[فلسفة] - مقالات فلسفية للعلميين | منتديات الدراسة الجزائرية

[فلسفة] مقالات فلسفية للعلميين

_قارن بين المشكلة والإشكالية
نعالج بطريقة المقارنة
.إن الإنسان يواجه اتجاه وجوده غموض وجهل نهائي أمام صعوبات وعوائق جمة ليس الإنسان بمعناه العام بل الإنسان بمعناه الخاص لدى الفلاسفة و العلماء و المفكرين اللذين يعانون و يلهمون بكل عقولهم وبكل كيانهم هذا الوجود فهناك من القضايا والأمور التي تعتبر مشكلات وهناك من الأمور التي تعتبر إشكاليات والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ما العلاقة الموجودة بين المشكلة و الاشكاليه ؟
وبمعيار آخر : ما الفرق بين المشكلة و الاشكاليه؟
. انه إذا ما نظرنا الى موضوعي المشكلة الاشكاليه من باب الموضوعية وجدنا هناك اختلاف بين كل منهما يتجلى في بعض النقاط وهي إن المشكلة عبارة عن تساؤل قد يستدرك جوابا مقنعا و مجال المشكلة فعلق و في هذا الصدر يقول ‹سقراط› " كل ما اعرفه هو إني لا اعرفه "بينما الإشكالية فهي عبارة عن طرح تساؤل دائم يعاني القضايا الصعبة في هذا الوجود و الإجابة عنها تكون غير مقنعة من جهة أخرى يقول‹كارل يا سبرنس› يدفعني للاندهاش إلىالمعرفة يشعرني بجهلي .و معنى هذا أن المشكلة عبارة عن ااضطراب لدى الإنسان من زاوية الإحراج كذلك فالمشكلة تدل على وجود صعوبة وغموض و القياس أما الإشكالية فهي تعبر مشكلتي أو أكثر وكذلك فالمشكلة لها ضيق مغلق إما الإشكالية فهي واسعة مفتوحة على هذا الوجود ومن جهة أخرى فا الإشكالية تحتوي مقارنة عكس المشكلة التي لا تحتوي على أي صورة من المفارقات
(التناقص -التضاد-.التعاكس ) انه رغم التباين و الاختلاف بين المشكلة و الإشكالية الآن هناك اتفاق و التقاء بينهما يتجلى في عدة نقاط حيث ان
كلامهما يبحث عن الحقيقة و كذلك فكلامهما ينشا في حاجة حتمية للالنسا ن إلى البحث و الكشف عن أسرار هذا المحيط الذي نعيشه و ان كلامهما
سبيلان للمعرفة و كذلك فكلامهما من القلق و الإثارة تجاه غموض ما بالإضافة إلى هذا الالتقاء المتبادل بينهما ما يسمى الإرادة و الحافز تجاه
البحث عن اليقين و كذلك كلامهما يطرح على شكل علامة استفهام إن طبيعة العلاقة بين المشكلة و الإشكالية هي علاقة تداخل و تكافلا وظيفي بينهما فالمشكلة هي عبارة عن فرح من أصل الأم و هي الإشكالية وكآ مثل ذلك بعض المفكرين بان الإشكالية عبارة عنمظلة تتسع بكل المشكلات كمشكلة الأخلاق و المنطق و الميتافيزيقياو الطبيعة إذن هناك علاقة تداخل وطيدة الصلة بين المشكلة و الإشكالية إن العلاقة بين المشكلة و الإشكالية كعلاقة الإنسان بالحياة فمهما تعمق الإنسان في فهم هذا الوجود فانه يجد نفسه في لا تناهي من الغموض اتجاه الظواهر المطروحة في هذا الوجود من هنا نستنتج ان هناك علاقة وطيدة الصلة بين المشكلة و الإشكالية .




02_قارن بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي يعالج بطريقة ا لمقارنة .انه لا شك فيه أن معرفة هذا الوجود لنا تأتي دون مد العقل بفكر انه السؤال الذي يطرح نفسه من الإنسان المريد الراغب في البحث عن حقائق هذا الوجود و بدون السؤال لن تتولد لنا حقائق و لا معارف أبدا عن ذلك العالم و مادام السؤال وجد مع وجود عقل الإنسان قطعية و بهاو إن مجالات الحياة مختلفة و متعددة فان الأسئلة ستكون متعددة هذا ما يجعل السؤال العلمي و السؤال الفلسفي و في ظل هذا كله يمكننا طرح تساؤلات عدة وهي ..ما العلاقة ا لبين السؤال العلمي السؤال العلمي و السؤال الفلسفي ؟ و بعبارة أخرى .. ماالفرق بين السؤال العلمي و السؤال الفلسفي ؟
.ان النظرة المدققة و المعمقة لموضوعي السؤال الفلسفي السؤال العلمي تجعلنا نستوقف أنفسنا وقفة تدبر و إدراك روعي على نقاط الاختلاف المتواجد بينهما حيث ان السؤال العلمي مجاله عالم المحسوسات أي عالم الطبيعة وما تستوجبه من التخصصات الجزئية أما بالنسبة للسؤال الفلسفي فانه يتخذ من عالم الماورائيات (عالم ما وراء الطبيعة)مجالا له و من جهة أخرى فالسؤال الفلسفي يتناول الكون من الناحية النظرية أي النظر العقلي التأملي إما السؤال العلمي فانه يتناول الكون من الناحية التطبيقية على أساس الواقع العقلي الملموس القائم على التجربة و الحواس بحيث دراسته دراسة جزئية والسؤال الفلسفي يقتضي عقلا تركيبيا بينما السؤال العلمي فهو يقتضي عقلا تحليليا و كذلك فالسؤال الفلسفي لا ينتهي إلى نتائج قطعية إما السؤال العلمي فانه يصل إلى نتائج قطعية و من جهة أخرى نجد إن السؤال الفلسفي يعتمد على التقدير الكيفي الوصفي أما السؤال العلمي فهو
يعتمد على التقدير الكمي الرياضي و كذلك فالسؤال العلمي يستعمل المنهج التجريبي الاستقرائي الذي يقوم على المشاهدة و التجربة بينهما السؤال الفلسفي فهو يستعمل المنهج الاستنباطي انه إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين كل من السؤال العلمي و السؤال الفلسفي وجدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في مجموعة من النقاط تتجلى في ان كل من السؤال العلمي و السؤال الفلسفي قد نشا في حاجة حتمية للإنسان إلى البحث و الكشف عن إسرار هذا المحيط الذي نعيش فيه و كذلك فإنهما مصدر للمعرفة الإنسانية منذ ولادة الإنسان على وجه الأرض و يشتركان كذلك في تقديم حقائق نسبية لا مطلقة و كذلك كلامهما يطرح على شكل استفهام و كذلك يثيران الإنسان المفكر والفضول يدفعان بالتعلم إلى البحث و كذلك كلامهما يبحث عن الحقائق. . .إن طبيعة العلاقة بين السؤال العلمي و السؤال الفلسفي هي علاقة وظيفية فعالة و خدمة متبادلة دائما بلا انقطاع فالسؤال العلمي و السؤال الفلسفي مكملين لبعضهما البعض حيث إن السؤال العلمي يخدم السؤال الفلسفي و هذا الأخير يخدم الأول
.ومن هنا نستنتج ان السؤال الفلسفي و السؤال العلمي لهما علاقة و ظيفية متبادلة بل هناك تواصل لا نهائي بينهما.






03 كيف يمكن تكذيب هذه الأطروحة ؟
_الأطروحة .إن المنطق الصوري القديم كاف لتوافق جميع العقول
يعالج بطريقة الاستقصاء بالرفع .
. انه هذه ما ذهبنا في التاريخ وجود المنطق و بروزه في هنا الوجود وجدنا انه بدا منذ وجود الإنسان و لكن من بابي الدراسة و البحث و الوعي به لم يبدأ إلا بعد إن أسسه أرسطو و هكذا العلم إن صح التعبير باعتباره جزءا لا يتجزأ من الفلسفة الأم و باعتبار أن المنطق الصوري الأرسطي يعتمد أساسا على منطق لغة الألفاظ أثيرت تساؤلات عدة حول عملية المنطق و السؤال الذي يطرح في هذا المقام هو إلى أي حد يمكن للمنطق الصوري الأرسطي إن يصح الفكر و يصر بيه ؟
.إن هناك فلاسفة و مفكرين و علماء حاولوا إعطاء نظرة مشروعية و نوعية حول المنطق الصوري القديم أمثال وضع هذا المنطق أرسطو الذي يعرفه بأنه آلة العلم و صورته أي إنها هي الآلة التي تعتصم الفكر من الوقوع في الخطأ فالمنطق الصوري منهج يعودنا ترتيب أفكارنا و تأسيسها في صورة منطقية سليمة فخطابنا لا يكون مفهوما إلا إذا كان مؤسسا و مهندسا و كذلك فالمنطق يعطينا القدرة على فحص استقلال الآخرين و ردها أو فيولها و كذلك فالمنطق ينبهنا إلى الأخطاء الشائعة لدى اغلب الناس بالخلط بين التناقص و التضاد علاوة على ذلك فقد اعدوا المنطق منه مختلف العلوم.
.من جهة أخرى فالمنطق سر الكل من قيود العاطفة و كذلك فالمنطق يتبع أسلوب الاستدلال القائم على الاستنتاج مما يجعله فكرا برهانينا تحليليا و المنطق يعتمد على قواعد تحصنه من التناقص حتى يكون سليما و كذلك فهو الأسلوب الذي نستطيع ان نفرق بها بين الصواب و الخطأ لا أعده الكثير خاصة في العصور الوسطى اصدق معيار يمكن الاستعانة به لدراسة العلوم و من هنا اعتبر المنطق الأرسطي منهجا يعود الإنسان الوقوع في الأخطاء و بالتالي يصحح الفكر و يصوبه.
هناك جمهرة من الفلاسفة و المفكرين و علماء حاولوا إعطاء نظرة مشروعية حولا ولية المنطق الأرسطي إلا انه هناك من الفلاسفة من عارضهم بشدة أمثال "بيكون و كانط و ديكارت و غوبلو" وذلك بنقده و بذكر عيوبه . .ان الفكر قد ينطبق مع نفسه من الناحية الصورية المجردة ولكندون إن يقنع غيره بالمضمون الذي يحمله فقد يعبر عن قضية دينيةاو سياسية له كامل التعرف في إخفاء ما يريده من معنى على الحدود التي يستخدمها . ان استخدام اللغة الشائعة في المنطق الصوري أو التحليلي يؤدي إلى مغالطات و التباسات و العلم يتكلم لغة غاية في الدقة لغة الرياضيات لذا قيل إن الرياضيات هي الآلة الضرورية لجميع العلوم و قيل أيضا إن الرياضيات هي اللغة التي يجب إن يتحدث بها العالم يقول "بول فاليري" "ليس للمنطق إلا مزايا جد متواضعة حينما يستخدم اللغة العادية" فا لمنطق الصوري يصلح للمناقشة و الجدل أكثر مما يصلح للبحث عن الحقائق و اكتشافها و لما كان الغرض منه هو إقحام الخصم لا اكتشاف الحقيقة الموضوعية فان المنطق يتحول من الفلسفة للنحو هذا فضلا عن انه ضيق لا يعبر عن كل العلاقات المنطقية و كذالك هو منطق شكلي لا يراعي الواقع و أن له قواعد ثابتة لا تقبل التطور و هذا فصلا عن انه عقيم لان نتائجه متضمنة في المقدمات و أيضا في تعريفة : >الانتقال من مقدمات< إلا انه في التطبيق اعتمدوا


على مقدمتين فقط فهو منطق فارغ من محتواه يقول" بيكون"إن«القياس الأرسطي أجوف» أي أن نتائجه لا تأتي بشيء جديد زائد عن المقدمات فمثلا "كل التلاميذ حاضرون و مصطفى تلميذ أي أن مصطفى حاضر"و المعنى الحقيقي من هذا الطرح هو أن المنطق الأرسطي لا يأتي بشيء أي تحصيل حاصل و منه لا يمكن له أن يصحح الفكر و يصوبه ـ حقيقة المنطق أن بإمكانه أن يقوم الفكر و يصوبه و يوجهه توجيها صحيحا لا خطا في ذالك و لكن مع ذالك فا لمنطق الأرسطي القديم منطق تكراري عديم الجدوى لم يعطي الجديد بل هو فارغ من محتواه لعدم مواكبته لروح العصر فقد ظهر منطق جديد يسمى : "المنطق المادي" الحديث نيابة عن المنطق الأرسطي القديم.ومن هنا نستنتج أن المنطق الأرسطي القديم لا يستطيع أن يصحح الفكر و يصوبه لأنه أجوف وهو منطق تكراري عديم الجدوى.









04_المقولة: يقول "بيكون" أن « القياس الأرسطي أجوف » إن هذه المقولة خاطئة «غير صحيحة » كيف يمكن إثبات ذالك ؟ إن المنطق هو علم القواعد التي تجنب الإنسان في التفكير و ترشده إلى الصواب و المنطق معروف من قبل اليونان و لكن قاده الواضع لاول لهذا المنطق أرسطو بقواعده الممنهجة و المنظمة تنظيما محكما و لكن هناك كثير من الانتقادات و الاعتراضات من قبل الفلاسفة و المفكرين وجهت للمنطق الأرسطي القديم بأنه أجوف مثال ذالك "بيكون" الذي يقول أن « القياس الأرسطي أجوف» فكيف يمكن الرد على هذه الأطروحة؟ و كيف يمكن لنا تنفيذها ؟ إن المنطق الصوري الأرسطي أجوف أي أن نتائجه لا تأتي بشيء جديد زائد عن المقدمات حتى مع افتراض مطابقة المقدمات مع الواقع و استنتاج غير ما تتضمنه المقدمات يضيف إلى أخطائه إن النظرة التي تجعل من المنطق القديم أكمل ما أنتجه العقل البشري لتحقيق توافق العقول فيه كثير من المبالغة و الخطأ لأنه اجتهاد بشري لا يرقي إلى الكمال مهما كان فيه من مجال إبداع وبالتالي فله عيوب حاول إظهارها كل من > ديكارت و غوبلو وبيكون< إن الفكر قد ينطبق مع نفسه من الناحية الصورية المجردة ولكن دون أن يقتنع غيره بالمضمون الذي يحمله فقد يعبر عن قضيته دينية أو سياسية و له كامل التعرف في اقتناء ما يريده من معنى على الجذور التي يستخدمها يقول > بول فاليري< « ليس للمنطق إلا مزايا جد متواضعة حينما يستخدم اللغة العادية » وهذا يعني أن استخدام اللغة الشائعة في المنطق الصوري القديم يؤدي إلى مغالطات.



05_الأطروحة "العقل هو مقياس المعرفة الإنسانية "
كيف يمكن إثبات ذلك ؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع
.انه مما لا شك فيه إن التاريخ الفلسفي على شهادة تامة بذلك الصراع الدائر ين العقلانيين و التجريبيين في مجال المعرفة الإنسانية ولكن إذا ما شهدنا شهادة باعتراف لها قدمه العقلانيين تجاه الثروات الفلسفية و العلمية التي قادوا بها هذا الكون قدما نحو الإمام ففي ظل هذا الامتنان الكبير لدور العقل في معرفة هذا العالم هناك من يعتقد بان المعرفة تكمن في التجربة فقط .وكن هذا الاعتقاد غير صحيح لان العقل اسبق من التجربة و السؤال الذي يطرح نفسه؛إلى أي حد يمكن اعتبار هذا الاعتقاد صحيحا ؟ أو بعبارة أدق ؛إلى أي مدى يمكن اعتبار العقل مقياس للمعرفة الإنسانية؟
.إن المعرفة الإنسان لهذا الوجود وفق عقل يحرك كل شيء نحو النور الذي يضيء الحياة و هو إن مع القول الحاكم في الأمور و الحاسم بين تناقضات والله عز وجل أكرمنا بالعقول على سائر الموجودات هذا دلالة على إن العقل هو ميزان معرفة صدق الأشياء فالعقل قوة فطرية لدى جميع الناس فيملون منه المعارف و يطمئنون إليها و من الفلاسفة العقلانيين الذين يؤكدون على أولوية العقل في معارف الإنسان الفيلسوف الفرنسي "رونيه ديكارت"الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة ولقد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة "إنا أفكر إذن إنا موجود" هذا الكوجيقو الديكارتي الذي يرى انه لولا هذا العقل لمل استطعنا إن نعرف حقيقتنا و حقيقة الموجودات بيننا فالعقل يعتبر مصدر معرفتنا لأنفسنا و
للواقع اكبر دليل على أولوية العقل إن الوحي جاء يخاطب العقل ولا دين لمن لا عقل له و كذلك فالعقل يتأسس أصلا بالفطرة على مبادئ تعرف بالبديهيات أو الأولويات وهي مبادئ يدركها المرء بمجرد تفتحه من غبر حاجته إلى التجربة ولا يختلف قيها مع غيره من الناس لأنهم جميعا يملكون هذه المبادئ بالفطرة و في هذا الصدر يقول "ديكارت "{العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة.......}ومثال ذلك( المبادئ الفطرية) فكرة إن الله هو خالق هذا العالم و كذلك مبدأ الهوية و مبدأ عدم التناقض و كذلك التعريف بين الخير و الشر و كذلك فان للعقل القدرة على الاستدلال و البرهان ومثال ذلك التقدم الذي توصلنا إليه و هذا التطور على مستوى العالم عبر التاريخ و العقل يدرك الحقائق الكلية التي هي ضرورية شاملة و الواقع يوحي الجزيئات التي تزودنا بها الحواس و أحكام العقل ككليات ولا يمكن إن يكون جزئي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون العقل لأنه لو كان كذلك لكان الحيوان أحق بها إذا فالحواس تخدعنا دون تدخل العقل .وتصورات العقل مجرده وليست مادية وكذلك فان الأخلاق تستمد قواعدها الأولى من العقل كمسالة التعريف بين متناقضات الحياة كالخير والشر و الحق والباطل و العدل والظلم وكذلك فالحقائق الالاهية كفكرة الله هو الخالق تستمد من العقل لأنه في طبيعة العقل الخير ما يجعله خيرا ولا يمكن للإرادة البشرية أو الالاهية إن تغبر في ذلك من شيء .
.إن الأولويات الرياضية المنطقية تنشا بالعقل عن طريق الحدس كما يقول "أفلاطون" {لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات} فالرياضيات (المبادئ الرياضية ) لا تدرك بالتجربة ولا بالحواس بل عن طريق الحدس فالحدس هو نور نظري غريزي يمكن العقل من إدراك فكرة ما إدراكا مباشرا وهو لا يقوم على اختبار تجريبي ولا تأمل عقلي ولا يعتمد كذلك على الحواس ففكرة اللانهائي و وجود الله تدرك وتعرف بواسطة الحدس فقط ومن الفلاسفة العقلانيين اللذين أكدوا على إن العقل هو المقياس الأساسي و الوحيد للمعرفة "أرسطو و مالبرناش و أفلاطون و ديكارت " وكذلك الفرقة الإسلامية "المعتزلة" وذلك في قولهم {المعارف كلها معقولة بالعقل واجبة بنظر العقل .....} إذن يمكن اعتبار العقل هو المقياس الأساسي للمعرفة الإنسانية.
.إن الفلسفات المادية و الحسية و التجريبية أهملت الجانب الأخلاقي و الديني فلقد نظرت للإنسان نظرة إنسان أعرج و قدمت المادة و التجربة لدرجة كبيرة جدا فالتجربة لا تمتلك القدرة على استنباط القوانين أي انها لا تملك القوة على الاستدلال و البرهان وكذلك فالتجربة لا تقوم إلا على الجزء إما التعميم فهو كلي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون العقل لأنه لو كان كذلك لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة إذن فالحواس تخدعنا دون القدرات العقلية فالتجربة "المذهب التجريبي " لا تعتبر مقياسا للمعارف الإنسانية.
إن الفلسفات العقلانية استطاعت إن تصبح مسار الفلسفات السابقة و ألاحقة و الإنسان في تكوين معرفته يعتمد على العقل ومن هنا نستنتج إن العقل هو المصدر الوحيد و المفتاح الأساسي للمعارف الإنسانية.







