بحث حول اثبات الطلاق و فقا لقانون الاسرة

حقوق
حقوق
الخطــــة:
الفصل الأول : كيفية إثبات الطلاق .

المبحث الأول : كيفية إثبات الطلاق في قانون الأسرة الجزائري .
المطلبالأول : ثبوت الطلاق بحكم .
المطلب الثاني : إشكالية الطلاق العرفي على ضوءالتطبيقات
القضائية .
المبحث الثاني : كيفية إثبات الطلاق في الشريعةالإسلامية .
المطلب الأول : الإشهاد على الطلاق في الشريعة الإسلامية .
المطلب الثاني : طرق إثبات الطلاق شرعا و قانونا .

الفصل الثاني : إجراءات إثبات الطلاق .

المبحث الأول : إجراءات استصدار الحكم المثبت للطلاق .
المطلب الأول : اتصال القاضي بالدعوى .
المطلب الثاني : تعامل القاضي معدعوى إثبات الطلاق .

المبحث الثاني : طرق الطعن في الحكم بالطلاق و تنفيذه .
المطلب الأول : طرق الطعن في حكم الطلاق .
المطلب الثاني : تنفيذ الحكمالمثبت للطلاق .


مقدمة:
لقد قدس الإسلام الزواج و سماه ميثاقا غليظا ووضع له من القواعد ما يضمن به بقاؤه واستمراره إلا أنه و مع ذلك فقد شرع الطلاقاستثناءا و اعتبره أبغض الحلال إلى الله عز وجل علاجا للحياة المتفككة، وقيده بجملةمن الأحكام والإجراءات ينبغي على الزوج إتباعها حتى يقع طلاقه و يعتبر سنيا وصحيحا، و الطلاق لغة مأخوذ من الإطلاق و هو الإرسال والترك، وفي الشرع هو حل رابطةالزواج و إنهاء العلاقة الزوجية، فالأصل أن عقد الزواج يعقد للدوام و التأبيد.
وقد اختلف الفقهاء في حكم الطلاق و الأصح هو رأي الذين ذهبوا إلى حظره إلا لحاجة وهمالأحناف و الحنابلة و استدلوا على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعنالله كل مذواق مطلاق» ، كما قال أيضا صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال إلى اللهعزوجل الطلاق»
و قبل طرح مختلف الإشكاليات التي سوف نحاول معالجتها في بحثنا هذاينبغي علينا الإشارة بنوع من الإيجاز إلى مسألة إثبات الطلاق قبل صدور قانون الأسرةالجزائري بدءا بفترة الاحتلال الفرنسي لبلادنا أين كانت تطبق على المسلمين أحكامالشريعة الإسلامية، وأنشأت لهذا الغرض المحاكم الشرعية وأهم قانون كان يطبق آنذاكهو الأمر294-59 الصادر في04/02/1959بالإضافة إلى النصوص التطبيقية له والجديربالذكر في هذا المجال أنه في هذه المرحلة وإلى غاية صدور الأمر 294- 59 كان الطلاقإجراءا بسيطا لا يتطلب أية شكلية إذ يتم بإعلان الزوج عنه لدى القاضي الشرعي ويتعينفيما بعد على الزوجة المطلقة رفع دعواها من أجل المطالبة بحقوقها المالية ، إلا أنهبعد 1959 أصبح انحلال العلاقة الزوجية يخضع بصفة إلزامية إلى القضاء و ينظمه بصفةخاصة المرسوم رقم 7082-59 المؤرخ في 17/09/1959 الذي تضمن اللائحة التنفيذيةلأمر294- 59.
أما بعد الاستقلال فقد صدر القانون رقم 218- 63 المؤرخ في 18/05/1963 و الذي ألغى ولاية محكمة النقض الفرنسية على القرارات الصادرة عن محاكمالاستئناف الجزائرية و أنشأ مكانه المجلس القضائي الأعلى ، بالإضافة إلى المرسوم 261- 63 المؤرخ في 22/07/1963 و الذي ألغى المحاكم الشرعية و نقل إلى المحاكمالمدنية العادية ، واستمر الحال على ما هو عليه إلى غاية صدور قانون الأسرةالجزائري حيث أصبح الطلاق لا يمكن أن يتم إلا بتصريح من القاضي بعد محاولة الصلح.
و قد عرفه المشرع الجزائري في المادة 48 منه بأنه حل عقد الزواج و يتم بإرادةالزوج أو بتراضي الزوجين أو بطلب من الزوجة في حدود ما ورد في المادتين 53و54 منهذا القانون.
إلا أن ما يعنينا في بحثنا هذا هو الطلاق بالإرادة المنفردة للزوجذلك أنه وان كان المشرع الجزائري قد أطلق لفظ الطلاق على كل من الطلاق بالإرادةالمنفردة للزوج أو بالخلع أو بطلب الزوجة إلا أن مسألة إثبات الطلاق في حد ذاتها لاتتعلق إلا بالطلاق بالإرادة المنفردة، لأن دور القاضي هنا يكون سلبيا إذ يتحقق فقطمن إرادة الزوج في إيقاع الطلاق ليحكم بإثبات هذه الإرادة دون أن يكون له الحق فيمناقشتها .
و عليه ومتى وقع الطلاق بهذه الصفة وجب على الزوجة أن تعتد و بانتهاءعدتها تبين من زوجها إما بينونة صغرى أو بينونة كبرى، ولكن ورغم صحة وقوع الطلاق منالناحية الشرعية إلا أنه قد يتدخل المشرع و يقيد إرادة الزوج في إيقاع الطلاقباللجوء إلى القضاء و التصريح به أمامه، ومن ثمة فلا يمكن تصور وقوع الطلاق خارجإطار القضاء، ولكن ومع ذلك فإن الواقع العملي أثبت وجود هذه الحالات وهنا يطرحالتساؤل: كيف يتصرف القاضي أمام هذا الموقف مع وجود نص قانوني صريح ؟
هل يحكمبإثبات الطلاق العرفي بأثر رجعي أم من تاريخ صدور الحكم ؟
و فيما إذا كانتالإجابة بنعم كيف يتعامل مع آثار الطلاق مع العلم أن العدة تكون قد انقضت ؟
هذامن جهة و من جهة أخرى تطرح إشكالية الطعن في الحكم القاضي بالطلاق خاصة مع غموض نصالمادة 57 من قانون الأسرة و عدم النص على مسألة الطلاقالعرفي.

الفصل الأول: كيفية إثبات الطلاق .
في حقيقة الأمر أن مسألة إثبات الطلاق و إن كانتللوهلة الأولى تبدوا بسيطة إلا أنها تنطوي على غموض كبير خاصة في تفسير نص المادة 49 من قانون الأسرة إذ يثار الإشكال حول الحكم الصادر بالطلاق فيما إذا كان منشئاأو مقررا، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه نظرا لخصوصية الحكم بإثبات الطلاق فإنه لامجال لإعمال سلطة القاضي فيه ذلك أنه يتعين عليه أن يحكم بالطلاق متى رفع إليهبناءا على إرادة الزوج المنفردة دون أن يكون له الحق في مناقشته، و عليه فإن السؤالالذي يطرح نفسه هو هل يدخل الحكم بالطلاق في الوظيفة الولائية للقاضي أم في الوظيفةالقضائية له ؟
وعلى صعيد آخر نجد أن التطبيقات القضائية تذهب إلى إثبات الطلاقالواقع خارج ساحة القضاء وبأثر رجعي مع العلم أن هذا الاتجاه كان معمولا به قبلصدور قانون الأسرة الجزائري تطبيقا لقواعد الشريعة الإسلامية، وعليه هل يمكن القولبأن مسلك القضاء سليم في هذا المجال أم أن ذلك بدعة قضائية ينبغي النزوح عنها؟
خاصة و أن المادة 222 من قانون الأسرة تحيل على أحكام الشريعة الإسلاميةبالنسبة لكل ما لم يرد النص عليه في قانون الأسرة.
إجابة على مختلف هذهالتساؤلات و غيرها فإننا سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في المبحث الأولكيفية إثبات الطلاق في قانون الأسرة الجزائري و الذي نتطرق فيه إلى المبدأ الواردبه و هو عدم ثبوت الطلاق إلا بحكم قضائي في مطلب أول و خروج القضاء عن هذا المبدأبإثباتهم الطلاق العرفي بأثر رجعي في مطلب ثاني ، في حين نخصص المبحث الثاني إلىكيفية إثبات الطلاق في الشريعة الإسلامية على أساس أن المادة 222 من ق. أ أحالتعليها في حالة الغموض ، و على أساس أن المرجع القضائي في إثبات الطلاق العرفي بأثررجعي هو الشريعة الإسلامية و سوف نتطرق فيه إلى الإشهاد على الطلاق في الشريعةالإسلامية في المطلب الأول أما المطلب الثاني فنخصصه لطرق الإثبات المقررة شرعاوقانونا.

المبحث الأول: كيفية إثبات الطلاق في قانون الأسرة الجزائري.

نص المشرعالجزائري في المادة 49 من ق.أ على ما يلي : لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولةالصلح من طرف القاضي دون أن تتجاوز هذه المدة ثلاثة أشهر .
يتضح لنا من خلال هذهالمادة أن إرادة المشرع تتجه إلى إخضاع مسألة إثبات الطلاق إلى القضاء إلا أنالإشكالية التي تثار في هذه الحالة هي مسألة إثبات الطلاق الواقع خارج ساحة القضاءبحكم قضائي وبأثر رجعي و هذا الاتجاه كان معمولا به قبل صدور قانون الأسرة الجزائريإلا أن القضاء استمر يحكم به حتى بعد صدور قانون الأسرة وعليه فإن السؤال المطروحهو كيف يتم إثبات الطلاق في قانون الأسرة و ما مدى صحة اتجاه القضاء في هذا المجال؟ وهذا ما سوف نتناول الإجابة عنه فيما يلي:

المطلب الأول : ثبوت الطلاق بحكم قضائي .

كما سبقوأن ذكرنا فإن المادة 49 من قانون الأسرة استعملت عبارة لا يثبت و ليس لا ينعقد أولا ينشأ أو لا يقع الطلاق إلا بحكم .
وعليه يطرح التساؤل حول ما يرمي إليهالمشرع الجزائري من خلال هذه العبارة : هل يقصد أن الطلاق يمكن أن يقع خارج ساحةالقضاء إلا أن إثباته يكون باللجوء إلى القضاء أم أنه لا يمكن تصور الطلاق خارجساحة القضاء ؟
وهذا ما سوف نجيب عنه من خلال الفروع التالية :

الفرع 01/ ضرورة صدور حكم لإثبات الطلاق .

للوهلة الأولى يفهم من سياق المادة 49 من ق . أ : أنهفقط مسألة الإثبات هي التي تبقى خاضعة للقضاء إلا أن وقوع الطلاق في حد ذاته يمكنأن يكون خارج ساحة القضاء .
ولكن : وبالرجوع إلى مواد قانون الأسرة نجدها تعتبرأن الطلاق لا يكون إلا بموجب حكم قضائي و أن العدة تبدأ من تاريخ التصريح بالطلاقمن القاضي و أن هذا الطلاق هو طلاق بائن رغم أنه يعد انطلاقة لبداية احتساب العدة وبالتالي فإن المراجعة تكــــون قبل صدورالحكم بالطلاق أي أثناء محاولة الصلح فماطبيعة الرجعة في هذه الحالةو هل يمكن اعتبارها طلقة تدخل ضمن الطلقات الثلاثة التييملكها الزوج على زوجته أم لا ؟
و بعبارة أخرى هل يفهم من ذلك بأن المشرع اعترفضمنيا بالطلاق الواقع خارج ساحة القضاء أم أن المراجعة لا تنصرف إلى الطلاق الرجعي؟
و إذا قلنا بأن الأمر كذلك فهل يعني ذلك أن المشرع الجزائري لا يعترف بوجودالطلاق الرجعي لأنه بصدور الحكم تبين الزوجة من زوجها ؟
إجابة على هذه الأسئلةنقول في البداية بأن المشرع قد حدد فترة زمنية تجرى خلالها محاولة الصلح وهي ثلاثةأشهر ممنوحة للزوجين من أجل مراجعة نفسيهما ،و بالتالي لا يجوز للقاضي أن يحكم قبلمضي هذه المدة إلا أنه في حالة امتداد المصالحة إلى أكثر من ثلاثة أشهر فإن المشرعلم يرتب أي جزاء على ذلك.
وفي رأيي أن عدة الزوجة عادة ثلاثة أشهر وعليه فقدرأى المشرع أن المصالحة خلال العدة لا تحتاج إلى عقد جديد ومن هنا جاءت مدة الثلاثةأشهر وبما أن الأمر كذلك فإننا نفهم أن المشرع قد اعترف بوقوع الطلاق خارج ساحةالقضاء ضمنيا و يبقى الإشكال في كون أن المشرع لم يرتب جزاءا عن المصالحة التي تقعبعد مضي مدة الثلاثة أشهر .
وفي هذا المجال يرى الأستاذ زودة عمر أن الرجعة التيتقع بعد الإعلان عن الطلاق من قبل القاضي لا تدخل في مفهوم الرجعة التي يملكهاالزوج في الطلاق الرجعي ،لأن الطلاق لم يقع بعد ، و تبعا لذلك يستطيع الزوج أن يعيدالزوجة إلى بيت الزوجية في أي وقت ما دامت العلاقة الزوجية ما تزالقائمة.
وخلاصة القول أن المشرع الجزائري لم يميز بين الطلاق الرجعي و الطلاقالبائن هذا إذا أخذنا بحرفية النص و بفكرة عدم وقوع الطلاق خارج ساحة القضـاء، أماإذا أخذنا بالمفهوم المقابل له و هو وقوع الطلاق خارج ساحة القضاء و ثبوته بحكمقضائي فإننا نكون كما سبق البيان أمام نوعين من الطلاق طلاق رجعي و آخر بائن.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد فرق بين الطلاق البائن بينونة كبرى و الطلاقالبائن بينونة صغرى ، و ذلك بنصه في المادة 51 من ق. أ على أنه لا يمكن أن يراجعالرجل من طلقها ثلاث مرات متتالية إلا بعد أن تتزوج غيره وتطلق منه أو يموت عنهابعد البناء .
و قد ذهبت المحكمة العليا إلى التفرقة بين الطلاق الرجعي و الطلاقالبائن حيث جاء في قرارها أنه من المتفق عليه فقها و قضاءا في أحكام الشريعةالإسلامية أن الطلاق الذي يقــع من الزوج هو الطلاق الرجعي وأن حكم القاضي به لايغير من رجعيته لأنه إنما نزل على طلب الطلاق. أما الطلاق البائن فهو الذي يقع ماقبل الدخول أو وقع بناءا على عوض تدفعه الزوجة لزوجها للتخلص من الرابطة الزوجيةمعه، و كذلك الطلاق الذي يوقعه القاضي بناءا على طلب الزوجة لدفع الضرر عنها و حسمالنزاع بينها و بين زوجها.
و إن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكامالشريعة الإسلامية و لذلك يستوجب نقض القرار الذي اعتبر الطلاق بإرادة الزوج طلاقابائنا.
وعلى صعيد آخر نجد أن عبارات قانون الأسرة جاءت غامضة، إذ نجد في المادة 58 منه عبارة تاريخ التصريح بالطلاق فما لمقصود منها ؟ هل نعني بها تلفظ الزوجبالطلاق أم نعني بها تصريح القاضي به ؟
يذهب الأستاذ زودة عمر إلى أن الطلاق لايقع إلا بموجب حكم فهو ليس شرطا للإثبات و إنما هو شرط للانعقاد، ذلك أن المشرععندما نص على أنه لا يمكن إثبات الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح فهو ينفي وقوع أيطلاق مالم تسبقه محاولة الصلح التي يقوم بها القاضي و من ثمة يكون المشرع قد انحازإلى الاتجاه الشكلي، فلا يعتد بالطلاق الواقع خارج مجلس القضاء بل يجب على الزوج أنيعلن عن إرادته في استعمال حقه في الطلاق أمام القاضي بعد أن يستوفي إجراء الصلح،وينتهي استعمـال الزوج لحقه الإرادي بصدور إشهاد من القاضي يثبت فيه استيفاء إجراءالصلح و تعبير الزوج عن إرادته في ذلك، و من ثمة يعدّ المحرر القضائي شرطا لصحةوقوع الطلاق و ليس وسيلة لإثباته.
ونجد أن المشرع الجزائري لم يستحدث أمراجديدا و إنما أخذ برأي الفقهاء الذين يقولون بضرورة الإشهاد على الطلاق.
وعلىغرار التشريع الجزائري فقد ذهب التشريع التونسي إلى عدم وقوع الطلاق خارج ساحةالقضاء. وذلك على خلاف التشريع المصري و الذي يعترف بوقوع الطلاق خارج ساحة القضاء،حيث يثبت بجميع طرق الإثبات الشرعية من إقرار و بينة ويمين.

