مدير الموقع
إدارة المنتدى
الفصل الأول
كيفية تنظيم المجلس الدستوري
المبحث الأول
تكوين المجلس الدستوري طبقاً
لدستور سنة 1958وطبيعته
يتكون المجلس الدستوري من تسعة أعضاء والى جانبهم أعضاء آخرين بقوة القانون وهم رؤساء الجمهورية السابقين , ويعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس من بين هؤلاء الأعضاء .
المطلب الأول
الأعضاء بالتعيين
يحدد الدستور الأعضاء المعينين بتسعة ولكنه لا يحدد الشروط التي يجب توافرها في العضو والالتزامات التي تقع علي عاتقه في سبيل قيامه بوظيفته كعضو في المجلس الدستوري .
أولاً : قواعد التعيين :
هؤلاء الأعضاء التسعة يوزعون نسبياً بالتساوي بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس القومي أو النيابي ومجلس الشيوخ بمعني أن كل واحد من هؤلاء يقوم بتعيين ثلاثة . وفي هذا الشأن تجب الإشارة إلي أن التعيينات التي يقوم بها رئيس الجمهورية لا تخضع لضرورة توقيعها من أي جهة كانت .وهذا الأمر يشمل تعيينات أعضاء المجلس الدستوري , كذلك الحال بالنسبة لتعيينات الأعضاء من قبل رئيس المجلس النيابي أو من قبل رئيس مجلس الشيوخ والتي لا تخضع لضرورة الموافقة أو توقيعها من أي جهة أخرى .
ومن هنا يثور التساؤل حول مدي إمكانية أن تكون قرارات التعيين المتعلقة بالأعضاء في المجلس الدستوري محلا للنزاع وهل يمكن الطعن فيها . والحقيقة انه ليس هناك أي نص يمنع الطعن في قرارات التعيين هذه وأن كان مجلس الدولة يمكن ( إذا حدث ذلك ) أن يكيف هذه القرارات بأنها قرارات سياسية أو أنها تتعلق بأعمال السيادة وبالتالي لا يمكن أن تكون محلا للنزاع سواء أمام القضاء العادي أو الإداري .
ثانياً : الشروط الواجب توافرها في العضو :
لم يحدد الدستور الشروط التي يجب توافرها في عضو المجلس الدستوري , ورغم ذلك يمكن القول أن هناك أفراد لا يمكن تعيينهم في ويندرجون تحــت طائفتين مختـلفتين , الطائفة الأولي تضم الأشخاص الذين لا يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية وهذا يعني بالطبع أن العضو الذي يطرأ عليه أثناء عضويته ما يجعله غير أهل للتمتع بالحقوق المدنية والسياسية يجب أن يتقدم باستقالته من نفسه أو بناء علي طلب المجلس نفسه الذي يملك هذه السلطة كذلك يجب أن يكون العضو قد بلغ سن الرشد للتمتع بهذه الحقوق وهي سن الثامنة عشر .
أما الطائفة الثانية فهم الأعضاء السابقون في المجلس الدستوري , حيث يقضي الدستور بأن مدة العضوية لا يمكن تجديدها بعد نهايتها .
مدة التعيين :
نص الدستور الفرنسي علي أن مدة العضوية للأعضاء المعينين تكون تسع سنوات غير قابلة للتجديد علي أن يجدد جزئياً كل ثلاث سنوات ( الثلث ) , ويستثنى من شرط المدة التعيين في بداية تكوين المجلس , حيث يعين كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب و مجلس الشيوخ ثلاثة أعضاء لكل منهم علي أن يكون احدهم لمدة تسع سنوات والثاني لمدة ست سنوات والثالث لمدة ثلاث سنوات حتى يسمح ذلك بالتجديد كل ثلاث سنوات فيما بعد , وكذلك فأن عند خلو مكان في المجلس بالوفاة أو لأي سبب آخر هنا لا يكون تعيين العضو الجديد إلا للمدة الباقية للعضو السابق .
وكذلك فأنه إذا خلى مكان في المجلس وتم تعيين عضو جديد وكانت المدة تقل عن ثلاث سنوات فأنه يمكن في هذه الحالة إعادة تعيين العضو لمدة عضوية أخري أي لمدة تسع سنوات جديدة وهذا استثناء من شرط عدم التجديد .
وتنتهي العضوية إما بانتهاء المدة القانونية وإما لأسباب استثنائية وهي الوفاة أو الاستقالة أو عدم المقدرة الجسمانية والصحية للعضو .
المطلب الثاني
الأعضاء بقوة القانون
طبقا للدستور الفرنسي فأن رؤساء الجمهورية السابقين يكونون بقوة القانون أعضاء في المجلس الدستوري ولمدى الحياة , ولكل منهم صوت في المناقشات ويمكن أن يعين الرئيس من بينهم .
المطلب الثالث
رئيس المجلس الدستوري
يعين رئيس المجلس الدستوري بواسطة رئيس الدولة وذلك من بين الأعضاء دون تفرقة بين المعينين منهم أو الأعضاء بقوة القانون , ولم توضح النصوص المتعلقة بالمجلس المدة التي يشغل فيها الرئيس وظيفته وهو ما يشكل انتقاداً لهذه النصوص وان كان العمل يجري على أن تكون هذه المدة لتسع سنوات .
وللرئيس الحق في دعوة المجلس للانعقاد وهو الذي يحدد التاريخ وجدول الأعمال وهو الذي يقوم بتعيين المقرر لكل مسألة أو مشكلة يبحثها المجلس , وأثناء المناقشات فأن الرئيس هو الذي يرأس المجلس وعند تعادل الأصوات فأنه هو الذي يرجح احدي الكفتين علي الأخرى , وذلك فيما عدا حالتين يتطلب النص فيهما أغلبية خاصة وذلك في حالة تتعلق بموانع وتقرير عدم ممارسة رئيس الجمهورية لشئون وظيفته , وفي حالة تقرير أن احد الأعضاء قد ارتكب ما يوجب عزله , وفي هاتين الحالتين يكون صوت الرئيس كصوت أي عضو .
