عمي حنتش
عضو موقوف
بسم الله الرحمن الرحيم
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
التأسيس:
تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في يوم الثلاثاء 17 ذي الحجة 1349هـ، الموافق لـ 5 ماي 1931م، بنادي التَّرقي، بالجزائر العاصمة.
الهيئة الإدارية:
تتكون الهيئة الإدارية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عند تأسيسها، من السادة الأساتذة: عبد الحميد بن باديس- محمد البشير الإبراهيمي- الطيّب العقبي- محمد الأمين العمودي- مبارك الميلي- إبراهيم بيوض- المولود الحافظي- مولاي بن الشريف- الطيّب المهاجي- السّعيد اليجري- حسن الطرابلسي- عبد القادر القاسمي- محمد الفضيل الورتلاني.
مكتب الجمعية:
انتخبت الهيئة الإدارية للجمعية مكتبها في اليوم الثاني للتأسيس، وذلك على النحو الآتي:
- عبد الحميد بن باديس: رئيسا.
- محمد البشير الإبراهيمي: نائبا للرئيس.
- الأمين العمودي: كاتبا عاما.
- الطيّب العقبي: مساعدا للكاتب العام.
- مبارك الميلي: أمينا للمال.
- إبراهيم بيوض: مساعدا لأمين المال.
الخِطابُ الأول:
ألقى الشيخ عبد الحميد بن باديس في اليوم الثالث لتأسيس الجمعية، بصفته رئيسا منتخبا لها، خِطابا تكلّم فيه عن الجمعية ومقاصدها، فذكَر من تاريخها أنها فكرة قديمة دعا إليها الكُتَّاب في الصحف العربية الجزائرية، وتداولها المفكِّرون بالبحث في المحافل الخاصة والعامة، وكتَب فيها كتّاب الشهاب عدّة مقالات؛ واحتاجت الفكرة إلى رجل أو رجال ذوي إرادة ولإقدام، لإخراجها من القول إلى الفعل، حتى قيَّض الله هؤلاء الفضلاء أعضاء اللجنة التأسيسية، فكان فضْل العمل مدَّخرا لهم، كما كان فضل التفكير والقول لكلّ من فكَّر في الموضوع وقال.
وذكَر من مقاصدها جمْع شمل هذه الطائفة المتفرقة، لتتعاون على ما هي مهيّأة له من نُصح الأمة وإرشادها لما ينفعها في دينها ودنياها. وإنَّ مِنْ مقاصد الجمعية -كذلك- توحيد عرى الإخاء بين أبناء هذه الطائفة، وحملهم على نبذ أسباب الشقاق واطراح دواعي التفرّق بينهم، ونسيان كلّ ما هبَّت به الأفكار، ممّا يدعو إلى فرقة أو عصبية.
إنَّ التّعارف الذي حصل اليوم بين أبناء هذه الأسرة النبيلة هو ثمرة باكرة لهذا الاجتماع، ذلك التعارف الذي طالما ناشدْناه، ولقد كان أمنية في النفوس، فأصبح حقيقة واقعة، وأمرا ملموسا.
وفي خِتام خِطابه المرتجل، حثَّ الرئيس ابن باديس العلماء، وحضَّهم على مؤازرة الجمعية وتشهيرها وتحبيبها للعامة، ليكون لها من النفع بمقدار ما يكون لها من السلطان على النفوس، وإنما هو سلطان كتاب الله وسُنّة رسوله، وأن يكون شعار الجمعية التواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
دعوة الجمعية وأصولها
الإسلام هو دينُ الله الذي وضعه لهداية عباده، وكمَّله على يد نبيّه محمد الذي لا نبيّ بعده.
الإسلام هو دين البشرية الذي لا تسعد إلا به، لأنه دعوة إلى الأخوة، والكرامة، والحقوق الإنسانية، والعدل، والإحسان العام. يُحرّم الظلم بجميع وجوهه، ويُمجّد العقل والتفكير والحجّة والإقناع، ويجعل الحكم شورى ليس فيه استِبداد.
القرآن الكريم هو كتاب الإسلام.
السنة الصحيحة تفسير وبَيانٌ للقرآن الكريم.
سلوك السّلف الصالح تطبيق صحيح لهدْي الإسلام.
البدعة كلُّ ما أُحدِث على أنه عبادة وقربة، ولم يثبت عن النّبيّ فِعله. وكلّ بدعة ضلالة.
المصلحة كلُّ ما اقتضَتْهُ حاجة الناس في شؤونهم، ممَّا تقِرُّه أصول الشريعة.
التوحيد أساس الدين، فكلُّ شِرك في الاعتقاد أو القول أو الفعل باطل ومردود على صاحبه.
مقاصد الجمعية:
مقاصد الجمعية ترجع إلى ثلاثة أمور:
1- المساجد وموظَّفوها وأوقافها.
2- التعليم العربي ومدرسوه ومُعلِّموه.
3- القضاء الإسلامي وتعليمه ورجاله.
اعتبرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين نفسها -منذ تأسيسها- بحُكْم أمانة الدين، وعهد الله، وشهادة الواقع، مسؤولة عند الله، وأمام الأمة الجزائرية، عن الإسلام ومعابده، وتعليمه، ولغته، وجميع شعائره الحقيقية، وأحكامه القضائية.
وتُعلم أن الحكم القاطع في الإسلام في مسألة المساجد هو أن التصرّف فيها لجماعة المسلمين، وكذلك الشأن بالنسبة لشؤون الأئمة.
والوقْف الخيري في الإسلام ما شُرع إلا ليقوم بواجبات دينية واجتماعية، كالإنفاق على المساجد وعلى القائمين عليها من غير احْتياج إلى الخزينة العامة.
وعلى هذا الأساس تَعتبر جمعية العلماء كلَّ تدخل حكومي في هذه الأمور ظلما وتعدِّيا وهدْماً لمبدأ احترام الأديان.
نهضة التَّعليم العربي الإسلامي:
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لعبتْ دوْراً بالغ الأهمية في المحافظة على الثقافة العربية، ونشر التعليم العربي الإسلامي، على نِطاق واسع، حيث شملتْ مدارسها كافة المناطق الجزائرية.
ثلاثة ميادين متنوِّعة ولكنَّها متكاملة:
1- الميدان العلمي.
2- الميدان الديني.
3- الميدان التهذيبي.
مؤسسات التعليم والتثقيف والتّهذيب:
1- المساجد.
2- المدارس.
3- النوادي في الجزائر وفرنسا.
غايات كُبرى تحقّقت:
نشر اللغة العربية بين أبناء وبنات الجزائر على نِطاق واسع.
إحياء الثقافة العربية الإسلامية في الجزائر، بعد أن كادت أن تندثر.
بعْث التاريخ العربي الإسلامي.
توجيه الجزائريين إلى وجهة وطنية تتعارض تعارضا كاملا مع سياسة الاحتلال.
إعداد صفوة من الرجال والنساء، كانوا عمدة لنهضة الجزائر قبل الاستقلال، وجنودها في معركة التحرير، وبُناتها بعد الاستقلال.
تنظيم بعثات تعليمية لخرّجي مدارس الجمعية ومعاهدها، إلى المشرق العربي.
إصلاح أساليب التعليم، وطرق التدريس.
إصلاح الكتب المدرسية.