وقد ذهبالاجتهاد المصري إلى أن إقرار الزوج بطلاق زوجته مسندا إلى تاريخ سابق لا يعد إنشاءلطلاق جديد، و حجتهم في ذلك هو حتى لا يحل له التزوج بأختها أو بأربع سواها زجرا لهحيث كتم طلاقها و هو المختار.
كما ورد في اجتهاد آخر أن يعامل المطلق في حقنفسه وحق الشرع بإقراره بالطلاق ، و بانقضاء العدة في زمن يحتمل فيه ذلك فليس له حقمراجعة مطلقته.
وتجدر الإشارة إلى أنه و إن كان المشرع الجزائري لم ينص علىإثبات الطلاق الواقع خارج ساحة القضاء بأثر رجعي إلا أن التطبيقات القضائية فيمختلف المحاكم تعمل على إثبات الطلاق العرفي وترتب عليه آثاره بأثر رجعي، وقد عمتهذه الظاهرة في معظم محاكم البلاد و على رأسها محكمتي الجلفة و البويرة وقبل التطرقإلى مسألة الطلاق العرفي و الإشكاليات الناجمة عنه ينبغي علينا معرفة أولا طبيعةالحكم بالطلاق فهل هو حكما منشئا أم مقررا ؟ وهل هو عملا قضائيا أم عملا ولائيا ؟

الفرع الثاني:طبيعة الحكم بإثباتالطلاق.
إن البحث في طبيعة الحكم المثبت للطلاق يقودنا إلىالبحث أولا في أنواع الأحكام القضائية و التي تنقسم إلى أحكام تقريرية، أحكام منشئةو أحكام إلزام،وكل حكم تقابله دعوى خاصة به ، ثم البحث في طبيعة الحكم في حد ذاتهفيما إذا كان حكما قضائيا بأتم معنى الكلمة أم لا يعدوا أن يكون مجرد عملا ولائيا .
ونعلم أنه وكما سبق بيانه فإن حق الطلاق المقرر للزوج هو حق إرادي و الحقالإرادي يعرف بأنه سلطة إحداث الأثر القانوني بمحض إرادة صاحبه ما دام ذلك يوافقالقانون وبمجرد استعماله يترتب عليه الأثر القانونـي و هنا يجب تمييزه عن الحـــــقالإرادي الذي لا يولد مع ميلاد الحق أو المركز القانوني إذ لا ينشأ هذا الأخير إلابناءا على ما يرتكبه الطرف الآخر في الرابطة من إخلال بالتزاماته و مثالها حقالزوجة في التطليق .
ولذلك فإن طرق استعمال هذا الحق تختلف عن طرق استعمال الحقالإرادي الذي ولد مع ميلاد الحق أو المركز القانوني .
إلا أنه ورغم كون حقالزوج في الطلاق هو حق إرادي فقد قيده المشرع باللجوء إلى القضاء ، وتبعا لذلكأصبحت إرادة الزوج عاجزة لوحدها على ترتيب الأثـر القانوني إلا باستيفاء الشكلالمقرر قانونا، و ذلك باستصدار حكم قضائي يثبت إرادة الزوج في الطلاق .
وقد جعلالمشرع لهذا الحكم طبيعة الإنشاء لأنه ينهي العلاقة الزوجية بين الطرفين و يخلقبذلك وضعا جديدا و ذلك من تاريخ صريح القاضي به ،إلا أن السؤال الذي يبـقـــىمطروحا هو ماهي طبيعة هذا الحكم ؟ هل يدخل في الوظيفة الولائية للقاضي أم أنه عملاقضائيا ؟
الإجابة على هذا السؤال تقتضي منا التمييز بين الأعمال القضائية والأعمال الولائية للقاضي ، فالأصل في أعمال القضاء أنها ذات طبيعة قضائية بحتةواستثناءا تكون ذات طبيعة ولائية ،و يذهب الأستاذ زودة عمر إلى أن الفرق بينهمايكمن في وجود النزاع من عدمه و عليه و طالما أن الحكم بإثبات الطلاق لا ينطوي علىأي نزاع فإنه من المفروض أن يكون عملا ولائيا، إلا أن المشرع ارتأى إصداره في شكلحكم قضائي تماما كالأعمال القضائية .
وخلاصة القول أن المشرع الجزائري و إن كانقد منح للزوج حق الطلاق بإرادته المنفردة دون الحاجة إلى إبداء الأسباب و دون أنيكون للقاضي فيها دورا إيجابيا -و هـذا ما يفيد أنه يدخل في الوظيفة الولائيةللقاضي- فإنه قيده باستيفاء الشكل المقرر قانونا وجعل له طبيعة الإنشاء و هذا ماانتهى إليه الأستاذ زودة عمر، ذلك أنه من المفروض أن القاضي يقرر وجود هذا الطلاقمن عدمه فقط في حين أن القانون يذهب إلى وقوع الطلاق من تاريـخ إعلان القاضي عنه وليس من تاريخ تصريح الزوج به ، و بالتالي فإن آثاره تترتب من تاريخ الحكم و هذا مايدعونا إلى التساؤل حول مضمون الحكم المثبت للطلاق، فما هو مضمونه ؟
الفرع الثالث:مضمون الحكم بإثباتالطلاق.
يتضمن الحكم بالطلاق عادة شقين اثنين:
فأما الشقالأول فهو يتعلق بالطلاق و يصدر ابتدائيا نهائيا في حين نجد أن الشق الثاني يتعلقبالآثار المترتبة على الطلاق و يصدر ابتدائيا و عادة تكون صيغةالمنطوق كما يلي :
حكمت المحكمة حال فصلها في قضايا الأحوال الشخصية حكما علنيا حضوريا :
فيالشكل : بصحة الإجراءات و بالتالي قبول الدعوى شكلا .
في الموضوع :
القضاءنهائيا بالطلاق بين كل من …… و …… مع أمر ضابط الحالة المدنية بتسجيله بسجلاتالحالة المدنية لبلدية …… و التأشير به على هامش عقد زواج الطرفين و شهادتيميلادهما .
و القضاء ابتدائيا: بتحميل الزوج مسؤولية الطلاق و إلزامه بأن يدفعللزوجة مبلغ …… تعويضا عن الطلاق التعسفي، ومبلغ …… كنفقة عدة و إسناد حضانةالأبناء …… لأمهم على نفقة أبيهم بواقع …… شهريا لكل واحد منهم تسري من تاريخ النطقبالحكم تستمر إلى غاية سقوطها شرعا أو قانونا، مــع منـح الأب حق الزيارة يوميالخميس والجمعة و في المناسبات و الأعياد الدينية و أيام العطل، و إلزام الزوج بأنيخصص للحاضنة سكنا لممارسة الحضانة فيه أو بدل إيجار بواقع …… شهريا.
و تجدرالإشارة إلى أن أساس التعويض عن الطلاق التعسفي هو الضرر المادي و المعنوي اللاحقبالزوجة المطلقة، و من ثمة يتعين التمييز بينه و بين حق المتعة و الذي يعد حقامعترفا به لكل مطلقة بغض النظر عما إذا كان قد لحق بها ضرر أم لا .
الملاحظ فيالواقع العملي أن قضاة الأحوال الشخصية لا يبادرون إلى سؤال الزوجين
فيما إذاسبق و أن وقع طلاق بينهما كما أنني لم أجد حكما واحدا يتضمـــن عدد الطلـقات معالعلم أن القانون الجزائري يفرق بين الطلاق البائن بينونة صغرى و الطلاق البائنبينونة كبرى .
وعليه و إذا قلنا أن الطلاق يثبت بحكم قضائي منشئ فما مدى صحةالتطبيقات القضائية بشأن إثبات الطلاق العرفي بأثر رجعي ؟ وهذا ما سوف نتناوله فيالمطلب الموالي .

المطلب الثاني: إشكاليةالطلاق العرفي على ضوء التطبيقات
القضائية لقانون الأسرةالجزائري:

رغم عدم وجود نص قانوني يسمح بإثبات الطلاقبأثر رجعيإلا أن التطبيقات القضائية تذهب في جميع الأحوال إلى إثباته بأثر رجعي،ونجد أن كلا من محكمـــة البويرة و كذا محكمة الجلفة تعملان على إثباته بأثر رجعيبعد التحقيق في واقعة الطلاق في حد ذاتها ، بسماع الأطراف و كذا الشهود، و قد صدرتعدة أحكام عن محكمة الجلفة مؤيدة بقرار من المجلس تصب في هذا الغرض و أهمها القراررقم 19/99 الصادر بتاريخ 30/01/1999 والذي صدر إثر استئناف حكم قضى بالإشهاد علىواقعة الطلاق العرفي الواقع بين الطرفين خلال شهر أوت 1996 و إلزام المدعى عليه بأنيدفع للمدعية مبلغ 40.000 دج عن الطلاق التعسفي و مبلغ 10000 دج نفقة عدة و مبلغ 1000 دج نفقة إهمال للابن تسري من تاريخ 01/06/1998 إلى غاية النطق بالحكم و إسنادحضانة الابن لأمه.
وقد كان قرار المجلس بتأييد الحكم مبدئيا مع تعديله بحذف مبلغالتعويض عن الطلاق التعسفي.
وتجدر الملاحظة أن حذف التعويض لم يكن لعدم جوازه بللكون أن الزوجة قد اعترفت بوجود اتفاق بينها و بين الزوجعلى الطلاق ، وبالتالي فقدأسسوا قرارهم على أساس المادة 442 و ما بعدها من القانون المدني واعتبروا أن الصلحينهي النزاع.
وفي حقيقة الأمر أن الفراغ القانوني الموجود في قانون الأسرة بخصوصالنصوص التي تحكم الطلاق أدى بنا إلى مشاكل عويصة خاصة و أن المشرع سمح بإثباتالزواج العرفي و سكت عن إثبات الطلاق العرفي، فما هي أهم هذه الإشكاليات؟

الفرع الأول:حالة عدم تسجيل عقدالزواج.