المطلب الرابع
طبيعة المجلس الدستوري
في بداية النشأة كان الجدل عنيفا حول طبيعة هذا المجلس، هل هي سياسية أم قضائية .
أطروحة الطبيعة السياسية للمجلس:
يقدم أصحاب أطروحة الطبيعة السياسية للمجلس ـ جانب محدود من الفقه كان يؤازرهم أعضاء في المجلس الدستوري نفسه ـ حجتين أساسيتين لدعم أطروحتهم: الأولى طريقة تعيين أعضاءه من السلطات السياسية العليا في الدولة. فكانوا يرون في هذا تسييس للمجلس. الثانية، وهي اقل خلافية، تحيل إلى أن فكرة الرقابة الدستورية على القوانين، العمل الأساسي للمجلس، هي عمل سياسي أكثر منه عملا قضائيا. فتدخله قبل إصدار القوانين لرقابة تسبق الإجراءات التشريعية يقود المجلس إلى أن يكون فاعلا في هذه الإجراءات أو " شريك مشرع" من بعض الوجوه والذي يمارسه هنا ليست رقابة قضائية وإنما " مؤسساتية"
ويري البعض أن الرقابة هنا لا تشكل نزاعا، ولكنها قراءة تكميلية للقانون في مجمله هادفة إلى تفحص ما إذا كان القانون مطابقا لتعليمات الدستور.
من الواضح أن فعل الرقابة الدستورية على القوانين يتضمن بعدا سياسيا من الصعب فصله عن البعد القضائي البحت. ومع ذلك يعترف أصحاب أطروحة الطبيعة السياسية للمجلس بان البعد السياسي الذي يطبع تركيب وعمل المجلس لا يسمح مع ذلك باستبعاد الطبيعة القضائية للمجلس المذكور، إلا إذا تم تبني مفهوما ضيقا خاصا لطبيعة المفهوم القضائي .
أطروحة الطبيعة القضائية للمجلس:
وهي اليوم أطروحة الغالبية العظمى. يعود الفضل بتعميقها والإقناع بها إلى عضوين سابقين في المجلس الدستوري وهما مارسال والين وفرنسوا ليشار ساندتهم في ذلك، لاحقا، الأغلبية المطلقة للفقه.
وتقدم في ذلك عنصرين أساسيين:
عنصر مادي. وهو أن للمحكمة أهلية النطق بالقانون وتحكم بمقتضاه وليس بمقتضى الأنصاف أو الملائمة .. وان عمل المجلس الدستوري، ضمن اختصاصات أخرى، النطق بدستورية النصوص المحالة إليه للنظر فيها. وهذا ما يقوده إلى تفسير الدستور والقوانين للحكم بمطابقتها أو مخالفتها له. وبطبيعة الحال لا تنظر قرارات المجلس في النزاعات بين الأطراف، ما عدا المواد الانتخابية.
وعنصر شكلي يميز المحكمة، وهو حجية الشيء المقضي به المرتبطة بقراراتها. وبهذا الصدد توضح المادة 62 من الدستور دون لبس أن " قرارات المجلس الدستوري غير قابلة لأي طعن. تفرض على السلطات العامة وكل الهيئات الإدارية والقضائية". ولها حجية الشيء المقضي به. عبارة حجية الشيء المقضي به غير منصوص عليها في الدستور ولكن فُسرت المادة 62 المذكورة على أنها تتضمن هذه الحجية .
وتبقى ضرورة أن الأشخاص المدعون للنطق بالقانون يجب أن يكونوا حقوقيين وهذا ما لم يتم أخذه بعين الاعتبار في القانون الأساسي للمجلس الدستوري، الذي لا يضم فقط حقوقيين وإنما كذلك سياسيين. ويبرر البعض ذلك بالقول أن القانون الدستوري نفسه هو " قانون سياسي "
في حين يشترط، غالبا، في تكوين المجالس الدستورية الأوروبية أن يكون أعضاؤها حقوقيين، ( ايطاليا وألمانيا ).
ومع ذلك فان بين الأعضاء ال 63 الذين تشكلت منهم المجالس الدستورية الفرنسية منذ عام 1959 كانت نسبة من يحملون درجة دكتوراه في الحقوق 26%. ونسبة الأستاذة البارزين في كليات الحقوق 26% ، بينهم أسماء مشهورة في فقه القانون الفرنسي مثل: الرئيس فرنسوا ليشار F. Luchaie و العميد جورج فيدال G. Vedel و الرئيس جاك روبير J. Robert وغيرهم من المشاهير. ويقرر بعضهم أن ما هو مهم ليس أن يكون المجلس مكونا من اختصاصيين في شتى فروع القانون، وإنما في التوازن بين السياسيين والحقوقيين، لان المسائل المطلوب النظر فيها هي في غالبيتها سياسية ـ قانونية.
ولم يعد يجادل احد اليوم بكون المجلس الدستوري محكمة ذات خصوصية. كما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وصفت المجلس الدستوري بأنه " قضاء دستوري".وقد تجاوز الزمن الجدل حول طبيعته.
المبحث الثاني
الإجراءات
تختلف الإجراءات التي يجب أتباعها أمام المجلس حسب المسألة المراد النظر فيها , ورغم ذلك يمكن القول أن هناك بعض الخصائص العامة لهذه الإجراءات والتي توجد في كل حالات انعقاد المجلس و أيا كانت المشكلة التي سوف ينظر إليها .
المطلب الأول
الخصائص العامة
تتميز الإجراءات التي تمارس أمام المجلس الدستوري بأنها يجب أن تكون جميعهاً مكتوبة وليست شفوية وان تكون سرية وان تتضمن الصيغة الإجرائية المتبعة أمام المحاكم .
وليس هناك استماع للدفاع أو محامون أو حتى مناقشة مفتوحة وذلك لأن كل المناقشات تكون مغلقة ولا يسمح لأحد من العامة بالدخول إلي جلسات المجلس .
وفيما يتعلق بسرية الإجراءات فان هذا يعني أن الإجراءات لا يمكن نشرها ولا يمكن إذاعة بعض جلساته أو احاطة العامة أو الصحافة بما يثار من مناقشات في داخله , فمنذ انعقاد المجلس حتى اتخاذه القرار يبقى الأمر سراً كقاعدة عامة .