غرْس مكارم الأخلاق في نفوس الشَّباب، ومحاربة البدع والرذائل والضلالات.
يا نشء أنتَ رَجاؤُنا وبِــكَ الصَّبــاحُ قدِ اقْتَربْ
خـذْ للحيـاةِ سِلاحَهـا وخُضِ الخطوبَ ولا تَهَبْ
عبد الحميد بن باديس
صمود الجمعية أمام الاستعمار:
الهدفُ الأسمى للجمعية إصلاحي تحرُّري:
سلكتِ الجمعية بثبات وصمود وعزْمٍ طريقها من أجلِ تحقيق هذه الغاية الكبرى، واتّخذتْ لذلك وسائل وأساليب كثيرة:
تكوين المدارس الحرّة.
بناء المساجد.
تأسيس النوادي والكشافة الإسلامية وبعض الهيئات والمنظمات الفنية والرياضية والخيرية.
محاور الصِّراع والمقاومة:
مقاومة سياسة التّجنيس.
مقاومة القانون القاضي بمنْع التعليم العربي، وعرقلته بإغلاق المدارس الحرّة، وسجن المعلمين الأحرار.
مقاومة القانون القاضي بمنْع أعضاء الجمعية من إلقاء دروس الوعظ والإرشاد في المساجد.
مقاومة القانون القاضي بِسلْب حرّة النوادي، وعدم الترخيص بفتْحها.
فَدُوموا على العهْـدِ حتَّى الْفنَـا
وحتَّى تَنالوا الحقــوقَ السَّنيِّـةْ
فضَحّــوا، فهـا أنـا ذا بيـنــكُـمْ
بِذاتي وروحــي عليكـمْ ضحِيَّةْ
الجمعية ووسائل الدعوة:
الميدان الصحافي:
مواجهة لمكايد الاستعمار، وتبليغا للدعوة إلى كافة الجزائريين، قرّرت الجمعية الاعتماد على ميدان الصحافة، تأسِّياً بالشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أنشأ جريدتي "المنتقد" ثمَّ "الشهاب" قبل تأسيس الجمعية.
الصّحف التي أنشأتها الجمعيّة:
جريدة السّنة النبوية.
جريدة الشريعة المحمدية.
جريدة الصراط السّوي.
جريدة البصائر.
عبد الحميد الصّحفي يوجِّه:
«أما أقلام كُتّاب "البصائر" فيجِبُ أن تشرح الحقائق الكلية من دينية وعلمية، وتبيّن الحق بدلائله وشواهده وتسميّه باسمه، وتشرح الباطل وتفضحه بشبهاته وأوهامه، بما نعهده فيها من نصرة الحق والغضب له.
إننا لا نريد التضييق عليكم -أيّها الكُتّاب الكرام- وإنما نريد إلفاتكم إلى الميادين الفسيحة والمراعي الخصيبة، وتوجيهكم إلى ناحية التفكير العميق، والبحث المُنتج، فأمامكم من المواضع ما تنفد الأعمار ولا ينفد».
جمعية العلماء حركة إصلاحيَّة:
الحركة الإصلاحية في الجزائر قادها الإمام عبد الحميد بن باديس، وسلكتْ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منْهج الحركات الإصلاحية الإسلامية التي ظهرت في عددٍ من البلدان الإسلامية، برئاسة هذا المصلح الجزائري الفذ.
الحركات الإسلامية الإصلاحية:
حركة محمد بن عبد الوهاب.
حركة جمال الدين الأفغاني.
حركة محمد عبده.
حركة عبد الحميد بن باديس.
من مميِّزات الحركة الإصلاحية الباديسيّة:
مقاومة الظاهرة الاستعمارية.
إصْلاح النُفوس وتطهيرها.
ترسيخ مقوّمات الشخصية الجزائرية.
ابن باديس وجمعيَّتُهُ واجَها قوَّتين عظيمتين:
قوّة الجهل والجمود والبدع والخرافات.
قوّة المستعمر الأجنبي.
قال ابن باديس: «وما أعداؤُك إلا الذين وقفوا لك في طريق الحياة والتقدّم، فقد عرفتهم وعرفوك، أفسدوا عليك أبواب الرزق والعلم، وسلبوك الحرية والثروة، واستغلّوك كما تُستغلُّ الحيوانات العجماء، بلْ أشدّ وأشرّ».
جمعية العلماء والقضية الوطنية:
لقد ظلّ ابن باديس ورفاقه منذ تأسيس جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين يُدافعون عن حرّية هذا الوطن واستقلاله.
· قال ابن باديس في مقالٍ منشور عام 1936م:
«إنَّ الاستقلال حقّ طبيعيّ لكلِّ أمة من الأمم، وقد استقلّتْ أممٌ كانتْ دوننا في القوة والعلم والمنعة والحضارة… مِن الممكن أن يأتي يوم تبلغ فيه الجزائر درجة عالية من الرقيّ المادي… وتصبح مستقلة استقلالا واسعاً، تعتمد عليها فرنسا اعتماد الحرّ على الحرّ».
· الدعوة المبكِّرة إلى الكفاح:
في عام 1937م، أعْلنَ ابن باديس عن دعوتهِ الصريحة إلى الكفاح، في النشيد الخالد: "شعب الجزائر مسلم".
وأذِقْ نفوس الظّالـمين
السُـمَّ يُمـزج بـالـرَّهـبْ
واقلعْ جذور الخائنيــن
فــمنهـم كـلَّ العـطــــبْ
هـذا نــظـامُ حـــياتـنـــا
بالنــور خُطّ وبـاللَّهــبْ
فإذا هلكــتُ فصيْحـتي:
تحْيا الجزائر والعــربْ
· بلاغ من جمعية العلماء:
في شهر جوان 1954م أصدر المجلس الإداري للجمعية بلاغاً أعلن فيه يأسه من استجابة المستعمر لمطالبه.
· نداءٌ إلى الشعب الجزائري:
وجَّه مكتب الجمعية –عند اندلاع الثورة- بيانا نُشِر في الصحافة المصرية يوم 3 نوفمبر 1954م، جاءَ فيه:
«إلى الثائرين الأبطال.. اليوم حياة أو موت.. بقاء أو فناء.. حيَّاكم الله أيّها الثائرون الأبطال.. وبارَك في جهادكم، وأمدَّكم بنصْرِه، وتوفيقه، وكتب ميِّتكم في الشهداء الأبرار، وحيَّكم في عباده الأحرار».
· نداءٌ آخر إلى الشعب الجزائري:
وفي 15 نوفمبر 1954م، صدر عن مكتب الجمعية بالقاهرة نداءٌ إلى الشعب الجزائري، عنوانه: "نُعيذكُمْ بالله أنْ تتراجعوا" جاء فيه على الخصوص:
«إنكم مع فرنسا في موقف لا خيار فيه، ونهايتُه الموت، فاختاروا ميْتة الشرف على حياة العبودية التي هي شرّ من الموت».
«…فسيروا على بركة الله، وبعونه وتوفيقه، إلى ميدان الكفاح المسلَّح، فهو السّبيل الوحيد إلى أحدى الحسنييْن: إمَّا موت وراءه الجنّة، وإمّا حياة وراءها العزّة والكرامة».