تنص المادة 22 من قانون الأسرة على أنه: يثبتالزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم إذا توافرتأركانه وفقا لهذا القانون.
وقد حددت المادة 9 من قانون الأسرة أركان عقد الزواجبنصها على أنه يتم عقد الزواج برضا الزوجين و بولي الزوجة و شاهدين و صداق.
يتضحلنا من خلال هاتين المادتين أن المشرع الجزائري يعترف بوجود عقد الزواج العرفي ويرتب عليه آثاره كاملة من إثبات النسب ووجوب النفقة … إلا أنه قد يحدث أن يقدمالزوج على طلاق زوجته عرفيا أمام جماعة من المسلمين و ينصرف كل منهما إلى حال سبيلهفما مصير هذا الزواج و ما مصير الأولاد إن وجدوا ؟
بادئ ذي بدء يجب القول أنهلا يمكن رفع دعوى إثبات الطلاق العرفي ما لم يكن الزواج العرفي قد تم تسجيله، هذامن جهة ومن جهة أخرى فإن دعوى الطلاق العرفي تختلف عن دعوى تسجيل الزواج ومن ثمةوجب رفع أولا دعوى تسجيل الزواج وإلحاق النسب ثم رفع دعوى إثبات الطلاق بصفةمستقلة، هذا طبعا إذا سايرنا الواقع وسلمنا بقبول دعوى إثبات الطلاق العرفي و التيفرضت نفسها بشدة في الواقع العملي.
إلا أن المعمول به على مستوى مجلس قضاءالجلفة هو أن يتم رفع دعوى إثبات الزواج والطلاق العرفي في نفس الوقت ، وجرتالتطبيقات القضائية على قبول مثل هذه الدعاوى و الحكم فيها بحكم واحد ، وقد صدر عنمجلس قضاء الجلفة القرار رقم 178/2002 بتاريخ 26/10/2002 بين ر. عبد القادر و ج . زوينة و الذي قضى بتأييد الحكم القاضي علنيا حضوريا نهائيا بالنسبة للطلاقوابتدائيا بالنسبة لما ســواه بالإشهاد على صحة الزواج العرفي بين كل من ر . عبدالقادر والمسماة ج . زوينة الحاصل سنة 1994 وكذا الإشهاد على صحة الطلاق العرفيالواقع بين الطرفين سنة 1996 و الحكمة من عدم جواز رفع الدعويين بموجب عريضة واحدةتكمن في اختلاف دعوى الطلاق عن دعوى إثبات الزواج هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن حكمالطلاق يكون نهائيا في حين أن الحكم بإثبات الزواج يكون ابتدائيا ومن ثمة يمكـــناستئناف الحكم بإثبات الزواج وقد يتم إلغاؤه من المجلس و هنا نكون أمام حالة وجودطلاق دون وجود زواج ؟

الفرع الثاني: حالةإعادة أحد الزوجين الزواج

أ -حالة إعادة الزوج الزواج: و هذه الحالة لا تطرح إشكالا إلا في حالة تزوج الزوج بإحدى المحرمات حرمة مؤقتةكأخت الزوجة مثلا أو الزواج بأكثر من أربعة، فهنا من الناحية الشرعية فإن طلاقهواقع طالما تم وفقا للشروط الواردة في السنة النبويـــة الشريفــة إلا أنه منالناحية القانونية يطرح إشكالا كبيرا، فإذا ذهبنا إلى عدم إمكان إثبات الطلاقالعرفـي بأثر رجعي فإن الزواج الذي تم فيما بعد يكون زواجا فاسدا، يترتب عليه الفسخقبل الدخـول ووجوب الإستبراء، و من ثمة كان يستحسن إثبات الطلاق العرفي بأثر رجعيحتى يبقــى الزواج الثاني صحيحا، وتتعقد المسألة أكثر بوجود أولاد منه.
ب- حالة إعادة الزوجة الزواج : و هذه الحالة تطرح إشكاليات كبيرة على الصعيدينالقضائي و الشرعي ، وهنا ينبغي علينا أن نفرق بين حالتين :

-حالة المطلقةعرفيا من زواج عرفي : يعتبر الزواج العرفي الأرضية الخصبة للطلاق العرفي ذلك أنالمفروض أن الطلاق العرفي لايمكن أن يكون في زواج رسمي إذ لا يقع الطلاق إلا بحكم وهو ما نصت عليه المادة 49 من قانون الأسرة ، أما الزواج العرفي فيصح فيه الطلاقالعرفي شرعا لا قانونا لأن الزواج عرفيا ، و المفروض أن هذه المسألة لا تطرح أيإشكال طالما أنه ليس من مصلحة الطرفين تسجيل عقد الزواج ثم المطالبة بإثبات وقوعالطلاق ، إلا أن الإشكال يكمن في حالة وجود الأولاد ، إذ ينبغي إلحاق نسبهم للزوجالأول مما يتعين معه رفع دعوى تسجيل عقد الزواج الأول وإلحاق نسب الأولاد معالإشارة إلى أن الزوجة على ذمة زوج آخر، ثم رفع دعوى إثبات الطلاق العرفي ، وهناحتى وإن كان القانون لا يعترف بالطلاق العرفي فإن المصلحة الاجتماعية تقتضيالاعتراف به .
-حالة المطلقة عرفيا من زواج مسجل : و نكون بصدد هذهالحالة عندما تعيد المطلقة الزواج عرفيا .
و تجدر الملاحظة أنه يمكن في هذهالحالة حسب القانون الجزائري متابعة الزوجة بجريمة الزنا، وذلك لكون أن المشرع لايعترف بوقوع الطلاق خارج ساحـة القضاء ومن ثمة فإن علاقة الزواج لم تنقطع بعد، وبالتالي يحق للزوج تقديم شكوى إلى السيد وكيل الجمهورية، وفعلا حدث ذلك بمحكمةالجلفة قسم الجنح حيث أدينت المطلقة عرفيا التي أعادت الزواج عرفيا بجريمة الزنا.
وهنا يبرز التناقض الكبير بين أحكام الجهة القضائية الواحدة إذ من جهة نجد أنالزوجة دفعت بوقوع طلاق عرفي و بشرعية زواجها الثاني ، و هو الأمر الذي لم يعترف بهقاضي الجنح، ومن جهة أخرى فإن محكمة الأحوال الشخصية تسير في اتجاه إثبات الطلاقالعرفي بأثر رجعي ، ومن ثمة كان ينبغي على القاضي أن يعتبر ذلك مسألة عارضة و يوقفالفصل في دعوى إثبات الطلاق لأنه بثبوت وقوع الطلاق نخرج من دائرة التجريم ، هذاطبعا من الناحية الواقعية العملية ، إلا أنه من الناحية القانونية البحتة فإن حكمالقاضي الجزائي جاء صائبا و في محله لعدم اعتراف المشرع الجزائري بوقوع الطلاق خارجساحـة القضـــاء
و هذا ما أكدته المحكمة العليا في عدة قرارات لها في هذا الصدد، حيث ورد في أحد قراراتها أنه يعتبر زنا حالة الزوجة التي تزوجت مع شخص آخر دون أنتنتظر الفصل في القضية المنشورة بينها وبين زوجها ، بل ذهبت المحكمة العليا أبعد منذلك إذ اعتبرت أنه يعتبر زنا حالة الزوجة التي أبرمت عقد زواج قبل أن يصبح حكمالطلاق نهائيا ، وقد ورد في قرار آخر أنه إذا دفعت المتهمة بالزنا بأن الرابطةالزوجية بينها وبين الشاكي قد انحلت و استشهدت بحكم يقضي بالطلاق بينهما فادعىالزوج الشاكي أن هذا الحكم محل استئناف تعين على المجلس قبل الفصل في الدعوى والقضاء بإدانة المتهمة بالزنا ، أن يتأكد من أن الحكم المذكور لم يصر نهائيا بعد وإلا كان قراره مخالفا للقانون و يستوجب نقضه.

الفرع الثالث :احتساب العدة.

تثار إشكالية احتسابالعدة عند إثبات الطلاق العرفي ذلك أن القواعد العامة تقتضي أن تعتد المطلقة منتاريخ وقوع الطلاق، ولكن وبالعودة إلى قانون الأسرة الجزائري نجده ينص على تاريخالتصريح بالطلاق ، إلا أن هذا النص المقصود به هـو الطلاق بالإرادة المنفردة أمامالقضاء و ليس مسألة الطلاق العرفي، ومن ثمة لا يمكن اعتبار أن العدة تبدأ من تاريخالحكم بالطلاق في هذه الحالة الأخيرة و إنما ينبغي على القاضي أن يحكم بها من تاريخواقعة الطلاق المثبتة.
و نجد أن الإشكال يثور بصفة خاصة في نفقة العدة، وقد درجالقضاء الجزائري على منح الزوجة نفقة العدة إذا ما طالبت بها و أمكن إثباتها وهذاما يتفق مع القواعد العامة للقانون وطالما كان الأمر كذلك فمن حق الزوجة المطالبةبها في أي وقت شاءت متى تمكنت من إثبات عدم أدائها.
وخلاصة القول أن المشرعالجزائري و من استقراء نصوص قانون الأسرة يتبين لنا وأنه لا يعترف بالطلاق الواقعخارج ساحة القضاء، إلا أته لم ينص صراحة على ذلك ولم ينظم هذه المسألة و هذا ما جعلالقضاء يذهب إلى إثبات الطلاق العرفي و الذي فرضته ضرورة الحياة بأثر رجعي استناداإلى الشريعة الإسلامية و التي ورد النص بالإحالة عليـهـا في كل ما لم ينص عليهقانون الأسرة وهذا ما يفرض علينا التطرق إلى كيفية إثبات الطلاق في الشريعةالإسلامية، فكيف يتم ذلك ؟
المبحث الثاني: كيفيةإثبات الطلاق في الشريعة الإسلامية .

نظرا لعدم وضوحاتجاه المشرع الجزائري فإنه ينبغي علينا الرجوع إلى تنظيم الطلاق في الشريعةالإسلامية ومدى تطابقه مع قانون الأسرة وبعبارة أخرى هل تركت الشريعة الإسلامية حقالطلاق حرا بلا قيود أم أنه ثمة هناك قيود يتعين على الزوج الالتزام بها حتى يقعطلاقه؟
و إذا تم الطلاق فماهي الطرق الشرعية المقررة لإثباته ؟

المطلب الأول: الإشهاد على الطلاق في الشريعةالإسلامية.

اتفق جمهور الفقهاء على أن الطلاق هو حق للرجل، و لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو طريقة استعمال هذا الحق هل يتم بصفة تلقائية أميجب أن يحترم فيه الزوج ترتيب معين؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى هل هو حق مطلق أم مقيد؟
وعلى هذا الأساس سوف نتناول بالدراسة فيما يلي كيفية استعمال الزوج لحقالطلاق و مدى إلزامية الإشهاد عليه في الشريعة الإسلامية، مع العلم أن الحق ينقسمإلى حق يقابله التزام و حق إرادي لا يقابله أي التزام فهو مقرر لصاحبه.

الفرع الأول: حق الزوج في إيقاعالطلاق.

ذهب جمهور الفقهاء من السلف و الخلف إلى أنالطلاق يقع بدون إشهاد لأنه من حقوق الرجل و قد جعله الله بيده و لم يجعل اللهلغيره حقا فيه حيث قال تعالى: » يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمطلقتموهن … « و قال ابن القيم: فجعل الطلاق لمن نكح لأن له الإمساك و لهالرجعة.
ولكي يباشر الزوج حقه فلا يحتاج إلى بينة ولم يرد عن النبي صلى اللهعليه وسلم ولا عن الصحابة ما يدل على مشروعية الإشهاد.
وقد اتجه جمهور الفقهاءإلى ذلك بل إنهم قالوا بأن الإشهاد على الطلاق ليس شرطا لوقوعه فهو مندوبا لا واجباوبالتالي وطبقا لهذا الرأي فإن الحق في الطلاق هو من التصرفات الحرة ، ويكفي لترتيبالأثر القانوني أن يتم التعبير عن الإرادة بأية وسيلة كانت ، بل و يذهب أبعد من ذلكو هو وقوع الطلاق الواقع وقت حيض الزوجة مع إثم الزوج ديانة.
ونظرا لكون الطلاقهو حقمن حقوق الزوج فإنه له أن ينيب عنه غيره سواء كانت زوجته أم غيرها و هذا ماذهب إليه المالكية و تنقسم هذه النيابة إلـى قسمـين:
الأولى بأن يرسل الزوج إلىزوجته رسولا يعلمها بالطلاق، فالرسول هنا لم يجعل له الزوج إنشاء الطلاق ، و إنماله فقط إعلام الزوجة بوقوع الطلاق بعبارة الزوج نفسه والثانية تفويض الطلاق وهيثلاثة أنواع توكيل ،تخيير وتمليك .
وباعتبارأن الطلاق هو من التصرفات الشرعيةالتي تصدرعن الزوج بإرادته المنفردة فقد قيدته الشريعة الإسلامية بجملةمن الشروط والقيود ينبغي توافرها لوقوعه، وخارج ذلك إما أن يعتبر بدعيا لعدم احترام الزوجإجراءات الطلاق أو تعسفيا لعدم وجود المبرر الشرعي ومن هنا جاء تقسيم الطلاق إلىسني و بدعي، فأما الطلاق السني فهو أن يوقع الزوج على زوجته المد خول بها طلقةواحدة في طهر لم يمسسها فيه، فإذا طلقها وهي حائض أو في طهر مسها فيه أو أوقع عليهاطلقتين متتاليتين أو ثلاث فطلاقه بدعي.
والطلاق البدعي مكروه و محرم في المذاهبالسنية أما في المذهب الجعفري فهو طلاق فاسد لا يقع. و يجب على الذي يطلق امرأته أنيردها إليه قبل انتهاء عدتها عند المالكية و الحنفية، ويسن ذلك عند الشافعيةوالحنابلة، وذلك لأن عمله معصــية و الرجوع عن المعصية ضروري ،هذا إذا أمكنت الرجعةأما إذا طلقها ثلاث أو واحدة مكملة للثلاث فلا رجعة.
و عليه فإن الطلاق هو حقمقرر للزوج الذي توافرت فيه الشروط الشرعية لإمكانية ممارسة هذا الحق و ذلك بأنيكون عاقلا ، فلا يصح طلاق المجنون و لو كان جنونه متقطعا.

