصبي المميز صحيحة إذا كانت نافعة نفعاً محضاً , وتعدّ باطلة إذا كانت ضارة ضرراً محضاً , وتعدّ قابلة للإبطال لمصلحته إذا كانت دائرة بين النفع والضرر .
ويعدّ الاستئجار من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر , ويكون بالتالي , الاستئجار الصادر من الصبي المميز قابلاً للإبطال لمصلحته .
وتتوافر أهلية الإدارة لدى الصبي المميز إذا بلغ الثالثة عشرة من عمره وكان يكسب من عمله الخاص , أو إذا كان قد بلغ الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله , ويكون بالتالي , صحيحاً الاستئجار الصادر من الصبي المميز إذا بلغ الثالثة عشرة من عمره , ويكسب من عمله الخاص , أو إذا بلغ الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله .
– أهلية الاستئجار لدى القاصر الذي بلغ الثالثة عشرة ويكسب من عمله :
يتبين من نصوص قانون الأحوال الشخصية , أنه يكون للقاصر الذي بلغ الثالثة عشرة من عمره ويكسب من عمله , أن يدير ما يكسبه , ويكون له بالتالي , أن يستأجر بهذا الكسب ما يشاء من الأموال .
ويكون للقاصر الذي بلغ الثالثة عشرة ويكسب من علمه , أن يستأجر بهذا الكسب ما يشاء من الأموال , لأية مدة كانت , إذا كان الاستئجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف .
– أهلية الاستئجار لدى القاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله وإدارتها :
رأينا انه قد يؤذن للقاصر الذي بلغ الخامسـة عشرة من عمره بتسلم أمواله وإدارتها , ويكون للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره , ويؤذن له في تسلم أمواله وإدارتها , أن يجري فيها أعمال الإدارة , ويكون له , بالتالي , أن يستأجر بهذه الأموال في الحدود التي يكون فيها الاستئجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف .
ويكون للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره ويؤذن له في تسلم أمواله وإدارتها , أن يستأجر بهذه الأموال في الحدود التي يكون فيها الاستئجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف , لأية مدة كانت , ما دام الاسـتئجار من أعمال الإدارة .
وبناءً على ذلك يكون للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره ويؤذن له بتسلم أمواله وإدارتها , أن يستأجر بهذه الأموال شقة سكنية ليسكنها , لأن الاستئجار في هذه الحالة يكون من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف , وهو يتمتع بحق إجراء أعمال الإدارة .
ولكن لا يكون للقاصر الذي بلغ الخامسة عشرة من عمره , ويؤذن له بتسلم أمواله وإدارتها , أن يستأجر بهذه الأموال مصنعاً يستغل فيه ماله , لأن الاستئجار في هذه الحالة يكون من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة , وهو لا يتمتع بحق إجراء أعمال التصرف .
ج- أهلية الاستئجار لدى البالغ الراشد :
يكون لكل من بلغ سـن الرشد متمتعاً بقواه العقلية وغير مصاب بعارض من عوارض الأهلية , أن يستأجر , سواءً أكان الاستئجار من أعمال الإدارة أم كان من أعمال التصرف , لأن من بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية وغير مصاب بعارض من عوارض الأهلية , يتمتع بأهلية التصرف ويتمتع من باب أولى بأهلية الإدارة .
ويكون لكل من بلغ سـن الرشد متمتعاً بقواه العقلية وغير مصاب بعارض من عوارض الأهلية , أن يستأجر لأية مدة كانت .
2- أهلية الاستئجار لدى الإنسان المصاب بعارض من عوارض الأهلية :
قد يصل الإنسان إلى الدور الثالث من أدوار حياته وهو دور الرشد , ولكنه يصاب بجنون أو عته أو غفلة أو سفه , وتتأثر أهلية التصرف وأهلية الإدارة لدى المجنون والمعتوه والمغفل والسفيه , وتتأثر بالتالي أهلية كل منهم للاستئجار .
أ ) – أهلية الاستئجار لدى المجنون والمعتوه :
يعدّ المجنون والمعتوه , كالصغير غير المميز , ويكون بالتالي عديم التمييز , ولا يتمتع عديم التمييز لا بأهلية التصرف ولا بأهلية الإدارة .
ومن ثم فلا يحق لعديم التمييز أن يتعاقد , ولا يحق له , بالتالي , أن يستأجر , ولو كان الاستئجار من أعمال الإدارة .
ب) – أهلية الاستئجار لدى ذي الغفلة والسفيه :
يكون الاستئجار الصادر من ذي الغفلة والسفيه المحجور عليهما , بعد شهر قرار الحجر , قابلاً للإبطال لمصلحتهما .
ولكن يكون لذي الغفلة والسفيه المحجور عليهما بعد شهر قرار الحجر , إذا أذن لهما في تسلم أموالهما وإدارتها , أن يستأجرا في الحدود التي يستأجر فيها القاصر الذي بلغ الخامسة عشرة ويؤذن له في تسلم أمواله وإدارتها …
فيكون لهما إذاً أن يستأجرا ما دام الاستئجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف , ويكون لهما الاستئجار لأية مدة كانت .
ويكون الاسـتئجار الصادر من ذي الغفلة أو السفيه قبل شهر قرار الحجر صحيحاً في الأصل , ولكن يكون الاستئجار الصادر من ذي الغفلة أو السفيه قبل شهر قرار الحجر والناتج عن تواطؤ أو استغلال , قابلاً للإبطال لمصلحة ذي الغفلة أو السفيه على الوجه الذي بيناه فيما تقدم .
– وقت توافر أهلية أطراف عقد الإيجار :
يشترط , لصحة التراضي في عقد الإيجار أن تتوافر الأهلية المطلوبة لدى كل من المؤجر والمستأجر , وقت انعقاد العقد .
ويبقى عقد الإيجار صحيحاً إذا توافرت الأهلية المطلوبة لصحة التراضي في عقد الإيجار لدى كل من المؤجر والمستأجر وقت انعقاد العقد , ولو زالت هذه الأهلية عن
أحدهما أو عن كليهما قبل بدء مدة الإيجار , أو بعد بدئها وأثناءها , أو بعد امتدادها .
عيوب الرضا في عقد الإيجار
يشترط , لصحة التراضي في عقد الإيجار , أن يكون رضا المؤجر ورضا المستأجر خاليين من عيوب الإرادة , وهي الغلط والتدليس والإكراه والغبن الاستغلالي .
ويكون عقد الإيجار قابلاً للإبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب , إذا شاب رضا المؤجر أو رضا المستأجر عيب من هذه العيوب .
ويكون عقد الإيجار قابلاً للإبطال أو قابلاً للإنقاص في الغبن الاستغلالي وفقاً للقواعد المقررة في الغبن الاستغلالي .
ولا يعدّ كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة في عيوب الإرادة في العقد , لأن عقد الإيجار شأنه في عيوب الرضا شأن سائر العقود .
ولا يوجد جديد يقال في عقد الإيجار بصدد عيوب الإرادة , فيتبع بشأنها القواعد المقررة في النظرية العامة في العقد فيما يتعلق بعيوب الإرادة .
ويكون للغبن الاستغلالي في تطبيقه على عقد الإيجار , أحكام خاصة في هذا العقد , فلا تصح إجارة العين الموقوفة بالغبن الفاحش , إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف , فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين ( المادة 598 من القانون المدني ) , وسيأتي بيان ذلك عند البحث في الأجرة بوصفها محلاً لالتزامات المستأجر في عقد الإيجار .