يا نشء أنتَ رَجاؤُنا وبِــكَ الصَّبــاحُ قدِ اقْتَربْ
خـذْ للحيـاةِ سِلاحًهـا وخُضِ الحروبَ ولا تَهَبْ
الرؤساء الأربعة
لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
الرئيس الأول: عبد الحميد بن باديس.
الرئيس الثاني: محمد البشير الإبراهيمي.
الرئيس الثالث: احمد حماني
الرئيس الرابع: عبد الرحمن شيبان
الرئيس الخامس: علي مغربي
الرئيس الحالي: عبد الرزاق قسوم
نبذة عن حياة الرئيس الأول: عبد الحميد بن باديس:
مولدُه:
وُلد عبد الحميد بن باديس في ليلة الجمعة 1308هـ، الموافق لـ 4 ديسمبر 1889م، في مدينة قسنطينة.
أبوه:
هو مصطفى بن مكي بن باديس، من حملة القرآن الكريم، ومن أعْيان مدينة قسنطينة.
أمُّه:
هي زهيرة بنت علي بن جلول، من أسرة مشهورة في قسنطينة بالعلم والجاه والثراء.
عائلتُه:
عائلة عبد الحميد بن باديس مشهورة في الجزائر وفي المغرب العربي، فقد لعبتْ دورا بارزا في تاريخه، سياسيّا وعلميّا ودينيّا.
فقد أسندَ الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" السلطة على إفريقيا والمغرب الأوسط (الجزائر) إلى الجدّ الأول لأسرة ابن باديس، وهو الأمير: "بلكين بن زيري بن مناد"، وهو من قبيلة صنهاجة الأمازيغية البربرية.
تعليمُهُ:
حفِظ القرآن الكريم، وسنّهُ ثلاثة عشر عاما، ثمَّ أخذَ مبادئ العلوم العربية والدينية من الشيخ أحمد حمدان لونيسي.
سافر إلى تونس عام 1908م، لاستكمال تعليمه الثانوي والعالي، بجامع الزيتونة المعمور، ومكث فيه، مُقبِلا على العلوم -بشغف كبير- إلى أن نال شهادة "العالمية" سنة 1912م.
وكان عبد الحميد بن باديس معروفا بين زملائه وأساتذته بالجِدّ والعمل والاجتهاد في تحصيل العلم، كما كان مشهورا بالاستقامة، والخُلق الكريم، والمواظبة على أداء الفرائض الدينية، والبعد عن مواطن الزلل والشبهات.
أساتذتُهُ:
الشيخ محمد المداسي- الشيخ أحمد أبو حمدان لونيسي- الأستاذ محمد النخلي القبرواني- الأستاذ محمد الطاهر بن عاشور- الأستاذ محمد الصادق النيفر- الشيخ سعيد العياضي- الأستاذ محمد بن القاضي- الأستاذ محمد بلحسن- الأستاذ بشير صفر.
رحلاتهُ:
تطلَّعتْ نفسُ ابن باديس للقيام برحلة دينية وعلمية طويلة، فحجَّ سنة 1913م، وأقام في المدينة المنورة مدّة، حيث التقى بشيخه أحمد حمدان لونيسي، والشيخ محمّد البشير الإبراهيمي، والشيخ حسين أحمد الهندي.
وفي طريق عودته من الحجاز، زارَ سوريا ولبنان ومصر، واجتمع برجال العلم والفكر فيها، واطَّلع على أساليب الدراسة في الأزهر الشريف.
شخصية عبد الحميد بن باديس:
العوامل التي كوَّنت شخصيته:
الاستعداد الفطري.
المحيط الأسري.
حسن التوجيه من والد.
علم أساتذتِهِ أو البيئة العلمية التي نشأ فيها.
تأثره بروّاد الإصلاح في العالم العربي والإسلامي، واطّلاعه على آثارهم.
مؤازرة زملائه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أمثال: محمد البشير الإبراهيمي- الطيب العقبي- العربي التبسي- مبارك الميلي.
تجاوُب الشعب الجزائري معه.
تأثرهُ بالقرآن الكريم.
خصوبة الشخصية:
قال رفيقه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، مُجْمِلا الجوانب المتعددة من شخصية عبد الحميد بن باديس:
«باني النهضتين: العلمية والفكرية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق، وقائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، وإمام الحركة السلفية، ومُنشئ مجلة "الشهاب" مرآة الإصلاح، وسيف المصلحين، ومُربّي جيلين كاملين على الهداية القرآنية، والهدي المحمّدي، وعلى التفكير الصحيح، ومُحيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله، وغارس بذور الوطنية الصحيحة، ومُلقِّن مبادئها، وفارسُ المنابر، أوَّل رئيس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأوَّل مؤسِّس لنوادي العلم والأدب، وجمعيات التربية والتعليم».
رجالٌ في رجُل واحد، وشخصيّات في شخصيّة واحِدة:
المربّي- المفسِّر- المحدِّث- المُصلح الديني والاجتماعي- الأديب- الخطيب- الكاتب- المدافِع عن العروبة والإسلام والوطن- المعِدّ للشباب- المعبّئ للشعب- الداعي إلى الحرية.
وفاتُهُ:
عاش الشيخ الرئيس الإمام عبد الحميد بن باديس لحرّية الجزائر وعروبتها وإسلامها، مردّدا:
فإذا هلكتُ فصَيْحتي تحْيا الجزائر والعربْ
ولم يُبال بصحّتِهِ الضعيفة لتي ازدادتْ تدهورا في السنين الأخيرة من حياته، فانتقل إلى جوار بارئه ليلة الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359هـ، الموافق لـ 16 أفريل 1940م. ودُفن في مقبرة أسرته بمدينة قسنطينة.
نبذة عن حياة الرئيس الثاني محمد البشير الإبراهيمي:
مولِدُه:
وُلِد محمد البشير الإبراهيمي يوم الخميس 13 شوال 1306هـ، الموافق لـ 14 يونيو 1889م، في قرية "رأس الوادي" بناحية مدينة سطيف.
نشأ نشأة دينية في بيتٍ أسِّسَ على التقوى، والعلم، من قبيلة تُعرف بأولاد إبراهيم بن يحي بن مساهل، المرفوع نسبُها إلى إدريس بن عبد الله الجدّ الأول للأشراف الأدارسة.
تعليمُه:
أتمَّ حفظ القرآن الكريم على يد عمِّه الشيخ المكي الإبراهيمي، صاحب الفضل الأكبر في تربيته وتكوينه واكتشاف مواهبه مبكِّرا.
ففهِم مفردات القرآن الكريم وغريبه، وهو ابن تسع سنين، وحفظ ألفيّات ومُتونا كثيرة، ورسائل البلغاء، وأطرافها من دواوين الشّعراء.
وقد أجازَه عمُّه: مُعلِّمُه الأول، قبل وفاتِهِ، بالتدريس، وعمره أربعة عشر عاماً.
رحَلاتُهُ:
أقامَ بالقاهرة ثلاثة أشهر، حضَر خلالها بعض دروس العلم بالأزهر الشريف، وعرفَ أشهر علمائه، كما التقى بالشاعريْن الكبيرين: أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.
سافر إلى المدينة المنورة أواخر عام 1911م، وعندها استقرَّ فيها، درس فيها على كبار علمائها، ثم أصبح يُلقي الدروس للطلبة في الحرم النبوي.