الفرع الثاني: الإشهاد على الطلاق كقيد على حق الزوج .
ذهب فقهاء الشيعة الإمامية إلى اعتبار أن الإشهاد شرط فيصحة الطلاق واستدلوا على ذلك بقوله سبحانه و تعالى في سورة الطلاق: »وأشهدوا ذويعدل منكم و أقيموا الشهادة لله « و ظاهر الأمر من هذه الآية الكريمة في الشرع أنالإشهاد يقتضي الوجوب.
وقد روى الإمام ابن كثير في تفسيره عن ابن جريح أن عطاءكان يقول في قوله تعالى:»وأشهدوا ذوي عدل منكم « قال: لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولاإرجاع إلا شاهد عدل ولم ينفرد بوجوب الإشهاد فقط علماء آل البيت بل هومذهب عطاءوابن سيرين وابن جريح.
وقد قال الزمحشري : إن المعني بالخطاب في الآية 229 منسورة البقرة : » فإن خفتم ألا يقيما حدود الله « هو الأئمة والحكام ، والأمر نفسهفي الآية 35 من سورة النساء : »و إن خفتم شقاقا بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكمامن أهلها «. حيث لهم أن يتدخلوا لرفع الأذى و المضرة، وكذلك الأمر نفسه في سورةالطلاق: » واشهدوا ذوي عدل منكم « ، ومن ثمة وجب على الزوج أن يشهد شهيدين منالمسلمين على طلاقه.
والإشكال الذي طرح هنا هو موقف القضاة من الزوج الذي يطلقزوجته بدون إشهاد فإن أقروا طلاقه خالفوا الآية الكريمة التي تدعوا إلى الإشهاد علىالطـلاق وإن رفضــوا إقراره سمحوا له بالاستمرار في معاشرة زوجته وهي مطلقة في علمالله.
والإجابة على ذلك أنه ما دام و أن روح الآيات تساعد على جعل تنظيم الطلاقمنوطا بالقضاء وأن السنة النبوية الشريفة جرت على ذلك وأنه ليس فــي الكتــاب ولاالسنة ما يمنعه فإن أقر بذلك أولياء الأمور وأصبح تشريعا صار الشذوذ عنه باطلا.
ومن محاسن ضرورة الإشهاد على الطلاق مع إتباع الخطوات الصحيحة في إيقاعهوالمتمثلة في طهر المرأة هو إعطاء فرصة للزوج لإعادة التفكير فإن بقي مصمـــما رغـمحضور الشاهدين و مرور الوقت الزمني فإن طلاقه يكون قائما على أسباب قوية وليستعرضية وهذا هو الطلاق المقصود في الشريعة الإسلامية.

المطلب الثاني: طرق إثبات الطلاق شرعا وقانونا :
إن مسألة إثبات الطلاق من الناحية الشرعية لا تكتسي غموضاذلك أنه يثبت بكافة طرق الإثبات من إقرار و بينة و يمين ، فإذا ادعت المرأة أنزوجها طلقها و أنكر هو فمذهب المالكية أنه إن أتت بشاهدين عدلين نفذ الطلاق ، و إنأتت بشاهد واحد حلف الزوج و برئ و إن لم يحلف سجن حتى يقر أو يحلف ، وان لم تأتيبشاهد فلا شيء على الزوج ، و عليها منع نفسها منه بقدر جهدها،و إن حلف بالطلاق وادعت أنه حنث فالقول قول الزوج بيمينه .
و ذكر الحنابلة أنه إذا ادعت المرأة أنزوجها طلقها فالقول قول الزوج بيمينه لأن الأصل بقاء النكاح و عدم الطلاق إلا أنيكون لها بما ادعته بينة ، و لا يقبل فيه إلا عدلان لأن الطلاق ليس بمال ولاالمقصود منه المال و يطلع عليه الرجال في أغلب الأحوال كالحدود و القصاص، فإن لمتكن هناك بيّنة يستحلف الرجل على الصحيح لحديث: اليمين على من أنكر.
و توضيحالما سبق ينبغي علينا التطرق إلى طرق الإثبات المقررة شرعا و مطابقتها بتلك المقررةقانونا لنخلص في النهاية إلى مسلك القضاء الجزائري في مسألة إثبات الطلاقالعرفي:

الفرع الأول: الإقرار.

الإقرار شرعا هو الإخبار بثبوت حق للغير على نفسالمقر ولو في المستقبل باللفظ وما في حكمه، وبذلك يخرج من مدلول الإقرار ما يدعيهالخصم من حق له على الغير.
فإذا أقر الشخص بحق لزمه، ولكن الإقرار حجة قاصرةعلى المقر بخلاف البينة و ذلك لقصور ولاية المقر وعدم امتدادها إلى غيره، فإذا ادعتالزوجة حصول الطلاق و أقر الزوج بذلك لزمه هذا الإقرار و يثبت الطلاق.
والإقراريمكن أن يكون شفاهة أو كتابة مع العلم أن الإقرار بالطلاق كاذبا يقع قضاءا لاديانة.
هذا إذا أقر بطلاق سابق ، أما إذا نوى إنشاء طلاق جديد فالظاهر وقـــوعالطلاق بها لأنها صيغة تحتمل الإنشاء .
وينبغي الاعتداد بتاريخ الإسناد واتخاذهبدءا للطلاق و لكن قد يطرح السؤال : ما هو الحكم في حالة الإكراه على الإقراربالطلاق ؟
هنا لا يقع الطلاق في حالة توافر البينة الشرعية على وقوع الإكراه .
وقد نص المشرع الجزائري على الإقرار كوسيلة من وسائل إثبات الالتزام في المادة 341 ق.م بقوله أن الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بهاعليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة.
و في حقيقة الأمر أن الإقراروإن كان بمثابة الدليل القاطع على ثبوت الواقعة محل النزاع بل ويترتب عليه إزالةالنزاع حولها، إلا أنه في واقع الأمر لا يعتبر طريقة إثبات بقدر ماهو إعفاء منه،ولذلك فالإقرار يغني عن إلزام مدعي الواقعة بتقديــم أي دليل عنها و لذا فليس منالمتوقع أن يكون أمرا كثير الوقوع في الحياة العملية ،ولا تظهر أهميته إلا عندمايعوز الخصم الذي صدر لمصلحته الدليل على ما يدعيه فيضطر إلى الاعتماد على اعترافخصمه.

كما نصت المادة 342/1 من ق. م على أن الإقرار حجة قاطعة على المقرويتضح لنا جليا أن المشرع الجزائري يأخذ فقط بصورة الإقرار القضائـــي دون أن يتطرقللإقرار غير القضائي و عليه فإن الإقرار القضائي متى صدر مستوفيا لشروطه أصبح حجةقاطعة على صاحبه و يجب على القاضي أن يأخــذ بـه و عدم إجراء أي بحث فــــي موضوعهبعد حصوله ، وهذه القطعية في الإثبات لا تغني المقر عن إثبات صدوره منه عن غلط أوتدليس أو إكراه …

الفرع الثاني : البينـــة .

البينة حجة متعدية ، فالثابت بها ثابت علىالكافة ولا يثبت على المدعى عليه لوحده بخلاف الإقرار ، ونصاب البينة في إثباتالطلاق شهادة رجلين أو رجل و امرأتين ، ولا تجوز الشهادة بالتسامع في الطلاق لأنالشهادة بالتسامع إنما أجيزت استحسانا في بعض المسائل دفعا للحرج و تعطيل الأحكام ،وليس إثبات الطلاق من بين هذه المسائل .

الفرع الثالث : اليميــن .

اليمين هي إشهاد اللهتعالى على صدق ما يقوله الحالف أو على عدم صدق ما يقوله الخصم الآخر ، ولما كانتاليمين عملا دينيا فإن من يكلف بأداء اليمين عليه أن يؤديها وفقا للأوضاع المقررةشرعا .
واليمين طريق غير عادي للإثبات يلجأ إليها القاضي إذا تعذر تقديم الدليلالمطلوب فيحتكم الخصم إلى ذمة خصمه بيمين حاسمة يوجهها إليه أو يوجه القاضي يمينامتممة إلى أي من الخصمين ليكمل ما في الأدلة المقدمة من نقص .
و قد نص المشرعالجزائري على اليمين في المادة 343 و ما يليها من القانون المدني ، إذا ادعى أحدالزوجين وقوع الطلاق و أنكره الآخر و لم يقدم مدعي الطلاق بينة عليه فله أن يطلب منالقاضي توجيه اليمين فإذا حلف بأن الطلاق لم يقع قضى برفض الدعوى ، أما إذا نكل عناليمين قضى للمدعي بطلباته لأن النكول في حكم الإقرار بما يدعيه المدعي .

وبعد أن تعرضنا إلى طرق إثبات الطلاق شرعا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يتم إثبات الطلاق العرفي في القضاء الجزائري ؟
في حقيقة الأمر لم ينص قانونالأسرة أصلا على مسألة إثبات الطلاق العرفي حتى يضع له طرقا للإثبات ، ومع ذلك فإناتجاه القضاء الجزائـري ذهــب إلــى إثبات الطلاق العرفي في جميع الأحوال بالبينة وذلك بإجراء تحقيق فــي الموضوع بسماع الشهود وينم ذلك حتى في حالة إقرار الزوج وتصديقه من الزوجة ، إلا أنه في هذه الحالـة الأخيرة يعتبر الإقرار هو الأساس المثبتلوقوع الطلاق ومع ذلك يتم سماع الشهود لتأكيد الواقعة أكثر، ولا نجد في القضاءالجزائري ما يفيد إثبات الطلاق العرفي باليمين إلا أنه من الناحية العملية لا يوجدما يمنع ذلك .
و تأكيدا لهذا المبدأ فقد جاء في اجتهاد المحكمة العليا ما يلي : من المقرر شرعا أن الطلاق هو حق للرجل صاحب العصمة و أنه لا يجوز للقاضي أن يحلمحله في إصداره أما التطليق فهو حق للزوجة المتضررة و ترفع أمرها إلى القاضي الذييطلقها و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام الشريعةالإسلامية .
ولما كانت الشريعة الإسلامية تخول إثبات تصريح الزوج بالطلاق بواسطةشهود حضروا وسمعوا بذلك من نفس الزوج أو بواسطة شهادة مستفيضة فإنه يجب على القضاةأن يجروا تحقيقا لسماع الشهود الذين علموا بواقعة الطلاق و لي لهم بعد ذلك إلا أنيوافقوا على صحة طلاق أثبت أمامهم و كذلك فإن القرار الذي قضى بأن الطلاق لا يثبتإلا بتصريح الزوج أمام القضاء يعد مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية .
كما جاءفي قرار آخر أنه يستوجب نقض القرار الذي اعتمد في إثبات وقوع الطلاق بإرادة الزوجعلى شهادة الشهود لم تحدد تاريخ و مكان هذا الطلاق ، ولم تذكر أسماء الأشخاص الذينحضروا بمجلس الطلاق لتأكيد صحته ذلك أن هذه الشهادة يكتنفها الغموض و النقص فيمحتواها .
و ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال أن إعتراف المحكمة العليابالطلاق العرفي لم يتجسد فقط في قراراتها القديمة بل إنه موقفها حتى في قراراتهاالحديثة و يتضح ذلك بصفة خاصة من خلال قرارها الصادر بتاريخ 16/02/1999 و الذي جاءفي المبدأ الثاني منه أنه من المقرر شرعا أنه يثبت الطلاق العرفي بشهادة الشهودأمام القضاء .
ومتى تبين في قضية الحال أن الطلاق وقع بين الطرفين أمام جماعة منالمسلمين ، و أن المجلس أجرى تحقيقا و سمع الشهود الذين أكدوا بأن الزوج طلق فعلاالمطعون ضدها أمام جماعة من المسلمين ، وبالتالي فلا يحق له أن يتراجع عن هذاالطلاق ، وعليه فإن القضاة بقضائهم بإثبات الطلاق العرفي طبقوا صحيح القانون .
الفصل الثاني : إجراءات إثبات الطلاق .

انتهينا في الفصل السابق إلى أنه من الناحية القانونية لايثبت الطلاق إلا بحكم و هذا الحكم له طبيعة الإنشاء و هو عمل يدخل في إطار الوظيفةالولائية للقاضي رغم صدوره في شكل حكم قضائي، ذلك أنه يزيل عقبة قانونية تعترضإرادة الأفراد، ومن ثمة فإن دور القاضي يكون فيه سلبيا، كما انتهينا إلى أن الطلاقفي حد ذاته هو حق إرادي للزوج إلا أن هذا الحق يمارس وفقا للشكل القانوني ومن هنايطرح السؤال حول الإجراءات المتبعة لاستصدار الحكم بالطلاق .
وعلى صعيد آخر نجدأن التطبيقات القضائية في مختلف محاكم الوطن تذهب إلى إثبات الطلاق العرفي بأثررجعي و هنا يطرح السؤال حول مدى صحة هذا الاتجاه و الإجراءات المتبعة في ذلك و مدىشرعيتها .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن أكبر إشكالية هي تلك المتعلقة بالطعن فيالحكم بالطلاق ذلك أن قانون الأسرة ينص على عدم القابلية للاستئناف إلا أنه لميتحدث عن الطعن بالنقض فهل يجوز الطعن في حكم الطلاق بطرق الطعن العادية و غيرالعادية وما هو موقف القضاء في هذه الحالة ؟

و عليه سوف نحاول قدر الإمكانالإجابة على هذه الإشكاليات و ذلك من خلال مبحثين إذ نتطرق في المبحث الأول إلىإجراءات استصدار الحكم بإثبات الطلاق والذي نتناول فيه كل من دعوى الطلاق و دعوىإثبات الطلاق العرفي و مدى شرعية إجراءات هذه الأخيرة ، أما المبحث الثاني فنخصصهلطرق الطعن في حكم الطلاق و كيفية تنفيذه .

المبحث الأول : إجراءات استصدار الحكم بإثبات الطلاق .