وفيما يتعلق بالصيغة المتبعة لهذه الإجراءات فان المجلس الدستوري يتبع في ذلك نفس الصيغة تقريباً المتبعة أمام مجلس الدولة
كما أن المناقشة داخل المجلس يمكن أن تكون متعارضة ويكون ذلك في القضايا التي تتعلق بالمنازعات ذات الصفة القضائية وخاصة في مسألة الانتخابات حيث تكون هناك دعوتان مختلفتان بين صحة الانتخابات وبطلانها وكل طرف له مصلحة أكيدة في هذا القرارات , ومن هنا يمكن أن تكون المناقشات متعارضة وكل عضو في المجلس يقدم أدلته ومستنداته للدفاع عن هذا الحق أو ذاك .
المطلب الثاني
انعقاد المجلس الدستوري
القاعدة العامة لانعقاد المجلس تقضي بأن الدعوة إلي ذلك لابد أن تكون من احدي الجهات التي حددها الدستور فالمجلس لا يمكن أن ينعقد من تلقاء نفسه في معظم الأحوال.
ويستثني من ذلك بعض الحالات , فالمادة السابعة من الدستور تنص على انعقاد المجلس الدستوري من تلقاء نفسه في حالة خلو مكان رئيس الدولة لأي سبب كان , كذلك يمكن للمجلس أن ينعقد من تلقاء نفسه وذلك لاقتراح القواعد وتحديد الضوابط المتعلقة بتحديد قائمة المنظمات والهيئات التي يكون لها الحق في استعمال الوسائل الرسمية للدعاية في الانتخابات , كذلك في حالة وفاة احد المرشحين في انتخابات الرئاسة قبل الدورة الأولي أو قيام احد الموانع به فان المجلس ينعقد من تلقاء نفسه لتأجيل الانتخابات .
المطلب الثالث
الجهات التي لها حق دعوة المجلس للانعقاد
1 . رئيس الجمهورية .
وذلك في حالة قيام تهديد لمؤسسات الدولة ونظامها أو لاستقلال الأمة أو ضد سلامة الوطن أو في حالة قيام خطر يهدد تنفيذ الدولة لالتزامات بطريقة يصبح فيها عمل المؤسسات الدستورية والسلطات العامة مستحيلاً , وكذلك يدعوه للانعقاد وذلك لفحص شروط معاهدة وتقرير مدي انطباقها مع الدستور , وكذلك يدعى المجلس للانعقاد لفحص دستورية القوانين التي وافق عليها البرلمان .
2 . رئيس الوزراء .
يمكنه دعوة المجلس للانعقاد وذلك طبقا لنص المادة 27 من الدستور والمتعلقة بتحديد نطاق القانون ونطاق اللوائح , وذلك بالنص على أن القوانين الصادرة بعد دستور 1958 لا يمكن تعديلها بواسطة لوائح أو قرارات من السلطة التنفيذية إلا إذا قرر المجلس الدستوري أن هذه المسائل تدخل في الاختصاص اللائحي أو التنظيمي للسلطة التنفيذية وذلك طبقا للفقرة الأولي من هذه المادة والتي تحدد نطاق اللوائح في ما لم ينص عليه الدستور انه من اختصاص القانون . وكذلك يجوز لرئيس الوزراء دعوة المجلس للانعقاد في حالة ما إذا رأت الحكومة أن اقتراحاً بتعديل مشروع القانون لا يدخل في نطاق اختصاص السلطة التشريعية أو يتعارض مع ما فوض البرلمان للحكومة من اختصاصات , وذلك للفصل في هذا الموضوع .وكذلك يحق له طلب انعقاد المجلس الدستوري للفصل في مسألة دستورية القوانين التي وافق عليها البرلمان .
3 . رئيس المجلس النيابي .
ينص الدستور علي حق رئيس المجلس النيابي في دعوة المجلس الدستوري للانعقاد إذا رأى أن اقتراحاً بتعديل القانون أو اقتراحاً بقانون هو من اختصاص السلطة التشريعية وليس من اختصاص السلطة التنفيذية أو أن هذا العمل الذي قامت به الحكومة لا يدخل في نطاق التفويض الذي وافق عليه المجلس من قبل , وكذلك في حالة ما إذا رأي رئيس المجلس النيابي إن اتفاقية دولية تتضمن ما يتعارض مع الدستور , وفي حالة ما إذا رأي أن القانون الذي تمت الموافقة عليه يتضمن تعديا على الدستور أو يخالفه .
4 . رئيس مجلس الشيوخ .
ويكون له الحق في دعوة المجلس الدستوري للانعقاد في مثل الحالات التي يحق لرئيس مجلس النواب دعوته .
5 . ستون عضو في احد المجلسين وذلك طبقا للدستور فيما يتعلق بالرقابة علي دستورية القوانين .
6 . لعضو من البرلمان وذلك فيما يتعلق بالنزاع حول أحقية العضو في الجمع بين عضوية البرلمان وبعض الوظائف
7 . لمكتب مجلس النواب أو مجلس الشيوخ وذلك في حالة قيام شك أو نزاع على أحقية العضو في الجمع بين بعض الوظائف وعضوية البرلمان .
8 . لوزير العدل في حالة قيام سبب عدم صلاحية أو اكتشاف هذا السبب لعدم الصلاحية لعضو البرلمان بعد انتهاء الانتخابات والإعلان عن النتيجة وانتهاء مدة الطعن .