06 _الأطروحة "التجربة هي مفتاح المعرفة الحقة "
كيف يمكن إثبات ذلك؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع
.يعتبر موضوع المعرفة الإنسانية من مباحث الفلسفة الكبرى بعد القيم و الوجود ولقد دار صراع بين كثير من الفلاسفة و المفكرين و العلماء حول مصدرية المعرفة فهناك من يرى إن مصدر المعرفة الحقة هو التجربة (المادة) و الطرف الأخر يقول بان العقل (الفكر) هو الذي يعطينا المعرفة الحقيقية و تقرر لديك إن الاعتقاد الأول (التجربة هي أساس المعرفة الإنسانية) هو الصحيح فكيف يمكن لنا إن نثبت هذا الاعتقاد ؟أو بعبارة أخرى إلى أي مدى يمكن اعتبار التجربة هي مفتاح المعرفة الإنسانية؟
. إن الإنسان في حياته اليومية يتعرض إلى معارف كثيرة و متنوعة فالإنسان يدرك بالحواس وهي عين الحقيقة وهي التي تبرهن على وجود عالم مستقل عن الذات و المعنى الحقيقي لهذا الطرح هو انه يتسم بالعمومية المطلقة مثلا "معرفة التلاميذ للكتاب هي معرفة واحدة ومن الفلاسفة التجريبيين الذين أكدوا على أولوية التجربة في مجال المعرفة الإنسانية الفيلسوف "جون لوك" الذي يرى بان التجربة هي وحدها التي تنقش في عقولنا الأفكار و المعارف الإنسانية فالإنسان يلد صفحة بيضاء ليس فيه نقش سابق للتجربة و ذلك في قوله {لا وجود لمعرفة خارج الواقع ولا وجود لمبادئ نظرية أولية } فا الإحكام العقلية تتغير بتغير الزمان و المكان و تختلف باختلاف ظروف الأعمال و مجلات البحث و المعارف المكتسبة و إذا انطلقنا من هذا المثال التالي سنعرف ما الذي يقصده "جون لوك"{ الطفل لا يعرف النار إلا بعد لمسها } و
هذا دليل إن التجربة هي ميزان المعارف إذا انطلقنا من مفهوم السببية أو العلية سنجد انه يستوحي من التجربة فالإنسان في جميع الأجيال إن هناك أشياء معلولة و أخرى ....لها و ربطوا الأولى بالثانية فتكون لنا مفهوم السببية و ذلك عن طريق التجربة و نجد أيضا من الفلاسفة المؤيدين لهذا الموقف "بيكون "الذي يقول {إن المعرفة لا تستمد من التجربة ليست يقينية } إذن فالإنسان في معرفته يعتمد أساسا على التجربة فهي أساس المعرفة الإنسانية.
.إن من الفلاسفة المؤيدين لهذا القول {التجربة مقياس المعرفة الحقة } نجد "دافيد هيوم" والذي يصدق على أولوية التجربة في هذا المجال و الذي يرى بان المعرفة لا تستمد من التجربة و الواقع مجرد ظن حيث يقول {انه لولا الأصوات ما سمعنا ولولا الصور ما رأينا و لولا الروائح ما شممنا } إذن فغياب الحواس يؤدي بطبيعة الحال إلى غياب المعارف فالإنسان يدرك بالحواس وهي ميزان معرفة حقائق هذا العالم لأنه من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها "فالبرتقالة مثلا يصل إلينا لونها و شكلها عن طريق الشم و ذوقها عن طريق الذوق و ملمسها عن طريق اللمس" فجميع أفكارنا تتطور و تتسع مع ما نكتسبه من خبرة في حياتنا اليومية فلو كانت المبادئ الكلية موجودة و المعاني الفطرية لتساوي في العلم بها جميع المخلوقات و لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة فالمادة (التجربة) هي التي دفعت الإنسان إلى الازدهار و التقدم عبر التاريخ منذ استقر الإنسان في الأرض إذن فالعلم في جميع صوره يرتد إلى التجربة و منه فالتجربة تعتبر هي مقياس المعارف الإنسانية ولكن رغم هذا الرأي هناك من عارضه بشدة و هو العقل (الفلسفات العقلانية).
.إن الفلسفات العقلانية لا تستطيع إن تبدع بالفطرة المعاني و التصورات و ليست له القدرة على خلق صفحة الصدق على ما يبتدعه من معرفة فالفلسفة العقلانية أهملت الجانب المادي إلى درجة كبيرة جدا و كذلك فقوى العقل لها حدود فالفلسفة التي تقول بأولية العقل في مجال المعارف إذن لا يمكننا اعتبار الفلسفة العقلية فلسفة مغلقة لا يمكنها الوصول إلى المعارف.
.حقيقة إن الفلسفات التجريبية و المادية و الحسية استطاعت إن تصبح مسار الفلسفات السابقة و اللاحقة و هذا يعني أن التجربة هي التي تؤدي بنا إلى المعارف الحقيقية إذن فالتجربة تعتبر مفتاح أو مقياس المعارف الانسانية.














07 _الأطروحة "المنفعة هي مقياس المعرفة الحقة"
كيف يمكن إثبات ذلك هذه الأطروحة ؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالرفع .نظرا لعدم جدوى الفلسفات المثالية و خوائها عل ارض الواقع ظهر تيار جديد يعارض و ينفي هذه الفلسفات السابقة انه المذهب الفلسفي البراغماتي الذي احدث ثورة عارمة على جل الفلسفات النظرية لان الحق كل الحق هو ما يخدعنا من ارض الواقع و يحسن أوضاعنا و لهذا نطرح سؤالا قوامه ؛إلى أي حد يمكن اعتبار هذا الاعتقاد صحيحا ؟ أو بعبارة أدق "إلى أي مدى يمكن اعتبار المنفعة مقياسا للمعارف الإنسانية؟
.نشا المذهب البراغماتي في أمريكا مطلع القرن العشرين و قرر بحكم منشئته في هذه الحياة استنكار الفلسفات التقليدية المثالية البالية وهو مذهب يدعوا إلى العمل استجابة لضروريات الحياة و استشرافا للمستقبل وهو مذهب فلسفي يجعل من كل منطق أو مسلمة ذريعة لتحقيق غايات عملية تعود بالنفع على الإنسان .إن أول مقياس يؤسس عليه البراغمتيون قيمة أي منطق من المنطلقات هو تحقيق منفعة علمية وكل فكرة أو بحث لا تحمل في طياتها مشروعا قابلا لإنتاج اثأر عملية نفعية تعتبر خرافة شانها شان الكلام الفارغ وفي هذا الصدر نجد من مؤيدي المذهب البراغماتي و الذي يؤول المنفعة في معرفة الحقائق "ويليام جيمس" الذي يقول {إن الفكرة الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة } و المعنى الحقيقي من هذا الطرح (القول) هو إن المعرفة هي مقياس الصدق لان المعيار الأساسي عند البراغماتية (الذرائعية )هو المنفعة إذن فان الهدف من وجود أفكارنا أو المعارف هو من اجل غايات عملية و نافعة نجد في هذا الصدد أينما "جون ديري "الذي يؤكد على ان الحياة كلها توافق بين الفرد ومجتمعه وذلك في قوله "إن الحياة كلها
توافق بين الفرد وبيئته " فالمعرفة الصحيحة السليمة تتجلى في التفكير الناجح الذي يستطيع إيجاد حلول مغيرة للمشاكل التي تتعرض في سبيل الإنسان من المعروف ان مبحث الصدق هو احد المباحث الأساسية للمعرفة ولهذا فان الفكرة تستمر صدقها بواسطة الإحداث فان الصدق هو صدق بالنسبة للواقع للواقع غير ثابت وبالتالي فالصدق يتحول فاصدق هو وسيلة لتحقيق أغراضنا الفكرية والعلمية كما يقول الفيلسوف "جيمس" { اسمي الفكرة صادقة حين أبدا بتحقيقها تحقيقا تجريبيا } ويقول ايضا" ان هذه الآثار اللتي تنتمي اليها الفكرة هي الدليل على صدقها او هي مقياس صوابها" والمعنى من هذا القول ان المنفعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بصدق او إعمال إذن هنا يجتمع الصدق والنفع او بتعبير ادق ليس الصدق صدقا الا لانه نافع وليس نافعا الا انه وسيلة تستجيب للواقع المشخص للانسان ومنه فالمنفعة تعتبر مقياسا اساسيا للمعارف الإنسانية .
.انه اذا مانزناالى الواقع المعاش نجد هناك العديد من الامثلة الحية التي تستنطق ذاتها من عمق الواقع فمثلا" في حالة اخفاق التلميذ في الدراسة فانه يشعر بالقلق والكآبة والاضطراب واليأس واذا نجح فانه يشعر بالفخر والفرح لانه تقدم بمعارفه الى معارف اعلى و اذا ما نظرنا الى العلاقات الاجتماعية نجد ان كلها محكومة بالنفع و في هذا الصدد هناك "شعار السياسة الامريكية " ليس لدينا اصدقاء دائمون و لا اعداء دائمون بل مصالح دائمة " اذن فالانسان يقدم نجاحا عمليا في الحياة و ذلك بغية تحرير الغقل من القيود فمثلا الانسان يريد قضاء حاجته و انشغالاته في هذه الحياة لكن يجد عوائق تحول دون حلها ولكن وجب ان يتغلب و يغير الواقع المعاش لا كما نادت به المبادئ و القيم الخلقية ومن الفلاسفة البراغماتيين الذين يصدقون بالمنفعة في المعرفة الإنسانية "بيرس"حيث يقول { ان تصورنا لموضوع ماهو تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من اثار علمية لا اكثر } وهذا القول يعني ان كل فكرة (اعتقاد) لا ينتهي الى سلوك عملي في دنيا الواقع تعتبر فكرة باطلة وان العبرة في ذلك هي العمل المنتج بدلا من التخمينات الفارغة ومن هنا نستخلص ان مفتاح صدق المعرفة الانسانية هو المنفعة .
. لكن رغم أهمية المنفعة في مجال المعارف الإنسانية الا ان هناك فلسفات اخرى عارضت لهذا الراىء ومن هذه الفلسفات العقلية و التجريبية و المثالية ومع ذلك فان لهذه الفلسفات عيوب بل هي فلسفات مغلقة على بعضها لا نستطيع الوصول إلى أي معرفة فالعقل لا يملك القدرة على الخلع صفة الصدق على ما يبتدعه من معرفة لان تصورات العقل مجردة و ليست مادية ومن المعروف ان بحث الصدق من المباحث الاساسية للمعرفة الحقة و كذلك فالتجربة لا تمتلك القدرة على اسنباط القوانين أي لا تملك القدرة على الاستدلال و البرهان فكل من الفلسفة العقلانية و التجربية لا يقدمان أي نجاح عملي في الحياة الى أي منفعة فهذه الفلسفات لم تاخذ بمنطق التعدد و التغيير و التحول مع ظروف الزمن بل اكثر من ذلك راحت تشيد افكارا ما ورائية او فارغة من محتواها ليس لها أي اثر في الحياة
.ان الفلسفة البراغمانية فرضت ذاتها على الواقع البشري ولهذا نجدها قائمة في جل مجالاة الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والفنية وفي الاخير. يمكننا القول بان المعرفة الحقه هي التي تنفعنا وتخدمنا في الحياة اليومية ..

.


08_هل المفاهيم الرياضية نابعة من العقل أم من التجربة؟
يعالج بطريقة الجدلية
.مما لاشك فيه إن تاريخ الإنسانية و نشاطها المعرفي يشير إلى إن الرياضيات و المفاهيم الرياضية كانت من أول العلوم نشأة باعتبار إن الرياضيات علم من العلوم التجريبية التي تتعلق بالمقادير الكمية و التي تبحث في الرموز المجردة و مجالها التصور العقلي البحث و قد أثيرت تساؤلات عديدة على أصل المفاهيم الرياضية فهناك من يرجعها إلى العقل و هناك من يرى إن هذه المعاني الرياضية نابعة من العقل و ليس الواقع الحسي و في ظل هذا الصراع والنزاع بين العقلاني ناو التجريبيين يمكننا طرح التساؤل ؛ هل أصل الرياضيات العقل أم التجربة ؟ .إن أصل الرياضيات عقلي خالص كما يراه الفلاسفة العقلانيين المثاليون أمثال الفيلسوف اليوناني "أفلاطون" والذي يقول{إن المعرفة تذكر} وما نفهمه من هذا التعريف حسب أفلاطون هو إن المعارف بمختلف إشكالها تذكر أي تدرك بواسطة العقل ومن المعروف إن الرياضيات أساس تتركز عليه كل المعارف حيث إن الإنسان بينما كان في عالم المثل عرف هذه المعارف و منها الرياضيات .ولكن بعد إن جاء إلى عالم الواقع المادي نسي جميع هذه المعارف و منها سرعان إن يدركها بواسطة الذهن وحده دون أي واسطة من وسائط المعرفة فإدراك المعاني الرياضية تعتمد على العقل فهو النور الذي يضيء الحياة وهو إن صح القول الحاكم في الأمور فالله عز وجل أكرمنا بالعقول على سائر الموجودات هذا دلالة على إن العقل هو ميزان معرفة المفاهيم الرياضية وفي هذا السياق نجد "رونيه ديكارت" يعتبر القطب الرئيسي للفلسفة الحديثة و قد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة {إنا أفكر إذن إن موجود} هذا الكوجيتو الديكارتي الذي يبين إن مصدر كل العلوم و منها الرياضيات هو العقل و الذهن المفكر و ليست التجربة وكذلك يقول "ديكارت "{العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة} و هذا دلالة إن الأولويات الرياضية تنشا و تدرك بواسطة عقل مدرك و كذلك اعتماد العقل على مبدأ الاستنتاج أو البرهان وكما نعرف فإذا الرياضيات تقوم على مبدأ الاستنتاج فهي علم استنتاجي و استنباطي فالرياضيات هي جملة المفاهيم المجردة أنشاها الذهن فالمعاني الرياضية هي مفاهيم مطلقة و كلية و الواقع لا يعطينا المطلقة و الكلي و كذلك يقول "أفلاطون" في هذا السياق {إن المعطيات الأولية الرياضية توجد في عالم المثل } و لذلك جعل الرياضيات هي نموذج اليقين و كذلك نجد "ديكارت"الذي يحاول إن يوضح إن الرياضيات نابعة من أفكار فطرية شانها شان فكرة الله ومعنى هذا إن الرياضيات تأسست بفعل العقل و ذلك معناه إنها بعيدة عن مجال الملموس الخارجي و في هذا المقام يقول "ديكارت " { إن المعاني الرياضية هي معارف فطرية } و بالإضافة إلى هذا الفيلسوف نجد الفيلسوف الفرنسي "مالبرانش" الذي يرى إن المفاهيم الرياضية وكل المعارف جاءت من عند الله و ذلك بفعل العقل دون وسائل معرفية أخرى و نأخذ مثلا عن الشكل الهندسي و الخط المستقيم و مفاهيم العدد اللانهائي والأكبر والأصغر وغيرها كلها معاني رياضية عقلية مجردة لا تدل على أنها منشات عن طريق الملاحظة الحسية إلا أنها نسخة منها أنها صدرت من العقل وحده وكما يؤكد قطب الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني "ايمانويل كانط" علي إن أساس الرياضيات يتجلي في القضايا العقلية التي تعرض نفسها على العقل وهي معرفة كلية و لقد أساسها" كانط" بالمعارف الأولية التي لا تعنب الأفكار الفطرية كما عند "ديكارت " بل إن هذه المعارف الأولية بمثابة شروط أولية ضرورية قائمة على الذهن وقد ركز "كانط" على فكرتي الزمان و المكان على إنهما مفهومان مجردان على العالم الحسي و كذلك نجد قولا "لافلوطن " يوضح فيه ا ن الرياضيات أهلها عقلي خالص حيث يقول {لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات } لكن فرغم هذا فللقدرات العقلية سلبيات كما لها ايجابيات في مجال مصدرية الرياضيات فالعقل لا يستطيع خلع صفحة الصدق على ما يبتدعه من معارف و كذلك وجود تفاوت المقدرة على الفهم فالعقل لا يعتبر أساسا لرياضيات .
.كما رأينا سابقا فان أساس و مصدر الرياضيات يكمن في القدرات العقلية فقط دون إدخال الواقع المادي و لكن هناك من عارض هذا الرأي معارضة شديدة و قدم الواقع المادي على القدرات العقلية في مصدرية الرياضيات ومن هؤلاء الفلاسفة المعارضين للرأي الأول نجد "جون لوك" الذي رد على "ديكارت" بأنه للمعاني الفطرية في النفس و هنا قوله {لا وجود لمعرفة خارج الواقع و لا وجود لمبادئ فطرية أولية } و كذلك فان الأطفال لا يعرفون الرياضيات إلا بعد كبرهم وهنا قوله أيضا {إن الطفل يولد صفحة بيضاء تكتب فيه التجربة ما تشاء} ومعنى هذا إن المعرفة الرياضية أو أي معرفة أخرى إنها تكتسب من الواقع الحسي فغياب الواقع الحسي يؤدي إلى غياب المعرفة فالواقع هو الذي يعطي لنا فكرة العدد و الشكل وهناك أيضا الفيلسوف الفرنسي "كوندياك" الذي يرى بان الإحساس هو المنبع الذي تنبثق منه جميع العلوم و هذا يعني إن الرياضيات حسية واقعية و أيضا يؤكد "دافيد هيوم " على إن جميع معارفنا مستمدة من التجربة و إن العقل بدون تجربة لا يساوي شيء و كما يؤكد الفيلسوف الانجليزي "جون ستيوارت مل " إن الرياضيات هي علم الملاحظة و كما يوضح إن النقط و الخطوط و الدوائر و المستقيمات ......الخ إن تكون عقلية كانت تجريبية و ذلك من خلال الحضارات الشرقية القديمة التي مارست الرياضيات ممارسة عملية قبل إن تكون نظرية و ذلك في تنظيم الفلاحة و الملاحة و الري ....الخ ومن هنا ندرك إن أصل الرياضيات هو الواقع المادي دون القدرات العقلية غير إن التجربة لا تستطيع استنباط القوانين وكما قلنا سابقا فالرياضيات من العلوم الاستنتاجية و البرهانية ومنه فالتجربة (الواقع الحسي ) لا يعتبر أساسا للرياضيات .
.إن هذا الرأي ألتجاوزي يرى أصحابه انه لا يوجد للعقل دون الأشياء المحسوسة و لا للأشياء المحسوسة دون العقل المفكر بل هناك تلازم و ترابط وظيفي بينهما و الذي يتزعم هذا الاتجاه ألتجاوزي العالم السويسري "جان بياجي" والذي يرى بان الرياضيات عبارة عن نشاط إنشائي و بنائي يقوم به العقل و يعطي التجربة صدرتها و ذلك في قوله {إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا وان التجربة ضرورية}