نعلم أنه قبل استصدار حكم من القضاء ينبغي مراعاةالشروط الشكلية التي أوجب المشرع توافرها في العريضة الافتتاحية بالإضافة إلىالتأسيس الموضوعي وعليه فإن دعوى إثبات الطلاق يجب أن ترفع إلى محكمة مختصة بموجبعريضة وفقا لما يقضي به القانون و بعد توصل القاضي بالعريضة يأتي دوره في استكمالشكليات لإثبات الطلاق .
فما هي الشروط الواجب توافرها لإصدار الحكم بإثباتالطلاق ، و كيف يتعامل قاضي الأحوال الشخصية مع دعوى لإثبات الطلاق؟

المطلب الأول: اتصال القاضيبالدعوى.
يتم عادة رفع الدعوى من الزوج إذا كنا بصدد دعوىالطلاق ، و هذا على خلاف دعوى إثبات الطلاق العرفي والتي يمكن أن ترفع من كل من لهمصلحة في ذلك و عادة يكون أحد الزوجين أو الورثة ، ولكي تقبل الدعوى أمام القضاءيجب توافر شروط قبولها من صفة و مصلحة وأهلية ، كما ينبغي أن يجسد الطلب في عريضةافتتاحية وفقا لما يقضي به القانون و أن ترفع أمام الجهة المختصة بهذه القضايا ،وهذا ما سوف نتناوله فيما يلي :

الفرعالأول : قواعد الاختصاص.
أ- الاختصاص المحلي : بالرجوعإلى المادة 08 من ق. إ . م نجدها نصت صراحة على أن دعاوى الطلاق ترفع أمام الجهةالقضائية التي يقع بها مسكن الزوجية ، وبمأن الاختصاص المحلي ليس من النظام العام وبالتالي يمكن رفع دعوى الطلاق أمام أية محكمة أخرى بشرط ألا يدفع الخصم بعدمالاختصاص المحلي ، و مسألة الاختصاص على بساطتها تثير العديد من المشاكل فكثيرا مايتقدم أمام القاضي زوجان لم يستقرا منذ زواجهما في مكان معين بل غيرا مكان الإقامةعدة مرات ، ففي هذه الحالة مــا هو السكن الذي يؤخذ بعين الاعتبار لتحديد الاختصاصالمحلي ؟
الرأي الراجح في هذه الحالة هو السكن الأخير.
و تجدر الإشارة إلى أنالاختصاص المحلي بالنسبة للجزائريين المقيمين في الخارج يعود المحل الذي يوجد فيهالسكن الرئيسي ، وفي حالة عدم وجوده يحل محله مكان الإقامة العادي و هذا ما يتجسدمن خلال قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه ما يلي : مـن المقــرر قانونا أنه يسريعلى انحلال الزواج القانون الوطني الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفع الدعوى وأن موطنكل جزائري هو المحل الذي يوجد فيه مقر سكناه الرئيسي ، و عند عـدم وجود سكن يحلمحله مكان الإقامة العادي ، وكما ثبت في قضية الحال أن المتخاصمان جزائري و جزائريةيقيمان مؤقتا ببلد أجنبي و طلبا التقاضي أمام محكمة جزائرية فإن قضاة الموضوع عندماقضوا بعدم الاختصاص المحلي فإنهم بذلك قد دفعوا الطرفين إلى التقاضي أمام القضاءالأجنبي وإن المسألة تتعلق بسيادة القانون الوطني مما يتعين معه نقض وإبطال قرارهمالمطعون فيه .

ب- اختصاص القانون الجزائري : و نتحدث في هذا المجالعن حالة تنازع القوانين المراد تطبيقها على مسألة الطلاق ، و هنا ينبغي عليناالرجوع إلى قواعد الإسناد المنصوص عليها في القانون المدني حيث تنص المادة 12 منهعلى أنه يسري على انحلال الزواج القانون الوطني الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفعالدعوى ، في حين تنص المادة 3 منه على أنه يسري القانون الجزائري وحده في الأحوالالمنصوص عليها في المادتين11 و 12 إذا كان أحد الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواجإلا فيما يخص أهلية الزواج .
من خلال هاتين المادتين يمكن القول أنه إذا كان أحدالزوجين جزائري وقت إبرام عقد الزواج لا مجال للحديث عن تطبيق القانون الأجنبي ،إلا أنه في حالة كون الزوجين أجنبيين فإنه يطبق على الطلاق قانون الزوج وقت رفعالدعوى ، ومفـاد هذه القاعدة هو أنه يمكن أن يتم الزواج في ظل قانون معين ثم يقومالزوج بالتجنس مما يؤدي إلى تطبيق قانون الجنسية الجديدة على انحلال هذا العقد .
و إذا كانت مسألة الاختصاص لها أهميتها في دعوى إثبات الطلاق فإن شروط رفعالدعوى لا تقل عنها أهمية ، فما هي شروط قبول دعوى إثبات الطلاق ؟
الفرع الثاني : شروطرفع دعوى إثبات الطلاق
.

أ- الشروط الواجب توافرها في الزوجين:
لقد نص المشرعالجزائري في المادة 459 ق.إ.م على أنه لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالميكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك
فأما الأهلية فإن القانونالمدني يعرفها بأنها صلاحية الشخص لكسب الحقوق و التحمــل بالالتزامات والأهلية فيالاصطلاح القانوني علــى نوعين:أهليــة وجوب وأهلية أداء.
والمقصود بالأهلية فيمجال الخصومات الزوجية هو أهلية التقاضي أمام المحكمة بمعنى أنه إذا تنازع الزوجانو تخاصما خصاما شديدا فإنه لكي تنظر المحكمة في موضـوع
نزاعهما يجب أن يكون كلواحد منهما متمتعا بأهلية التقاضي و بالغا سن الرشد المدني و هو 19سنة من العمركاملة وفقا لما نصت عليه المادة 40 ق . م و متمتعا أيضا بقواه العقلية و ألا يكونمحجورا عليه لأنه لا يجوز للمحكمة أن تقبل دعوى من أو على شخص فاقد الأهلية أوناقصها إلا بواسطة ممثله القانوني ، هذا بتطبيق القواعد العامة إلا أن مسألة الطلاقفي حد ذاتها لها خصوصيتها إذ أنها حق شخصي للزوج وأن الحجر يقع على ممارسة الحقوقالمالية فقط لذلك فإنه في الشرع الإسلامي يجوز للزوج المحجور عليه طلاق زوجته ، ومنثمة وطالما لم يتعرض قانون الأسرة لهذه المسألة فلا مانع من تبني ما ذهب إليه فقهاءالشريعة الإسلامية في هذا المجال ، و تبقى مسألة اللجوء إلى القضاء مسألة إجرائية .
و الأمر نفسه فيما يخص طلاق المريض مرض الموت مما يجعلنا نعود إلى أحكامالشريعة الإسلامية في هذا المجال و لاسيما ما يتعلق منها بصحة الطلاق و إمكانيةالتوارث بين الزوجين إذا حدثت الوفاة خلال أو اثر مرض الموت .
لقد أجمع الفقهاءعلى صحة الطلاق الواقع في مرض الموت و على التوارث أتناء عدة الطلاق الرجعي واختلفوا على مدة و زمان إمكانية التوارث أتناء عدة الطلاق البائن.
أما قانونالأسرة الجزائري فقد اكتفى بالنص في المادة 132 منه على انه : إذا توفي أحد الزوجينقبل صدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة الطلاق استحق الحي منهما الإرث، دونأن يفرق بين عدة الطلاق الرجعي و عدة الطلاق البائن .
و خلاصة القول أن حكمالطلاق في مرض الموت هو طلاق صحيح شرعا و قانونا و لا يجوز الطعن فيه أو الادعاءببطلانه و أن حق التوارث يبقى قائما لصالح الزوجين إذا مات أحدهما أتناء عدة الطلاقالرجعي، و يبقى قائما لصالح الزوجة المطلقة وحدها إذا مات مطلقها أثناء عدة الطلاقالبائن أو بعدها كلما ثبت أن الزوج قد طلقها في مرض الموت بقصد حرمانها من حقها فيالتركة و هذا ما يسمى عند الفقهاء بطلاق الفرار الذي يستوجب معاملة المطلق بنقيضقصده.
و بمأن الطلاق هو من حقوق الزوج فإنه يجوز له توكيل غيره في إيقاعه وينصرف هذا الأثر إلى الزوج ، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها إذ جاءفيه أنه من المقرر قانونا أن الوكالة أو الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخرللقيام بعمل شيء لحساب الموكل و باسمه و أن الوكالة الخاصة الرسمية تصح للمرافعةأمام القضاء .
ومن المقرر أيضا أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدافي جوانبها المادية.
و من ثمة يتعين القول أن الزوج الذي وكل والده نيابة عنه فيإجراءات التقاضي في دعوى الطلاق موضوع النزاع الحالي بناءا على وكالة رسمية والتيتحدث آثارها القانونية عكس ما ذهبت إليه الطاعنة بالقول لا تصح الوكالة في مثل هذهالحالات، إلا أن ما يؤخذ على قضاة الاستئناف عدم قبول الاستئناف شكلا من دون مراعاةأحكام المادة 102 ق . إ . م بدعوى أن الطلاق نهائي و كان المفروض النظر في مسألةالاستئناف و بعد قبوله ينظر في موضوع الطلاق و يحكم بعدم الاختصاص لكون الحكم صدرنهائيا .
و بصفة عامة فإن المعمول به في حالة تقصان الأهلية هو رفعالدعوى منولي الزوج ناقص الأهلية أو ضده ، و في حالة المنازعة في الأهلية فإنه يعود الأمرللقاضي لتقدير نقص الأهلية من عدمه و ذلك بتعيين خبير مختص لإجراء خبرة حول المسألة .
و تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي في هذا المجال يعتبر أن القاصر يرشدبالزواج بقوة القانون وأن هذا الترشيد شرعي و آلي، بل أكثر من ذلك فهو يعتبر كنتيجةللإرادة الضمنية للآباء ، وأن الضرورة الحتمية تفرض اعتبار الترشيد كأثر للزواج ذلكأن الزوج يصبح رئيس للعائلة و عليه ينبغي أن يتمتع ببعض الحرية في ممارسة وظيفته وكذلك الزوجة فهي تتحمل أعباء الأسرة و عليه ينبغي الاعتراف لهما بحد أدنى منالاستقلالية عن الآباء .
و من ثمة فان الزوج القاصر متى تزوج أصبح أهلا لانيرفع دعوى الطلاق أو أن ترفع ضده.
في حين لم يتناول المشرع الجزائري هذه المسألةبل سكت عن ذلك و السكوت معناه الإحالة على القواعد العامة ، و مع ذلك نجد المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري تنص على ما يلي :… و لو تجاوز السادسة عشر منعمره و لم يصبح بعد راشدا بالزواج …. و عليه إذا أخدنا بحرفية النص يمكن القــولأنالمشرع الجزائري يأخذ ضمنيا بفكرة الترشيد إلا أن الراجح أن المسالة لا تعدوا إلاأن تكون مجرد خطأ مطبعي أو سهو عندما تم الاقتباس من القانون الفرنسي.
و الرأيعندنا هو انه ينبغي على المشرع أن يتدخل لتقنين هذه المسالة ذلك أن مسالة كون الرجلأو المرأة يتحمل اعباء أسرة بأكملها و في الوقت نفسه لا يملك أن يباشر حقوقهالإجرائية من رفع الدعاوى و الدفاع عن نفسه بنفسه في حالة رفعها ضده تنطوي على نوعمن التناقض.
و في الختام ينبغي التنويه إلى أن الأستاذ زودة عمر يعتبر الأهليةشرط من شروط صحة المطالبة القضائية و ليس لقبول الدعوى ذلك أن تخلفها يترتب عليهدفع شكلي في حين أن تخلف شروط قبول الدعوى يترتب عليها دفع بعدم القبول .
و أماالصفة فإن المقصود بها هو أن يكون صاحب الحق حل اعتداء هوالذي يباشر الحق في الدعوىالتي ترفع من اجل تقرير هذا الحق أو حمايته.
وعليه فإن الصفة هي الوصف الذييسحب على الأطراف فإذا رفعت الدعوى على غير ذي صفة يحكم بعدم قبول الدعوى، والمفروض أن الصفة تثبت لكل شخص تم الاعتداء على حقه غير انه قد يوجد هذا الشخص فياستحالة مادية أو قانونية تمنعه من استعمال حقه في الدعوى أمام القضاء و لذلك تباشرهذه الدعوى بواسطة ممثله القانوني، في هذه الحالة تثبت للممثل القانوني ما يعرفبالصفة الإجرائية.
و نجد انه في حالة تخلف الصفة الإجرائية يترتب عليها بطلانالإجراءات كما أن زوال الصفة في الدعوى يؤدي إلى انقضائها في حين أن زوال الصفةالإجرائية يؤدي إلى انقطاعها.
و الصفة في دعاوى إثبات الطلاق معناها أن يكونأحد الزوجين الذي يرفع دعواه ضد الزوج الآخر له صفة في إقامة هذه الدعوى و تقديمهاإلى المحكمة، بمعنى انه يجب لتحقيق هذا الشرط أن يكون المدعي هو الزوج أو الزوجةنفسها أو احد ممثليهما قانونا.
وتثبت الصفة في الدعوى بتقديم الزوج طالب الطلاقنسخة من عقد الزواج وفي هذا الصدد نص القانون رقم 224-63 الصادر في 29/06/1963والخـاصبتحديد سن الزواج قد نص في المادة 05 منه على أنه : لا يجوز لأحد أن يدعيبأنه زوج وأن يطالب بما يترتب على الزواج من آثار مالم يقدم عقد زواج محرر و مسجلفي سجلات الحالة المدنية .
أما في دعوى اثبات الطلاق العرفي فإنه طالما أن هذهالدعوى قد فرضت نفسها في الواقع فإنه يجب التطرق لها و عليه فالصفة تثبت لكل منالزوجين و لورثتهما في حالة الوفاة مع العلم انه في حالة كون احد الزوجين قاصرافانه يملك الصفة الموضوعية دون الصفة الإجرائية.
و أما بالنسبة لشرط المصلحةفانه بالنسبة للزوج أو الزوجة أو الورثة في حالة الطلاق العرفي فانه من مصلحتهمإثبات وقوع الطلاق، و تظهر هذه المصلحة بصفة خاصة في دعاوى اتبات الطلاق العرفي وخاصة حالة إعادة الزوجة الزواج أو تزوج الزوج بأخت الزوجة أو برابعة، أما بالنسبةللورثة فان مصلحتهم تتمثل في ثبوت الميراث من عدمه.
ب- أداة رفع الدعوى إلى المحكمة :ترفع دعوى الطلاق أمامالمحكمة وفقا للطرق المنصوص عليها بالمادة 12 من ق.إ.م و ذلك إما بإيداع عريضةمكتوبة و مؤرخة و موقعة من المدعي أو من محاميه لدى مكتب الضبط بالمحكمة ، وإمابحضور المدعي نفسه أمام المحكمة و في هذه الحالة يتولى كاتب الضبط أو أحد أعوانمكتب الضبط تحرير محضر بتصريحات المدعي الذي يوقع عليه أو يذكر أنه لا يحسن التوقيع .
ومن تحليل هذه المادة يتضح لنا أنه هناك طريقتان لرفع الدعوى أمام المحكمةوهما :
– طريقة تقديم عريضة مكتوبة حيث يقوم المدعي بتقديم عريضته مؤرخة و موقعةعلى نسختين إلى أمانة ضبط المحكمة ولا يطلب منه القانون أن يبين الأسباب التـيدفعـتـه
إلى الطلاق لأن الأمر يتعلق باستعمال الحق الإرادي ، و تعتبر العريضةأحد العناصر الشكلية لممارسته ويجب أن يشير فيها إلى اسمه و لقبه و عنوانه و مهنته، وإلى اسم ولقب وعنوان ومهنة زوجته .
– طريقة التصريح الشفوي : و تكون بتصريحالمدعي لدى أمانة ضبط المحكمة بإرادته مع تقديمه له جميع بياناته و بيانات خصمه .
وهنا يحرر الكاتب محضرا بطلبات المدعي و أقواله ثم يقدمه له للتوقيع عليه وانكان المدعي لا يحسن التوقيع أو لا يستطيع ذلك فلا ينبغي على الكاتب أن يضع بصمتهعلى المحضر وإنما ينوه في آخره بأن المدعي لا يحسن التوقيع .
و في الواقعالعملي نجد أنه لا أثر للطريقة الثانية فالمعمول به فقط هو الطريقة الأولى و هيتقديم عريضة مكتوبة على نسختين تتضمن كافة الشروط و تكون مرفقة بعقد الزواج و بيانعائلي ثم يدفع المدعي أو ممثله الرسم القضائي.