المطلب الثالث
أعداد واتخاذ القرارات في المجلس
ينعقد المجلس في اليوم المحدد لذلك طبقا لتحديد المجلس وتبدأ المناقشات في الحال ولا تتعدي في العادة جلستين وذلك حسب طبيعة المشكلة , وبالتالي فان عمل المقرر الذي تم تعيينه بواسطة رئيس المجلس يعتبر أمرا هاماً في الوصول إلى القرار النهائي وبصورة سريعة , ثم تبدأ بعد ذلك المداولات على اتخاذ القرار على اتخاذ القرار وعلى صياغته بطريقة تشبه تلك التي تتخذها المحاكم لصياغة أحكامها وخاصة في القضاء الإداري . وينص الدستور على انه يجب أن يكون حاضراً سبعة أعضاء على الأقل لصحة مداولات المجلس إلا في حالة القوة القاهرة والتي يجب الإشارة إليها في محضر الجلسة , وهذا يعني أن المجلس الدستوري يجب عليه الإشارة في محضر جلساته إلى أسماء الحاضرين منه كما هو الشأن بالنسبة لأحكام المحاكم وذلك حتى يتحقق من توافر هذا الشرط . كذلك يجب على المجلس كتابة هذه الإجراءات والمداولات في محضر الجلسة , وتتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة للأعضاء الحاضرين ويعتبر صوت الرئيس مرجحاً في حالة تساوي الكفتين , ولكن في حالة تقرير المجلس قيام موانع لممارسة السلطة بالنسبة لرئيس الدولة يجب أن تكون الأغلبية دون الأخذ في الاعتبار ترجيح صوت الرئيس , كذلك في حالة تقرير إخلال بعض أعضاء المجلس بالتزامات العضوية فان الأغلبية المطلوبة يجب أن تكون أغلبية مطلقة مع الأخذ في الاعتبار أن صوت الرئيس صوتاً عادياً كأي عضو آخر .
ويتم التصويت على القرار المشار من قبل الأعضاء الذين حضروا كل الجلسات والتي تمت فيها مناقشة المسألة المثارة وذلك قياساً على القانون الخاص بالقضاء العادي , ويجب تسبيب القرار الصادر , كما انه لا يجوز أن يمتنع احد الأعضاء عن التصويت وذلك قياساً على عدم حق القاضي في الامتناع عن التصويت و إلا كان مرتكباً لجريمة إنكار العدالة , وذلك لان المجلس ينظر إليه على انه هيئة قضائية وليس مجرد مجلس سياسي .
وبالتالي يمكن القول إن قرار المجلس كأي قرار قضائي يجب أن يكون محتوياً على العناصر التي يحتويها القرار القضائي من محتوى الدعوى وقبولها والمشاكل المثارة والنصوص التي تحكمها والأغراض والبواعث التي يمكن استخلاصها ثم النص الذي يحتوي على مضمون القرار والذي يمكن أن يحيل إلى البواعث والأسباب من اتخاذ هذا القرار , ثم يتم بعد ذلك توقيع القرار من رئيس المجلس ومن المقرر ثم من السكرتير العام , ولا يثير القرار إلى أسماء الأعضاء الذين حضروا الجلسات أو الذين وافقوا عليه فكل هذه الإجراءات تبقى سرية , ولكن منذ عام 1967 فان أسماء الأعضاء الذين حضروا يشار إليها في المسائل المتعلقة بالمنازعات الانتخابية , ويتم نشر قرارات المجلس في الجريدة الرسمية , ويكون هذا القرار ملزماً للسلطات المعنية .
الفصل الثاني
دور المجلس الدستوري في الرقابة
على أعمال السلطة التشريعية
يحدد الدستور للمجلس الدستوري اختصاصات متنوعة , فيعتبر المجلس الدستوري الهيئة التي تختص بالنظر في الطعون الانتخابية والنزاعات المتعلقة بها , وكذلك للمجلس الدستوري الاختصاص بالإشراف على الاستفتاءات , وله أيضا الاختصاص في مراقبة احترام الاختصاص بين السلطات العامة , وللمجلس اختصاصات استشارية أخرى .
وفيما يتعلق بدور المجلس في رقابة دستورية القوانين وأعمال السلطة التشريعية فان هذه الرقابة تنصب علي القوانين بمختلف أنواعها سواء كانت أساسية أو عادية كما تنصب كذلك على اللوائح التي تصدر عن البرلمان وذلك لتنظيم العمل داخل كل مجلس يخصه طبقاً للقانون .
ومن هنا يظهر لنا أن اختصاصات المجلس الدستوري محددة ومحصورة في مسائل معينة وسوف نتعرض لهذه القاعدة في المبحث الأول ثم لرقابة دستورية القوانين في المبحث الثاني.
المبحث الأول
قاعدة اختصاص المجلس الدستوري
على سبيل الحصر
يتحدد دور المجلس طبقاً لاختصاصات معروفة , والنصوص التي تحدد اختصاصات المجلس الدستوري قد ترد في الدستور وكذلك في القوانين الأساسية والقوانين العادية بل وفي بعض القرارات , ويرجع ذلك إلى أن الدستور لم يحدد تعريفاً معيناً لتحديد اختصاصات المجلس ولم يضع أي شروط عامة لذلك , وبالتالي فان أمر تفسير القاعدة التي تضمنها الدستور وخاصة فيما يتعلق بتوسيع اختصاصات المجلس يعتبر أمر مبررا و لا يتعارض مع النصوص الأساسية في الدستور , فالقاعدة العامة أن المجلس يلتزم بالاختصاصات التي حددتها النصوص وان كان هناك اتجاه نحو المرونة في ذلك .
المطلب الأول
القاعدة العامة في الاختصاص
ضرورة وجود نص صريح
قرر المجلس الدستوري انه لا يستطيع التعرض إلا للأمور التي ورد بها نص وذلك لان الدستور حدد صراحة اختصاص المجلس الدستوري , وهذا يعني أن المجلس ليس له اختصاص عام لسهر علي احترام القوانين للدستور خاصة وان نفس المهمة منحها الدستور لرئيس الدولة . وهذا تطبيق على الأمور التي ينظر المجلس فيها النزاع كهيئة قضائية وكذلك على الأمور المتعلقة بأخذ رأيه كهيئة استشارية .