09_قارن بين البراغماتية و الوجودية ؟
يعالج بطريقة المقارنة
.يعتبر موضوع المعرفة الإنسانية من مباحث الفلسفة الكبرى بحيث حدث اختلاف في موضوع المعرفة أو بالأحرى في موضوع مصدرية المعارف فهناك من يرى إن الذرائعية (وهي اتجاه فلسفي يقول بأولية المنفعة في مجال المعرفة ) هي أساس المعارف و هناك من يرى إن الوجودية (وهي اتجاه فلسفي الذات الإنسانية في معرفة هذا العالم) هي أساس المعرفة الحقة و في ظل هذا الصراع الدائر بين الطرفين يمكننا طرح التساؤلات التالية ؛ ما الفرق بين كل من الاتجاهين أو بعبارة أخرى أدق ما الذي يميز البراغماتية (الذرائعية )عن الوجودية ؟
. انه إذا ما نظرنا نظرة موضوعية مدققة إلى موضوعي الذرائعية و الوجودية وجدنا هناك اختلافا كبيرا بين الطرفين يتجلى في بعض النقاط و تتمثل في إن الذرائعية اتجاه فلسفي يقول بان هي أساس المعرفة الحقة أما الوجودية فهي اتجاه فلسفي يؤول الذات الإنسانية في معرفة هذا العالم ومن جهة أخرى فالمذهب البراغماتي منهج يدعوا إلى الانصراف عن الفكر للفكر نحو العمل استجابة لضروريات الحياة و استشرافا للمستقبل آما عن المذهب الوجودي فهو يهتم بالإنسان كمشروع فالتعمق في باطنه هو الذي يولد لنا معارف و كذلك فالبراغماتيون يعتمدون على مقاييس و أسس تتمثل في (الصدق - العمل- المنهج –النفع.....الخ) أما الوجوديين يعتمدون و يرتكزون على مقاييس و أسس تتمثل في (الوجود لذاته و الوجود في ذاته –الشعور أو الحدس ...الخ)ومن جهة أخرى فالبراغماتية تقول بان المعرفة تقاس بمعيار العمل المنتج أي إن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له و ليست معرفة في حد ذاتها إما الوجودية فهي ترتكز على الإنسان المشخص في وجود الحسي لا لوجوده المجرد ومن جهة أخرى فالمبدأ الذي يعتمد عليه البراغماتيون هو إن كل فكرة أو بحث لا تحمل في طياتها مشروعا قابلا لإنتاج أثار علمية نفعية تعتبر خرافة شانها شان الكلام الفارغ إما عن المبدأ الذي يعتمد عليه الوجوديون هوان { الوجود اسبق من الماهية} و انطلاقتهم من إن الوجود الحقيقي ليس وجود الأشياء الهادمة وإنما هو الوجود الإنساني الذي نشعر به في ذواتنا و نحياه بكل جوارحنا
.إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين البراغماتية ( الذرائعية) والوجودية وجدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في إن ملا من الوجودية و البراغماتية نشا في حاجة ......الإنسان إلى البحث و الكشف عن إسرار المحيط الذي يعيش فيه و باعتبارهما مصدر للمعرفة الإنسانية منذ ولادة الإنسان على وجه الأرض و يشتركان في تقديم حقائق نسبية لا مطلقة وكلهما يهتم بمعرفة و وعي هذا الكون و كلاهما يبذل نشاطا فكريا قصد الوصول إلى هدف معين و كذلك فكلاهما يمثلان مصدر للحقيقة و كلاهما ناتجان من الإرادة و الحافز تجاه عوائق ما .
.إن طبيعة العلاقة بين النسقين البراغماتي و الوجودي هي علاقة تكامل و تداخل وظيفي فقد نأخذ يهما متفرقين كنسقين وضعا خدمة لمقاصد معينة فان استئناسي بالفلسفة العلمية بغرض استثمارها في حياتي اليومية لا يمنعني في وقت آخر و لفترة الاستئناس بفلسفة ترجعني إلى باطني وتسوقني إلى أعماقه لأعيش ما يعالجه من حالات نفسية وهذا يجعلني من جهة أخرى اقبل على الحياة مع الغير و الانخراط في ما يشغلنا فيها معا إذا هناك علاقة وطيدة في الصيلة بينهما.حقيقتا إن هناك اختلاف بين الاتجاهين البراغماتي و الجودي إلا إن هناك خدمة متبادلة دون توافق بين النسقين.

10_الأطروحة ؛{إن التعرف على قواعد المنطق تضمن عدم الوقوع في الخطأ }
كيف يمكن لنا تفنيد الأطروحة ؟
استقصاء بالرفع
.إن المنطق هو علم القواعد التي تجنب الإنسان التفكير و ترشده إلى الصواب و المنطق معروف من قبل اليونان و قد قاده الواضع الأول لهذا المنطق الفيلسوف "أرسطو" الذي يعرفه على إن الآلة التي تعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ وذلك في قوله {المنطق الأرسطي هو آلة العلم و صورته} وقد قاده بقواعده الممنهجة و المنظمة تنظيما محكما و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو ؛إلى أي حد يمكن اعتبار هذا الاعتقاد صحيحا ؟ أو بعبارة أخرى أدق ؛إلى أي حد يمكن القول ان التعرف على قواعد المنطق تضمن عدم الوقوع في الخطأ ؟
إن حقيقة انطباق الفكر مع نفسه و سعى المنطق الصوري الأرسطي لتحقيقها على اعتبار انه يمثل النظرية النهائية التي تبين لنا قواعد الاستدلال التي يجب إتباعها و الشروط التي يمكن أن نفرق بها بين الصواب و الخطأ و لهذا قد أعده الكثير –خاصة في العصور الوسطى- اصدق معيار يمكن الاستعانة به لدراسة العلوم و قالوا انه معيار العلوم و انه هو الوسيلة التي تضمن عدم الوقوع في الخطأ و كذلك اعتبر أسمى أسلوب لضمان اتفاق العقول ة انسجامها و توحيد حكمها فالمنطق يعتمد على قواعد تحصنه من التناقض و يقيم مبادئ الفكر من التمسك بالأفكار العلمية و الآراء الشائعة حتى يكون سليما و كذلك إتباعه لأسلوب الاستدلال القائم على الاستنتاج مما يجعله فكرا برهانينا فقواعد المنطق تحرر الكل من قيود العاطفة فالمنطق منهج يعودنا ترتيب أفكارنا و تأسيسها في صورة منطقية سليمة

فخطابنا لا يكون مفهوما إلا إذا كان مؤسسا و مهندسا فالمنطق ينبهنا إلى الأخطاء فالمنطق ينبهنا إلى الأخطاء الشائعة لدى اغلب الناس كالخلط بين التناقض و التضاد و كذلك فهو يعطينا القدرة على فحص استدلالات الآخرين و ردها أو قبولها لهذا اعدوا المنطق منهجا لمختلف العلوم ومنه فالتعرف على قواعد المنطق يضمن لنا عدم الوقوع في الخطأ .
.إن الإنسان قد يعرف قواعد المنطق لكنه قد يخطا لان الأحكام المنطقية تتأثر بعوامل مختلفة مثل العوامل النفسية و الاجتماعية فإذا كان الحكم هو الأساس في المنطق فان الحكم قد يتأثر بذات الإنسان أي يتأثر بميوله و أهوائه وعواطفه و منافعه كما يتأثر أيضا بعوامل اجتماعية أي يتأثر بالقيم السائدة في المجتمع مثل عادات و تقاليد باعتبار إن الفرد يتأثر بما هو سائد في مجتمعه و يجد صعوبة في الخروج من القيم الاجتماعية و قد يتأثر بالراء الفلسفية .إذن المنطق على خلاف الرياضيات له علاقة بالفلسفة إذا ظل المنطق الأرسطي بحثا فلسفيا لأنه ظل مرتبطا بالآراء المبطافيزقية لكن رغم الانتقادات التي وجهت للمنطق الأرسطي بأنه أجوف كما قال "بيكون" وكذلك انه عقيم لا يستطيع الوصول إلى أي جديد و كذلك انه يستخدم اللغة الشائعة .وانه ضيق لا يعبر عن كل العلاقات المنطقية فالمنطق له فائدة نظرية و علمية إذا أنت توظف هذه القواعد في تفكيرنا العلمي و الفلسفي ومن هنا نخلص إلى أن التعرف على قواعد المنطق لا تضمن لنا عدم الوقوع في الخطأ .
. حقيقة إن النظرة التي تجعل من المنطق القديم أكمل ما أنتجه العقل البشري لتحقيق توافق العقول و بالتالي عدم الوقوع في الخطأ فيه كثير من المبالغة و الخطأ لأنه اجتهاد بشري لا يرقى إلى الكمال مهما كان فيه من مجال الإبداع و بالتالي فله عيوب كثيرة حاول إظهارها كل من "ديكارت و غوبلو و بيكون " أهمها انه منطق عقيم لان نتائجه متضمنة في المقدمات انه منطق لغوي يقدم على الألفاظ وما فيها من غموض و تعدد المعاني يؤدي إلى الوقوع في الخطأ و كذلك فان له قواعد ثابتة لا تقبل التطور و منه فالتعرف على قواعد المنطق لا يضمن لنا عدم الوقوع الخطأ لان الأحكام المنطقية تناثر بعوامل مختلفة مثل العوامل النفسية و الاجتماعية .
. ومن هنا نستنتج إن التعرف على قواعد المنطق لا يضمن لنا عدم الوقوع في الأخطاء .













11 _السؤال المشكل؛هل المنهج التجريبي واحد في علوم المادة ؟
يعالج بالطريقة الجدلية
- انه و مما لا شك فيه إن المنهج التجريبي الاستقرائي هو مجموعة الخطوات و المراحل التي يمر بها عقل العالم و المفكر للوصول إلى القانون العلمي و بالتالي الوصول إلى معرفة جديدة ومن المعروف إن المادة الحية تختلف عن المادة الجامدة من حيث الإرادة و طبيعة الموضوع الذي تدرسه كل مادة على حدى و إذا كان المنهج التجريبي الذي وضعه العلماء من اجل دراسة عالم الأشياء الجامدة واجه تطبيقه في عالم الاشياء الحية (نبات _حيوان _إنسان ) عوائق جمة و عقبات معتبرة فهل يمكن لنا تطبيق المنهج التجريبي على علوم المادة ؟ - يرى أصحاب النظرية الحديثة إن المادة الحية يمكن إخضاعها كغيرها من المواد إلى المنهج التجريبي و بالتالي فقيام علم البيولوجيا ليس أمرا مستحيلا ليس امرأ مستحيلا ففضول المعرفة و البحث لدى و العلماء و الباحثين كان علم البيولوجيا و تطوره وقد كان للتقدم في المنهج التجريبي و نضوجه و تطوره تقنيات العمل فيه الفضل الكبير في ذلك وقد هذا المنهج "كلود برنارد " الذي كان من الأوائل الذين جربوا على المادة الحية حيث اعتمد على طريقة التجريب في المادة الجامدة و تكييفها و تسخيرها في التجريب على المادة الحية مع المحافظة على طبيعته حيث يرى "كلود برنارد"إن المادة الحية لا يمكن معرفتها إلا في علاقاتها مع المادة الجامدة حيث يقول {لا يمكن معرفة خصائص المادة الحية إلا بعلاقتها خصائص المادة الجامدة } كما أعلن كذلك أن المادة الحية تخضع هي الأخرى لمبدأ الحتمية وكذا التفنيد التجريبي مع "باستور" لفكرة النشوء العضوي للجراثيم بفضل طريقتي التلازم في الحضور و التلازم في الغياب .حارب مرض الجمرة الخبيثة الذي

عانه منه الشياه و ذلك بان اخذ مجموعتين من الشياه ففصل المرض إلى إحداهما و طعم الأخرى بلقاح مضاد و أثمرت العملية إن المجموعة المطعمة قاومت المرض فعلا فلقد تطورت و تقدمت العلوم البيولوجية و ازدهرت تدريجيا بفضل منهج التجريب و عرف العلماء كيف يطورون وسائله و أساليبه ولم يعودوا يكتفون بالتشريح على الميت فقط بل اتسع مفهوم التجريب ليشمل أيضا التشريح على الحي فلم يغيب عنهم أن العضوية تعيش في وسطين وسط داخلي و وسط خارجي و كذلك ظهور ما يعرف بالاستنتاج و الوراثة و عملية زراعة الأعضاء (الكبد- الكلى-العين) والتي أدت إلى التقليل من الأمراض .
.لكن تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية لا يعني إطلاقا أنها و صلت إلى درجة الدقة التي عهدنا ها في الكيمياء و الفيزياء لان البنسلين مثلا الذي هو مضاد حيوي قد يتحول عند ذوي الحساسية إلى سم قاتل و كذلك فالتكنولوجيا تبقى عاجزة عن إيجاد الحلول و العلاج لبعض الأمراض المستعصية (السيدا-السكر –السرطان .....الخ)
.يرى أصحاب النظرية التقليدية انه لا يمكن بأي حال من الأحوال إخضاع المادة الحية للمنهج التجريبي ما يجعلنا نستبعد فكرة قيام علم يهتم بالمادة الحية وعليه تبقى المادة الحية بعيدة عن متناول المعرفة العلمية الدقيقة التي تتحصل عليها جراء دراسة المادة الجامدة لا يمكن توقعها في مجال المادة الحية و يستدل أصحاب هذا الاعتقاد بان الملاحظة تتم بتقنية العزل وهذا ما يسمى بالعوائق المتعلقة بطبيعة الموضوع حيث إن المادة الحية تتداخل و تتشابك و تتكامل كل أعضائها مع بعضها إلى درجة التعقيد بحيث لا يمكن تحليلها على غرار المادة الجامدة و التجريب على القلب لا يكون إلا في إطار الكل لان عزل القلب عن الجسم يؤدي إلى موته بطبيعة الحال و في هذا الصدأ يقول "كيوميي" {إن سائر أجزاء الجسم الحي مرتبطة فيما بينها فهي لا تستطيع الحركة إلا بقدر ما تتحرك كلها معا ....) والعائق الثاني الذي يواجه تطبيق المنهج التجريبي في علوم المادة الحية هو مشكلة تعميم النتائج التي يتحصل عليها عند تطبيق المنهج التجريبي في علوم المادة الحية هو مشكلة تعميم النتائج التي يتحصل عليها عند تطبيق هذا المنهج وتوسيعها على جميع إفراد الجنس الواحد كالحيوان و الإنسان و هذا تعسف واضح لان الكائنات الحية عموما لا تكون هي مع أنواع أخرى و العقيه الثالثة التي تواجه العالم البيولوجي هي تصنيف الحوادث فظواهر المادة الحية ليست سهلة التصنيف كما هو لشان في ظواهر المادة الجامدة حيث يتيسر التميز بين ما هو فيزيائي مثلا و ما هو كيميائي وما هو فلكي وكذا التميز بين أصناف من الظواهر داخل كل زمرة مع مختلف تعريفها و تعود هذه الصعوبة إلى إن كل كائن حي ينطوي على خصوصيات ينفرد بها دون غيره و كذلك هناك عقبة أخرى تواجه عالم البيولوجيا تتمثل في مصداقية التجريب على جسم الإنسان أو الكائن الحي (نبات- حيوان ..) ومن المعلوم أن الكائن الحي لا يكون حتما هو .هو إلا محيطه الأصلي و يكفي أن ننقله إلى محيط اصطناعي حتى يتغير سلوكه و يضطرب "فهل يمكن دراسة استئصال الغدة النخامية دون إن نأخذ بعين الاعتبار مفعول المخدر على العضوية و نتائج الصدمة التي تتركها العملية الجراحية الضرورية ؟ هذا لكي ندرس الخلايا و الأنسجة و البكتريات لابد من قتلها و تثبيتها ثم تلوينها قبل ان توضح تحت المجهر و قتل الخلية و تخثيرها و تلوينها معناه حتما موتها و إفسادها و لقد و حد بعض العلماء و المفكرين في هذه العقبات مبررات لمعارضة تطبيق المنهج التجريبي على الكائنات الحية فأضافوا الى ذلك عقبة اخرى تتمثل في العفوية الحرة التي تتمتع بها الكائنات الحية و التي تخضع لقوانين خاصة وهذه العفوية تحول دون امكانية التجريب المنظم و الموجه كما ان تكرار التجربة الواحدة في العضو ذاته لا يعطي النتيجة ذاتها بالإضافة إلى ذلك هناك عائق أخير هو العائق الديني و الاخلاقي حيث ان رجال الدين و الاخلاق يهاجمون علم البيولوجيا و يمنعونه من تطبيق المنهج التجريبي على الكائنات الحية كما اكد بعض الفلاسفة على انه لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي في العلوم البولوجية امثال "ارسطو" الذي يرى ان الحياة ظاهرة طبيعية لا تقوم الا على ضوء التغير الغائي و اكد "غوبلو"ذلك في قوله "ان موضوع علم الحياة هو دراسة الغائية" و كما يرى ايضا البيولوجي المعاصر "جاك مورونو "ان الأنساق الحية تتميز عن باقي الظواهر الجامدة بكون الكائن الحي هو سوى نظرنا اليه ككل او على بعض اجزائه لان جسم الانسان مختلف عن الاجسام الغير حية (الجامدة ) انه جسم وظيفي و كذلك يؤكد الفيلسوف "لوكونت دوني " في قوله "لما طبقت الكيمياء و طرائقها في تحليل البروتينات و هي المركبات الاولى في المادة الحية قتلتها " أي انه لا يمكن التجريب على المادة الحية و لكن هذه الحجج و ان كانت صحيحة و منتقية و مقبولة الا ان تطور المعرفة و تطور التكنولوجيا قد تجاوزها مما فتح مجالات واسعة امام تطبيق المنهج التجريبي و بالتالي يمكن تطبيقه على علوم المادة الحية .
.قد برهن المنهج التجريبي على انه حقيقة المقياس الحقيقي لكل بحث يريد لنفسه ان يكون علميا أي موضوعيا تحترمه كل العقول البشرية و اذا كانت هناك عوائق في تطبيق المنهج التجريبي على علوم المادة الحية فذلك يقتضي فقط تطوير المنهج و اقتحام هذه العوائق التي تقف امام البحث و التطور العلمي بل انه بالاضافة الى ذلك يحتاج الى تهذيب مستمر مع تطور معرفتنا لخصائص الظواهر



المبحوثة و خاصة اذا تعلق الامر بالكائنات الحية و لعل استمرار هذا التذهيب الميداني هو الذي مكن العلماء من فتح فن جديد يعرف ب "اخلاقبات البيولوجيا " و هذا الفن يسعى الى تهذيب المنهج التجريبي .اذن فالمشكل الأساسي يتمظهر في ظبيعة الموضوع المدروس لا في الدارس لذلك الموضوع .
.حقيقة انه من باب الموضوعية و الصراحة الفكرية القول بان المادة الحية اخضاعها الى المنهج التجريبي لا خطا في ذلك لكن هناك حدود يقف عندها هذا المنهج عند تطبيقه في هذا المجال بالاضافة الى انه يحتاج الى تذهيب اذ تعلق الامر بالكائنات الحية .