المطلب الثاني: تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق .
بعد رفع الدعوى يقوم الكاتب بتسجيل القضية في السجل المخصصلذلك ويمنح لها رقما خاصا و يسلم للمدعي وصلا يحمل رقم القضية و تاريخ تسجيل الدعوىو تاريخ الجلسة الذي يجب أن يحضر فيه مرفقا بالتكليف بالحضور و الذي يعد قرينة علىعلم المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ، فإذا لم يحضر بذلك التاريخ قضى القاضي بشطبالدعوى طبقا للمادة 35 من ق.إ.م
أما إذا غاب المدعى عليه فإن القاضي يفصل فيالقضية غيابيا في حقه بعد منحه أجلا للحضور .
و نظرا لخصوصية دعوى إثبات الطلاقالعرفي و خاصة و أنها وليدة العمل القضائي و لم يرد نص صريح بشأنها فإن التطبيقاتالقضائية تذهب إلى عقد جلسة الصلح أولا و يتم فيها سماع كل من الزوجين حول واقعةالطلاق المدعى بها ثم فيما بعد يتم إجراء تحقيق بسماع الشهود لتأكيد الواقعة وهذاعلى خلاف دعوى إثبات الطلاق بالإرادة المنفردة و التـي يقــوم القاضي فيها فقطبتأجيل القضية قصد إجراء الصلح ، ومتى كان الأمر كذلك وجب التطرق أولا إلى كيفيةتعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق ثم إلى كيفية تعامله مع دعوى الطلاق العرفي ،فكيف يتم ذلك ؟

الفرع الأول : تعامل قاضيالأحوال الشخصية مع دعوى الطلاق
بالإرادة المنفردة .

القاعدة العامة أن الحكم القضائي الصادر بفك الرابطةالزوجية بالإرادة المنفردة للزوج هو حكم تقريري يقتصر فيه دور القاضي على تكريسإرادة الزوج و الكشف عنها إلا أن المشرع جعل له طابع الإنشاء رغم هذه الخاصية ، ومن ثمة خصه بإجراءات متميزة ينبغي إتباعها و إلا تعرض الحكم للنقض و الإبطال وتتجلى هذه الإجراءات بصفة خاصة في ضرورة إجراء الصلح، أما فيما يخص التحكيم فإنمجاله هو حالة الخصام طويل الأمد بين الزوجين مع عدم ثبوت الضرر وهذا ما تقضي بهالمادة 56 من ق.أ، و على هذا الأساس سوف نتعرض في هذا الفرع إلى إجراء الصلح كإجراءجوهري في جميع دعاوى الطلاق بالإضافة إلى مسألة عرض القضايا المتعلقة بالطلاق علىالنيابة العامة و مدى إلزامية هذا الإجراء .
أ- إجراء الصلح : تنص المادة 49 من ق. أ على ما يلي : لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضيدون أن تتجاوز هذه المدة ثلاثة أشهر .
ما يلاحظ على هذه المادة أنها أكدت علىعدم إمكانية الفصل في دعاوى الطلاق إلا بعد إجراء القاضي لمحاولة الصلح بين الزوجين، وذلك في مدة أقصاها 3 أشهر ، وهذا الإجراء من النظام العام لا يجوز الاتفاق علىما يخالفه فإذا لم يحترم كان الحكم الصادر بالطلاق عرضة للنقض من المحكمة العليا وذلك على أساس الخطأ في تطبيق القانون و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الذيجاء فيه : من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة
الصلح منطرف القاضي ، وعند نشوز أحد الزوجين يحكم القاضي بالطلاق …… و من ثمة فإن القضاءبما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون .
و قد جاء في قرار آخر للمحكمةالعليا أنه من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرفالقاضي و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون
وتجدر الإشارة إلى أنه عندما صدر قانون الإجراءات المدنية في سنة 1966 كان قد نص فيالمادة 17 منه على وجوب القيام بمحاولة الصلح في كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصيةقبل الفصل في الموضوع و لا سيما إذا كانت الدعوى تهدف إلى الطلاق و انحلال عقدالزواج، كما نص على وجوب أن يحرر القاضي محضرا بما تم التصالح عليه تكون له قوةالحكم و قابليته للتنفيذ، أو يحرر محضرا بفشل محاولة الصلح و دعوة الزوجين إلى جلسةعلنية للمحاكمة، و قبل ذلك كانت المادة 13 من المرسوم رقم 59/1082 الخاص باللائحةالتنفيذية المكملة للأمر رقم 95/274 المتضمن تنظيم عقود الزواج المبرمة في ولايتيالساورة و الواحات تنص على أنه للقاضي بعد سماع مزاعم الزوجين أن يصرح للمدعي منهمابدعوة المدعى عليه إلى جلسة صلح، ويسمع كل واحد منهما على انفراد في مكتبه و بدونحضور الوكلاء والمحامين و لا حتى كاتب الضبط، وفي حالة فشل محاولة الصلح أو غيابالمدعى عليه يثبت القاضي ذلك في محضره و يستدعي الزوجين رسميا لحضور الجلسة و يفصلفي الموضوع .
وعندما عدلت المادة 17 أصبحت تنص على أنه يجوز للقاضي مصالحةالأطراف أثناء نظر الدعوى في أية مادة كانت ، و بذلك أصبحت إجراءات الصلح شاملةلجميع الدعاوى المدنية بما فيها دعاوى الزواج و الطلاق ، و أصبحت أيضا اختياريةتخضع لتقدير القاضي ولكن و بعد صدور قانون الأسرة في سنة 1984 نصت المادة 49 منهعلى وجوب الصلح إلا أنها أغفلت النص على وجوب تحرير محضر بالصلح أو بعدم الصلح ،وأغفلت كذلك ما يجب على القاضي أن يفعله بعد فشل محاولة الصلح أو نجاحها . إلا أنالمنطق الإجرائي يقتضي أن يقوم قاضي الأحوال الشخصية باستدعاء الزوجين إلى مكتبهليسمع مزاعم كل منهما تجاه الآخر ثم يحاول الإصلاح بينهما قدر الإمكان ، وسواء فشلفي ذلك أم نجح فإنه ينبغي عليه أن يحرر محضرا بما توصل إليه يلحقه بملف الدعوى ثميحيل الطرفين إلى حضور جلسة علنية تنعقد ضمن الجلسات المقررة للمحكمة ، وعندئذ يقعالنقاش في الموضوع ليصدر فيما بعد حكمه وفقا للإجراءات العادية .
و في حالةتصالح الزوجين فإن النزاع بينهما ينتهي و ما يبقى أمام القاضي إلا الإشهاد بوقوعالصلح و هذا ما جاء في قرار المحكمة العليا إذ ذهبت إلى أنه من المقرر قانونا أنالصلح عقد ينهي به الطرفان النزاع القائم أو يتوقيان به نزاعا محتملا و ذلك بأنيتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه …..
و متى تبين في قضية الحال أن قضاةالمجلس لما قبلوا الإستئناف قي الحكم القاضي بالصلح المقام بين الطرفين و الذي شهدتعليه المحكمة أخطأوا في تطبيق القانون ، لأن الإستئناف لا يرفع إلا ضد الأحكام التيصدرت إثر نزاع بين الأطراف بخلاف الصلح الذي يبرم بين الأطراف الذين جعلوا حدا لهذاالنزاع وأن المحكمة ينحصر دورها ف مراقبة صحة و سلامة هذا الصلح ….
و تجدرالملاحظة أن القاضي و بعد أن تصبح القضية جاهزة للحكم و قبل أن يضعها في النظر يقومبعرض الملف على النيابة العامة وفقا لما تقضي به المادة141 من ق.إ.م فما مدىإلزامية هذا الإجراء لقاضي الدرجة الأولى؟
الفرع الثاني : شروط رفع دعوى إثبات الطلاق
.