أولا : في الأمور الاستشارية :
فان المجلس الدستوري لم يقبل حتى الآن انه صاحب الاختصاص العام في هذا الشأن أي انه يقرر في أحكامه انه لا يشكل سلطة استشارية إلا فيما ورد بشأنه نص صريح , وطبقا للنص فان رئيس الدولة وحده وكذلك الحكومة يمكنها طلب رأي المجلس بحالة الظروف الاستثنائية وتهديد امن وسلامة الوطن كما سبقت الإشارة وحالة تنظيم الاستفتاءات , وهذا التفسير الضيق لاختصاص المجلس يتوافق ونشأة المجلس الدستوري تلك النشأة التي كانت وقبل كل شيء من اجل أن يكون المجلس قاضياً للقانون الدستوري وليس هناك قاضً إلا بنص ولا يمكنه ممارسة إلا الأعمال التي جاءت في النص .
ثانياً : في المسائل ذات الطابع القضائي :
كذلك الشأن في المنازعات التي يمكن نظرها من المجلس الدستوري كهيئة قضائية فأن الأمر بالنسبة لها أن المجلس لا يكون مختصا إلا بمقتضى نص صريح في شأن ذلك , فإذا كانت لا تدخل ضمن اختصاصاته طبقا لتفسير المجلس فانه يقضي بعدم اختصاصه , فالدستور ينص على أن المجلس يقرر في حالة النزاع بشأن شرعية الانتخابات المتعلقة بأعضاء المجلس النيابي أو مجلس الشيوخ ولكن المجلس رفض أن ينظر النزاع المتعلق بطلب رد المصاريف الانتخابية , لكن المجلس قرر أن اختصاصه ينحصر في الحالة التي يكون فيها النزاع قائماً على شرعية حصول العضو على أصوات أكثر مما يستحق وكل ماعدا ذلك لا يدخل في اختصاص المجلس .
كذلك الشأن فيما يتعلق بنص الدستور على أن القوانين قبل إصدارها يمكن أن تحول إلى المجلس الدستوري من اجل أن يعلن عن دستوريتها , ولكن هذا لا يعني أن المجلس يمكن أن ينعقد بعد صدور قانون بعد اخذ رأي الشعب فيه أي بعد استفتاء شعبي وذلك لأن القانون في هذه الحالة يعتبر تعبيراً عن السيادة الشعبية في أدق صورها .
كذلك فقد قرر المجلس عدم اختصاصه بفحص مطابقة القوانين للمعاهدة الدولية , بمعنى أن المجلس إذا كان هناك طلباً أمامه بعدم شرعية قانون لمخالفته لنص أو نصوص معاهدة وذلك لأن المعاهدة بنص الدستور هي أسمى من القانون فأن المجلس يرفض هذا الطلب لأن الدستور نص على حقه في رقـابة القوانين بالنسبة للدستور وليس القوانين بالنسبة للمعاهدة .
المطلب الثاني
الاستثناءات على القاعدة العامة
والتفسير الواسع لاختصاص المجلس
ولكن لا يعني هذا أن المجلس يلتزم حرفياً بنصوص الدستور والقوانين وبظاهر النص لتحديد سلطاته أو اختصاصاته .فهناك اتجاه لتحقيق بعض المرونة خاصة في السنوات الأخيرة , فالمجلس يمارس في بعض الحالات اختصاصات محددة ليست في الدستور نفسه وإنما في القوانين الأساسية كما هو الشأن بالنسبة لمراقبة العمليات المتعلقة بالاستفتاءات وعزل أعضاء البرلمان , أو بواسطة القوانين العادية كما هو الشأن بالنسبة لنظر أحكام المحاكم الإدارية في مسائل الانتخابات والذي يعتبر فيها المجلس الدستوري كمحكمة استـئناف أو حتى بقرارات كما هو الشأن بالنسبة لمراقبة الدعاية الانتخابية في الإذاعة والتلفزيون أثناء المعارك الانتخابية المتعلقة باختيار رئيس الدولة .
كذلك يتجه المجلس في بعض الأحيان إلى تفسير النصوص المتعلقة باختصاصه تفسيراً واسعاً بل وفي بعض الأوقات يقبل المجلس ممارسة الاختصاص والذي لا تنص عليه النصوص صراحة , ومن ذلك مثلاً إعطاء رأيه في مسألة اللجوء إلى الاستفتاء بالرغم من أن اختصاصه في هذه المسألة ينحصر فقط في تنظيم عمليات الاستفتاء بعد تقريره بواسطة السلطة المختصة , كذلك قبل المجلس الدعوى للانعقاد والمقدمة من مجموعة من الأعضاء في البرلمان لنظر دستورية بعض المعاهدات الدولية بالرغم من أن النص يرى أن هؤلاء لهم الحق في ذلك فيما يتعلق بدستورية القوانين فقط وليس المعاهدات .
المبحث الثاني
المجلس الدستوري ورقابة أعمال
السلطة التشريعية
قرر دستور سنة 1958 ولأول مرة في فرنسا الحق في بحث دستورية القوانين ومدى شرعيتها في ظل القواعد والنظم التي يتضمنها الدستور , أي أن الدستور الحالي اخضع أعمال السلطة التشريعية لرقابة المجلس الدستوري وهذا ما لم يكن يمكن تصوره قبل ذلك حيث كان مبدأ سيادة الأمة وسيادة البرلمان الذي يمثلها من المبادئ التي كانت وحتى ذلك الوقت تتمتع ببعض القدسية والاحترام .
وسوف يشمل هذا المبحث المطالب آلاتية :
1 _ رقابة المجلس على القوانين الأساسية .
2 _ رقابة المجلس على القوانين العادية .
3 _ رقابة المجلس على اللوائح التنظيمية للسلطة التشريعية .
4 _ رقابة المجلس على المعاهدات الدولية .
الطلب الأول
رقابة دستورية القوانين الأساسية
ينص الدستور على أن القوانين الأساسية وقبل إصدارها يجب أن تخضع للمجلس الدستوري وذلك لفحص مطابقتها للدستور , فالرقابة الدستورية هنا تعتبر إلزامية ولابد من اللجوء إليها قبل إصدار القوانين الأساسية , ودعوة المجلس للانعقاد لابد أن تتم عن طريق رئيس الوزراء ولكن هذه الدعوة إلزامية من رئيس الوزراء لكي يمكن إصدار القانون الأساسي فهي رقابة إلزامية ولكنها ليست تلقائية أي لا يلجأ إليها المجلس من تلقاء نفسه ولكن بناء على دعوة إلزامية من رئيس الوزراء لفحص دستوريتها .
فإذا خضع القانون الأساسي لرقابة الدستورية وأعلن المجلس مطابقته للدستور فأنه لا يمكن للسلطة التنفيذية بعد ذلك أن تدعي أن الاختصاصات التي نص عليها هذا القانون تدخل في اختصاصها اللائحي , ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن هناك قوانين أساسية عديدة تم إصدارها بعد تطبيق الدستور وقبل أن يتم تشكيل المجلس الدستوري , ولم تكن هناك إمكانية بعد ذلك لمراقبتها من المجلس حتى ولو بالطريق غير المباشر بمناسبة تعديلها بواسطة قوانين أخرى أساسية والتي تم إصدارها بعد بداية عمل المجلس الدستوري , وذلك لأن هذا الأخير قرر بأن مطابقة هذه القوانين الأساسية للدستور لا يمكن المنازعة عليها .
كما قرر المجلس الدستوري أن نطاق الرقابة على القوانين الأساسية يقتصر على نصوصها وحدها أي عليها وحدها ولا يمكن أن يمتد إلى القوانين العادية حتى ولو كانت هذه الأخيرة شرطاً لازما لتطبيق القوانين الأساسية أو لوضعها موضع التنفيذ .
ويمكن القول أن القوانين الأساسية تخضع لرقابة دستورية القوانين فإذا كانت تتعارض مع الدستور قرر عدم دستوريتها وأصبحت لاغيه , ولكن بعد الإعلان عن دستوريتها فأنه لا يجوز مخالفتها بعد ذلك من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية إلا عن طريق قوانين أساسية .
المطلب الثاني
رقابة المجلس الدستوري على القوانين العادية
يعتبر الاختصاص بنظر دستورية القوانين العادية من أهم الاختصاصات التي يوكلها الدستور إلى المجلس الدستوري , وذلك لأن هذه القوانين هي عمل السلطة التشريعية وهو عمل دائم ومستمر .
فطبقا للدستور فان القوانين العادية يمكن إحالتها قبل التصديق عليها إلى المجلس الدستوري لكي يحدد مدى مطابقتها للدستور وبالتالي فان هذه الرقابة ليست تلقائية وليست إلزامية كما هو الحال بالنسبة للقوانين الأساسية .
ومن هنا يظهر لنا أن رقابة دستورية القوانين في فرنسا هي رقابة سابقة على إصدارها , ولا يجوز كقاعدة عامة ممارستها بعد إصدارها فالقانون لا يمكن المنازعة فيه إلا قبل التصديق عليه وإصداره وليس من حق أي محكمة أن تبدي شكلها أو رأيها في دستورية القوانين التي تصل إليها بعد نشرها في الصحيفة الرسمية .
أولا : رقابة المقترحات والتعديلات لمشروعات القوانين المطروحة أمام البرلمان :
ينص الدستور على انه إذا تكشف للحكومة أثناء مناقشة مشروع قانون أن اقتراحاً أو تعديلاً ( مقدم من السلطة التشريعية ) لا يدخل في نطاق القانون أي لا يعتبر من حق السلطة التشريعية أو يتعارض مع تفويض وافقت عليه قبل, فأن الحكومة يمكنها أن ترفض قبول هذا التعديل أو الاقتراح , وفي حالة عدم الاتفاق بين الحكومة وبين رئيس المجلس المختص (النواب أو الشيوخ ) فان المجلس الدستوري بناء على طلب أياً منهم يقرر في خلال ثمانية أيام هذا الأمر .
ثانيا :ً رقابة دستورية القوانين التي تم التصويت عليها :
طبقا للدستور فان القوانين التي تم التصويت عليها من البرلمان يمكن إحالتها إلى المجلس الدستوري قبل إصدارها حتى يقرر مدى مطابقتها للدستور , وأن النص الذي بعلن المجلس عن عدم دستوريته لا يمكن إصداره أو تطبيقه .
ويجب أن تكون إحالة القوانين بعد التصويت عليها وقبل إصدارها إذا رؤى إحالتها من الجهة المختصة و إلا سقط حقها في ذلك , ذلك لأن النصوص قبل التصويت عليها لا تعتبر قوانين , فالدستور ينص على أن القوانين وحدها هي التي يمكن إحالتها وليس مشروعاتها .
ومن المعروف أن المادة العاشرة من الدستور تحدد تاريخ الإصدار بمدة لا تزيد عن 15 يوما من إرسال القانون إلى الحكومة بعد التصويت عليه ولكن لا يمكن أن نتصور أن رئيس الدولة يصدر القانون مباشرة بعد إرساله إلى الحكومة حتى يمنع الدعوى للطعن فيه بالدستورية من إحدى الجهات , ولكن في الواقع فانه بمجرد الإعلان عن نية الطعن في القوانين بعدم الدستورية فان إجراءات إصدارها تتوقف حتى يصدر المجلس الدستوري قراراً في الشأن إذا ما تمت الإحالة .
ثالثاً : اثر إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري :
إذا ما تم تحويل القوانين التي صوت عليها البرلمان إلى المجلس الدستوري فان هذا الإجراء يؤدي إلى إيقاف مدة إصدارها , ولكن بمجرد نشر قرار المجلس الدستوري في هذا الشأن فان إيقاف مدة الإصدار ينتهي إذا كان القانون مطابقا للدستور وغير مخالف له .
ويجب أن ينظر المجلس هذه القوانين من حيث دستوريتها خلال شهر عادة وخلال ثمانية أيام إذا أعلنت الحكومة استعجال نظر هذه القوانين من المجلس , وهذا القرار يكون واجب الاحترام من كل السلطات ولا يرتب مسئولية الدولة أو مسئولية أية جهة في ذلك.