والتقى هناك، عام 1913م، بالإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس. ولا شكّ أنّ في هذا اللقاء ميلادَ فكرة تأسيس جمعية العلماء.
اضْطُرَّ إلى الخروج من المدينة المنورة، فرحلَ إلى دمشق سنة 1917هـ، حيث درَّسَ الآداب العربية في لمدرسة السلطانية، وألقى دروس الوعظ في الجامع الأموي.
العودة إلى الجزائر:
عاد إلى الجزائر سنة 1920م، وفي مخيّلته فكرة حركة تُحيي الإسلام والعربية وتنشر العلم، وتبعث الأمة.
وقد أُعجب بعد وصوله بالنتائج المثمرة التي حقّقها ابن باديس الذي كان يقود حركة ثقافية وصحفية في مدينة قسنطينة.
أقام في هذه المرحلة بمدينة سطيف، حيث أنشأ مدرسة ومسجدا.
بدايات جمعية العلماء:
تأسَّست الجمعية في عام 1931م، فوضع محمّد البشير الإبراهيمي دستورها وقانونها الأساسي.
انتُخب نائبا لرئيس الجمعية، وتكفَّل بالمقاطعة الغربية للجزائر، فأسَّس في تلمسان عام 1937م "مدرسة دار الحديث".
قيادة الحركة الدينية والثقافية:
بعد وفاة رفيقه الإمام عبد الحميد بن باديس عام 1940م، اختير خلفا له على رأس جمعية العلماء، وهو غائب في منفاه بآفلو.
أطلِق سراحُهُ في عام 1943م، فأصبح قائدا للحركة الدينية والعلمية والثقافية في الجزائر.فكان خلال هذه المرحلة معلِّما وموجّها ومرشدا، وموحّدا للصفوف، ومؤسِّسا للمدارس والمساجد والنوادي، ومُهيِّنا للعقول.
سُجن بعد أحداث مايو 1945م، ومكث في زنْزانتهِ تحت الأرض عاما كاملا، ذاق فيه الأمرّين.
استأنف نشاطه الدؤوب عام 1946م، فبعث جريدة "البصائر" كما أسَّس معهدا ثانويّا في قسنطينة. ومن هذا المعهد المشهور، تخرَّج رجالٌ قادوا الثورة المسلّحة، وساهموا بعد الاستقلال في بناء الوطن.
الرحلة الثانية:
سافر الإمام الإبراهيمي عام 1952م إلى المشرق العربي، ممثّلا لجمعية العلماء، فاتّخذ المساعي لقبول بعثات طلابية جزائرية، والحصول على الدعم المادي والمعنوي للجمعية، وعرَّف بالقضية الجزائرية في الأوساط السياسية. وكان له نشاط متنوّع ثري خلال هذه الفترة.
نِداءٌ إلى الشعب الجزائري:
بعد اندلاع الثورة بأسبوعين، وجَّه الشيخ الإمام محمد البشير الإبراهيمي نِداءً إلى الشعب الجزائري يدعوه فيه إلى:
الالتفاف حول الثورة المسلّحة.
خوض غمار الجهاد المقدَّس.
التضحية بالنفس والنفيس.
تحقيق حياة العزّة والكرامة.
بعد الاستقلال:
عاد إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال، وخلال هذه المرحلة الأخيرة من حياته، اضطرّ إلى التقليل من نشاطه، بسبب صحي من جهة، وسياسي من جهة ثانية.
ومن أبرز ما خَتَمَ به حياته العامرة الزاخرة حَدثان هما:
افتتاح مسجد كتشاوة بالعاصمة، وإلقاء أوّل خطبة جمعة فيه.
إصدار بيان 16 أفريل 1964م الذي دعا فيه إلى الحكمة والصواب وجادّة الإسلام.
وفاتُهُ:
انتقل إلى جوار ربّه الشيخ الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم 20 ماي 1965م، ودُفِن بمقبرة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة.
نُبذة عن حياة الرئيس الرابع: عبد الرحمن شيبان
مولِدهُ:
وُلد عبد الرحمن شيبان يوم 23 فيفري 1918م ببلدية الشرفة، ولاية البويرة.
تعليمه:
ختَم القرآن الكريم حفظا، وتلقّى مبادئ اللغة العربية والفقه بمسقط رأسه، ثمَّ بالزاوية السحنونية بالزواوة، وبني غليس، على الضفة الشمالية لوادي الصومام (بجاية).
إلتحق بالجامعة الزيتونية بتونس عام 1938م، حيث تحصَّل على شهادة "الأهلية" ثم شهادة "التحصيل في العلوم" عام 1947م.
وقد كان -خلال هذه المرحلة- رئيسا لجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين.
نشاطهُ بعد العودة إلى الجزائر:
عيَّنه الإمام محمد البشير الإبراهيمي في رئاسة اللجنة المكلَّفة بإدْماج المعلمين والأساتذة الذين كانوا في التعليم العربي الحرّ.
تولّى رئاسة اللجنة الوطنية المكلّفة بالبحث التربوي والتأليف المدرسي.
تولّى رئاسة لجان امتحان البكالوريا.
شارَك في ندوات علمية وتربوية عالمية.
في المجال الديني:
عضو مؤسِّس في المجلس الإسلامي الأعلى.
مدرِّس وواعظ في المساجد.
وزيرٌ للشؤون الدينية من عام 1980 إلى 1986م.
أشرفَ على تنظيم ستّة ملتقيات عالمية للفكر الإسلامي.
عضو مؤسِّس لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، وممِّل للجزائر فيه.
ساهمَ بفعالية في افتتاح جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة.
عيَّن المصلح الإسلامي الداعية الشيخ محمَّد الغزالي رئيسا للمجلس العلمي للجامعة الإسلامية بقسنطينة.
طبَعَ آثار الشيخ عبد الحميد بن باديس، في ستّة أجزاء.
إنشاء جريدة "العصر" الأسبوعية.
إحياء سنّة قراءة صحيح البخاري رواية ودراية في مساجد الوطن.
ترأس اللجنة الدينية لإنجاز مشروع الجامع الأعظم بالجامعة العاصمة.
نظَّم دروس التكوين المستمرّ للأئمة، وعمَّم مراكزها في كلِّ الولايات.
مواصلة الإصلاح:
سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان من الذين يؤمنون أنَّ التقاعد في الوظائف الرسمية لا يعني إطلاقا التوقّف عن العمل والنشاط، والرُّكون إلى الراحة. دليلُهُ في الحياة قولُ الرسول عليه الصلاة والسلام: «الصحّة والفراغ مغبون فيهما كثير من النَّاس».
بادر عام 1991م إلى تجديد نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فوْرَ حصول الانفتاح السِّياسي في الجزائر.
استرجاع نادي الترقي التاريخي الذي وُلدتْ في رحابِه جمعية العلماء بالعاصمة.
تأسيس شُعب للجمعية في كلِّ الولايات، ومتابعة نشاطها.
تولَّى رئاسة تحرير جريدة "البصائر" في سلسلتها الثالثة التي صدَر العدد الأول منها في 27 ماي 1992م، وكان يُديرها آنذاك المرحوم الشيخ أحمد حماني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى.
أصْدرَ وأدارَ السلسلة الرابعة من جريدة "البصائر" التي ظهر العدد الأول منها في 22 ماي 2000م.
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
التأسيس:
تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في يوم الثلاثاء 17 ذي الحجة 1349هـ، الموافق لـ 5 ماي 1931م، بنادي التَّرقي، بالجزائر العاصمة.
الهيئة الإدارية:
تتكون الهيئة الإدارية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عند تأسيسها، من السادة الأساتذة: عبد الحميد بن باديس- محمد البشير الإبراهيمي- الطيّب العقبي- محمد الأمين العمودي- مبارك الميلي- إبراهيم بيوض- المولود الحافظي- مولاي بن الشريف- الطيّب المهاجي- السّعيد اليجري- حسن الطرابلسي- عبد القادر القاسمي- محمد الفضيل الورتلاني.
مكتب الجمعية:
انتخبت الهيئة الإدارية للجمعية مكتبها في اليوم الثاني للتأسيس، وذلك على النحو الآتي:
- عبد الحميد بن باديس: رئيسا.
- محمد البشير الإبراهيمي: نائبا للرئيس.
- الأمين العمودي: كاتبا عاما.
- الطيّب العقبي: مساعدا للكاتب العام.
- مبارك الميلي: أمينا للمال.
- إبراهيم بيوض: مساعدا لأمين المال.
الخِطابُ الأول:
ألقى الشيخ عبد الحميد بن باديس في اليوم الثالث لتأسيس الجمعية، بصفته رئيسا منتخبا لها، خِطابا تكلّم فيه عن الجمعية ومقاصدها، فذكَر من تاريخها أنها فكرة قديمة دعا إليها الكُتَّاب في الصحف العربية الجزائرية، وتداولها المفكِّرون بالبحث في المحافل الخاصة والعامة، وكتَب فيها كتّاب الشهاب عدّة مقالات؛ واحتاجت الفكرة إلى رجل أو رجال ذوي إرادة ولإقدام، لإخراجها من القول إلى الفعل، حتى قيَّض الله هؤلاء الفضلاء أعضاء اللجنة التأسيسية، فكان فضْل العمل مدَّخرا لهم، كما كان فضل التفكير والقول لكلّ من فكَّر في الموضوع وقال.
وذكَر من مقاصدها جمْع شمل هذه الطائفة المتفرقة، لتتعاون على ما هي مهيّأة له من نُصح الأمة وإرشادها لما ينفعها في دينها ودنياها. وإنَّ مِنْ مقاصد الجمعية -كذلك- توحيد عرى الإخاء بين أبناء هذه الطائفة، وحملهم على نبذ أسباب الشقاق واطراح دواعي التفرّق بينهم، ونسيان كلّ ما هبَّت به الأفكار، ممّا يدعو إلى فرقة أو عصبية.
إنَّ التّعارف الذي حصل اليوم بين أبناء هذه الأسرة النبيلة هو ثمرة باكرة لهذا الاجتماع، ذلك التعارف الذي طالما ناشدْناه، ولقد كان أمنية في النفوس، فأصبح حقيقة واقعة، وأمرا ملموسا.
وفي خِتام خِطابه المرتجل، حثَّ الرئيس ابن باديس العلماء، وحضَّهم على مؤازرة الجمعية وتشهيرها وتحبيبها للعامة، ليكون لها من النفع بمقدار ما يكون لها من السلطان على النفوس، وإنما هو سلطان كتاب الله وسُنّة رسوله، وأن يكون شعار الجمعية التواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
دعوة الجمعية وأصولها
الإسلام هو دينُ الله الذي وضعه لهداية عباده، وكمَّله على يد نبيّه محمد الذي لا نبيّ بعده.
الإسلام هو دين البشرية الذي لا تسعد إلا به، لأنه دعوة إلى الأخوة، والكرامة، والحقوق الإنسانية، والعدل، والإحسان العام. يُحرّم الظلم بجميع وجوهه، ويُمجّد العقل والتفكير والحجّة والإقناع، ويجعل الحكم شورى ليس فيه استِبداد.
القرآن الكريم هو كتاب الإسلام.
السنة الصحيحة تفسير وبَيانٌ للقرآن الكريم.
سلوك السّلف الصالح تطبيق صحيح لهدْي الإسلام.
البدعة كلُّ ما أُحدِث على أنه عبادة وقربة، ولم يثبت عن النّبيّ فِعله. وكلّ بدعة ضلالة.
المصلحة كلُّ ما اقتضَتْهُ حاجة الناس في شؤونهم، ممَّا تقِرُّه أصول الشريعة.
التوحيد أساس الدين، فكلُّ شِرك في الاعتقاد أو القول أو الفعل باطل ومردود على صاحبه.
مقاصد الجمعية:
مقاصد الجمعية ترجع إلى ثلاثة أمور:
1- المساجد وموظَّفوها وأوقافها.
2- التعليم العربي ومدرسوه ومُعلِّموه.
3- القضاء الإسلامي وتعليمه ورجاله.
اعتبرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين نفسها -منذ تأسيسها- بحُكْم أمانة الدين، وعهد الله، وشهادة الواقع، مسؤولة عند الله، وأمام الأمة الجزائرية، عن الإسلام ومعابده، وتعليمه، ولغته، وجميع شعائره الحقيقية، وأحكامه القضائية.
وتُعلم أن الحكم القاطع في الإسلام في مسألة المساجد هو أن التصرّف فيها لجماعة المسلمين، وكذلك الشأن بالنسبة لشؤون الأئمة.
والوقْف الخيري في الإسلام ما شُرع إلا ليقوم بواجبات دينية واجتماعية، كالإنفاق على المساجد وعلى القائمين عليها من غير احْتياج إلى الخزينة العامة.
وعلى هذا الأساس تَعتبر جمعية العلماء كلَّ تدخل حكومي في هذه الأمور ظلما وتعدِّيا وهدْماً لمبدأ احترام الأديان.
نهضة التَّعليم العربي الإسلامي:
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لعبتْ دوْراً بالغ الأهمية في المحافظة على الثقافة العربية، ونشر التعليم العربي الإسلامي، على نِطاق واسع، حيث شملتْ مدارسها كافة المناطق الجزائرية.
ثلاثة ميادين متنوِّعة ولكنَّها متكاملة:
1- الميدان العلمي.
2- الميدان الديني.
3- الميدان التهذيبي.
مؤسسات التعليم والتثقيف والتّهذيب:
1- المساجد.
2- المدارس.
3- النوادي في الجزائر وفرنسا.
غايات كُبرى تحقّقت:
نشر اللغة العربية بين أبناء وبنات الجزائر على نِطاق واسع.
إحياء الثقافة العربية الإسلامية في الجزائر، بعد أن كادت أن تندثر.
بعْث التاريخ العربي الإسلامي.
توجيه الجزائريين إلى وجهة وطنية تتعارض تعارضا كاملا مع سياسة الاحتلال.
إعداد صفوة من الرجال والنساء، كانوا عمدة لنهضة الجزائر قبل الاستقلال، وجنودها في معركة التحرير، وبُناتها بعد الاستقلال.
تنظيم بعثات تعليمية لخرّجي مدارس الجمعية ومعاهدها، إلى المشرق العربي.
إصلاح أساليب التعليم، وطرق التدريس.
إصلاح الكتب المدرسية.
غرْس مكارم الأخلاق في نفوس الشَّباب، ومحاربة البدع والرذائل والضلالات.
يا نشء أنتَ رَجاؤُنا وبِــكَ الصَّبــاحُ قدِ اقْتَربْ
خـذْ للحيـاةِ سِلاحَهـا وخُضِ الخطوبَ ولا تَهَبْ
عبد الحميد بن باديس
صمود الجمعية أمام الاستعمار:
الهدفُ الأسمى للجمعية إصلاحي تحرُّري:
سلكتِ الجمعية بثبات وصمود وعزْمٍ طريقها من أجلِ تحقيق هذه الغاية الكبرى، واتّخذتْ لذلك وسائل وأساليب كثيرة:
تكوين المدارس الحرّة.
بناء المساجد.
تأسيس النوادي والكشافة الإسلامية وبعض الهيئات والمنظمات الفنية والرياضية والخيرية.
محاور الصِّراع والمقاومة:
مقاومة سياسة التّجنيس.
مقاومة القانون القاضي بمنْع التعليم العربي، وعرقلته بإغلاق المدارس الحرّة، وسجن المعلمين الأحرار.
مقاومة القانون القاضي بمنْع أعضاء الجمعية من إلقاء دروس الوعظ والإرشاد في المساجد.
مقاومة القانون القاضي بِسلْب حرّة النوادي، وعدم الترخيص بفتْحها.
فَدُوموا على العهْـدِ حتَّى الْفنَـا
وحتَّى تَنالوا الحقــوقَ السَّنيِّـةْ
فضَحّــوا، فهـا أنـا ذا بيـنــكُـمْ
بِذاتي وروحــي عليكـمْ ضحِيَّةْ
الجمعية ووسائل الدعوة:
الميدان الصحافي:
مواجهة لمكايد الاستعمار، وتبليغا للدعوة إلى كافة الجزائريين، قرّرت الجمعية الاعتماد على ميدان الصحافة، تأسِّياً بالشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أنشأ جريدتي "المنتقد" ثمَّ "الشهاب" قبل تأسيس الجمعية.
الصّحف التي أنشأتها الجمعيّة:
جريدة السّنة النبوية.
جريدة الشريعة المحمدية.
جريدة الصراط السّوي.
جريدة البصائر.
عبد الحميد الصّحفي يوجِّه:
«أما أقلام كُتّاب "البصائر" فيجِبُ أن تشرح الحقائق الكلية من دينية وعلمية، وتبيّن الحق بدلائله وشواهده وتسميّه باسمه، وتشرح الباطل وتفضحه بشبهاته وأوهامه، بما نعهده فيها من نصرة الحق والغضب له.
إننا لا نريد التضييق عليكم -أيّها الكُتّاب الكرام- وإنما نريد إلفاتكم إلى الميادين الفسيحة والمراعي الخصيبة، وتوجيهكم إلى ناحية التفكير العميق، والبحث المُنتج، فأمامكم من المواضع ما تنفد الأعمار ولا ينفد».
جمعية العلماء حركة إصلاحيَّة:
الحركة الإصلاحية في الجزائر قادها الإمام عبد الحميد بن باديس، وسلكتْ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منْهج الحركات الإصلاحية الإسلامية التي ظهرت في عددٍ من البلدان الإسلامية، برئاسة هذا المصلح الجزائري الفذ.
الحركات الإسلامية الإصلاحية:
حركة محمد بن عبد الوهاب.
حركة جمال الدين الأفغاني.
حركة محمد عبده.
حركة عبد الحميد بن باديس.
من مميِّزات الحركة الإصلاحية الباديسيّة:
مقاومة الظاهرة الاستعمارية.
إصْلاح النُفوس وتطهيرها.
ترسيخ مقوّمات الشخصية الجزائرية.
ابن باديس وجمعيَّتُهُ واجَها قوَّتين عظيمتين:
قوّة الجهل والجمود والبدع والخرافات.
قوّة المستعمر الأجنبي.
قال ابن باديس: «وما أعداؤُك إلا الذين وقفوا لك في طريق الحياة والتقدّم، فقد عرفتهم وعرفوك، أفسدوا عليك أبواب الرزق والعلم، وسلبوك الحرية والثروة، واستغلّوك كما تُستغلُّ الحيوانات العجماء، بلْ أشدّ وأشرّ».
جمعية العلماء والقضية الوطنية:
لقد ظلّ ابن باديس ورفاقه منذ تأسيس جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين يُدافعون عن حرّية هذا الوطن واستقلاله.
· قال ابن باديس في مقالٍ منشور عام 1936م:
«إنَّ الاستقلال حقّ طبيعيّ لكلِّ أمة من الأمم، وقد استقلّتْ أممٌ كانتْ دوننا في القوة والعلم والمنعة والحضارة… مِن الممكن أن يأتي يوم تبلغ فيه الجزائر درجة عالية من الرقيّ المادي… وتصبح مستقلة استقلالا واسعاً، تعتمد عليها فرنسا اعتماد الحرّ على الحرّ».
· الدعوة المبكِّرة إلى الكفاح:
في عام 1937م، أعْلنَ ابن باديس عن دعوتهِ الصريحة إلى الكفاح، في النشيد الخالد: "شعب الجزائر مسلم".
وأذِقْ نفوس الظّالـمين
السُـمَّ يُمـزج بـالـرَّهـبْ
واقلعْ جذور الخائنيــن
فــمنهـم كـلَّ العـطــــبْ
هـذا نــظـامُ حـــياتـنـــا
بالنــور خُطّ وبـاللَّهــبْ
فإذا هلكــتُ فصيْحـتي:
تحْيا الجزائر والعــربْ
· بلاغ من جمعية العلماء:
في شهر جوان 1954م أصدر المجلس الإداري للجمعية بلاغاً أعلن فيه يأسه من استجابة المستعمر لمطالبه.
· نداءٌ إلى الشعب الجزائري:
وجَّه مكتب الجمعية –عند اندلاع الثورة- بيانا نُشِر في الصحافة المصرية يوم 3 نوفمبر 1954م، جاءَ فيه:
«إلى الثائرين الأبطال.. اليوم حياة أو موت.. بقاء أو فناء.. حيَّاكم الله أيّها الثائرون الأبطال.. وبارَك في جهادكم، وأمدَّكم بنصْرِه، وتوفيقه، وكتب ميِّتكم في الشهداء الأبرار، وحيَّكم في عباده الأحرار».
· نداءٌ آخر إلى الشعب الجزائري:
وفي 15 نوفمبر 1954م، صدر عن مكتب الجمعية بالقاهرة نداءٌ إلى الشعب الجزائري، عنوانه: "نُعيذكُمْ بالله أنْ تتراجعوا" جاء فيه على الخصوص:
«إنكم مع فرنسا في موقف لا خيار فيه، ونهايتُه الموت، فاختاروا ميْتة الشرف على حياة العبودية التي هي شرّ من الموت».
«…فسيروا على بركة الله، وبعونه وتوفيقه، إلى ميدان الكفاح المسلَّح، فهو السّبيل الوحيد إلى أحدى الحسنييْن: إمَّا موت وراءه الجنّة، وإمّا حياة وراءها العزّة والكرامة».
يا نشء أنتَ رَجاؤُنا وبِــكَ الصَّبــاحُ قدِ اقْتَربْ
خـذْ للحيـاةِ سِلاحًهـا وخُضِ الحروبَ ولا تَهَبْ
الرؤساء الأربعة
لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
الرئيس الأول: عبد الحميد بن باديس.
الرئيس الثاني: محمد البشير الإبراهيمي.
الرئيس الثالث: احمد حماني
الرئيس الرابع: عبد الرحمن شيبان
الرئيس الخامس: علي مغربي
الرئيس الحالي: عبد الرزاق قسوم
نبذة عن حياة الرئيس الأول: عبد الحميد بن باديس:
مولدُه:
وُلد عبد الحميد بن باديس في ليلة الجمعة 1308هـ، الموافق لـ 4 ديسمبر 1889م، في مدينة قسنطينة.
أبوه:
هو مصطفى بن مكي بن باديس، من حملة القرآن الكريم، ومن أعْيان مدينة قسنطينة.
أمُّه:
هي زهيرة بنت علي بن جلول، من أسرة مشهورة في قسنطينة بالعلم والجاه والثراء.
عائلتُه:
عائلة عبد الحميد بن باديس مشهورة في الجزائر وفي المغرب العربي، فقد لعبتْ دورا بارزا في تاريخه، سياسيّا وعلميّا ودينيّا.
فقد أسندَ الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" السلطة على إفريقيا والمغرب الأوسط (الجزائر) إلى الجدّ الأول لأسرة ابن باديس، وهو الأمير: "بلكين بن زيري بن مناد"، وهو من قبيلة صنهاجة الأمازيغية البربرية.
تعليمُهُ:
حفِظ القرآن الكريم، وسنّهُ ثلاثة عشر عاما، ثمَّ أخذَ مبادئ العلوم العربية والدينية من الشيخ أحمد حمدان لونيسي.
سافر إلى تونس عام 1908م، لاستكمال تعليمه الثانوي والعالي، بجامع الزيتونة المعمور، ومكث فيه، مُقبِلا على العلوم -بشغف كبير- إلى أن نال شهادة "العالمية" سنة 1912م.
وكان عبد الحميد بن باديس معروفا بين زملائه وأساتذته بالجِدّ والعمل والاجتهاد في تحصيل العلم، كما كان مشهورا بالاستقامة، والخُلق الكريم، والمواظبة على أداء الفرائض الدينية، والبعد عن مواطن الزلل والشبهات.
أساتذتُهُ:
الشيخ محمد المداسي- الشيخ أحمد أبو حمدان لونيسي- الأستاذ محمد النخلي القبرواني- الأستاذ محمد الطاهر بن عاشور- الأستاذ محمد الصادق النيفر- الشيخ سعيد العياضي- الأستاذ محمد بن القاضي- الأستاذ محمد بلحسن- الأستاذ بشير صفر.
رحلاتهُ:
تطلَّعتْ نفسُ ابن باديس للقيام برحلة دينية وعلمية طويلة، فحجَّ سنة 1913م، وأقام في المدينة المنورة مدّة، حيث التقى بشيخه أحمد حمدان لونيسي، والشيخ محمّد البشير الإبراهيمي، والشيخ حسين أحمد الهندي.
وفي طريق عودته من الحجاز، زارَ سوريا ولبنان ومصر، واجتمع برجال العلم والفكر فيها، واطَّلع على أساليب الدراسة في الأزهر الشريف.
شخصية عبد الحميد بن باديس:
العوامل التي كوَّنت شخصيته:
الاستعداد الفطري.
المحيط الأسري.
حسن التوجيه من والد.
علم أساتذتِهِ أو البيئة العلمية التي نشأ فيها.
تأثره بروّاد الإصلاح في العالم العربي والإسلامي، واطّلاعه على آثارهم.
مؤازرة زملائه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أمثال: محمد البشير الإبراهيمي- الطيب العقبي- العربي التبسي- مبارك الميلي.
تجاوُب الشعب الجزائري معه.
تأثرهُ بالقرآن الكريم.
خصوبة الشخصية:
قال رفيقه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، مُجْمِلا الجوانب المتعددة من شخصية عبد الحميد بن باديس:
«باني النهضتين: العلمية والفكرية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق، وقائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، وإمام الحركة السلفية، ومُنشئ مجلة "الشهاب" مرآة الإصلاح، وسيف المصلحين، ومُربّي جيلين كاملين على الهداية القرآنية، والهدي المحمّدي، وعلى التفكير الصحيح، ومُحيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله، وغارس بذور الوطنية الصحيحة، ومُلقِّن مبادئها، وفارسُ المنابر، أوَّل رئيس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأوَّل مؤسِّس لنوادي العلم والأدب، وجمعيات التربية والتعليم».
رجالٌ في رجُل واحد، وشخصيّات في شخصيّة واحِدة:
المربّي- المفسِّر- المحدِّث- المُصلح الديني والاجتماعي- الأديب- الخطيب- الكاتب- المدافِع عن العروبة والإسلام والوطن- المعِدّ للشباب- المعبّئ للشعب- الداعي إلى الحرية.
وفاتُهُ:
عاش الشيخ الرئيس الإمام عبد الحميد بن باديس لحرّية الجزائر وعروبتها وإسلامها، مردّدا:
فإذا هلكتُ فصَيْحتي تحْيا الجزائر والعربْ
ولم يُبال بصحّتِهِ الضعيفة لتي ازدادتْ تدهورا في السنين الأخيرة من حياته، فانتقل إلى جوار بارئه ليلة الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359هـ، الموافق لـ 16 أفريل 1940م. ودُفن في مقبرة أسرته بمدينة قسنطينة.
نبذة عن حياة الرئيس الثاني محمد البشير الإبراهيمي:
مولِدُه:
وُلِد محمد البشير الإبراهيمي يوم الخميس 13 شوال 1306هـ، الموافق لـ 14 يونيو 1889م، في قرية "رأس الوادي" بناحية مدينة سطيف.
نشأ نشأة دينية في بيتٍ أسِّسَ على التقوى، والعلم، من قبيلة تُعرف بأولاد إبراهيم بن يحي بن مساهل، المرفوع نسبُها إلى إدريس بن عبد الله الجدّ الأول للأشراف الأدارسة.
تعليمُه:
أتمَّ حفظ القرآن الكريم على يد عمِّه الشيخ المكي الإبراهيمي، صاحب الفضل الأكبر في تربيته وتكوينه واكتشاف مواهبه مبكِّرا.
ففهِم مفردات القرآن الكريم وغريبه، وهو ابن تسع سنين، وحفظ ألفيّات ومُتونا كثيرة، ورسائل البلغاء، وأطرافها من دواوين الشّعراء.
وقد أجازَه عمُّه: مُعلِّمُه الأول، قبل وفاتِهِ، بالتدريس، وعمره أربعة عشر عاماً.
رحَلاتُهُ:
أقامَ بالقاهرة ثلاثة أشهر، حضَر خلالها بعض دروس العلم بالأزهر الشريف، وعرفَ أشهر علمائه، كما التقى بالشاعريْن الكبيرين: أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.
سافر إلى المدينة المنورة أواخر عام 1911م، وعندها استقرَّ فيها، درس فيها على كبار علمائها، ثم أصبح يُلقي الدروس للطلبة في الحرم النبوي.
والتقى هناك، عام 1913م، بالإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس. ولا شكّ أنّ في هذا اللقاء ميلادَ فكرة تأسيس جمعية العلماء.
اضْطُرَّ إلى الخروج من المدينة المنورة، فرحلَ إلى دمشق سنة 1917هـ، حيث درَّسَ الآداب العربية في لمدرسة السلطانية، وألقى دروس الوعظ في الجامع الأموي.
العودة إلى الجزائر:
عاد إلى الجزائر سنة 1920م، وفي مخيّلته فكرة حركة تُحيي الإسلام والعربية وتنشر العلم، وتبعث الأمة.
وقد أُعجب بعد وصوله بالنتائج المثمرة التي حقّقها ابن باديس الذي كان يقود حركة ثقافية وصحفية في مدينة قسنطينة.
أقام في هذه المرحلة بمدينة سطيف، حيث أنشأ مدرسة ومسجدا.
بدايات جمعية العلماء:
تأسَّست الجمعية في عام 1931م، فوضع محمّد البشير الإبراهيمي دستورها وقانونها الأساسي.
انتُخب نائبا لرئيس الجمعية، وتكفَّل بالمقاطعة الغربية للجزائر، فأسَّس في تلمسان عام 1937م "مدرسة دار الحديث".
قيادة الحركة الدينية والثقافية:
بعد وفاة رفيقه الإمام عبد الحميد بن باديس عام 1940م، اختير خلفا له على رأس جمعية العلماء، وهو غائب في منفاه بآفلو.
أطلِق سراحُهُ في عام 1943م، فأصبح قائدا للحركة الدينية والعلمية والثقافية في الجزائر.فكان خلال هذه المرحلة معلِّما وموجّها ومرشدا، وموحّدا للصفوف، ومؤسِّسا للمدارس والمساجد والنوادي، ومُهيِّنا للعقول.
سُجن بعد أحداث مايو 1945م، ومكث في زنْزانتهِ تحت الأرض عاما كاملا، ذاق فيه الأمرّين.
استأنف نشاطه الدؤوب عام 1946م، فبعث جريدة "البصائر" كما أسَّس معهدا ثانويّا في قسنطينة. ومن هذا المعهد المشهور، تخرَّج رجالٌ قادوا الثورة المسلّحة، وساهموا بعد الاستقلال في بناء الوطن.
الرحلة الثانية:
سافر الإمام الإبراهيمي عام 1952م إلى المشرق العربي، ممثّلا لجمعية العلماء، فاتّخذ المساعي لقبول بعثات طلابية جزائرية، والحصول على الدعم المادي والمعنوي للجمعية، وعرَّف بالقضية الجزائرية في الأوساط السياسية. وكان له نشاط متنوّع ثري خلال هذه الفترة.
نِداءٌ إلى الشعب الجزائري:
بعد اندلاع الثورة بأسبوعين، وجَّه الشيخ الإمام محمد البشير الإبراهيمي نِداءً إلى الشعب الجزائري يدعوه فيه إلى:
الالتفاف حول الثورة المسلّحة.
خوض غمار الجهاد المقدَّس.
التضحية بالنفس والنفيس.
تحقيق حياة العزّة والكرامة.
بعد الاستقلال:
عاد إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال، وخلال هذه المرحلة الأخيرة من حياته، اضطرّ إلى التقليل من نشاطه، بسبب صحي من جهة، وسياسي من جهة ثانية.
ومن أبرز ما خَتَمَ به حياته العامرة الزاخرة حَدثان هما:
افتتاح مسجد كتشاوة بالعاصمة، وإلقاء أوّل خطبة جمعة فيه.
إصدار بيان 16 أفريل 1964م الذي دعا فيه إلى الحكمة والصواب وجادّة الإسلام.
وفاتُهُ:
انتقل إلى جوار ربّه الشيخ الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم 20 ماي 1965م، ودُفِن بمقبرة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة.
نُبذة عن حياة الرئيس الرابع: عبد الرحمن شيبان
مولِدهُ:
وُلد عبد الرحمن شيبان يوم 23 فيفري 1918م ببلدية الشرفة، ولاية البويرة.
تعليمه:
ختَم القرآن الكريم حفظا، وتلقّى مبادئ اللغة العربية والفقه بمسقط رأسه، ثمَّ بالزاوية السحنونية بالزواوة، وبني غليس، على الضفة الشمالية لوادي الصومام (بجاية).
إلتحق بالجامعة الزيتونية بتونس عام 1938م، حيث تحصَّل على شهادة "الأهلية" ثم شهادة "التحصيل في العلوم" عام 1947م.
وقد كان -خلال هذه المرحلة- رئيسا لجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين.
نشاطهُ بعد العودة إلى الجزائر:
عيَّنه الإمام محمد البشير الإبراهيمي في رئاسة اللجنة المكلَّفة بإدْماج المعلمين والأساتذة الذين كانوا في التعليم العربي الحرّ.
تولّى رئاسة اللجنة الوطنية المكلّفة بالبحث التربوي والتأليف المدرسي.
تولّى رئاسة لجان امتحان البكالوريا.
شارَك في ندوات علمية وتربوية عالمية.
في المجال الديني:
عضو مؤسِّس في المجلس الإسلامي الأعلى.
مدرِّس وواعظ في المساجد.
وزيرٌ للشؤون الدينية من عام 1980 إلى 1986م.
أشرفَ على تنظيم ستّة ملتقيات عالمية للفكر الإسلامي.
عضو مؤسِّس لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، وممِّل للجزائر فيه.
ساهمَ بفعالية في افتتاح جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة.
عيَّن المصلح الإسلامي الداعية الشيخ محمَّد الغزالي رئيسا للمجلس العلمي للجامعة الإسلامية بقسنطينة.
طبَعَ آثار الشيخ عبد الحميد بن باديس، في ستّة أجزاء.
إنشاء جريدة "العصر" الأسبوعية.
إحياء سنّة قراءة صحيح البخاري رواية ودراية في مساجد الوطن.
ترأس اللجنة الدينية لإنجاز مشروع الجامع الأعظم بالجامعة العاصمة.
نظَّم دروس التكوين المستمرّ للأئمة، وعمَّم مراكزها في كلِّ الولايات.
مواصلة الإصلاح:
سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان من الذين يؤمنون أنَّ التقاعد في الوظائف الرسمية لا يعني إطلاقا التوقّف عن العمل والنشاط، والرُّكون إلى الراحة. دليلُهُ في الحياة قولُ الرسول عليه الصلاة والسلام: «الصحّة والفراغ مغبون فيهما كثير من النَّاس».
بادر عام 1991م إلى تجديد نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فوْرَ حصول الانفتاح السِّياسي في الجزائر.
استرجاع نادي الترقي التاريخي الذي وُلدتْ في رحابِه جمعية العلماء بالعاصمة.
تأسيس شُعب للجمعية في كلِّ الولايات، ومتابعة نشاطها.
تولَّى رئاسة تحرير جريدة "البصائر" في سلسلتها الثالثة التي صدَر العدد الأول منها في 27 ماي 1992م، وكان يُديرها آنذاك المرحوم الشيخ أحمد حماني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى.
أصْدرَ وأدارَ السلسلة الرابعة من جريدة "البصائر" التي ظهر العدد الأول منها في 22 ماي 2000م.