أ- الشروط الواجبتوافرها في الزوجين:
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 459ق.إ.م على أنه لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالم يكن حائزا لصفة و أهليةالتقاضي و له مصلحة في ذلك
فأما الأهلية فإن القانون المدني يعرفها بأنها صلاحيةالشخص لكسب الحقوق و التحمــل بالالتزامات والأهلية في الاصطلاح القانوني علــىنوعين:أهليــة وجوب وأهلية أداء.
والمقصود بالأهلية في مجال الخصومات الزوجيةهو أهلية التقاضي أمام المحكمة بمعنى أنه إذا تنازع الزوجان و تخاصما خصاما شديدافإنه لكي تنظر المحكمة في موضـوع
نزاعهما يجب أن يكون كل واحد منهما متمتعابأهلية التقاضي و بالغا سن الرشد المدني و هو 19سنة من العمر كاملة وفقا لما نصتعليه المادة 40 ق . م و متمتعا أيضا بقواه العقلية و ألا يكون محجورا عليه لأنه لايجوز للمحكمة أن تقبل دعوى من أو على شخص فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بواسطة ممثلهالقانوني ، هذا بتطبيق القواعد العامة إلا أن مسألة الطلاق في حد ذاتها لهاخصوصيتها إذ أنها حق شخصي للزوج وأن الحجر يقع على ممارسة الحقوق المالية فقط لذلكفإنه في الشرع الإسلامي يجوز للزوج المحجور عليه طلاق زوجته ، ومن ثمة وطالما لميتعرض قانون الأسرة لهذه المسألة فلا مانع من تبني ما ذهب إليه فقهاء الشريعةالإسلامية في هذا المجال ، و تبقى مسألة اللجوء إلى القضاء مسألة إجرائية .
والأمر نفسه فيما يخص طلاق المريض مرض الموت مما يجعلنا نعود إلى أحكام الشريعةالإسلامية في هذا المجال و لاسيما ما يتعلق منها بصحة الطلاق و إمكانية التوارث بينالزوجين إذا حدثت الوفاة خلال أو اثر مرض الموت .
لقد أجمع الفقهاء على صحةالطلاق الواقع في مرض الموت و على التوارث أتناء عدة الطلاق الرجعي و اختلفوا علىمدة و زمان إمكانية التوارث أتناء عدة الطلاق البائن.
أما قانون الأسرةالجزائري فقد اكتفى بالنص في المادة 132 منه على انه : إذا توفي أحد الزوجين قبلصدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة الطلاق استحق الحي منهما الإرث، دون أنيفرق بين عدة الطلاق الرجعي و عدة الطلاق البائن .
و خلاصة القول أن حكم الطلاقفي مرض الموت هو طلاق صحيح شرعا و قانونا و لا يجوز الطعن فيه أو الادعاء ببطلانه وأن حق التوارث يبقى قائما لصالح الزوجين إذا مات أحدهما أتناء عدة الطلاق الرجعي، ويبقى قائما لصالح الزوجة المطلقة وحدها إذا مات مطلقها أثناء عدة الطلاق البائن أوبعدها كلما ثبت أن الزوج قد طلقها في مرض الموت بقصد حرمانها من حقها في التركة وهذا ما يسمى عند الفقهاء بطلاق الفرار الذي يستوجب معاملة المطلق بنقيض قصده.
وبمأن الطلاق هو من حقوق الزوج فإنه يجوز له توكيل غيره في إيقاعه و ينصرف هذا الأثرإلى الزوج ، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها إذ جاء فيه أنه من المقررقانونا أن الوكالة أو الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيءلحساب الموكل و باسمه و أن الوكالة الخاصة الرسمية تصح للمرافعة أمام القضاء .
ومن المقرر أيضا أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبهاالمادية.
و من ثمة يتعين القول أن الزوج الذي وكل والده نيابة عنه في إجراءاتالتقاضي في دعوى الطلاق موضوع النزاع الحالي بناءا على وكالة رسمية والتي تحدثآثارها القانونية عكس ما ذهبت إليه الطاعنة بالقول لا تصح الوكالة في مثل هذهالحالات، إلا أن ما يؤخذ على قضاة الاستئناف عدم قبول الاستئناف شكلا من دون مراعاةأحكام المادة 102 ق . إ . م بدعوى أن الطلاق نهائي و كان المفروض النظر في مسألةالاستئناف و بعد قبوله ينظر في موضوع الطلاق و يحكم بعدم الاختصاص لكون الحكم صدرنهائيا .
و بصفة عامة فإن المعمول به في حالة تقصان الأهلية هو رفع الدعوى منولي الزوج ناقص الأهلية أو ضده ، و في حالة المنازعة في الأهلية فإنه يعود الأمرللقاضي لتقدير نقص الأهلية من عدمه و ذلك بتعيين خبير مختص لإجراء خبرة حول المسألة .
و تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي في هذا المجال يعتبر أن القاصر يرشدبالزواج بقوة القانون وأن هذا الترشيد شرعي و آلي، بل أكثر من ذلك فهو يعتبر كنتيجةللإرادة الضمنية للآباء ، وأن الضرورة الحتمية تفرض اعتبار الترشيد كأثر للزواج ذلكأن الزوج يصبح رئيس للعائلة و عليه ينبغي أن يتمتع ببعض الحرية في ممارسة وظيفته وكذلك الزوجة فهي تتحمل أعباء الأسرة و عليه ينبغي الاعتراف لهما بحد أدنى منالاستقلالية عن الآباء .
و من ثمة فان الزوج القاصر متى تزوج أصبح أهلا لانيرفع دعوى الطلاق أو أن ترفع ضده.
في حين لم يتناول المشرع الجزائري هذه المسألةبل سكت عن ذلك و السكوت معناه الإحالة على القواعد العامة ، و مع ذلك نجد المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري تنص على ما يلي :… و لو تجاوز السادسة عشر منعمره و لم يصبح بعد راشدا بالزواج …. و عليه إذا أخدنا بحرفية النص يمكن القــولأنالمشرع الجزائري يأخذ ضمنيا بفكرة الترشيد إلا أن الراجح أن المسالة لا تعدوا إلاأن تكون مجرد خطأ مطبعي أو سهو عندما تم الاقتباس من القانون الفرنسي.
و الرأيعندنا هو انه ينبغي على المشرع أن يتدخل لتقنين هذه المسالة ذلك أن مسالة كون الرجلأو المرأة يتحمل اعباء أسرة بأكملها و في الوقت نفسه لا يملك أن يباشر حقوقهالإجرائية من رفع الدعاوى و الدفاع عن نفسه بنفسه في حالة رفعها ضده تنطوي على نوعمن التناقض.
و في الختام ينبغي التنويه إلى أن الأستاذ زودة عمر يعتبر الأهليةشرط من شروط صحة المطالبة القضائية و ليس لقبول الدعوى ذلك أن تخلفها يترتب عليهدفع شكلي في حين أن تخلف شروط قبول الدعوى يترتب عليها دفع بعدم القبول .
و أماالصفة فإن المقصود بها هو أن يكون صاحب الحق حل اعتداء هوالذي يباشر الحق في الدعوىالتي ترفع من اجل تقرير هذا الحق أو حمايته.
وعليه فإن الصفة هي الوصف الذييسحب على الأطراف فإذا رفعت الدعوى على غير ذي صفة يحكم بعدم قبول الدعوى، والمفروض أن الصفة تثبت لكل شخص تم الاعتداء على حقه غير انه قد يوجد هذا الشخص فياستحالة مادية أو قانونية تمنعه من استعمال حقه في الدعوى أمام القضاء و لذلك تباشرهذه الدعوى بواسطة ممثله القانوني، في هذه الحالة تثبت للممثل القانوني ما يعرفبالصفة الإجرائية.
و نجد انه في حالة تخلف الصفة الإجرائية يترتب عليها بطلانالإجراءات كما أن زوال الصفة في الدعوى يؤدي إلى انقضائها في حين أن زوال الصفةالإجرائية يؤدي إلى انقطاعها.
و الصفة في دعاوى إثبات الطلاق معناها أن يكونأحد الزوجين الذي يرفع دعواه ضد الزوج الآخر له صفة في إقامة هذه الدعوى و تقديمهاإلى المحكمة، بمعنى انه يجب لتحقيق هذا الشرط أن يكون المدعي هو الزوج أو الزوجةنفسها أو احد ممثليهما قانونا.
وتثبت الصفة في الدعوى بتقديم الزوج طالب الطلاقنسخة من عقد الزواج وفي هذا الصدد نص القانون رقم 224-63 الصادر في 29/06/1963والخـاصبتحديد سن الزواج قد نص في المادة 05 منه على أنه : لا يجوز لأحد أن يدعيبأنه زوج وأن يطالب بما يترتب على الزواج من آثار مالم يقدم عقد زواج محرر و مسجلفي سجلات الحالة المدنية .
أما في دعوى اثبات الطلاق العرفي فإنه طالما أن هذهالدعوى قد فرضت نفسها في الواقع فإنه يجب التطرق لها و عليه فالصفة تثبت لكل منالزوجين و لورثتهما في حالة الوفاة مع العلم انه في حالة كون احد الزوجين قاصرافانه يملك الصفة الموضوعية دون الصفة الإجرائية.
و أما بالنسبة لشرط المصلحةفانه بالنسبة للزوج أو الزوجة أو الورثة في حالة الطلاق العرفي فانه من مصلحتهمإثبات وقوع الطلاق، و تظهر هذه المصلحة بصفة خاصة في دعاوى اتبات الطلاق العرفي وخاصة حالة إعادة الزوجة الزواج أو تزوج الزوج بأخت الزوجة أو برابعة، أما بالنسبةللورثة فان مصلحتهم تتمثل في ثبوت الميراث من عدمه.
ب- أداة رفع الدعوى إلى المحكمة :ترفع دعوى الطلاق أمامالمحكمة وفقا للطرق المنصوص عليها بالمادة 12 من ق.إ.م و ذلك إما بإيداع عريضةمكتوبة و مؤرخة و موقعة من المدعي أو من محاميه لدى مكتب الضبط بالمحكمة ، وإمابحضور المدعي نفسه أمام المحكمة و في هذه الحالة يتولى كاتب الضبط أو أحد أعوانمكتب الضبط تحرير محضر بتصريحات المدعي الذي يوقع عليه أو يذكر أنه لا يحسن التوقيع .
ومن تحليل هذه المادة يتضح لنا أنه هناك طريقتان لرفع الدعوى أمام المحكمةوهما :
– طريقة تقديم عريضة مكتوبة حيث يقوم المدعي بتقديم عريضته مؤرخة و موقعةعلى نسختين إلى أمانة ضبط المحكمة ولا يطلب منه القانون أن يبين الأسباب التـيدفعـتـه
إلى الطلاق لأن الأمر يتعلق باستعمال الحق الإرادي ، و تعتبر العريضةأحد العناصر الشكلية لممارسته ويجب أن يشير فيها إلى اسمه و لقبه و عنوانه و مهنته، وإلى اسم ولقب وعنوان ومهنة زوجته .
– طريقة التصريح الشفوي : و تكون بتصريحالمدعي لدى أمانة ضبط المحكمة بإرادته مع تقديمه له جميع بياناته و بيانات خصمه .
وهنا يحرر الكاتب محضرا بطلبات المدعي و أقواله ثم يقدمه له للتوقيع عليه وانكان المدعي لا يحسن التوقيع أو لا يستطيع ذلك فلا ينبغي على الكاتب أن يضع بصمتهعلى المحضر وإنما ينوه في آخره بأن المدعي لا يحسن التوقيع .
و في الواقعالعملي نجد أنه لا أثر للطريقة الثانية فالمعمول به فقط هو الطريقة الأولى و هيتقديم عريضة مكتوبة على نسختين تتضمن كافة الشروط و تكون مرفقة بعقد الزواج و بيانعائلي ثم يدفع المدعي أو ممثله الرسم القضائي.

المطلب الثاني: تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق .
بعد رفع الدعوى يقوم الكاتب بتسجيل القضية في السجل المخصصلذلك ويمنح لها رقما خاصا و يسلم للمدعي وصلا يحمل رقم القضية و تاريخ تسجيل الدعوىو تاريخ الجلسة الذي يجب أن يحضر فيه مرفقا بالتكليف بالحضور و الذي يعد قرينة علىعلم المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ، فإذا لم يحضر بذلك التاريخ قضى القاضي بشطبالدعوى طبقا للمادة 35 من ق.إ.م
أما إذا غاب المدعى عليه فإن القاضي يفصل فيالقضية غيابيا في حقه بعد منحه أجلا للحضور .
و نظرا لخصوصية دعوى إثبات الطلاقالعرفي و خاصة و أنها وليدة العمل القضائي و لم يرد نص صريح بشأنها فإن التطبيقاتالقضائية تذهب إلى عقد جلسة الصلح أولا و يتم فيها سماع كل من الزوجين حول واقعةالطلاق المدعى بها ثم فيما بعد يتم إجراء تحقيق بسماع الشهود لتأكيد الواقعة وهذاعلى خلاف دعوى إثبات الطلاق بالإرادة المنفردة و التـي يقــوم القاضي فيها فقطبتأجيل القضية قصد إجراء الصلح ، ومتى كان الأمر كذلك وجب التطرق أولا إلى كيفيةتعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق ثم إلى كيفية تعامله مع دعوى الطلاق العرفي ،فكيف يتم ذلك ؟
الفرع الأول : تعاملقاضي الأحوال الشخصية مع دعوى الطلاق
بالإرادة المنفردة .

القاعدة العامة أن الحكم القضائي الصادر بفك الرابطةالزوجية بالإرادة المنفردة للزوج هو حكم تقريري يقتصر فيه دور القاضي على تكريسإرادة الزوج و الكشف عنها إلا أن المشرع جعل له طابع الإنشاء رغم هذه الخاصية ، ومن ثمة خصه بإجراءات متميزة ينبغي إتباعها و إلا تعرض الحكم للنقض و الإبطال وتتجلى هذه الإجراءات بصفة خاصة في ضرورة إجراء الصلح، أما فيما يخص التحكيم فإنمجاله هو حالة الخصام طويل الأمد بين الزوجين مع عدم ثبوت الضرر وهذا ما تقضي بهالمادة 56 من ق.أ، و على هذا الأساس سوف نتعرض في هذا الفرع إلى إجراء الصلح كإجراءجوهري في جميع دعاوى الطلاق بالإضافة إلى مسألة عرض القضايا المتعلقة بالطلاق علىالنيابة العامة و مدى إلزامية هذا الإجراء .
أ- إجراء الصلح : تنص المادة 49 من ق. أ على ما يلي : لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضيدون أن تتجاوز هذه المدة ثلاثة أشهر .
ما يلاحظ على هذه المادة أنها أكدت علىعدم إمكانية الفصل في دعاوى الطلاق إلا بعد إجراء القاضي لمحاولة الصلح بين الزوجين، وذلك في مدة أقصاها 3 أشهر ، وهذا الإجراء من النظام العام لا يجوز الاتفاق علىما يخالفه فإذا لم يحترم كان الحكم الصادر بالطلاق عرضة للنقض من المحكمة العليا وذلك على أساس الخطأ في تطبيق القانون و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الذيجاء فيه : من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة
الصلح منطرف القاضي ، وعند نشوز أحد الزوجين يحكم القاضي بالطلاق …… و من ثمة فإن القضاءبما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون .
و قد جاء في قرار آخر للمحكمةالعليا أنه من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرفالقاضي و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون
وتجدر الإشارة إلى أنه عندما صدر قانون الإجراءات المدنية في سنة 1966 كان قد نص فيالمادة 17 منه على وجوب القيام بمحاولة الصلح في كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصيةقبل الفصل في الموضوع و لا سيما إذا كانت الدعوى تهدف إلى الطلاق و انحلال عقدالزواج، كما نص على وجوب أن يحرر القاضي محضرا بما تم التصالح عليه تكون له قوةالحكم و قابليته للتنفيذ، أو يحرر محضرا بفشل محاولة الصلح و دعوة الزوجين إلى جلسةعلنية للمحاكمة، و قبل ذلك كانت المادة 13 من المرسوم رقم 59/1082 الخاص باللائحةالتنفيذية المكملة للأمر رقم 95/274 المتضمن تنظيم عقود الزواج المبرمة في ولايتيالساورة و الواحات تنص على أنه للقاضي بعد سماع مزاعم الزوجين أن يصرح للمدعي منهمابدعوة المدعى عليه إلى جلسة صلح، ويسمع كل واحد منهما على انفراد في مكتبه و بدونحضور الوكلاء والمحامين و لا حتى كاتب الضبط، وفي حالة فشل محاولة الصلح أو غيابالمدعى عليه يثبت القاضي ذلك في محضره و يستدعي الزوجين رسميا لحضور الجلسة و يفصلفي الموضوع .
وعندما عدلت المادة 17 أصبحت تنص على أنه يجوز للقاضي مصالحةالأطراف أثناء نظر الدعوى في أية مادة كانت ، و بذلك أصبحت إجراءات الصلح شاملةلجميع الدعاوى المدنية بما فيها دعاوى الزواج و الطلاق ، و أصبحت أيضا اختياريةتخضع لتقدير القاضي ولكن و بعد صدور قانون الأسرة في سنة 1984 نصت المادة 49 منهعلى وجوب الصلح إلا أنها أغفلت النص على وجوب تحرير محضر بالصلح أو بعدم الصلح ،وأغفلت كذلك ما يجب على القاضي أن يفعله بعد فشل محاولة الصلح أو نجاحها . إلا أنالمنطق الإجرائي يقتضي أن يقوم قاضي الأحوال الشخصية باستدعاء الزوجين إلى مكتبهليسمع مزاعم كل منهما تجاه الآخر ثم يحاول الإصلاح بينهما قدر الإمكان ، وسواء فشلفي ذلك أم نجح فإنه ينبغي عليه أن يحرر محضرا بما توصل إليه يلحقه بملف الدعوى ثميحيل الطرفين إلى حضور جلسة علنية تنعقد ضمن الجلسات المقررة للمحكمة ، وعندئذ يقعالنقاش في الموضوع ليصدر فيما بعد حكمه وفقا للإجراءات العادية .
و في حالةتصالح الزوجين فإن النزاع بينهما ينتهي و ما يبقى أمام القاضي إلا الإشهاد بوقوعالصلح و هذا ما جاء في قرار المحكمة العليا إذ ذهبت إلى أنه من المقرر قانونا أنالصلح عقد ينهي به الطرفان النزاع القائم أو يتوقيان به نزاعا محتملا و ذلك بأنيتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه …..
و متى تبين في قضية الحال أن قضاةالمجلس لما قبلوا الإستئناف قي الحكم القاضي بالصلح المقام بين الطرفين و الذي شهدتعليه المحكمة أخطأوا في تطبيق القانون ، لأن الإستئناف لا يرفع إلا ضد الأحكام التيصدرت إثر نزاع بين الأطراف بخلاف الصلح الذي يبرم بين الأطراف الذين جعلوا حدا لهذاالنزاع وأن المحكمة ينحصر دورها ف مراقبة صحة و سلامة هذا الصلح ….
و تجدرالملاحظة أن القاضي و بعد أن تصبح القضية جاهزة للحكم و قبل أن يضعها في النظر يقومبعرض الملف على النيابة العامة وفقا لما تقضي به المادة141 من ق.إ.م فما مدىإلزامية هذا الإجراء لقاضي الدرجة الأولى؟
الفرع الثاني : شروط رفع دعوى إثبات الطلاق
.