12_قارن بين الحقيقة المطلقة والحقيقة النسبية ؟
يعالج بطريقة المقارنة
.ان مسالة الحقيقة من البحوث الشائكة التي يطرق إليها الإنسان و اهتم بها منذ نزوله على وجه الأرض بدافع فضول المعرفة أو تطلعا لكشف المجاهيل فمشكلة الحقيقة في واقع الأمر لا يمكن تصورها إلا إذا رجعنا إلى الإنسان الذي يتعامل معه و من ما لاشك فيه إن الحقيقة نوعان : حقيقة مطلقة وهي تلك الحقيقة الثابتة التي لا تتغير و حقيقة نسبية و هي متغيرة بعكس الحقيقة المطلقة و السؤال المطروح هو ما العلاقة بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية ؟ أو بعبارة أخرى أدق ؛ما الذي يميز الحقيقة المطلقة على الحقيقة النسبية ؟
إن النظرة المعمقة و المدققة لموضوعي الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية تجعلنا نستوقف أنفسنا وقفة تدبر و إدراك ووعي على نطاق الاختلاف المتواجد بينهما حيث إن الحقيقة المطلقة هي حقيقة أبدية (وجود الله والخير المطلق ) إما الحقيقة النسبية هي حقيقة نهائية (الشجرة-طاولة .....الخ) ومن جهة أخرى فالحقيقة المطلقة هي حقيقة ثابتة بينهما الحقيقة النسبية هي متغيرة و كذلك فالحقيقة المطلقة توجد بعالم المثل عند "أفلاطون "وعالم الأفكار إما الحقيقة النسبية توجد في الواقع أو عالم المحسوسان و كذلك فالحقيقة المطلقة هي المبدأ أو الغاية في حين إن الحقيقة النسبية هي الغاية فقط ومن ناحية أخرى فالحقيقة المطلقة هي تلك الحقيقة التي لا يتوقف تصورها و وجودها على شيء أخر غيره لأنها علة وجود نفسها إما الحقيقة النسبية فهي تلك الحقيقة المتعلقة بغيرها من حيث هو غيره فالنسبي هو ما يتوقف وجوده على وجود غيره .
.إذا إما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية وجدنا هناك نوعا من التقارب والالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في إن كلا من الحقيقة النسبية نشا في حاجة حتمية للإنسان وكذلك فالحقيقة النسبية نجدها متغيرة و مرتبطة بالزمان و المكان إلى البحث و الكشف عن إسرار المحيط الذي يعيش فيه و باعتبارهما مصدر للمعرفة الإنسانية على وجه الأرض وكلاهما يهتم بمعرفة و وعي هذا الكون وكلا هما نشاطا فكريا قصد الوصول إلى هدف معين و كذلك فكلاهما عبارة عن حقيقة و كلاهما ناتجان من الإرادة و الحافز تجاه عوائق ما .
.حقيقة انه رغم هذا الاختلاف و التنافر بين الحقائق المطلقة و الحقائق النسبية نجد هناك علاقة وطيدة الصلة بينهما فإدراك الحقيقة المطلقة يحولها إلى حقيقة نسبية ومن هنا فالحقيقة المطلقة هي عبارة عن حقائق نسبية فالنسبة دائما تطارد المطلق لتحوله نسبي.
رغم هذا الاختلاف بين كل من الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية إلا إن هذا لا ينفي وجود علاقة وطيدة الصلة بينهما .








13- ما الفرق بين الاستقراء و الاستنتاج ؟
يعالج بطريقة المقارنة .
إن مسألة المعرفة من البحوث الشائكة التي تطرق إليها الإنسان و أهتم بها منذ نزوله على وجه الأرض بدافع فضوله أو تطلعا تكشف المجاهيل فالإنسان يسلك عمليات مختلفة في البحث عن المعرفة حقيقة هذا الوجود فمنها الاستنتاج و الاستقراء فالأول هو عملية استخراج النتائج من المقدمات أما الثاني و هو الاستقراء فهو الحكم الكلي على جزئياته و في هذا الصدد يمكننا طرح تساؤلات عدة من وجه العلاقة و التي تربط بين الاستنتاج و الاستقراء ؟ أو بعبارة أجرى أدق ما الفرق الموجود بين الاستنتاج و الاستقراء ؟
إنه إذا ما نظرنا إلى موضوعي الاستقراء و الاستنتاج من باب الموضوعية و جدنا هنالك اختلافا بين كل منهما يتحلى في بعض النقاط و هي أن الاستقراء ينطلق من الملاحظة حالات جزيئه و يندرج نحو قوانينها العامة فمثلا النار حينما تحرق الطفل كل يوم عدة مرات و بالتالي تتكون لدى هذا الطفل معرفة عامة أن النار محرقة و هذا القياس المنطقي يوضح ذلك حينما نقول " الحديد يتمدد بفعل الحرارة و الحديد معدن إذن من كل المعادن
x تتمدد بفعل الحرارة أما الاستنتاج فهو حركة فكرية تنتقل فيها الباحث من الكل إلى الجزء و هذه المعادلة الرياضية توضح لنا ذلك من خلالها 1 - 8+
والحل هذه المعادلة وجب العمل بالبديهية القائلة بأن طرح كمية ثابت من طرفين متساويين لن يغير من تساويهما و ذلك وفق الحال الأتي و هي نتيجة جديدة فالاستقراء يقوم باستخراج القوانين و ذلك باستنتاجها من الوقائع أما الاستنتاج يقوم على x-2 و منه X+-810=x8-10-8-8+ أنتقل الفكر من المبادئ إلى نتائجها بصورة عقلية بحتة و من جهة أجرى فالاستقراء قائم بالعلوم المادية التجريبية أي الواقع المادي المعاش أما الاستنتاج فهو خاص بالعلوم التجريدية البحتة و كذلك فالاستقراء حركة تصاعدية من الأسفل إلى الأعلى أما الاستنتاج فهو حركة تنازلية من الأعلى إلى الأسفل .
إنه إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين الاستقراء و الاستنتاج و جدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في جملة من النقاط تجلى في إن كلا من الاستقراء و الاستنتاج نشأ في حاجة حتمية الإنسان إلى البحث و الكشف عن أسرار المحيط الذي يعيش فيه وباعتبارهما مصدر للمعرفة الإنسانية منذ ولادة الإنسان على وجه الأرض و يشتركان في تقديم حقائق نسبية لا مطلقة و كلاهما يبذل نشاط فكريا قصد الوصول إلى هدف معين و هو معرفة ودعي هذا الكون و كذلك أنهما منهجان يهدفان إلى بلوغ اليقين و الوقوف على النتيجة و كلاهما مجرد فكرة معرفية متدرجة من حالة إلى حالة أجرى و كلاهما يبحث عن الحقيقة .
إن طبيعة العلاقة بين الاستقراء و الاستنتاج هي علاقة متكاملة و مترابطة و منسجمة بحيث أن عملية الفصل بينهما صعبة جدا و خاصة في ممارسة العملية في العلم لهذا فالاستنتاج يكمل الاستقراء في المراحل المتقدمة من عملية بناء المعرفة العلمي
حقيقة إن هناك اختلاف بين الاستقراء و الاستنتاج إلا أن هناك خدمة متبادلة دون توقف بينهما أي إن هناك علاقة أخد ورد أي علاقة جدلية و طيفية بينهما بحيث العقل ينتقل من الاستقراء إلى الاستنتاج و يرتد من الاستنتاج إلى الاستقراء بحثا عن المعرفة وسعيا لبلوغ اليقين .
14_الأطروحة * التجربة هي المقياس المعرفة الانسانية " كيف يمكن لك تفنيد وتكذيب هذه المقولة ؟ "
الطريقة استقصاء بالرفع :
إنه ومما لاشك فيه إنه منذ بداية ظهور الإنسان على وجه الأرض وهو يتسأؤل على هذا العالم المجهول باحثا عن المعرفة بل المعارف المختفية وراء هذا الكون الكبير الذي خير المقولة كافة البشر و بالأخص الباحثين و العلماء اتجاه هذه المعرفة فهناك وجهات نظر متعددة من طرف الفلاسفة و المفكرين و العلماء حول مصدر المعرفة فهناك من يرجحها إلى العقل ( المقدرات الفكرية ) و هناك من يرجحها إلى التجربة (الواقع الحسي ) وإذا شهدنا شهادة صدقة حول ما قدامه التجريبيون بهذا المذهب اتجاه الثروات الفلسفية و العلمية التي قادوا بها هذا الكون قدما نحو الإمام و السؤال الذي يطرح نفسه هو : إلى إي حد يمكن إعتبارهذا القول صحيحا ؟ أو بعبارة أخره أدق : إلى أى مدى يمكن اعتبار التجربة مقياسا أساسيا للمعرفة الإنسانية الحق ؟
إن الإنسان في حياته اليومية يتعرض إلى معارف كثيرة ومتعددة فالإنسان يدرك بالحواس و هي عين الحقيقة و هي التي تبرهن على وجود عالم مستقل عن الذات و المعني الحقيقي لهذا الطرح هو أنه يقسم بالعمومية المطلقة فمثلا " معرفة التلاميذ للكتاب هي معرفة واحدة " و نحو هذا السياق من مؤيدي المذهب التجريبي الفيلسوف " جون لوك " الذي يرى بأن التجربة هي وحدها التي تنقش في عقولنا الأفكار و المعارف فالإنسان يلد صفحة بيضاء تنقش عليها التجربة ما تشاء و ذلك في قوله " لا توجد لمعرفة خارج الواقع و لا وجود لمبادئ أولية فطرية " ومثال ذلك أن الطفل لا يعرف النار إلا بعد لمسها . فالأحكام العقلية تتغير بتغير الزمان و المكان وتختلف
باختلاف ظروف الأعمال ومجالات البحث والمعارف المكتسبة وإذا انطلقا من مفهوم السببية يستوحي من التجربة لاحظ الإنسان في جميع الأجيال أن هنالك أشياء معلولة و أجرى عللا لها وربطوا الأولى بالثاني فتكون لنا مفهوم السببية إذن فالسببية تستوحي من التجربة و نجد في هذا السياق الفيلسوف التجريبي " فرانسيس بيكون " حيث يقول " إن المعرفة التي لا تستمد من التجربة ليست حقيقة " و نجد أيضا من الفلاسفة المؤيدين لهذا الموقف الفيلسوف " دافيدهيوم " الذي يصدق على أولية التجربة في مجال المعرفة الإنسانية و الذي يرى بأن المعرفة لا تستمد من التجربة و الواقع مجرد ظن حيث يقول "انه لولا الأصوات ما سمعنا و لولا الصور مار أينا و لولا الروائح ماشممنا " إذن فغياب الحواس يؤدي بطبيعة الحال إلى غياب المعرفة فالإنسان يدرك بالحواس فهي مفتاح معرفة لحقائق لأنه من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها فمثلا " البرتقال يصل إلينا لونها وشكلها عن طريق البصر
ورائحتها عن طريق الشم وذوقها عن طريق الذوق وملمسها عن طريق اللمس فجميع أفكارنا تتطور و تتسع مع ما نكتسبه من خبرة في حباتنا اليومية فلو كانت المبادئ الكلية موجودة و المعاني الفطرية كذلك لتساوى في العلم بها جميع المخلوقات و لكان بذلك الحيوان أحق بهذه المعارف فالمادة ( التجربة ) هي التي دفعت بالإنسان إلى الازدهار و التقدم عبر التاريخ منذ أستقر على وجه الأرض . . إذن فالعلم في جميع صوره يرتد إلى التجربة و منه فالتجربة تعتبر مقياسا لجميع المعارف الإنسانية الحقة .
لكن رغم أهمية التجربة كمقياس للمعرفة هناك رأي معارض و مخالف لهذا الموقف الأول و هو القائل بأن العقل هو المصدر الوحيد للمعرفة فمعرفة الإنسان لهذا الوجود وفق عقل يحرك كل شي . فهو الفور الذي يضئ الحياة و هو إن صح القول الحاكم في الأمور و الحاسم بين متناقضات الحياة فالله عز و جل أكرمنا بالعقول على سائر المخلوقات هذا دلالة على أن العقل هو ميزان معرفة صدق الأشياء فالعقل قوة فطرية لدى جميع الناس يتمهلون و يطمئنون إليها ونجد من الفلاسفة المودين لهذا الموقف و الذي يقول بأولية العقل كمصدر لجميع المعارف الفيلسوف الفرنسي " روينه ديكارت " الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة ولقد فجر العصر بمقولته المشهورة "أنا أفكر إذن أنا موجود " هذا الكوجيتو الديكارتي و الذي يرى بأنه لولا هذا العقل لما استطعنا معرفة حقيقتنا و حقيقة الموجودات بيننا فالعقل يعتبر هو المصدر للمعرفة أن الوحي يخاطب العقل ولا دين لمن لا عقل له . فالعقل يتأسس أصلا بالفطرة على مبادئ تعرف بالأوليات أو البديهيات وهي مبادئ يدركها المرء بمجرد تفتحه من غير حاجته إلى التجربة و لا يختلف فيها مع غيره من الناس لأنهم جميعا هذه المبادئ بالفطرة ومثال ذلك فكرة أن الله هو الخالق وكذلك مبدأ عدم التناقض ومبدأ الهوية و التعرف بين الخير والشر فجميعها تدرك بواسطة عقل مفكر و في هذا المعنى يقول "ديكارت " " العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة " وكذلك نجد من المؤيدين هذا الموقف الفيلسوف اليوناني" أفلاطون " الذي يقول " إن المعرفة تذكر " وما نفهمه من هذا التعريف حسب أفلاطون هو أن المعارف بمختلف أشكالها تذكر حيث أن الإنسان حينما كان في عالم المثل عرف هذه المعارف و لكن بعد أن جاء إلى عالم الواقع المادي نسي تلك المعارف و لكن سرعان ما يدركها بالذهن وحده دون أي واسطة من وسائط المعرفة فالعقل له القدرة على الاستدلال و البرهان أي له القدرة على استنباط القوانين ومثال ذلك التقدم الذي توصلنا إليه على مستوى العالم عبر الزمن و كذلك فالعقل يدرك الحقائق الكلية التي هي ضرورية وشاملة و الواقع يوحي الجزئيات التي تزودنا بها الحواس وأحكام العقل ككليات ولا يمكن للكلي أن يكون جزئي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون العقل لأنه لو كان ذلك لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة . إذن فالحواس تخدعنا دون العقل المفكر وكذلك فإن الأخلاق تستمد قواعدها الأولى من العقل كمسألة التفريق بين الخير و الشر و الحق و الباطل و العدل و الظلم و الحقائق الالاهية كفكرة أن الله هو الخالق لأنه في طبيعة العقل الخير ما يجعله خيرا و لا يمكن للإرادة البشرية إن تغيره في شي . وكذلك فالأوليات الرياضية و المنطقية تنشأ بالعقل عن طريق الحدس كما يقول "أفلاطون " " لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات " فالحدس هو نور فطري غريزي يمكن من إدراك فكرة ما إدراكا مباشرا وهو لا يقوم على اختبار تجريبي ولا تأمل عقلي ولا يعتمد كذلك على الحواس ولا التجربة ففكرة اللانهائي ووجود الله تعالى تعرف عن طريق الحدس فقط و من مؤيدين المذهب العقلي الفرقة الإسلامية "المعتزلة " في قولهم " المعارف كلها بقوله بالفعل واجبة بنظر العقل ..." ومن هنا ندرك أن العقل هو المقياس الأساسي و الوحيد لهذه المعارف .
حقيقة إنه من باب الموضوعية و الصراحة الفكرية القول بأن التجربة هي أساس المعارف الإنسانية إلا أن للتجربة سلبيات و عيوب كم لها إيجابيات فالتجربة أو الفلسفات المادية و التجريبية و الحسية قد أهملت الجانب الديني و الأخلاقي إلى درجة كبيرة كما قدمت المادة إلى درجة تفوق القدرات المعرفية فهذه الفلسفات نظرت للإنسان نظرة أعرج فالتجربة لا تستطيع أن تستنبط القوانين أي لا تملك القدرة على الاستدلال و البرهان و كذلك فالتجربة تقوم على الجزء أمل التعميم هو كلى و من المعرفة إن التعميم أساس يركز عليه المنهج التجريبي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون عقل مدبر و مفكر و منه فالتجربة " المذهب التجريبي " لا يعتبر مقياسا للمعارف


الأسنانية و كذلك إذا كانت المعرفة تصورات عقلية كلية كما يقول العقلانيون في حين أن الواقع متغير فكيف للجزئي أن يعطي جزئي كما أن العقل في المعرفة يعتمد في معرفة الأشياء على مبادئ وهو ما الثبات للحقائق العلمية في حين أن الواقع متغير فكيف للمتغير أن يكون ثابت إذن فالفلسفات التجريبية لا تستطيع أن تعطى لنا معرفة دون العقل المفكر و منه فالتجربة لا تعتبر مقياسا أساسا للمعرفة الحقة .
نستنتج من هنا أن موقف التجربتين لا يستطيع أن يقف أمام النقد وهو ما يؤكد تطور المعرفة فالتجربة في ذاتها متغيرة بينما الحقائق العلمية ثابتة و منه فالفلسفات العقلانية هي التي تعبر عن المعرفة الحقيقية .










