مستلقيا على سريره ..ممسكا تلك السيجارة اللعينة بين أصابع يديه و يرتشف من قهوته السوداء .. خائفا من سواد الليل رغم أنه وجد فيه راحة أكبر من بعد اللحظة التي سعى فيها لطرق باب تلك التي لم ترضى به رفيقة له رغم أنه كان يحاول ارضاءها و اغراءها بكل ما يملكه .. صمت منقطع النظير من حوله و ضعف يملؤه بشكل فظيع .. يحاول أن يتذكر كيف كانت حياته .. كيف كانت لياليه التي كان يمضيها و الفراغ يملأ ذاكرته لكن دون جدوى .. صار السؤم و الخزي و السخافة و خيبة الأمل تملء عقله و تحول بينه و بين تذكر كل ما هو جميل .. أصبح مفقودا لا معنى له و ليس له ما يقارن به ذاته ..
همست له نفسه من داخله .. تقول بصوت فصيح متقطع كسر صمت تلك الغرفة .. لماذا أنت جالس هنا ؟ لماذا أنت وحيد هكذا ؟ لماذا صارت حالك كحال الشجرة الخضراء التي فاجأها الخريف على غفلة منها و لم يدع ما يحلو للعين مشاهدته منها .. لماذا أحس أنه ليس هناك شيئ يريدك او يبحث عنك أو سيسأل عنك او يهتم لأمرك .. أنت لا شيئ .. أنت نكرة هنا .. مجرد ساذج غبي آخر لا فائدة ترجى منه في هذا العالم .. هل تريد أن أدلك على طريق الحل للخروج من كل هذا ؟
- رد و الدهشة تعصر ثنايا وجهه .. ماذا ؟ .. حل .. حل نعم نعم دليني عليه أين هو .. انه الحل ؟
- نعم الحل هو أن تقوم من مكانك لتحضر حبلا متينا و تعود الى هنا .. تغلق باب غرفتك من خلفك باحكاام .. تصنع في الحبل عقدة و تعلقه وسط هاذا السقف .. تضع مقعدا اسفل عقدة الحبل .. تصعد عليه و تدخل رأسك الى تلك العقدة و ترمي برجليك داك المقعد بعيدا و تدع جسدك يهوي الى الفراغ .
- هل هاذا هو الحل الوحيد ما أنا فيه ؟
- نعم .. فالعيش تحت التراب أفضل من استمرارك هنا و أنت تتنفس الموت بشكل بطيئ
- سأفعل هذا .. لكن قبل ذالك علي أن أكتب رسالة الى أمي . أمي و فقط.....
قام من مكانه على السرير و هو يخاطب الفراغ الذي ازدحم من حوله لدقائق تمر كالسنين .. مضى مسرعا في خطواته لكن الحق أنه كان يخطو بتأن و روية دون تأفف أو تبرم .. محياه يوحي بقناعة تامة لما سيقوم به بعد ساعة من الآن في هاته الليلة .. لكن قبل ذالك وعد نفسه بترك رسالة لأمه .. رسالة أخيرة يتبرز فيها بكل ما تحتويه نفسه .. مضى فأحضر قلما و ورقة بيضااء خيلت اليه كأنها عذراء سيستبيح بكارتها فيما تبقى له من دقائق يعيشها .
جلس الى طاولة قديمة في طرف الغرفة كان قد غطاها الغباار لسنين .. نزع قميصة ليمسح به الطاولة .. وضع ورقته في منتصفها .. حمل قلمه بيد تراها تارة ترتجف و تارة أخرى تكون ثابتة .. بدأ اول سطره بجملة من ثلاث كلمات .. وضعها كعنوان للرسالة .. كانت كالآتي " أمي أنا آسف " .