أ- الشروط الواجبتوافرها في الزوجين:
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 459ق.إ.م على أنه لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالم يكن حائزا لصفة و أهليةالتقاضي و له مصلحة في ذلك
فأما الأهلية فإن القانون المدني يعرفها بأنها صلاحيةالشخص لكسب الحقوق و التحمــل بالالتزامات والأهلية في الاصطلاح القانوني علــىنوعين:أهليــة وجوب وأهلية أداء.
والمقصود بالأهلية في مجال الخصومات الزوجيةهو أهلية التقاضي أمام المحكمة بمعنى أنه إذا تنازع الزوجان و تخاصما خصاما شديدافإنه لكي تنظر المحكمة في موضـوع
نزاعهما يجب أن يكون كل واحد منهما متمتعابأهلية التقاضي و بالغا سن الرشد المدني و هو 19سنة من العمر كاملة وفقا لما نصتعليه المادة 40 ق . م و متمتعا أيضا بقواه العقلية و ألا يكون محجورا عليه لأنه لايجوز للمحكمة أن تقبل دعوى من أو على شخص فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بواسطة ممثلهالقانوني ، هذا بتطبيق القواعد العامة إلا أن مسألة الطلاق في حد ذاتها لهاخصوصيتها إذ أنها حق شخصي للزوج وأن الحجر يقع على ممارسة الحقوق المالية فقط لذلكفإنه في الشرع الإسلامي يجوز للزوج المحجور عليه طلاق زوجته ، ومن ثمة وطالما لميتعرض قانون الأسرة لهذه المسألة فلا مانع من تبني ما ذهب إليه فقهاء الشريعةالإسلامية في هذا المجال ، و تبقى مسألة اللجوء إلى القضاء مسألة إجرائية .
والأمر نفسه فيما يخص طلاق المريض مرض الموت مما يجعلنا نعود إلى أحكام الشريعةالإسلامية في هذا المجال و لاسيما ما يتعلق منها بصحة الطلاق و إمكانية التوارث بينالزوجين إذا حدثت الوفاة خلال أو اثر مرض الموت .
لقد أجمع الفقهاء على صحةالطلاق الواقع في مرض الموت و على التوارث أتناء عدة الطلاق الرجعي و اختلفوا علىمدة و زمان إمكانية التوارث أتناء عدة الطلاق البائن.
أما قانون الأسرةالجزائري فقد اكتفى بالنص في المادة 132 منه على انه : إذا توفي أحد الزوجين قبلصدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة الطلاق استحق الحي منهما الإرث، دون أنيفرق بين عدة الطلاق الرجعي و عدة الطلاق البائن .
و خلاصة القول أن حكم الطلاقفي مرض الموت هو طلاق صحيح شرعا و قانونا و لا يجوز الطعن فيه أو الادعاء ببطلانه وأن حق التوارث يبقى قائما لصالح الزوجين إذا مات أحدهما أتناء عدة الطلاق الرجعي، ويبقى قائما لصالح الزوجة المطلقة وحدها إذا مات مطلقها أثناء عدة الطلاق البائن أوبعدها كلما ثبت أن الزوج قد طلقها في مرض الموت بقصد حرمانها من حقها في التركة وهذا ما يسمى عند الفقهاء بطلاق الفرار الذي يستوجب معاملة المطلق بنقيض قصده.
وبمأن الطلاق هو من حقوق الزوج فإنه يجوز له توكيل غيره في إيقاعه و ينصرف هذا الأثرإلى الزوج ، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها إذ جاء فيه أنه من المقررقانونا أن الوكالة أو الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيءلحساب الموكل و باسمه و أن الوكالة الخاصة الرسمية تصح للمرافعة أمام القضاء .
ومن المقرر أيضا أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبهاالمادية.
و من ثمة يتعين القول أن الزوج الذي وكل والده نيابة عنه في إجراءاتالتقاضي في دعوى الطلاق موضوع النزاع الحالي بناءا على وكالة رسمية والتي تحدثآثارها القانونية عكس ما ذهبت إليه الطاعنة بالقول لا تصح الوكالة في مثل هذهالحالات، إلا أن ما يؤخذ على قضاة الاستئناف عدم قبول الاستئناف شكلا من دون مراعاةأحكام المادة 102 ق . إ . م بدعوى أن الطلاق نهائي و كان المفروض النظر في مسألةالاستئناف و بعد قبوله ينظر في موضوع الطلاق و يحكم بعدم الاختصاص لكون الحكم صدرنهائيا .
و بصفة عامة فإن المعمول به في حالة تقصان الأهلية هو رفع الدعوى منولي الزوج ناقص الأهلية أو ضده ، و في حالة المنازعة في الأهلية فإنه يعود الأمرللقاضي لتقدير نقص الأهلية من عدمه و ذلك بتعيين خبير مختص لإجراء خبرة حول المسألة .
و تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي في هذا المجال يعتبر أن القاصر يرشدبالزواج بقوة القانون وأن هذا الترشيد شرعي و آلي، بل أكثر من ذلك فهو يعتبر كنتيجةللإرادة الضمنية للآباء ، وأن الضرورة الحتمية تفرض اعتبار الترشيد كأثر للزواج ذلكأن الزوج يصبح رئيس للعائلة و عليه ينبغي أن يتمتع ببعض الحرية في ممارسة وظيفته وكذلك الزوجة فهي تتحمل أعباء الأسرة و عليه ينبغي الاعتراف لهما بحد أدنى منالاستقلالية عن الآباء .
و من ثمة فان الزوج القاصر متى تزوج أصبح أهلا لانيرفع دعوى الطلاق أو أن ترفع ضده.
في حين لم يتناول المشرع الجزائري هذه المسألةبل سكت عن ذلك و السكوت معناه الإحالة على القواعد العامة ، و مع ذلك نجد المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري تنص على ما يلي :… و لو تجاوز السادسة عشر منعمره و لم يصبح بعد راشدا بالزواج …. و عليه إذا أخدنا بحرفية النص يمكن القــولأنالمشرع الجزائري يأخذ ضمنيا بفكرة الترشيد إلا أن الراجح أن المسالة لا تعدوا إلاأن تكون مجرد خطأ مطبعي أو سهو عندما تم الاقتباس من القانون الفرنسي.
و الرأيعندنا هو انه ينبغي على المشرع أن يتدخل لتقنين هذه المسالة ذلك أن مسالة كون الرجلأو المرأة يتحمل اعباء أسرة بأكملها و في الوقت نفسه لا يملك أن يباشر حقوقهالإجرائية من رفع الدعاوى و الدفاع عن نفسه بنفسه في حالة رفعها ضده تنطوي على نوعمن التناقض.
و في الختام ينبغي التنويه إلى أن الأستاذ زودة عمر يعتبر الأهليةشرط من شروط صحة المطالبة القضائية و ليس لقبول الدعوى ذلك أن تخلفها يترتب عليهدفع شكلي في حين أن تخلف شروط قبول الدعوى يترتب عليها دفع بعدم القبول .
و أماالصفة فإن المقصود بها هو أن يكون صاحب الحق حل اعتداء هوالذي يباشر الحق في الدعوىالتي ترفع من اجل تقرير هذا الحق أو حمايته.
وعليه فإن الصفة هي الوصف الذييسحب على الأطراف فإذا رفعت الدعوى على غير ذي صفة يحكم بعدم قبول الدعوى، والمفروض أن الصفة تثبت لكل شخص تم الاعتداء على حقه غير انه قد يوجد هذا الشخص فياستحالة مادية أو قانونية تمنعه من استعمال حقه في الدعوى أمام القضاء و لذلك تباشرهذه الدعوى بواسطة ممثله القانوني، في هذه الحالة تثبت للممثل القانوني ما يعرفبالصفة الإجرائية.
و نجد انه في حالة تخلف الصفة الإجرائية يترتب عليها بطلانالإجراءات كما أن زوال الصفة في الدعوى يؤدي إلى انقضائها في حين أن زوال الصفةالإجرائية يؤدي إلى انقطاعها.
و الصفة في دعاوى إثبات الطلاق معناها أن يكونأحد الزوجين الذي يرفع دعواه ضد الزوج الآخر له صفة في إقامة هذه الدعوى و تقديمهاإلى المحكمة، بمعنى انه يجب لتحقيق هذا الشرط أن يكون المدعي هو الزوج أو الزوجةنفسها أو احد ممثليهما قانونا.
وتثبت الصفة في الدعوى بتقديم الزوج طالب الطلاقنسخة من عقد الزواج وفي هذا الصدد نص القانون رقم 224-63 الصادر في 29/06/1963والخـاصبتحديد سن الزواج قد نص في المادة 05 منه على أنه : لا يجوز لأحد أن يدعيبأنه زوج وأن يطالب بما يترتب على الزواج من آثار مالم يقدم عقد زواج محرر و مسجلفي سجلات الحالة المدنية .
أما في دعوى اثبات الطلاق العرفي فإنه طالما أن هذهالدعوى قد فرضت نفسها في الواقع فإنه يجب التطرق لها و عليه فالصفة تثبت لكل منالزوجين و لورثتهما في حالة الوفاة مع العلم انه في حالة كون احد الزوجين قاصرافانه يملك الصفة الموضوعية دون الصفة الإجرائية.
و أما بالنسبة لشرط المصلحةفانه بالنسبة للزوج أو الزوجة أو الورثة في حالة الطلاق العرفي فانه من مصلحتهمإثبات وقوع الطلاق، و تظهر هذه المصلحة بصفة خاصة في دعاوى اتبات الطلاق العرفي وخاصة حالة إعادة الزوجة الزواج أو تزوج الزوج بأخت الزوجة أو برابعة، أما بالنسبةللورثة فان مصلحتهم تتمثل في ثبوت الميراث من عدمه.
ب- أداة رفع الدعوى إلى المحكمة :ترفع دعوى الطلاق أمامالمحكمة وفقا للطرق المنصوص عليها بالمادة 12 من ق.إ.م و ذلك إما بإيداع عريضةمكتوبة و مؤرخة و موقعة من المدعي أو من محاميه لدى مكتب الضبط بالمحكمة ، وإمابحضور المدعي نفسه أمام المحكمة و في هذه الحالة يتولى كاتب الضبط أو أحد أعوانمكتب الضبط تحرير محضر بتصريحات المدعي الذي يوقع عليه أو يذكر أنه لا يحسن التوقيع .
ومن تحليل هذه المادة يتضح لنا أنه هناك طريقتان لرفع الدعوى أمام المحكمةوهما :
– طريقة تقديم عريضة مكتوبة حيث يقوم المدعي بتقديم عريضته مؤرخة و موقعةعلى نسختين إلى أمانة ضبط المحكمة ولا يطلب منه القانون أن يبين الأسباب التـيدفعـتـه
إلى الطلاق لأن الأمر يتعلق باستعمال الحق الإرادي ، و تعتبر العريضةأحد العناصر الشكلية لممارسته ويجب أن يشير فيها إلى اسمه و لقبه و عنوانه و مهنته، وإلى اسم ولقب وعنوان ومهنة زوجته .
– طريقة التصريح الشفوي : و تكون بتصريحالمدعي لدى أمانة ضبط المحكمة بإرادته مع تقديمه له جميع بياناته و بيانات خصمه .
وهنا يحرر الكاتب محضرا بطلبات المدعي و أقواله ثم يقدمه له للتوقيع عليه وانكان المدعي لا يحسن التوقيع أو لا يستطيع ذلك فلا ينبغي على الكاتب أن يضع بصمتهعلى المحضر وإنما ينوه في آخره بأن المدعي لا يحسن التوقيع .
و في الواقعالعملي نجد أنه لا أثر للطريقة الثانية فالمعمول به فقط هو الطريقة الأولى و هيتقديم عريضة مكتوبة على نسختين تتضمن كافة الشروط و تكون مرفقة بعقد الزواج و بيانعائلي ثم يدفع المدعي أو ممثله الرسم القضائي.

المطلب الثاني: تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق .
بعد رفع الدعوى يقوم الكاتب بتسجيل القضية في السجل المخصصلذلك ويمنح لها رقما خاصا و يسلم للمدعي وصلا يحمل رقم القضية و تاريخ تسجيل الدعوىو تاريخ الجلسة الذي يجب أن يحضر فيه مرفقا بالتكليف بالحضور و الذي يعد قرينة علىعلم المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ، فإذا لم يحضر بذلك التاريخ قضى القاضي بشطبالدعوى طبقا للمادة 35 من ق.إ.م
أما إذا غاب المدعى عليه فإن القاضي يفصل فيالقضية غيابيا في حقه بعد منحه أجلا للحضور .
و نظرا لخصوصية دعوى إثبات الطلاقالعرفي و خاصة و أنها وليدة العمل القضائي و لم يرد نص صريح بشأنها فإن التطبيقاتالقضائية تذهب إلى عقد جلسة الصلح أولا و يتم فيها سماع كل من الزوجين حول واقعةالطلاق المدعى بها ثم فيما بعد يتم إجراء تحقيق بسماع الشهود لتأكيد الواقعة وهذاعلى خلاف دعوى إثبات الطلاق بالإرادة المنفردة و التـي يقــوم القاضي فيها فقطبتأجيل القضية قصد إجراء الصلح ، ومتى كان الأمر كذلك وجب التطرق أولا إلى كيفيةتعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق ثم إلى كيفية تعامله مع دعوى الطلاق العرفي ،فكيف يتم ذلك ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *