منزل بلا عنوان
قال : مررت بشيخ يطهو الشاي على عيدان تفوح منها رائحة الدخان بجانب السورعلى مشارف المدينة، فسلمت عليه وهممت بالانصراف لقضاء الحوائج ، فعمد وطلب مني الجلوس والانتظار لتناول كأس من الشاي ، اقتربت منه وحاولت أن أشرح له امر استعجالي ، فضحك وبادر اليا قائلا الا ترى هذه الجدران المهترئة ، انها سور المقبرة فيها يدفن العديد من جثث العباد ، ووقف واتجهنا الى بابها الرئيسي ثم سرنا قليلا وبرهة توقف وسألني لمن هذا القبر ، قلت الله اعلم ، لاتوجد اية بيانات تذكر على هذا القبر القديم المغطى بحبات الرمل التي تذروها الرياح في كل مكان .قال: هذا يكفي إذن ستتناول معي كأسا من الشاي .
فقلت في نفسي وما علاقة تناول الشاي وهذا القبر .
رمقني بنظرة ضاحكا فسرت في نفسي شكوك استهزاء الشيخ بكياني وعدنا الى المكان ثم جلسنا ، وهو يمد الشاي اليا قائلا :يابني اشرب ولا تستعجل وكأنه يقول اولم تتوضح لك الصورة بعد.
قلت : هذا امر غريب ، فأخذ يرتشف الشاي وهو في كامل الاسترخاء وقال انظر حولك ، انت في هذه الدنيا ، فهل اصحاب هذه المقبرة سبق وأن قضوا جميع حوائجهم ، سيأتي يوم وتكون بجانبهم وبعد زمن رحيل كل الاحبة والاصدقاء ينقطع عن قبرك الزوار وتكون نسيا منسيا .
عندئذ ادركت أن للشيخ حكمة وأن الزمن معلم وانا التلميذ وأن رحيل الاحبة والاصدقاء هو الالم. إذن فكيف السبيل الى معرفة علاقة الشيخ بالزمن لتجنب هذا الالم .