أمي أنا أحاول أن أتذكر تلك اللحظات و ذاك الزمن الذي كنت أقضي ليلي فيه أتمعن في سقف غرفتي و أصنع الفراغ داخل عقلي بجوارك متكا على فخذك .. لاكن لا جدوى .. فأنا الآن أشعر أنني مفقود لا معنى لي .. لا أعرف لي قيمة و لا أجد ما أقارن ذاتي به .. أشعر أنني غريب بأكثر ما يكون الغرباء .. أشعر أني مبهم و شفاف .. أمي لا شيئ أصبح يثير دهشتي لا الحزن و لا الحب ولا كراهية الغير لي كانني أقف في مساحة كبيرة من العدم و الاشياء تمر من خلالي كأني قد تناسيت تماما وجودي .
أمي .. أنتي من علمتيني أن لا أكف عن دعوة الهي ادا ما اشتدت الأمور من حولي .. لكن يبدو أن الدي أدعوه قد صم أذنيه عن سماعي .. او أنه قد مات و شيعت جنازته قبل ليه اليوم في السماء .. فـهلا اكتفيتي أنتي أيضا من الدعاء لي .. أرجوكي أمي توقفي عن طلب المستحيل منه ..
أمي ..أنا جائع و عقلي يألمني كثيرا .. أمي أنا خائف .. خائف من أن تكون الحياة التي سأمضي اليها هكذا .. لا أدري شيئا منها أمي هل هي مأساة أم هي للشقاء أيضا ؟ ... أمي اغفري لي .. اغفري لي أمي .. لأني لم اكن صالحا أو متدينا في يوم ما كما تمنيتي .. فأنا لست سوى حيوان منوي أخطأ طريقه و نزل بلاءا عليكي .
أطبق الورقة الى نصفين و تركها منتصف الطاولة .. و ضع قلمه عليها .. و أسند ظهره الى كرسيه ليستريح قليلا قبل أن ...
كان قد أطبق رسالته الى نصفين و تركها منتصف الطاولة ثم وضع قلمه عليها .. بعد أن رسم في طرفها وردة من الياسمين ذبلت في عز ربيعها .. و كتب أسفلها بخط عريض و جميل " أحبك أمي .. سأغيب أنا اليوم لكن شمس ذكراك ستبقى مشرقة للأبد " ..
كان الزمن يقارب الثالثة صباحا .. رقاص الساعة يدق لكن الدقائق كأنها لا تمر .. أمامه مستقبل أسود لا يعرف عنه شيئا .. و من خلفه سلاسل الحزن و اليأس يجرها جرا .. كل الطرق تؤدي الى منصة واحدة و هي الانتحار شنقا لوضع حد لكل هذا و الرحيل الى عالم آخر .. عالم الأموات تحت فراش التراب .. أو ربما الى جحيم ربه الذي قرر التوقف عن الكلام معه .
دقت الساعة 3:00 تماما .. قام من مكانه و كله عزم على تنفيذ ما يخطط له .. أطفأ أنوار غرفته لينطلق من الضلام الى الضلام .. مسيرة وسط السواد الحالك .. أطبق باب غرفته و أغلقه بشكل جيد حتى لا يفتح بسهولة .. ألقى نظرة من حوله رمق بها كل شيئ في تلك الغرفة .. نظرة أخيرة الى صورة له و هو في عمر 6 سنوات .. تلك الصورة كانت يوم دخوله المدرسي الأول بلباس جديد مئزر أبيض ومحفظة جلدية كانت يحملها بيده اليمنى أما يده اليسرى فكانت خلف رأسه عين مفتوحة و أخرى مغلقة و ثغر مبتسم .. كل شيئ في تلك الصورة يوحي بالفرحة العارمة التي أصبح في اشتياق لها اليوم ..
أخرج من جيبه ولاعة و سيجارة .. أشعل النار في تلك الصورة ثم رماها في الأرض و أخد يدحسها برجله و الدموع تنهار على خديه .. و صرخاته بالكلام البذيئ تعلو تلك الغرفة .. رمى تلك السيجارة بعد أن كسرها الى نصفين و بسرعة تحقق من الحبل و عقدته أهو محكم بشكل جيد خوفا من أن ينزلق به بعد أن يضعه حول عنقه ثم تحقق من المقعد الخشبي الذي سيصعد عليه . .. نعم كل شيئ على ما يراام وكل شيئ يسير كما يخطط له .