وفيما يتعلق بنطاق الرقابة فلا بد أن يكون هناك قانون كامل فلا يمكن أن ينظر المجلس بعض النصوص التي جاء بها القانون , ولكن هذا لا يمنع أن تحدد السلطة التي طعنت في القانون النصوص التي ترى أنها لا تتطابق مع الدستور . ولكن هل يلتزم المجلس بفحص كل نصوص القانون ؟
قرر المجلس الدستوري في هذا الشأن انه له الحق في فحص كل نصوص القانون ولكن ليس عليه التزام في ذلك .
كما أن المجلس يتقيد بالقوانين التي أمامه فإذا كانت هذه القوانين تتعلق بأخرى سبق إصدارها فانه لا يجوز له التعرض لهذه التي سبق إصدارها بالرغم من أن القوانين التي يمكن أن يقضى بعدم دستوريتها قد لا تكون إلا تكملة لهذه القوانين السابقة .
وبالنسبة لأعمال السلطة التنفيذية فهي تخرج عن نطاق الرقابة الدستورية للمجلس , ولكن قد يحدث أن يتبنى القانون عملاً تنفيذياً أي صادر من السلطة التنفيذية وفي هذه الحالة فان المجلس يستطيع أن يراقب القانون ليس في نصوصه وحده , ولكن بما يتبناه من نصوص أخرى أما فيما يتعلق بالنصوص الدستورية التي يجب على القانون أن يحترمها ويصدر في ظلها فان المادة 61 من الدستور تقضي بان نطاق الرقابة ينحصر في مدى مطابقة هذه القوانين للدستور , ولكن المجلس الدستوري استطاع في هذا الشأن أن يوسع من التفسير فأشار إلى أن الحماية أو الرقابة لا تكون لمواد الدستور فقط وإنما لمقدمته بل وللنصوص التي تشير إليها هذه المقدمة بصورة مباشرة , مثل إعلان حقوق الإنسان سنة 1789 ومقدمة دستور سنة 1946 أو بصورة غير مباشرة مثل المبادئ الأساسية التي تحميها قوانين الدولة وقواعد القانون الدولي والقوانين الأساسية الموجودة .
رابعاً : اثر الرقابة على دستورية القوانين :
ينص الدستور على الأثر المترتب على نظر المجلس الدستوري للقوانين والذي يتمثل في أن قرار المجلس بعدم دستورية النص تؤدي إلى الامتناع عن إصداره , وهذه يعني أن عدم إمكانية الإصدار ينصب على النص فقط الذي صدر القرار بعدم دستوريته وليس كل القانون أي أن القانون لا يجوز إصداره إلا بعد حذف هذا النص أو تعديله إلا إذا أعلن المجلس أن هذا النص لا يمكن فصله عن القانون المعروض أمامه ككل ففي هذه الحالة لا يمكن أن يصدر القانون .
خامساً : ضرورة أن تكون الإحالة قبل إصدار القانون :
و إذا كانت القاعدة انه لا يجوز الطعن في دستورية القوانين التي صدرت فان لهذه القاعدة بعض الاستثناءات وسوف نتكلم عن ذلك في هاتين النقطتين مع شيء من التفصيل .
( أ ) القاعدة أن القانون الذي تم إصداره لا يجوز الطعن فيه بعدم الدستورية فطالما أن القانون قد تم إصداره فأنه يصبح غير قابل للطعن فيه بعدم الدستورية , فقد قرر المجلس انه ليس هناك نص في الدستور يسمح له بالتعرض لرقابة دستورية القوانين التي تم إصدارها وذلك بمناسبة تعرض المجلس لمنازعة انتخابية , فالمجلس يرى كقاعدة عامة أن رقابة الدستورية تعتبر أمر جديداً استحدثه دستور سنة 1958 وبالتالي فهو شيء استثنائي لا يمكن التوسع فيه أو القياس عليه .
( ب ) الاستثناء قبول نظر دستورية بعض القوانين التي تم إصدارها :
ينص الدستور على أن القوانين التي صدرت بعد الدستور لا يجوز تعديلها بمقتضى لوائح صادرة من السلطة التنفيذية إلا إذا قرر المجلس الدستوري أن هذه القوانين تتعلق بمسائل لها طابع لائحي , ومن هنا فان القوانين التي تتعلق بتوزيع الاختصاصات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية يمكن نظر دستوريتها عن طريق المجلس الدستوري إذا كانت تؤثر في توزيع هده الاختصاصات , والذي يملك هذا الحق في رفع الأمر بشأن هذه القوانين التي تم إصدارها إلى المجلس الدستوري هو رئيس الحكومة أي رئيس الوزراء .
ويعلن المجلس في قراره ما إذا كان هذا القانون يتعلق باختصاص تشريعي أو اختصاص لائحي ثم يرسل هذا القرار إلى رئيس الوزراء ويتم نشره في الصحيفة الرسمية , بمعنى أن النصوص التي أصدرتها السلطة التشريعية تتمتع بقرينة التشريع إلى أن يصدر المجلس الدستوري قراره بأنها ذات صفة لائحية .
كما قرر المجلس الدستوري قبول انعقاده لفحص ليس فقط ما إذا كان نص يدخل في نطاق الحكومة أو السلطة التشريعية وإنما لفحص التقنين الصادر والذي يشتمل على مجموعة قواعد متعددة بعضها صادر من السلطة التشريعية والأخرى من السلطة اللائحية وذلك لتحديد ما إذا كانت هذه النصوص في نطاقها الصحيح أم لا , ولكن المجلس الدستوري هنا يمكنه فحص النصوص الصادرة من السلطة التشريعية وتقرير ما إذا كانت تدخل في نطاق السلطة التنفيذية ولكن لا يستطيع التعرض لفحص النصوص اللائحية وتقرير ما إذا كانت تدخل في نطاق السلطة التشريعية .
المطلب الثالث
رقابة المجلس الدستوري للوائح التي
تصدرها السلطة التشريعية
يتخذ المجلس التشريعي بعض القرارات التي تتعلق بتنظيم العمل فيه وكيفية إدارة الجلسات والمناقشات وتقديم الطلبات وكيفية اختيار رئيس المجلس والحلول أثناء غيابه وكيفية إجراء الاتصالات بالجهات الخارجية وتحديد حقوق والتزامات الأعضاء وتحديد اختصاصات الإدارة ...الخ .