15الأطروحة: "لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية " كيف يمكن لك تهذيب هذا القول ؟ .
يعالج بالطريقة الجدلية .
واحد زائد إثنان تساوي ثلاثة هذه العملية نتيجتها لا يمكننا النقاش أو الجدل فيها وهذا راجع إلى طبيعة المادة الرياضية . التي تتميز بالدقة و اليقين و المعقولية . وإذا ذهبنا للسؤال عما قد يحدث إذا وضعنا الماء تحت درجة حرارية عالية. بالتأكيد ستكون إجابتنا أنه سيأخذ بالغليان و التبخر وهذه الإجابة ستكون نفسها لدى العام والخاص لدى الديني أو الملحد ، ولدى المجدد أو الكلاسيكي . لأنها نابعة عن موضوعية الملاحظة وعن التجارب العديدة التي أثبتت ذلك ولكن إذا سألنا أحدا عن أسباب انتشار الجريمة أو عن أسباب تفشي ظاهرة الإكتئاب أو القلق فستكون إجابة كل واحد مختلفة حتى مواقف أكبر الباحثين فيها فستكون متباعدة و إذا سألنا لماذا؟ سنقول أن هذا راجع إلى طبيعة الظواهر الإنسانية التي تتميز بالتداخل و التشابك و صعوبة التحلي بالموضوعية في دراستها و لكن هل تلك المميزات التي تتميز بها الظواهر الإنسانية تجعل هناك صعوبة في تطبيق المنهج التجريبي عليها ؟ أو بعبارة أخرى أدق: هل نستطيع أن نخضع الظواهر الإنسانية للمنهج التجريبي ؟ وبذلك تكون نتائجها ترقى بأن تكون علمية ؟ .
إن الدارس لأحد المواضيع في العلوم الإنسانية لا بد أن يلجأ للعديد من الجوانب العلمية الأخرى نظرا لتشابك الظواهر الإنسانية و تداخلها فإذا ما أراد الباحث مثلا تحليل ظاهرة الإنتحار فيتناول الجانب النفسي للشخص المنتحر لدراسة الدوافع النفسية التي أدت إلى إنتحاره ويلم بالجانب الإجتماعي له أيضا من حيث ظروف معيشته ويأتي إلى دراسة الظروف التاريخية و الإقتصادية التي تكون قد أثرت في ذلك الشخص كوجود حرب مثلا أو أزمة إقتصادية فنلاحظ إرتباط كل هذه الفروع العلمية من علم النفس و الإجتماع و الإقتصاد و التاريخ من أجل دراسة ظاهرة إنسانية واحدة .
ونلاحظ أيضا أن الظواهر الإنسانية المدروسة غير مستقلة عن ذات الباحث لها ، ومتغيرة بإستمرار حيث الشروط لا تبقى كما هي ودراستها معقدة و متشابكة يسودها الطابع التقسيمي و ملاحظتها تكون غير مباشرة وهذا ما جعل إمكانية تطبيق المنهج التجريبي فيها أمر صعب غير ممكن . فإذا ذهبنا للموضوعية كما يقول "بول فريس " ( أهمية الموضوعية أمر لا يمكن الفض منه ) فهي مثلا في الظواهر العلمية نجد العالم فيها يقف موقف حيادي تجاه الظاهرة التي يقوم بالبحث فيها فلا ذاتية ولا ميول لأن الظاهرة التي يريدوا دراستها هي ظاهرة منعزلة عن ذاته أما إذا نظرنا إلى الباحث في العلوم الإنسانية فسنجد رأيه الخاص لا يغيب و النظرة التقييمية لا بد منها .
و إذا نظرنا إلى طبيعة تقييمه نجده قائما حسب مبادئه وديانته وتقاليده و إديلوجيته و رأيه يقوم على تجربته الخاصة في حياته اليومية فظاهرة البخل مثلا قد يراها أحد ظاهرة شنعاء لا بد من القضاء عليها وهذا الحكم إذا ما درسنا أصحابه سنجد الأول طبعه بخيل أما الثاني فإنه كريم مما جعل تقييمهم منطلقا من ذاتية كل واحد ، أما الظاهرة أو الحادثة العلمية كتبخر الماء إذا ما وضعناه في درجة حرارية مرتفعة فهذه الظاهرة لا جدال في نتيجتها مهما كانت ذاتية الفرد.
أما إذا نظرنا إلى الملاحظة فإنها بلا شك من أهم ما يبني عليه المنهج التجريبي و تعد الملاحظة في العلوم الإنسانية شيء ليس بالأمر الهين لطبيعة الحادثة الإنسانية فهي غير مستقرة كالهيجان

مثلا فإنه ظاهرة نفسية لا تعرف الثبات ومتغير حسب المؤثر و هو ظاهرة تحدث في زمان معين لا مكان ومعنوية نفسية لا مادية وهذا ما يجعل نظرة العالم إليها غير واضحة ولا دقيقة .
أما بخصوص التجربة فهي أشد صعوبة للعوائق العديدة التي يتعرض لها الباحث في العلوم الإنسانية فعندما يريد المؤرخ أن يجرب نظرة سياسية له فهل يفجر حربا ليسجل بعض ملاحظاته بأن ذلك المجتمع سيصمد أم لا ؟ و كيف ستنعكس عليه تلك الحرب فهذا غير ممكن كما لا يمكن لنا أن نسجل حرية شخص من أجل أن ندرس سلوكه أو ندخله إلى المخبر كفأر تجارب لنجرب عليه فرضياتنا.
وبخصوص مبدأ السببية والحتمية في الظواهر الإنسانية . فمجال هذا المبدأ لا يدعو إلى الثقة كما هو الحال في الظواهر العلمية كإرتفاع درجة الحرارة في الحديد إلى إمتداده أو بوضع الماء يغلي سينتج عنه حتما تصاعد البخار فهي ظواهر ذات علة و معلول أما في العلوم الإنسانية فالإنسان متغير المزاج كثيرا فما رايته يكرهه اليوم لا يعني هذا بأنه سيكرهه غدا وما يحبه اليوم لا يمنع أن يكرهه غدا أو في المستقبل و الظروف التي تؤثر في فرد ما لا تؤثر بالضرورة في شخص آخر وهذا ما يجعل مبدأ السببية و الحتمية غير ممكن في الظواهر الإنسانية فالظواهر الإنسانية بشرية لا تشبه الأشياء إنها متصلة بحياة الإنسان وماهو متصل بها لا يمكن أن يخضع للبحث العلمي لأن الإنسان يملك حرية الإرادة في التعرف ولا تتحكم فيه مثل تلك الحتمية التي تحكم الظواهر المادية فالزوج مثلا في مستطاعه ألا يطلق زوجته بالرغم من حضور الأسباب المهيأة للطلاق لأنه كما رأينا يملك الحرية في الإختيار.
فالظاهرة الإنسانية ليست ظاهرة شبيهة بالظواهر الأخرى فهي تتميز بأنها ذاتية وقصدية وتوجهها جملة من القواعد والقيم و بأنها لا تثبت على حال لأنها مصدر إبتداع وحرية وهذه الخصائص تجعل الظاهرة الإنسانية متباينة عن الظواهر الطبيعية المادية لأنها متصلة ببيئة الإنسان وبأخلاقه وثقافته وبعواطفه ومبادئه ولا يمكن التنبؤ بها وهذا مايشكل أمام تطبيق مقياس التجربة (المنهج التجريبي) المعروف في العلوم الطبيعية لكن رغم ذلك فنحن نستطيع تطبيق المنهج التجريبي على العلوم الإنسانية .
إن تشعب العوم الإنسانية و صعوبة دراستها و صعوبة تطبيق الموضوعية فيها على وجه الخصوص لا يمنع هذا من تطبيق المنهج التجريبي على ظواهرها فالإنسان يستطيع بعقله و إدراكه و إرادته لقيمة ما يقوم بدراسته أن يتجرد من الذاتية فيقوم بقطع عواطفه التي كثيرا ما تجرده من ميوله التي تقف عائقا ف كل بحوثه في مجال العلوم الإنسانية وكذلك الأحر بالنسبة للتجربة حيث إستعمل المقارنة التي لا تقل أهمية عن التجربة في العلوم الطبيعية و الفيزيائية...الخ ليستطيع أن يتأكد من نتيجة ما وصل إليها فبذلك نستبعد إمكانية خضوع الإنسانية للمنهج التجريبي نكون قد شككنا في جل النتائج التي وصلت إليها و حققنا العلوم الإنسانية وليس هذا فقط بل نكون قد نفينا الطابع العلمي لنتائجها.فما دام الباحث يدرس الظواهر الإنسانية من أجل مبدأ واحد هو كشف الحقائق ومعرفة عللها و أسبابها وتسخيرها لخدمته فبذلك تكون الموضوعية ممكنة بسبب إدراك الباحث بأن الموضوع الذي يدرسه سيرفع الستار على أبواب جديدة للمدركات و المعارف في حين يدرك أيضا أن إنصياعه للذاتية و الأهواء لا يحقق له ما يطمح إليه من تطوير مدركاته عن ذاته . ففي علم النفس بفضل ذلك خطى خطوات جبارة لاعتماده على الموضوعية و استعماله ما يضمن له ذلك كإستعمال العمليات القياسية و الإحصائية...الخ وكما أن الدراسات الاجتماعية أيضا تقبل الدراسة الموضوعية بفضل المناهج المبتكرة و الوسائل الجديدة و المتطورة كإستعمال الاستثمارات أما الملاحظة فهي أيضا ممكنة فكما العالم في العلوم الطبيعية و التجريبية يمكنه أن يلاحظ الظاهرة العلمية ويتتبعها بدقة ليعطيها التفسير اللائق فإن الباحث في الظواهر الإنسانية قادر أيضا على ذلك. فلمؤرخ يمكنه أن يلاحظ الآثار المتبقية من قصور و مباني أو أواني فخارية أو وسائل صناعية أو حصوله على وثائق تاريخية فهذه السبل تهديه إلى معرفة الحقيقة عن طريق تتبعها و تحليلها و دراستها كما تحتويه من مادة علمية قابلة للملاحظة وهذا نفسه ينطبق في علم النفس حيث بإمكان الباحث من خلال التغييرات الفيسيلوجية أن يدرس ظاهرة الإنفعال ومن المظاهر المختلفة لسلوكيات الفرد يستطيع أن يدرس شخصيته و طبيعة تصرفاته .
أما بخصوص التجربة فإن المقارنة تلعب دورا في ميدان الحوادث الإنسانية لا يقل أهمية عن دور التجربة في العلوم الفيزيائية و البيولوجية و نفهم من هذا أنه يكفي أن نقارن ظاهرة بأخرى و سلوك بآخر للحصول على النتيجة بدون أن نخضع الإنسان على التجارب التي قد تسيء إلى إنسانيته فيكفي بقدر من الذكاء أن نحصل على نتائج مهمة عن طريق المقارنة كمقارنة البدائية الحالية في الشعوب المتحضرة لمعرفة قيمة الدولة كإطار سياسي و منظم ومحقق لمختلف صور الإنتظام أو معارف المدارس المختلطة مع الدارس الغير مختلطة لمعرفة تأثير و أهمية عزل الجنسين عن بعضهما البعض في أقسام الدراسة.
و إذا تكلمنا عن مبدأالسببية والحتمية فإن الفعل الإنساني فعل هادف يسعى إلى تحقيق غرض ما وفهمه يأتي عن طريق فهم أهدافه ومراميه بالدرجة الأولى وعلى هذا النحو يمكن معرفة طبيعة الحوادث والظواهر الإنسانية عن طريق دلالتها الغائية وبقدر ما

تعرفنا عن دلالتها الغائية أدركنا أسبابها وتوقعنا نتائجها و الحديث عن الحتمية أيضا ممكن في الظواهر الإنسانية حيث يستطيع عالم الإجتماع مثلا أن يحصي حوادث الإنتحار فإذا أحصى مئة حادثة و أمكنه أن يراقب الحالة التي رافقتها ( مرض ،غيرة ،طلاق،.... ) وكم كان نصيب كل حالة من التكرار بالنسبة لغيرها كان بإمكانه التوصل لقانون إحصائي يقول مثلا أن 90بالمئة من حوادث الإنتحار ترجع إلى الظروف الإجتماعية التي يعاني منها المنتحرون فإنطلاقا من هذه النتيجة فلو تحقق الأسباب نفسها عند أفراد آخرين ومجتمع آخر سوف تحقق نفس النتيجة وبذلك تحقق لنا تلك الأسباب حتميات ينبغي توقعها بنسبة عالية وأخذ سبل وقائية لازمة لدفعها ومنه نستطيع تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية ولكن رغم ذلك فالظاهرة الإنسانية ليست ظاهرة شبيهة بالظواهر التجريبية والطبيعية ...الخ لأنها متصلة ببيئة الإنسان وبأخلاقه و ثقافته و بعواطفه ومبادئه ولا يمكن التنبؤ بها وهذا ما يشكل عقبات أمام تطبيق مقياس التجربة المعروف في العلوم التجريبية ومنه لا يمكن تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية.
ما ذكرناه عن خصائص وصفات الظواهر الإنسانية من أنها ظواهر معنوية متغيرة لا تعرف الثبات و متداخلة مع بعضها البعض لا يمنعنا أن نقول فيم ذلك أنها استطاعت أن تقدم نتائج علمية مهمة كما أن الباحث فيها أستطاع في الكثير من بحوثه أن يتوج بالروح العلمية فبفضل وعيه وضميره العلمي إستطاع أن يمسك الظواهر الإنسانية ويفكك ألغازها كما يفكك العام خلايا وأنسجة الجلد ويعزلها كما يعزل العالم الكريات الحمراء عن البيضاء إلا أنه رغم ذلك كثيرا ما تحدث له زلات سببها الذاتية أو الميولات الإيديلوجية وهذا ما ذكرنا سابقا راجعا لصعوبة دراسة الظواهر الإنسانية .
إذن فالمشكل الأساسي هذا يتمظهر في طبيعة الموضوع المدروس لا في الدارس لذلك الموضوع .
إن دراسة الظواهر الإنسانية لمختلف جوانب النشاط الإنساني ووصولها لحقائق جديدة لم تكن معروفة من قبل جعلها تتحدى مختلف الأقاويل التي تقال عنها.















16ا_لأطروحة : " العقل هو أساس المفاهيم الرياضية " كيف يمكن لك إثبات ذلك ؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالرفع .
إنه و مما لاشك فيه أن تاريخ الإنسانية و نشاطها المعرفي يشير إلى أن الرياضيات و المفاهيم الرياضية كانت من أول العلوم نشأة و لما كانت تدرس موضوعات مجردة عن كل مادة حسية و لا يشترط أن توجد في العالم الخارجي حقيقة كانت القضايا التي تقررها مطلقة و يقينية و من الممكن تطبيقها على أرض الواقع المعاش و من هنا نجد أن العقل يحتل فيها أكبر مكان ممكن و في حين أن نصيب الحس فيها ضئيل جدا و معنى هذا الطرح أن المعاني الرياضية تنشأ و تدرك عن طريق عقل مفكر و مدبر و كذلك فالرياضي ليست في حاجة إلى العمليات الحسية و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق كيف يمكن لنا إثبات هذه القضية ؟ أو بعبارة أجرى إلى أي مدى يمكن اعتبار أن المفاهيم الرياضية تدرك و تنشأ عن طريق العقل فقط ؟ .
إن أصل الرياضيات عقلي خالص كما يراه الفلاسفة العقلانيون المثاليون أمثال الفيلسوف اليوناني " أفلاطون " و الذي يقول " إن المعرفة تذكر " و ما نفهمه من هذا التعريف حسب "أفلاطون " هو أن المعارف بمختلف أنوعها و أشكالها تذكر أي تدرك بواسطة العقل و من المعرف أن الرياضيات أساس تركز عليه كل المعارف حيث أن الإنسان حينما كان في عالم المثل عرف هذه المعارف و منها الرياضيات و لكن بعد أن جاء إلى عالم الواقع المادي نسي هذه المعارف و لكن سرعان أن يدركها بواسطة الذهن و حده دون أي واسطة من وسائط المعرفة بإدراك المعاني الرياضية تعتمد على العقل و حده فهو النور الذي يضيء الحياة و هو إن صح التعبير

الحاكم في الأمور فالله عز و جل أكرمنا بالعقل على سائر المخلوقات هذا دلالة على أن العقل هو ميزان معرفة المفاهيم الرياضية و في هذا السياق نجد الفيلسوف الفرنسي " روينه ديكارت " الذي يعتبر القطب الرئيسي للفلسفة الحديثة و قد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة " أنا أفكر إذن أنا موجود " هذا الكوجيتو الديكارتي الذي يبين لنا أن مصدر الرياضيات هو العقل المجرد و ليس الواقع المادي و كذلك يقول " العقل هو أحس الأشياء و بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة " و كذلك فالعقل يعتمد على مبدأ الاستنتاج أو البرهان و الاستنباط كما نعرف فالرياضيات تعبر علما إستنتاجيا يعتمد على استنباط القوانين فالرياضيات هي جملة من المفاهيم المجردة أنشأها الذهن فقط و في هذا السياق يقول " أفلاطون " " إن المعطيات الأولية الرياضية توجد في عالم المثل " و كذلك جعل الرياضيات هي نموذج اليقين و في هذا الصدد نجد قولا أخر" لديكارت " و الذي يحاول أن يوضح أن المعاني الرياضية نابعة من أفكار فطرية شأنها شأن فكرة الله و اللا متناهي و معني هذا أن الرياضيات تأسست بفعل العقل و بالتالي فهي بعيدة عن العالم الملموس " الواقع المادي " حيث يقول " إن المعاني الرياضية هي معاني فطرية " و بالإضافة إلى هذا الفيلسوف نجد الفيلسوف الفرنسي " مالبرانش " الذي يرى بأن المفاهيم الرياضية و كل المعارف جاءت من عند الله و ذلك بفعل العقل دون الوسائل المعرفية الأخرى و نأخذ مثلا على المكان الهندسي و الخط المستقيم و العدد و اللانهاني و الأكبر و الأصغر و غيرها كلها معان رياضية عقلية مجردة لأتدل على أنها نشأت عن طريق الملاحظة الحسية و لأنها نسخة منها إنها صادرت من العقل وحده . و منه فالمعاني الرياضية " الرياضيات " نشأت بفعل العقل المفكر و حده دون تدخل أي واسطة أجرى .
كا رأينا سابقا فإن أساس الرياضيات و مصدرها يمكن إدخال الواقع المادي و لمن هناك من عارض هذا الرأي معارضة شديدة و فدم الواقع المادي على المقدرات العقلية في مصدرية الرياضيات و من هؤلاء الفلاسفة المعارضين للرأي الأول نجد " جون لوك " الذي رد على " ديكارت " بأنه لا وجود للمعاني الفطرية في النفس لأن الأطفال لا يعرفونها و هنا يقول " إن الطفل يولد صفحة بيضاء تكتب فيه التجربة ما تشاء " و كذلك قوله " لا وجود لمعرفة خارج الواقع و لا و جود لمبادئ أولية فطرية " و معنى هذا القول أن المعرفة الرياضية أو أي معرفة أخرى إنها تكتسب من الواقع الحسي فغياب الواقع الحسي يؤدي إلى غياب التصور و كذلك فالواقع هو الذي يعطي لنا فكرة العدد و الشكل و هناك أيضا الفيلسوف الفرنسي " كوندياك " الذي يرى بأن الإحساس هو المنبع الذي منه جميع معارفنا و هذا يعني أن الرياضيات حسية الواقعية و أيضا يؤكد الفيلسوف " دافيد هيوم " على أن جميع معرفتنا و منها الرياضيات مستمدة من التجربة لأن العقل بدون تجربة لا يساوي شي و كما أكد ذلك الفيلسوف " الانجليزي " " جون ستيوارت ميل " أن الرياضيات هي علم الملاحظة و كما يوضح أن النقط و الخطوط و الدوائر فبل أن تكون عقلية كانت تجريبية واقعية أي أنها مجرد نسخ و كما أن تاريخ العلوم يشهد على أن الرياضيات قبل أن تكون عقلية كانت تجريبية و ذلك من خلال الحضارات الشرقية المقدمة التي مارست الرياضيات ممارسة عملية قبل أن تكون نظرية و ذلك في تنظيم الملاحة والفلاحة الري و كما مارسها المصريون الفراعنة في البناء تلك الأهرام الشامخة ومن هنا ندرك أن نشأة الرياضيات كانت تجريبية و حسية تعتمد على الواقع المادي فقط و لكن فالتجربة عيوب و سلبيات كما لها إيجابيات في مجال مصدرية المعاني الرياضية فالمفاهيم الرياضية هي مفاهيم كلية و مطلقة و الواقع متغير و منه فالتجربة لا يمكن أن تدرك المطلق و الكلي و كذلك فالتجربة لا تستطيع استنباط القوانين أي لا تملك القدرة على الاستدلال و البرهان و من المعرف فإن المعاني الرياضية هي معارف إستنتاجية و منه فالتجربة ليس بالضرورة مقياسا للمعارف الرياضية .
إنه من باب الموضوعية و الصراحة الفكرية القول بأن العقل هو المقياس جميع المعارف و منها الرياضيات فالرياضيات هي علم الكميات و المقادير المجردة و القابلة لكم فمن خلال هذا التعريف يتوضح لنا المعاني الرياضية منشأها العقل و حده دمن الواقع الحسي كما يؤكد قطب الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني " أيما نوبل كانط على أن أساس الرياضيات يتحلى في القضايا العقلية التي تفرض نفسها على العقل و هي معرفة كلية ولقد أسماها كانط بالمعارف الأولية التي لا تعني الأفكار الفطرية كما عند " ديكارت " بل هذه المعارف الأولية بمثابة شروط أولية ضرورية قائمة على الذهن و لذلك ركز " كانط " على فكرتي الزمان و المكان على أنهما مفهومان مجردات على العالم الحسي و نجد قولا " لأفلاطون " " لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات " و هذا يعني عند " أفلاطون " أن الرياضيات هي مفتاح لجميع العلوم كما يوضح أن الرياضيات هو عقلي خالص و منه فالمعاني الرياضية ذات أصل عقلي تجريدي
حقيقة إن أصل الرياضيات متنوع و مختلف لكن بالرغم من ذلك حسب ما تعرضنا إليه فإن أصل المفاهيم و المعارف الرياضية هو عقلي خالص دون تدخل الواقع المادي .

17_القول إن:" أصل و أساس الحقيقة هو المنفعة " كيف يمكن لك تهذيب هذا الموقف ؟
الطريقة (جدلية )
إن مسألة الحقيقة من البحوث الشائكة التي تطرق إليها الإنسان و إهتم بها منذ نزوله على وجه الأرض بدافع فضوله المعرفي أو تطلعا لكشف المجاهيل ، فمشكلة الحقيقة في واقع الأمر لا يمكن تصورها إلا إذا رجعنا إلى الإنسان الذي يتعامل معها ، وكشف علاقته بما يحيط به ومما لاشك فيه أن التاريخ الفلسفي على شهادة تامة بذلك الصراع الدائم بين عدة من كبار الفلاسفة و العلماء و المفكرين حول مصدرية الحقيقة فهناك من يرجعها إلى العقل و هناك من يقول أن أصل الحقيقة هو المنفعة و العمل المنتج. وإذا ما شهدنا شهادة صدق حول ما قدمه البراغماتيون بمبدئهم الأمريكي تجاه الثروات الفلسفية و العلمية و بلوغها هذا التقدم و السؤال الذي يطرح نفسه ، ما هو مصدر الحقيقة المنفعة أم العقل المفكر؟.
إنه ومما لاشك فيه أن الإنسان منذ بداية ظهوره على وجه الأرض وهو يتساءل عن هذا العالم المجهول باحثا عن الحقيقة بل الحقائق المخفية وراء هذا الكوكب الكبير الذي حير عقول كافة البشر و بالأخص الباحثين و العلماء. فالإنسان في معرفته للحقيقة يعتمد على معيار النفع فأول مقياس يؤسس عليه البراغماتيون قيمة أي منطلق من المنطلقات هو تحقيق منفعة عملية وكل بحث أو فكرة لا تحمل في طياتها مشروعا قابلا لإنتاج آثار عملية نفعية تعتبر خرافة شأنها شأن الكلام الفارغ وفي هذا الصدد نجد "وليم جيمس " و الذي يؤول المنفعة و العمل المنتج في معرفة الحقيقة حيث يقول "إن الفكرة الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة " ونفهم من خلال هذا القول حسب "وليام جيمس" أن الهدف من وجود الحقائق و الأفكار هو من أجل غايات عملية ونافعة ونجد أيضا في هذا السياق "جون ديوي" الذي يؤكد على أن الحياة كلها هي توافق بين الفرد و مجتمعه فالحقيقة النسبية تتجلى في التفكير الناجح الذي يستطيع إيجاد حلول مفيدة للمشاكل التي تعترض سبيل الإنسان ومن المعروف أن مبحث الصدق هو أحد المباحث الأساسية للحقيقة و لهذا فإن الفكرة تستمد صدقها بواسطة الأحداث فالصدق هو صدق بالنسبة للواقع الحالي و الواقع غير الثابت فالصدق يتحول ومنه فالحقيقة متغيرة نسبية إذن فالصدق هو وسيلة مهمة لمعرفة الحقائق كما يقول "جيمس " " أسمي الفكرة صادقة حين أبدأ بتحقيقها تحقيقا تجريبيا "ويقول أيضا "إن هذه الآثار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها أو هي مقياس صوابها" إذن هنا يجتمع الصدق والنفع في معرفة الحقيقة أو بعبارة أخرى ليس الصدق صدقا إلا لأنه نافع وليس نافع إلا لأنه وسيلة تستجيب للواقع المشخص للإنسان ونجد من الفلاسفة البراغماتيين "بيرس شارل " الذي يرى أن الحقيقة تكمن فيما فد ينفعنا في المستقبل وفي هذا الصدد يقول "بيرس" "إن تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار علمية لا أكثر" ومعنى هذا الطرح أن المعارف الصحيحة و الحقيقية إنما تقاس بالنتائج التي على طبيعتها في الواقع وإن تحققت لنا نتائج إيجابية كانت صحيحة وإن حققت لنا نتائج سلبية كانت خاطئة و أيضا هناك "وليام جيمس" الذي يقول " إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي " و أيضا يقول " الحق ليس التفكير الملائم لغاية " و معنى هذا القول عند "جيمس" هو أن الحق حينما يكون حقا إلا إذا كانت مصلحة ما دون وجود غايات لأنه لو كانت هناك غاية لأصبحت الحقيقة مطلقة أو بمعنى آخر الحقائق كلها تكون مطلقة ومنه فإن الحقائق تكمن في المنفعة و العمل و التفكير المنتج والناجح لكن مقياس المنفعة و تحقيقها مرتبط بالمستقبل وهذا ما يجعل الحقيقة احتمالية و تخضع في كل أحوالها لتقديرات ذاتية كما أن المنافع مطالب و إشباعات من الصعب الإتفاق حولها بالإضافة إلى ذلك فإن المنافع متغيرة و بالتالي الحقيقة متغيرة إذن لا يمكننا اعتبارها المعيار الوحيد للحقيقة .
على عكس ما طرحه الفلاسفة البراغماتيون حول مصدرية الحقيقة وفي أنها تكمن في المنفعة ومعيارها النفع فقط على حد سواء هناك رأي مغاير يرى أن أصل الحقيقة ومعيارها هو الوضوح و البداهة و اليقين ،فلإنسان في معرفة الحقيقة يعتمد على عقل مدبر فهو النور الذي يضيء الحياة وهو إن صح القول الحاكم في الأمور و الحاسم بين متناقضات الحياة، فالله عز وجل أكرمنا بالعقول على سائر الموجودات هذا دلالة على أن العقل هو ميزان حقائق الأشياء فالعقل قوة فطرية لدى جميع الناس ينهلون منها الحقائق و يطمئنون إليها وفي هذا السياق نجد الفيلسوف الفرنسي "رونيه ديكارت" الذي يعتبر القطب الرئيسي للفلسفة الحديثة. وقد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة "أنا أفكر إذن أنا موجود" والذي بين لنا هذا أن الوضوح و البداهة هو أساس الحقيقة و معرفتنا لها حيث يرى أنه لو لا هذا العقل لما استطعنا أن نعرف حقيقتنا وحقيقة الموجودات بيننا فالعقل يتأسس أصلا بالفطرة على مبادئ تعرف بالأوليات أو البديهيات وهي مبادئ يدركها المرء بمجرد تفتحه من غير حاجته إلى التجربة ولا يختلف فيها مع غيره من الناس لأنهم جميعا يملكون هذه المبادئ بالفطرة . مثال ذلك فكرة أن الله هو الخالق وكذلك التفريق بين الخير أو الشر ومبدأ عدم التناقض...الخ وفي هذا المعنى يقول "ديكارت " "العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بين كل الناس بالفطرة " وكذلك فإن العقل له القدرة على الاستدلال و البرهان وكذلك فإن للعقل القدرة على إدراك الحقائق الكلية الشاملة و الضرورية للإنسان لا يمكن له أن يتقبل الفكرة أو
الحقيقة إلا إذا كانت واضحة وكذلك فمسألة الأخلاق تستمد قواعدها الأولى من العقل كمسألة التفريق بين متناقضات الحياة . وكذلك فالأوليات الرياضية المنطقية تنشأ بالعقل كما يقول "أفلاطون":"لا يطرق بابنا من لايعرف الرياضيات " وكذلك نجد المعتزلة الذين يؤولون العقل في معرفة هذه الحقيقة وذلك في قولهم " المعارف كلها معقولة بالعقل واجبة بنظر العقل " أي أن جميع الحقائق تدرك بواسطة المقدرات العقلية المجردة ونجد كذلك الفيلسوف " باروخ إلسبنوزا" الذي يرى أن الوضوح هو أساس الحقيقة حيث يرى أن النور يكشف عن نفسه وعن الجهل وكذلك فالصدق يكشف عن نفسه وعن معيار الكذب وفي هذا المعنى يقول "سبينوزا" اهل يمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة ،يصلح أن يكون معيارا للحقيقة ؟.
فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات وكذلك فالصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب " ومنه فمعيار الحقيقة هو الوضوح ذاتي مرتبط بوعي الذات ومقدرتها الإدراكية فما هو واضح قد يكون غامض عند غيره (تفاوت المقدرة على الفهم) وكذلك فالعقل لا يستطيع خلع صفة الصدق على ما يبتدعه من حقائق ومن ثم يعتبر الوضوح مقياسا غير موضوعي لهذه الحقيقة.
إن الجدل بين الموقفين البراغماتي و الاتجاه العقلاني دفع ببعض الفلاسفة والمفكرين و العلماء بإبداء رأيهم و التركيب بين كل المذهبين في معرفة الحقائق . فالحقيقة ليست واحدة فهي نوعان حقيقة مطلقة و حقيقة نسبية فالحقيقة المطلقة الثابتة تتجلى في فكرة الوضوح و البداهة و اليقين عند الفلاسفة العقلانيين ومثال ذلك فكرة الله فهي حقيقة مطلقة تدرك بواسطة عقل مفكر.ومتأمل ،أما الحقيقة النسبية المتغيرة تتجلى في معيار النفع وأنا أرى أن الحقيقة تتجلى في الجانب الفكري و المعيار النفعي (العمل المنتج) معا فكلاهما معيار للحقيقة و المنفعة لن تأتي إلا بواسطة التفكير الناجح وهذا دلالة على الرابطة المتينة بين العقل و العمل المنتج ومنه فالحقيقة تكمن في التفكير والعمل المنتج معا .
حقيقة إنه من باب الموضوعية و الصدق أن الحقيقة المطلقة تكمن في الوضوح و البداهة أما الحقيقة النسبية تكمن في المنفعة و العمل المنتج عند البراغماتيين ومنه فالحقيقة الكلية تكمن في العقل ( القدرات العقلية ) و المنفعة( العمل المنتج) معا.

















18_"إذا كانت الرياضيات تحتل مكانة الصدارة بين العلوم " ففيم تتمثل قيمتها ؟ .يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع .
الرياضيات علم عقلي مجرد يقوم على الاستنباط والبرهان و يختلف بذلك عن العلوم التجريبية التي تقوم على التجربة غير أن الرياضيات اليوم تحتل الصدارة بين العلوم فهي الأساس الذي تعتمد عليه جميع أنواع العلوم و التي لا تستطيع الاستغناء عنها و أكتسب قيمة كبيرة ففي ماذا تتمثل هذه القيمة ؟ إذا عرفنا أن الرياضيات علم مجرد لايدرس بتساؤل إلى أي مدى يمكن أن نتحدث عن قيمة الرياضيات ؟
تدرس الرياضيات المفاهيم الكمية المجردة القابلة للقياس بطابع عقلي بحت الأمر الذي مكنها من الوصول إلى نتائج دقيقة وواضحة تنتج عن المقدمات بطريقة مما يضفي عليها نوعا منا لصرامة المنطقية التي تقوم العقل و تجعله لا يقع في الخطأ 4 = 2+2 و أن 2 = 1+1 كانت 4= 1+1+1+1 الضرورة هذه الصرامة التي تجعل الرياضيات تمتاز بشكل ملحوظ غير أنها من العلوم غير أن قيمة الرياضيات لم تبرز بالشكل الذي نعرفه اليوم . إلا بعد دخولها لعالم الطبيعة و أصبحت القوانين الفيزيائية تصاغ على شكل علاقة رياضية . هذه الدقة التي تعتبر شرط المعرفة العلمية يرجع تاريخ دخول الرياضيات مجال الفيزياء إلى القرن السابع عشر بفضل أعمال "تيبلار " الذي حسب حركة المريخ فوجده يرسم شكلا الذي صاغ قانون سقوط الأجسام و "ديكارت " الذي قدر حركة الكواكب تقديرا كميا حينها أدرك الإنسان أنه لن يمكن من الغوص في أعماق الطبيعة للكشف عن أسرارها إلا إذا تعمل معها بلغة رياضية يقول " غاليلي " " الطبيعة لا تجيب إلا عن الأسئلة المطروحة عليها
بلغة رياضية " . "إن الرياضيات عنده هي للغة التي تفهمها الطبيعة و بدون الرياضيات ليس هناك مجال للحديث عن الفيزياء هكذا يقول " برا نشفيك " إذا فقدت الفيزياء طابع التقدير الكمي للظواهر صارت مجرد إحساس بكيفيات قابلة للوصف لا غير " فالفيزياء عنده بدون رياضيات تصف ظواهرها بالوصف الأدبي و ليس علميا و كذلك دخلت الرياضيات مجال الكيمياء على يد الكيميائي الفرنسي " لافوازي " و مجال البيولوجيا على يد " مندل " حيث وضع قوانين الوارثة و أصبحت البيولوجيا لا تستعمل الرياضيات فحسب
إن النجاح الكبير الذي أحرزته علوم المادة في إستجلاص العلاقات بصيغ كمية مكنها من التحكم في الكثير من الظواهر مما جعل العلوم الإنسانية بدورها تعمل على إدخال الرياضيات مجالها لتقترب من الدقة التي تمكنها من الانضمام إلى مجموعة العلوم فاستخلصت قوانين صاغتها على شكل معادلات رياضية أو مخططات بيانية أو نسب مئوية كما نرى في الإحصاء الذي يعتمد عليه الباحثون في علم الاجتماع لا أحد يستطيع أن يفكر اليوم و نحن في القرن الواحد و العشرين القيمة الكبيرة للرياضيات التي مكنتها من احتلال مكانة الصدارة في العلوم و المعارف جميعها و كانت ثقة الإنسان في الرياضيات كوسيلة لبلوغ الحقيقة التي حلم بها طويلا لا يتخللها شك أو ريب بفضل لغة الإعداد . وما تمتاز به من الدقة إن التقدم المذهل و النجاح الكبير للتكنولوجيا المعاصرة في حضارتنا المادية ليس إلا برهانا على صحة الرياضيات و عنوان صدقها مما يمكننا من القول مع " برانسفيك " " إن العمل الحر و الخصب للفكر يبدأ من العصر الذي جاءت فيه الرياضيات فزودت الإنسان بالمعيار الصحيح للحقيقة " لا يستعمل الإنسان الإعداد في العلوم و التكنولوجيا فقط و إنما يستعملها أيضا في الحياة اليومية ليكون أكثر دقة و انضباطا و أصبحت مقولة" الفيتاغوريين " الإعداد تهيمن على العالم " ليست خيالا و إنما واقعا يعيشه الإنسان يجعله يعترف بقيمة الرياضيات و فضلها عليه . إن الإنسان لا يدرس الرياضيات كغاية و إنما يدرسها كوسيلة تستعملها العلوم بعد كشفها عن العلاقات بين الظواهر لتعبر عنها بعد ذلك بأسلوب الكم لنقل إن الرياضيات وسيلة العلوم لا ينفي عنها كل قيمة في ذاتها فإن الرياضيات تعتبر محق و أفضل علم يعلم العقل كيف يجر و أفكاره و يقدمها في تسلسل منطقي محكم فتعرف الإنسان بخفايا عقله و قدرته على الغوص في أعماق العالم المجرد و إذا كانت العلوم تعلما حقيقة الطبيعة فإن الرياضيات تعلمنا حقيقة الفكر فالرياضيات هي لغة العصر و هي الدقة التي تتكلم بها العالم في الوقت الحالي و لا يمكن التخلي عنها في سعي الإنسان إلى معرفة الحقيقة فالعلوم قد أكسبت الرياضيات قيمة و من يمكننا القول بأن الرياضيات وسيلة من وسائل العلوم الأخرى أي أن جميع أنواع العلوم تستعمل لغة الرياضيات .
كما مكنا سابقا فالرياضيات هي آلة لجميع العلوم في شتى المجالات إما عن التهمة التي وجهت إليها على أنها مجرد قضايا عقلية مجرد بعيدة عن الواقع فيمكن لنا ردها عن طريق الأمثلة 2 = 1+1 و فكرة أن مجموع زوايا المثلث تساوي 180 و فكرة الإشكال الهندسية هل نعيد في معرفتها على الواقع لا بل نعتمد على التفكير أو على عقل مدبر و في هذا الصدد يقول " ..." " إن التصورات الرياضية تتمثل ككائنات عقلانية يصغها العقل في تلاؤم مع طبيعة الكون ". و هكذا نستنتج أن الرياضيات وسيلة أكثر مما هي غاية إن كانت تفيد الإنسان كغاية فإنها تفيده أكثر كوسيلة تستعملها العلوم للكشف عن أسرار الطبيعة و بلوغها الحقيقة فإذا كانت الرياضيات قد أكسبت العلوم قيمة بفضل أسلوبها الدقيق. فإن العلوم قد أكسبت الرياضيات قيمة كلغة لا يمكن التخلي عنها في سعي الإنسان نحو الحقيقة.

19_قيل " إن القلب مصدر الاستدلال " كيف يمكن لنا تفنيد هذه القضية ؟
طريقة استقصاء بالرفع.
إنه ومما لاشك فيه : أن الإنسان في بحثه عن المعرفة يتبع طرقا متعددة و كثيرة منها المعرفة القلبية و المعرفة العقلية ففي الطريق الأول يطلع الإنسان مباشرة من مقدمات إلى نتائج بالاعتماد على وسائل معرفية و لكن هناك من أعد القلب مصدر للاستدلال المعرفي فإلى إي مدى يمكن إنكار هذا الطرح الفلسفي ؟ أو بعبارة أخرى : كيف يمكن لنا أن نبطل هذا الزعم المجسد أمامنا ؟ أو بعبارة أدق: إلى أي حد يمكن القول أن القلب هو مصدر الاستدلال العقلي؟
إن منطق الأطروحة الفلسفية يتجلى في المحتوى الذي يقول أن القلب هو مصدر الاستدلال و من هؤلاء الفلاسفة و المفكرين و العلماء نجد الفيلسوف اليوناني "أرسطو" الذي جعل منطق ولادة الاستدلال بالفعل يعود أساسا على منطق القلب بالقوة ، وكما يؤكد مجال القلب كمصدر للاستدلال نجد "بليدز باسكال " الذي يقول "فنحن نعرف الحقيقة ليس فقط بالعقل وإنما بالقلب أيضا وبهذا الشكل الأخير نعرف المبادئ الأولى" ومعنى هذا القول الفلسفي عند" باسكال" هو أن للقلب دورا هاما ومهما في تحريك العقل و دفعه قدما نحو الوجود الحقيقي و كما يؤكد القديس "أوغسطين" أن القلب هو أساس كل المعارف الإنسانية وذلك في قوله"آمن لتعقل ثم تعقل لتؤمن "وهنا يبني لنا "أوغسطين" أبدأ المعرفة بالإيمان وفق القلب ثم تعقل ذلك بالعقل حتى تدخل في الإيمان بالصدق و اليقين .ولكن أولوية القلب كمصدر للمعرفة إلى من العقل و يذهب نفس المذهب الفيلسوف الهولندي "باروخ سبينوزا" الذي يقر دور القلب و أسبقيته على العقل في عملية الاستدلال وهناك أيضا المفكر المصري
"عثمان أمين" من خلال نزعته الجنونية التي تقر بأن المعرفة تتم بالقلب حتى نؤسس الاستدلال ا لمعرفي وهناك أيضا الفيلسوف "برغسون" الذي يؤكد على أن القلب هو مصدر كل المعارف الإنسانية وبالتالي فهو مصدر للاستدلال وحتى التاريخ الإنساني يؤكد مدى مقدرة هذه الأداة المعرفية في جعل التاريخ يتطور و يزدهر وحتى "فوفنا رغ"يقول "إن الخواطر العظيمة تنبع من القلب "ومعنى هذا القول أن التاريخ الحضاري للإنسانية على شهادة تامة بأن الاستدلال هو القلب
إن هناك من الفلاسفة و العلماء و المفكرين من أبطل هذا الزعم الذي يقول بأن القلب هو مصدر كل استدلال ذلك إذا دققنا وعمقنا النظر جيدا في البديهية القائلة " إن الكلمتين المتساويتين لثالثة متساويتان " ففي هذه البديهية لا ندركها إدراكا هو سببا خاليا من التفكير بل عن طريق حركة سريعة من الفكر الذي يجتاز سلسلة مختلف العلاقات التي تؤلفه وفي هذا المقام نجد الفيلسوف "جون ديوي" يقول " إن الاستدلال إدراك يتضمن خبرات سابقة كما يتضمن نتائج مستنتجة من تلك الخبرات" ومعنى هذا أن عملية الاستدلال لن تتم مباشرة بالقلب . بل وجب أن يكون هذا العقل مجهزا بخبرات و مكتسبات و آليات تجعل هناك نتائج يقينية. وإذا بحثنا في نظرية "أرخميدس" في قانون الطفو بحيث قبل الحصول على هذه النظرية بالحدس لم تكن هدية ألاهية من دون عناء أو من فراغ أو كانت هذه النظرية العلمية وفق تفكير مبني على سنين طوال حول هذه الظاهرة العلمية و أيضا "نيوتن" من خلال نظريته العلمية في الجاذبية لم تكن من فراغ أو عدم تعب أو بذل أي جهد عقلي بل لقد شغل نفسه عناء للبحث عن اللغز الذي طالما بحث عنه . ومن هنا تبين لنا أن أساس الاستدلال هو عقلي خالص من دون الحاجة إلى القلب أو الحدس .
بالرغم مما طرحه الفلاسفة و العلماء و المفكرين حول مصدر الاستدلال و تأويلهم للقلب في مصدرية الاستدلال إلا أن هذا يدخلانا في مجال الميتافيزيقيا و يبعدنا عن كل مجال النتائج العلمية و القلب لا يستطيع الاستنباط و البرهان لأنه لا يملك القدرة على إستنتاج القوانين و بالتالي عدم الوصول إلى أي معرفة ومن هنا نخلص إلى أن مصدر الاستدلال هو العقل وحده فهو الذي يؤسس لنا المعارف بجميع أنواعها .
حقيقة أنه من باب الفلسفة الموضوعية أن مصدر الإستدلال المعرفي يعود أساسا إلى العقل كما أكده تاريخ العلم و الفلسفة دون أن يعود إلى القلب لأنه بعيد كل البعد عن تحقيق أي إستدلال علمي .












20_ ما الذي يميز الحقيقة الرياضية عن الحقيقة التجريبية ؟
يعالج بطريقة المقارنة .
إنه و مما لا شك فيه منذ بداية ظهور الإنسان على وجه الأرض و هو يتساءل عن هذا العالم . المجهول باحثا عن الحقيقة بل الحقائق المتخفية وراء هذا الكوكب الكبير الذي حير عقول البشر و بالأخص الباحثين و العلماء و المفكرين تجاه اللقاء بالحقيقة وراء هذا العالم الكبير فالحقيقة متعددة و متنوعة فهناك حقائق تختص بالمجال الرياضي و هناك حقائق تخص المجال التجريبي و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو : ما العلاقة بين الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية ؟ أو بعبارة أخرى أدق : ماالفرق بين الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية ؟ .
إن النظرة المعمقة و المدققة لموضوعي الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية تجعلنا نستوقف أنفسنا و قفة تدبر و إدراك ووعي على نقاط الاختلاف المتواجدة بينهما حيث أن طبيعة الحقيقة الرياضية ذات طبيعة تجريدية . أما الحقيقة التجريبية فطبيعتها تشخصيه حسية و من جهة أخر فالحقيقة الرياضية ذات طابع يقيني دقيق أما الحقيقة التجريبية فهي ذات طابع احتمالي تخميني و كذلك فمنهج الرياضيات استنتاجي ( استنباطي ) ذو حركة فكرية تنازلية من العام إلى الخاص أما منهج العلوم التجريبية استقرائي ( مادي ) ذو حركة تصاعدية من الخاص إلى العام فمثلا حينما نجرب على الحديد و النحاس و الزنك و نقربهم إلى الحرارة سنلاحظ أن كل ما هو معدن فهو يتمدد بالحرارة و من جهة أجر فالرياضيات تنطلق عن فرضيات عقلية . أن يقوم بانتقال الفكر من المبادئ إلى نتائجها بصورة عقلية مجته أما العلوم التجريبية فهي تنطلق من استخراج القوانين و باستنباط الوقائع و كذلك فإن معيار الصدق في الرياضيات
عدم نناقض الفكر مع ذاته بينما معيار الصدق في العلوم التجريبية عدم تناقض الفكر مع الواقع ( التسليم بمبدأ السببية ) .
إنه إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية و جدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في : أن كلاهما معرفة علمية تهدف إلى الوصول إلى قوانين موضوعية تخدم الإنسان في شتى المجالات و كذلك كلاهما يستجد العقل لكشف عن العلاقات الثابتة في الكون و أن كلاهما نشا في حاجة حتمية الإنسان إلى البحث و الكشف عن أسرار الوجود فكلاهما يهدفان للوصول إلى بلوغ اليقين المطلق و كذلك فكلاهما مجرد حركة فكرية تدريجية من مرحلة إلى مرحلة و كلاهما يوضعان الموضوع و المنهج و الغاية في الدراسة و البحث و إلى تكوين معرفة إنسانية .
رغم هذا الاختلاف بين الحقائق الرياضية و الحقائق التجريبية نجد هناك علاقة وطيدة بينها فالعالم التجريبي كثيرا ما يستعين بالعالم الرياضي مستعينا بلغة الكم بضبط القوانين و الرياضيات و هي نموذج العلم الصحيح و كل العلوم تسعى لاستعمالها فهناك تداخل بين منطلقات الحقيقة التجريبية و نتائج الحقيقة الرياضية و ذلك من جلال تطابق الفكر مع ذاته و مع الواقع في آن واحد لكن غير من ذلك فالمنهج التجريبي يكمل المنهج الاستنباطي و العكس أيضا بحيث أن عملية الفصل بينهما صعبة جدا و خاصة في الممارسة العلمية في العلم كلا من الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية متكاملان على أتم تكامل و أدق انسجام و أعمق تطابق فهناك خدمة متبادلة دوما بينها البعض و ذلك لأجل بلوغ اليقين العلمي.

21 " ما الفرق بين الفلسفة و العلم ؟ "
يعالج بطريقة المقارنة :
انه وما لا شك فيه إن الفلسفة منبع تغرف منه شتى العلوم و الفنون و الإبداعات بداية من العصر اليوناني ما قبل الميلادي حتى العصر الإسلامي و لكن بانفجار الثورة العلمية في أوروبا حدث هناك ما يسمى بولادة فكرة التخصص لكل علم من العلوم بحيث إن العلم قفز قفزات عملاقة في خرق المجهول مما أدى بها إلى التخلي عن الفلسفة ففي ظل هذا الفصل بين الفلسفة و العلم بإمكاننا طرح هذه التساؤلات ما علاقة الفلسفة بالعلم ؟ وإذا كان هناك انفصال بين الفلسفة و العلم فهل يعني أنه لا يوجد علاقة بينهما ؟ أو بمعنى أخر : ما الفرق بين الفلسفة و العلم ؟
إن النظرة المعمقة و المدققة لموضوعي الفلسفة و العلم تجعلنا نستوقف أنفسنا وقفة تدبر و إدراك و وعي علا نطاق الاختلاف الواجد بينهما . أما الفلسفة تتناول الكون من الناحية النظرية أي النظر العقلي المجرد دراسة كلية. أما العلم فإنه يتناول الكون من الناحية التطبيقية على أساس الواقع العقلي الملموس القائم على التجربة بحيث دراسته دراسة جزئية أو الفلسفة من جهة أخرى تهتم بالعلل الأولى أي العلل التي لا علل بعدها. بينما العلم يعتني بالعلل المعلولة. العلل التي تستعصي على الملاحظة . ة ومن جهة أخرى فإن الفلسفة برغم مجالها الميتافيزيقي إلا أنها تدرس الفيزيقا. على عكس العلم الذي يدرس الفيزيقا دون الميتافيزيقا. و أيضا نرى أن الفلسفة تقتضي عقلا ذكيا.
بينما العلم يقتضي عقلا تحليليا و كذلك الفلسفة لا تنتهي أتى نتائج قطعية أما العلم فإنه يصل إلى نتائج قطعية و إنفاق العقول من طبيعية العلم. و أيضا الفلسفة ليست للمعرفة أما العلم فهو مادة للمعرفة ملموسة في المصانع. و من جهة أخرى نجد الفلسفة تعتمد على التقدير الكيفي الوصفي أما العلم فإنه يعتمد على التقدير الكمي الرياضي و كما أن الفلسفة لغتها لغة التساؤل للانهائي. بينما العلم فلغته لغة الإجابات الحاسمة و المقاطعة دون الإبحار في بحر التساؤلات.
إنه إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين الفلسفة و العلوم وجدنا هذا كنوعا من التقارب و الإلتفاء في جملة تتجلى في أن كلا من الفلسفة و العلم نشأ من حاجة قيمة الإنسان إلى البحث و الكشف عن أسرار المحيط الذي يعيش فيه. و باعتبارهما مصدر للمعرفة الإنسانية منذ ولادة الإنسان على وجه الأرض و يشتركان في تقديم حقائق نسبية لا مطلقة.
و كلاهما يهتم بمعرفة و وعي هذا الكون. و كلاهما يبذل نشاطا فكريا قصد الوصول إلى هدف معين.
إن طبيعة العلاقة بين الفلسفة و العلم هي علاقة تداخل و تكافل وظيفي بينهما. بحيث أن العلم يبدأ عندما تنتهي الفلسفة. و الفلسفة تبدأ عندما يصل العلم إلى خط النهاية الذي يعبر خط البداية بالنسبة للفلسفة. و هذا يقول هيجل " إن الفلسفة تظهر في المساء بعد أن يكون قد ولد العلم في الفجر " و أيضا هناك " لوي ألتر سير " يقول " لاحظ وجود الفلسفة لا في عالم يحتوي على ما نسميه علما " و أيضا يقول " لكي تولد الفلسفة أو تتجدد نشأتها لابد من وجود علوم " و معنى هذه المقلات الفلسفية هو أن لا مجال للتعرف بين العلم و الفلسفة بل هناك تبادل النصائح بين العلم و الفلسفة فكلما زادت الأسئلة الأجوبة. و أينما عجزت الفلسفة تدخل العلم. و أينما توقف العلم تدخلت الفلسفة و هكذا فالعلاقة هي علاقة انسجام و تطابق و تناغم لا شك في ذلك. حقيقة أن هناك اختلاف بين الفلسفة

و العلم إلا أن خدمة متبادلة دون توقف ما دام أن الفلسفة تتساءل و العلم يجيب و هناك لانهاية العلاقة بين الفلسفة و العلم. بحيث أن هذا الأخير بغير فلسفة لا يصبح عاجزا فقط بل مخربا و مدمرا لهذا وجب تبادل النصائح دون توقف.