صعد على ذالك المقعد و وضع الحبل حول عنقه .. أغمض عينيه و ركل برجله ذاك المقعد بعيدا . و نزل الى الفراغ .......
و الباقي أكمله أنت
همست له نفسه من داخله .. تقول بصوت فصيح متقطع كسر صمت تلك الغرفة .. لماذا أنت جالس هنا ؟ لماذا أنت وحيد هكذا ؟ لماذا صارت حالك كحال الشجرة الخضراء التي فاجأها الخريف على غفلة منها و لم يدع ما يحلو للعين مشاهدته منها .. لماذا أحس أنه ليس هناك شيئ يريدك او يبحث عنك أو سيسأل عنك او يهتم لأمرك .. أنت لا شيئ .. أنت نكرة هنا .. مجرد ساذج غبي آخر لا فائدة ترجى منه في هذا العالم .. هل تريد أن أدلك على طريق الحل للخروج من كل هذا ؟
- رد و الدهشة تعصر ثنايا وجهه .. ماذا ؟ .. حل .. حل نعم نعم دليني عليه أين هو .. انه الحل ؟
- نعم الحل هو أن تقوم من مكانك لتحضر حبلا متينا و تعود الى هنا .. تغلق باب غرفتك من خلفك باحكاام .. تصنع في الحبل عقدة و تعلقه وسط هاذا السقف .. تضع مقعدا اسفل عقدة الحبل .. تصعد عليه و تدخل رأسك الى تلك العقدة و ترمي برجليك داك المقعد بعيدا و تدع جسدك يهوي الى الفراغ .
- هل هاذا هو الحل الوحيد ما أنا فيه ؟
- نعم .. فالعيش تحت التراب أفضل من استمرارك هنا و أنت تتنفس الموت بشكل بطيئ
- سأفعل هذا .. لكن قبل ذالك علي أن أكتب رسالة الى أمي . أمي و فقط.....
قام من مكانه على السرير و هو يخاطب الفراغ الذي ازدحم من حوله لدقائق تمر كالسنين .. مضى مسرعا في خطواته لكن الحق أنه كان يخطو بتأن و روية دون تأفف أو تبرم .. محياه يوحي بقناعة تامة لما سيقوم به بعد ساعة من الآن في هاته الليلة .. لكن قبل ذالك وعد نفسه بترك رسالة لأمه .. رسالة أخيرة يتبرز فيها بكل ما تحتويه نفسه .. مضى فأحضر قلما و ورقة بيضااء خيلت اليه كأنها عذراء سيستبيح بكارتها فيما تبقى له من دقائق يعيشها .
جلس الى طاولة قديمة في طرف الغرفة كان قد غطاها الغباار لسنين .. نزع قميصة ليمسح به الطاولة .. وضع ورقته في منتصفها .. حمل قلمه بيد تراها تارة ترتجف و تارة أخرى تكون ثابتة .. بدأ اول سطره بجملة من ثلاث كلمات .. وضعها كعنوان للرسالة .. كانت كالآتي " أمي أنا آسف " .
أمي أنا أحاول أن أتذكر تلك اللحظات و ذاك الزمن الذي كنت أقضي ليلي فيه أتمعن في سقف غرفتي و أصنع الفراغ داخل عقلي بجوارك متكا على فخذك .. لاكن لا جدوى .. فأنا الآن أشعر أنني مفقود لا معنى لي .. لا أعرف لي قيمة و لا أجد ما أقارن ذاتي به .. أشعر أنني غريب بأكثر ما يكون الغرباء .. أشعر أني مبهم و شفاف .. أمي لا شيئ أصبح يثير دهشتي لا الحزن و لا الحب ولا كراهية الغير لي كانني أقف في مساحة كبيرة من العدم و الاشياء تمر من خلالي كأني قد تناسيت تماما وجودي .