وبالتالي فان هذه اللوائح الداخلية للسلطة التشريعية يمكن أن تكون على قدر كبير من الأهمية , ولذلك نص الدستور على أن اللوائح الخاصة بالمجالس التشريعية وقبل وضعها موضع التطبيق يجب أن توضع أمام المجلس الدستوري الذي يعلن مطابقتها للدستور أم لا , وبالتالي فان هذه الرقابة تعتبر رقابة إلزامية فرئيس المجلس التشريعي يجب عليه القيام بإحالة اللائحة إلى المجلس الدستوري والذي يصدر قراره بعد أن يقوم احد أعضائه بتقديم تقرير بذلك فإذا قرر المجلس أن بعض النصوص لا يتطابق مع الدستور فلا يمكن تطبيق هذه النصوص بعد ذلك , ويمكن للمجلس التشريعي أن يصحح هذه النصوص ولكن يجب عليه إحالة الأمر مرة أخرى إلى المجلس الدستوري للنظر في مدى مطابقتها للدستور .
المطلب الرابع
رقابة المجلس الدستوري للمعاهدت والتعهدات
الدولية التي تستلزم إذن البرلمان لنفاذها
يختص المجلس الدستوري كذلك بنظر الشرعية الدستورية للمعاهدات الدولية التي تكون في طريقها للإصدار أي للتصديق عليها فالمجلس يبحث مشروعية مشروع المعاهدة وليس المعاهدة ذاتها , وذلك لأنه بمجرد التصديق عليها فإنها تصبح قانونا واجب التطبيق ولا يمكن التعرض لدستوريتها فيكون مثلها في ذلك مثل القانون الذي تم إصداره بل يعترف الدستور للاتفاقيات بوضع أسمى من القانون نفسه .
وطبقا للدستور فانه يجوز لرئيس الدولة أو لرئيس الوزراء أو لأحد رئيسي المجلسين التشريعيين أن يطلب انعقاد المجلس للنظر في بعض الشروط أو النصوص التي يتضمنه مشروع الاتفاقية الدولية و إعلان ما إذا كان متعارضا أم لا مع الدستور , فإذا أعلن المجلس الدستور أن نصا في مشروع الاتفاقية يتعارض مع الدستور فانه يجب أن تتخذ الإجراءات لتعديل الدستور نفسه , فان التصديق على هذا الاتفاق أو تأييده من البرلمان لا يمكن أن يتم إلا بعد مراجعة الدستور أي تعديله لكي يتواءم والنصوص الواردة في الاتفاقية.
أما القانون الذي يصدر من البرلمان مؤيداً تطبيق الاتفاقية ومتضمنا الإجراءات اللازمة لذلك التطبيق فأنه يمكن إحالته إلى المجلس الدستوري قبل إصداره من إحدى الجهات التي نص عليها الدستور , بشرط ألا يكون هذا القانون قد أجرى عليه استفتاء من الشعب لأن المجلس في هذه الحالة يقرر عدم اختصاصه .
أولا : المقصود بالتعهدات والاتفاقيات الدولية :
قرر المجلس الدستوري أن فكرة التعهدات الدولية تشمل كل ما ينطوي على التزامات وارتباطات دولية تكون فرنسا طرفا فيها ,وبالتالي يدخل في هذا الاختصاص القرارات الخاصة بالمنظمات الدولية التي تكون فرنسا قد وافقت على اتفاقياتها الأساسية .
وفيما يتعلق بقرارات المنظمات الدولية أو المنظمات الأوروبية فهي تعتبر جزءاً من التعهدات الدولية , فإذا كانت نافذة من تلقاء نفسها فإنها تتعلق بتعهدات دولية أو بموافقة الدول الأعضاء لأنها تعهدات تتعلق بالقانون الدولي وتجري طبقاً له وان الدولة تلتزم بها طبقا لنص الدستور وهذه القواعد تعتبر أسمى من قواعد القانون العادي .
وهذا يعني أن المجلس لكي يكون مختصاً بنظر دستورية هذه التعهدات والمعاهدات الدولية يجب أن يكون هناك تعهداً من قبل الدولة وان يكون هذا التعهد أو الانضمام إليه خاضعاً لضرورة الحصول على إذن من السلطة التشريعية طبقا لنص الدستور .
ثانياً : الإجراءات المتعلقة برقابة المجلس الدستوري فيما يتعلق بالمعاهدات والتعهدات الدولية :
فيما يتعلق بميعاد طلب انعقاد المجلس لنظر شرعية أو دستورية التعهدات الدولية فان ذلك يجب أن يكون أثناء إجراءات وضع التعهد أو الاتفاق موضع التنفيذ أي بين لحظة الانتهاء من إعداد الاتفاقية وبين لحظة تطبيقها , أي بعد توقيعها من جانب السلطة التنفيذية وحتى يمكن القول فعلا أن هناك تعهداً أو التزاما دولياً قد حدث , ولكن المجلس لا يمكن أن ينعقد إلا قبل التصديق على المعاهدة أو إجازتها من البرلمان , ولم يحدد الدستور فترة معينة لانعقاد المجلس الدستوري بين يوم توقيع التعهد وبين التصويت النهائي على إجازته من البرلمان , ويجب أن ينظر المجلس الدستوري دستورية هذه التعهدات التي يطلب منه نظرها خلال شهر أو ثمانية أيام إذا ما أعلنت الحكومة استعجالها .
ثالثا : النصوص الخاضعة للرقابة والنصوص التي يجب احترامها :
اشرنا إلى أن الدستور يشير إلى أن المقصود ليس فقط الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وإنما أيضا التعهدات الدولية , أما النصوص التي يجب مراعاتها لأمكان تنفيذ الاتفاقيات والتعهدات الدولية أي النصوص التي بها يقيس المجلس الدستوري شرعية هذه المعاهدات فهي تنطوي على الدستور والقوانين الأساسية و ألا تتعارض هذه الاتفاقيات مع السيادة الوطنية وقواعد القانون الدولي العام