22_هل يمكن إعتبار أن كل الحقائق مطلقة في الفلسفة ؟ يعالج بالطريقة الجدلية . إن مسألة الحقيقة من البحوث الشائكة التي تطرق إليها الإنسان و إهتم بها منذ نزوله على وجه الأرض بدافع فضوله المعرية أو تطلق لكشف المجاهيل فمشكلة الحقيقة في واقع الأمر لا يمكن تصورها إلا إذا رجعنا إلى الإنسان الذي يتعامل معها و كشف علاقته بما يحيط به و من هنا نرى أن الحقيقة لها معاني متعددة و كذلك أصناف و مقاييس و معايير مختلفة و السؤال الذي يطرح هو : ما طبيعة الحقيقة ؟ و هل الحقيقة دوما مطلقة أم نسبية ؟ . إذا كانت الحقيقة تعرف عند بعض الفلاسفة و المفكرين أنها تطلق على الكائن الموصوف بالثبات و المطلقية فإننا نقول أنه من التعريف يوحى إلينا بأن الحقائق مطلقة و هو ما ذهب إليه بعض الفلاسفة حيث رأوا أنه جميع الحقائق التي يصل إليها الإنسان حقائق مطلقة بإعتبارها حقائق مستقلة قائمة بذاتها لا تحتاج لغيرها لوجودها فهي أبدية لا متناهية و من هؤلاء الفلاسفة الفيلسوف الفرنسي '' ديكارت'' الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة . و لقد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة '' أنا أفكر أنا إذن أنا موجود ''هذا الكلوجيتو الديكارتي الذي عمل حقيقة مطلقة في البديهيات الرياضية التي تعتبر ضرورية و واضحة بذاتها كقولنا مثلا البديهيات أن الواحد أكبر من الجزء أو أن إثنان ضعف واحد و أن 1+1=2 و لقد أشار'' أفلاطون '' إلى أن الحقائق كلها مطلقة و ذلك من خلال نظرية عالمية المثل كما إعتبر'' كانط '' أن الحقائق المطلقة مجالها رياضي و كذلك فقد جسد '' أرسطو'' فكرة المطلقية إنه مجال الكلية و كذلك أكد '' أفلاطون '' ذلك حيث يرى أن الإنسان عندما كان في عالة المثل عرف هذه الحقائق الكلية المطلقة لكن بعد أن جاء إلى الأشياء ( الواقع المادي ) نسمي هذه الحقائق لكن سرعان ما يدركها بالذهن فهو في حالة تذكر الحقيقة المطلقة لدى '' المحرك '' الذي يتحرك و يقصد بالمحرك هذا الله عز و جل . إن المناظر إلى الحقائق المطلقة يبدوا له أنها لا تنطبق على أرض الواقع أي بعض الحقائق التي ترتبط بالعالم الحقيقي ( المادي ) و ذلك أن الواقع متغير و بالتالي الحقيقة متغيرة و من هنا تخرج الحقيقة من المطلقة إلى النسبي إن تاريخ العلوم يوضح أن الحقائق التي وصل إليها الإنسان نسبية على أساس أنه الحقيقة تطلق عند بعض الفلاسفة و الفكريين و ذلك بمطابقة الحكم للواقع و إذا أخذنا التعريف نجد أن الواقع متغير و هذا ما يؤدي إلى تغير الحقائق و بالتالي نسبيها و الحقائق النسبية هي تلك الحقائق التي يكون وجودها مرتبط بغيرها بسبب من الأسباب و هي حقائق متغيرة محتملة و متناهية و من ما نجد بوضوح في العلوم التجريبية و البيولوجية الفيزيائية . قد أثبت تاريخ العلوم حقائق نسبية و هذا ما ذهب إليه أو نسبة إليه في قانون العلاقة الثلاثية و ما أكدت الفيزياء التي تطورت من فيزياء نيوتن الى فيزياء انشتاين النسبية كما اكد ''باشلار'' ان المعرفة تقريبية وبالتالي نسبية يقول ''كلود برنارت ''ان النظريات التي نمتلكها هي ابعد من ان تكون حقائق ثابتة
وعلى كون إسستقراء الموضوعات العلمية ما يزال مفتوحا و بالتالي فالحقيقة في جميع صورها نسبية .
نلاحظ أن من الموقف قد حصرت الحقيقة في مجال الواقع و نحن نعلم إن هناك حقائق تخرج من العالم الحسي إلى العالم العقلاني. بإعتبارها حقائق مجردة عقلية و بالتالي فالحقائق ليست نسبية كلها .
حقيقة إن الحقائق قد تكون مطلقة أو نسبية وقد لاحظنا أن هناك حقائق بين المطلقة و النسبية مثل الحقائق الميتافيزيقية أو الوجودية
قد أشار أفلاطون إلى الروح تتةسط عالم المثل و الأشياء معا و منه فالحقائق نوعان حقيقة مطلقة و حقيقة نسبية.
إنه من باب الموضوعية و الصراحة الفكرية القول بأن كل الحقائق مطلقة اكن إذا تدخل الواقع الحسي تدخل النسبي و تصبح الحقائق نسبية و الحقائق لا تنحصر في مجال الواقع الحسي فقط بل تخرج إلى العالم العقلاني أضا.















23_الاطروحة "الوجود الانساني الداخلي هو الوجود الحقيقي "
كيف يمكننا اثبات ذلك ؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع
.تعددت و تشابكت الاسباب و العوامل التي ادت الى ولادة الوجودية كمذهب فلسفي معاصر قائم بذاته و دلك عقب الحرب العالمية الثانية التي ادخلت القلق و الخوف و الفوضى و العبث في صيرورة حياة الشعوب العالمية و هو اتجاه فلسفي يعتبر الانسان محور التفكير وان وجود الانسان هو المشكلة الكبرى التي يجب الاهتمام بها بالرجوع الى الوجود الواقع للانسان (تجاربه الفعلية التي عن ماهيته ) و منه فالوجود وجودان وجود في ذاته و وجود لذاته و مما لا شك فيه ان التاريخ الفلسفي على شهادة تامة بذلك الصراع الدائر بين الطرفين فالاول يقول بان الوجود في ذاته (عالم الاشياء )هو الوجود الحقيقي و الثاني يقول ان الوجود لذاته هو الوجود ومن هنا يمكننا طرح التساؤل فكيف يمكن لنا ان نثبت ان هذا الاعقتاد الاخير هو الصحيح؟اوبعبارةادق ؛الي اي حد يمكن اعتبار الوجود الانساني الداخلي (الوجود لذاته) هو الوجود الحقيقي؟
.ان المبدا الاساسي و القصدا الجوهري الذي يمكن في وجدية الوجودية هو المبدا الذي يقول "ان الوجود اسبق من الماهية " فهذا المبدا قد نشا مع الفيلسوف الكبير "سورمي كير كيجارد" وبعدها جمهرة من الفلاسفة و المفكرين وهذا بالضبط ما استطاعت الفلسفة الوجودية ان تثوربه علي الفلسفات التقليدية والمثالية وحتي الفلسفات الموضوعية وذلك ان هذه الاخيرة شيت الإنسان وجعلت فيه مادة ضمن منطق الاشياء المادية وهذا انسانية الانسان تزول لهذا فالوجوديون يؤكدون علي الوجود الباطني الداخلي الذي نعود اليه بشعورنا لا بعقولنا و ما هو خارجي و من هنا ايضا نفهم لماذا انتقلت الفلسفة من دراسة الوجود المجرد الي دراسة الإنسان المشخص في وجوده الحسي وفي مواقفه التي تربطه بزمانه ومكانه وظروفه وأحواله الخ ولماذا يجب ان يبحث الفيلسوف عن المعرفة الصحيحة في أعماق نفسه وفي هذا الصدد نجد من مؤيدي هذا الراي "سارتر" الذي يقول (سأكون عندما لا أكون ) إي سأكون ما سأكون قد أنجزته في هذه الحياة وفي هذا المعني تأكيد علي إن "الوجود اسبق من الماهية " وهنا ندرك أيضا لماذا كوني موجودا أهم من كوني مفكرا او مجربا إني كائن يفعل ما يشاء فان افرغ ذاتي (كياني) بأكملها في العمل فانا ما افعله ومعني هذا إن وجودي يكون في بداية الأمر بغير الماهية عكس الكائنات الحية الأخرى
.إن الإنسان يوجد أولا ويعمل بإرادته الاختيار ماهيته و مايجب ان يكون عليه و بالتالي فالانسان عند الوجودين هو محور الوجود و مشروع المستقبل متغيرا و بالتالي لا يمكن تعريفه تعريفا جامعا مانعا و في هذا الصدد نجد "سورين كيركوجارد" الذي يقول "الانسان فرد لا يمكن تكراره" و بالتالي فالانسان هو الوحيد الذي يحدد ماهيته فهو مضطر الى اختيار احد الممكنات لقرار يتخذه عن وعي ليتحمل نتائجه و من هنا اختيار ذاته نجد قول "تسارتز"{لايوجد غيري فانا و حدي الذي اقدر الخير و اخترع الشر}و هذا القول يؤكد على ان الوجود الحقيقي يكمن
في الوجود لذاته أو الوجود الداخلي وكذلك نفهم من قول سارتر أن الانسان يعتبر مشروع الممكنات التي تقبع في جسد هذا الوجود فقد ينجح وقد يخفق والأمر الآخر الذي يرتكز عليه الوجوديون هو فكرة المخاطرة والحرية والموت وكن بالرغم مما قدمه الفلاسفة الوجوديون يقولون: يصدقون بأولية الوجود الإنسان الداخلي في مجال الوجود الحقيقي إلا أنه هنالك من الفلاسفة المعارضين لهذا


الرأي الوجودي أمثال "كانط وديكارت" "وجون ديوي وجيمس" الذين حاولوا أن يجعلوا الوجود ليس وجودا ذاتيا بل مجردا موضوعيا لكن الوجود في ذاته (العالم الخارجي) ثابت ليس فيه من الدنيا قيم شيء فهو يستحيل أن يكون مجلوبا من غيره أو في مجرد ممكن لأنه يتعلق بوجود الأشياء والموضوعات (كالشجرة والطاولة) وعليه نخلص إلى أن وجود الأشياء لا يعرف (لا يعيش) وجود الزمن أولا ولا يدرك معنى الحرية ثانيا وقد اعتبر الإنسان شيء مادي من عالم الأشياء ثالثا إذن فهو لا يعتبر وجودا حقيقيا أبدا .
ومن هنا نستنتج أن أن الوجود الحقيقي هو الوجود الذي نعيشه ونحايد بداخل كياننا دون الوجود الخارجي المادي هو وجود زائف كما سماه الفيلسوف الألماني "مارتن هايدغر" فالوجود الحقيقي هو الوجود الذي نحياه ونتنفسه لا الوجود في ذاته الذي ينسينا في ذواتنا .








24- الأطروحة " إن مقياس المعرفة هو العقل" كيف يمكننا تفسير ذلك ؟ .
يعالج بطريقة الاستقصاء بالرفع.
إنه ومما لا شك فيه أن الإنسان في بداية ظهوره على وجه هذه الأرض يبدأ بالتعرف على حقائق هذا العالم الكبير مريدا للمعرفة قصد التعمق في أسرار وغوامض هذا العالم فالإنسان في حياته اليومية يتعرض ويتطرق إلى معارف كثيرة ومتعددة ومما لا شك فيه أن التاريخ الفلسفي على شهادة وعلى دراية بذلك الصراع و الفراغ المستمر وحمل مصدرية المعرفة فهنالك من يرجعها إلى التجربة وهنالك من يصدق على أولوية العقل في هذا المجال (مصدرية المعرفة) وفي ظل هذا الصراع نطرح السؤال مضمونه: إلى أي مدى يمكن اعتبار العقل هو المصدر الوحيد للمعرفة الإنسانية؟ أو بعبارة أخرى أدق: أيهما أولى في المعرفة الإنسانية العقل(القدرات العقلية) أم الواقع الخارجي للتجربة؟
- إن معرفة الإنسان لهذا الوجود وفق عقل يحرك كل شيء فهو النور الذي يضيء الحياة وهو إن صح القول الحاكم في الأمور و الحاكم بين متناقضات الحياة فالله عز وجل أكبر منا بالعقول على سائر الموجودات هذا دلالة على أن العقل هو ميزا معرفة صدق الأشياء فالعقل قوة فطرية لدى جميع الناس ينهلون منها المعارف ويطمئنون إليها ومن الفلاسفة العقلانيين الذين يؤكدون ويصدقون على أولوية العقل في معرفة الحقائق الإنسانية الفيلسوف الفرنسي"ديكارت" الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة في العصر الحديث بمقولته المشهورة
:" أنا أفكر إذا فأنا موجود". هذا الكوجيقو الديكارتي الذي يرى أنه لولا هذا العقل لما استطعنا أن نعرف حقيقيا وحقيقية الموجودات بيننا فالعقل يعتبر مصدر معرفتنا لأنفينا وللواقع واكبر دليل على أولية العقل في المعرفة الإنسانية إن الوحي جاء يخاطب العقل ولا دين لمن لا عقل له فالعقل يتأسس أصلا بالفطرة أصلا على مبادئ تعرف بالأوليات أو البديهيات وهي مبادئ يدركها المرء بحجة تفتحه من غير حاجته إلى التجربة ولا يختلف فيها مع غيره من الناس لأنهم جميعا يملكون هذه المبادئ بالفطرة وفي هذا الصدد نجد"ديكارت" يقول :
"العقل هو أحسن الأشياء بين الناس يتساوى بالفطرة". ومثال ذلك فكرة أن الله هو الخالق وكذلك مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض وكذلك التفريق بين الخير والشر بجميعها تدرك بواسطة العقل المفكر المتأمل في هذا العالم. فالعقل له القدرة على الاستدلال والبرهان ومثال ذلك التقدم الذي توصلنا إليه وهذا التطور على مستوى العالم وللعقل القدرة على إدراك الحقائق الكلية التي هي ضرورية و شاملة والواقع يوحي الجزيئات التي تزودنا بها الحواس وأحكام العقل كالكليات ولا يمكن للكلي أن يكون جزئي فالحواس لا تشكل لنا معرفة دون العقل لأنه ولو كان كذلك لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة إذن فالحواس تخدعنا دون العقل ومن جهة أخرى فالأخلاق تستمر قواعدها الأولى من العقل كمسألة التفريق بين متناقضات الحياة الخير والشر والحق والباطل والعدل والظلم والصدق والكذب ...إلخ وكذلك فالحقائق الإلهية كفكرة الله هو الخالق تدرك بواسطة العقل المفكر والمدبر لأنه في طبيعة العقل الخير ما يجعله خيرا ولا يمكن للإرادة البشرية أو الإلهية أن تغير في شيء فالأوليات الرياضية المنطقية تنشأ بالعقل عن طريق الحدس كما يقول أفلاطون :"لا يطرق بابنا من لا يعرف الرياضيات"فالحدس هو نور فطري غريزي يمكن العقل من إدراك فكرة ما إدراكا مباشرا ن وهو لا يقوم على اختبار تجريبي ولا يتأمل عقلي ولا يعتمد كذلك على الحواس مفكرة
اللانهائي ووجود الله تعالى تعرف عن طريق الحدس فقط ومن الفلاسفة العقلانيين الذين أكدو على أن العقل هو المقياس الأساسي للمعرفة الإنسانية "أرسطو"و"مالبرانش" "وأفلاطون" "وديكارت" وكذلك الفرقة الإسلامية "المعتزلة" وذلك في قولهم:"المعارف كلها منقولة بالعقل واجبة بنظر العقل" والمعنى من هنا القول أن العلم في كل صورة يرتد إلى العقل المفكر وبالتالي فالمعرفة الإنسانية تستمد من العقل.
لكن رغم أهمية العقل في مجال المعرفة الإنسانية إلا ان هنالك من عارض هذا الموقف معارضة شديدة وهو المذهب التجريبي الذي يقول بأولية التجربة في مجال مصدرية المعرفة فالإنسان في حياته اليومية يتعرض إلى معارف كثيرة يدرك بالحواس وهي عين الحقيقية وهي التي تبرهن على وجود عالم مستقل عن الذات والمعنى الحقيقي لهذا الطرح أنه يتسم العمومية المطلقة فمثلا"معرفة التلاميذ هي معرفة للكتاب واحدة" ونجد من مؤيدي المذهب التجريبي الذين يصدقون بأولية التجربة الإنسانية الفيلسوف"جون لوك" الذي يرى بأن التجربة هي وحدها التي تنقش في عقولنا الأفكار والمعارف فالإنسان يلد صفحة بيضاء لا يوجد فيها أي نقش سابق للتجربة وذلك في قوله:"لا وجود لمعرفة خارج الواقع ولا وجود لمبادئ أولية فطرية" ومثال ذلك أن الطفل لا يعرف النار إلا بعد لمسها فلأحكام العقلية تتغير بتغير الزمان والمكان وتختلف باختلاف ظروف الأعمال ومجالات البحث والمعارف المكتسبة وإذا إنطبقنا من مفهوم السببية فهو يستوحي من التجربة فقد لاحظ الإنسان في جميع الأجيال أن هنالك أشياء معلومة وأخرى مثالها وربطوا الأولى بالثانية فتكون لنا مفهوم السببية إذن فالسببية تستوحي من التجربة ونجد أيضا من الفلاسفة التجريبيين الذين يقولون بأولية التجربة في مجال المعرفة "بيكون" الذي يقول:"أن المعرفة التي تستمد من التجربة ليست يقينية" إذن فالإنسان في معرفته يستند أساسا على التجربة فهي أساس المعرفة الغنسانية ونجد أيضا"دافيد هيوم" الذي يصدق على أولية التجربة في معرفة هذا العالم الواقع والذي ان المعرفة لا تستمد من التجربة و الواقع مجرد ظن حيث يقول "ان لولا الاصوات ما سمعنا ولو لا الصور ما راينا و لو لا الروائح ما شممنا " اذن فغياب الحواس يؤدي بتاكيد الي غياب المعارف الانسانية فالانسان يدرك بالحواس وهي مفتاح معرفة الحقائق الكلية لانه من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها فالبرتقالة مثلا يصل الينا لونها وشكلها عن طريق البصر ورائحتها عن طريق الشم وذوقها عن طريق الذوق ولمسها عن طريق اللمس فجميع افكارنا تتطور وتتسع مع ما نكتسبه من خبرة في حياتنا اليومية فلوكانت المبادئي الكلية موجودة والمعاني النظرية لتساوي في العلم بها جميع المخلوقات ولكان الحيوان احري بهذه المعرفة فاعادة (التجربة) هي التي دفعت بالانسان الي الازدهار والتقدم عبر التاريخ منذ ان استقر الانسان علي وجه هذه الارض فالعلم في جميع صوره يرتد الي التجربة اذن فالتجربة هي مفتاح وميزان معرفة الحقائق.
.انه من باب الموضوعية والصراحة الفكرية القول بان العقل (الفكر) هو مقياس واساس المعارف الانسانية الا ان للعقل سلبيات وعيوب كما له ايجابيات في مجال المعارف منها ان قدرات العقل محدودة فالفلسفة العقلانية قدمت العقل الي درجة كبيرة واهملت الجانب المادي (التجربة) وكذلك فالعقل لا يستطيع ان يبدع بالفطرة المعاني و التصورات وليست له القدرة علي خلع صفة الصدق علي ما يبتدعه في معرفة فالفلسفة التي تقول باولية العقل في معرفة حقائق هذا العالم انما هي فلسفة مغلقة لا يمكنها الوصول الي اي معرفة انسانية .
.حقيقة ان الفلسفات المادية والتجربية والحسية استطاعت ان تصحح مسارات الفلسفات السابقة واللاحقة وهذا يعني ان المعرفة التجربية هي المعرفة الحقيقية السليمة ومن هنا نستنتج ان التجربة (المادة) تعتبر اساس واصل لكل المعارف الانسانية .
 
عودة
أعلى