أمي .. أنتي من علمتيني أن لا أكف عن دعوة الهي ادا ما اشتدت الأمور من حولي .. لكن يبدو أن الدي أدعوه قد صم أذنيه عن سماعي .. او أنه قد مات و شيعت جنازته قبل ليه اليوم في السماء .. فـهلا اكتفيتي أنتي أيضا من الدعاء لي .. أرجوكي أمي توقفي عن طلب المستحيل منه ..
أمي ..أنا جائع و عقلي يألمني كثيرا .. أمي أنا خائف .. خائف من أن تكون الحياة التي سأمضي اليها هكذا .. لا أدري شيئا منها أمي هل هي مأساة أم هي للشقاء أيضا ؟ ... أمي اغفري لي .. اغفري لي أمي .. لأني لم اكن صالحا أو متدينا في يوم ما كما تمنيتي .. فأنا لست سوى حيوان منوي أخطأ طريقه و نزل بلاءا عليكي .
أطبق الورقة الى نصفين و تركها منتصف الطاولة .. و ضع قلمه عليها .. و أسند ظهره الى كرسيه ليستريح قليلا قبل أن ...
كان قد أطبق رسالته الى نصفين و تركها منتصف الطاولة ثم وضع قلمه عليها .. بعد أن رسم في طرفها وردة من الياسمين ذبلت في عز ربيعها .. و كتب أسفلها بخط عريض و جميل " أحبك أمي .. سأغيب أنا اليوم لكن شمس ذكراك ستبقى مشرقة للأبد " ..
كان الزمن يقارب الثالثة صباحا .. رقاص الساعة يدق لكن الدقائق كأنها لا تمر .. أمامه مستقبل أسود لا يعرف عنه شيئا .. و من خلفه سلاسل الحزن و اليأس يجرها جرا .. كل الطرق تؤدي الى منصة واحدة و هي الانتحار شنقا لوضع حد لكل هذا و الرحيل الى عالم آخر .. عالم الأموات تحت فراش التراب .. أو ربما الى جحيم ربه الذي قرر التوقف عن الكلام معه .
دقت الساعة 3:00 تماما .. قام من مكانه و كله عزم على تنفيذ ما يخطط له .. أطفأ أنوار غرفته لينطلق من الضلام الى الضلام .. مسيرة وسط السواد الحالك .. أطبق باب غرفته و أغلقه بشكل جيد حتى لا يفتح بسهولة .. ألقى نظرة من حوله رمق بها كل شيئ في تلك الغرفة .. نظرة أخيرة الى صورة له و هو في عمر 6 سنوات .. تلك الصورة كانت يوم دخوله المدرسي الأول بلباس جديد مئزر أبيض ومحفظة جلدية كانت يحملها بيده اليمنى أما يده اليسرى فكانت خلف رأسه عين مفتوحة و أخرى مغلقة و ثغر مبتسم .. كل شيئ في تلك الصورة يوحي بالفرحة العارمة التي أصبح في اشتياق لها اليوم ..
أخرج من جيبه ولاعة و سيجارة .. أشعل النار في تلك الصورة ثم رماها في الأرض و أخد يدحسها برجله و الدموع تنهار على خديه .. و صرخاته بالكلام البذيئ تعلو تلك الغرفة .. رمى تلك السيجارة بعد أن كسرها الى نصفين و بسرعة تحقق من الحبل و عقدته أهو محكم بشكل جيد خوفا من أن ينزلق به بعد أن يضعه حول عنقه ثم تحقق من المقعد الخشبي الذي سيصعد عليه . .. نعم كل شيئ على ما يراام وكل شيئ يسير كما يخطط له .
صعد على ذالك المقعد و وضع الحبل حول عنقه .. أغمض عينيه و ركل برجله ذاك المقعد بعيدا . و نزل الى الفراغ .......
و الباقي أكمله أنت