الأستاذ علي 12
مشرف عام
إنتاج فلسفي " المنقذ من الضلال"
أبو حامد الغزالي
الجزئية الأولى" كسر التقليد"
الجزئية الثانية" الشك المطلق" السفسطة
-لكن هذا النهم في البحث و هذا الاستقصاء في الدراسة، و هذه العقلية الجريئة النافذة، كل ذلك انتهى به إلى الشك، في ما يرى، و يسمع، و يقرأ و فيما يقول و يعتقد.
-و كان هذا الشك عنيفا، حادا، شاملا، عاما،طيلة شهرين هو فيهما على مذهب السفسطة، بحكم الحال، لا النطق و المقال.
-و لكن هذا الشك المطلق الشامل العام تبخر و زال، لا بنظم دليل، و ترتيب كلام" قياس عقلي" بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر.
الجزئية الثالثة "الشك المنهجي/ البحث عن الحقيقة تحت محك العلم اليقيني / موقفه من علم الكلام
-هذه الكيفية، إذا وضحت: تحدد المنهج الذي يجب أن يسير عليه.
-و دراسته المستفيضة: بينت له أن كل فريق من الباحثين-على كثرتهم و اختلافهم- يزعم أنه على حق فأيها على حق، و أيها على باطل؟
-ذلك هو ما أراد الإمام الغزالي استكشافه.
-و رأى أن الطريق إلى ذلك هو حصر أصناف الطالبين للحق، و دراستهم صنفا، صنفا، أو فرقة،فرقة.
-و انحصرت الفرق عنده في أربع: المتكلمون، الباطنية، الفلاسفة، الصوفية.
-هؤلاء هم السالكون سبل طلب الحق، و الحق إذن؛ لا يعدو هذه الأصناف الأربعة.
-و شمر الإمام الغزالي عن ساعد الجد، لدراستها، و ابتدأ بعلم الكلام، فوجده لا يشفي غلته، ذلك أن أكثر خوض المتكلمين إنما هو:في استخراج مناقضات الخصوم، و مؤاخذتهم بلوازم مسلماتهم، و هذا قليل النفع في حق من لا يسلم سوى الضروريات شيئا أصلا.
1-قسم يجب التكفير به.
2-و قسم يجب البديع به.
3-و قسم لا يجب إنكاره أصلا.
أما هذا الذي لا يجب إنكاره فمثل:
- العلوم الرياضية.
- المنطقيات.
- العلوم السياسية.
- العلوم الخلقية.
أما الطبيعيات : فلا إنكار فيها إلا في بعض مسائل معينة.
و أكثر أغاليطهم إنما هي في:
الإلهيات: و مجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلا، يجب تكفيرهم في ثلاثة منها، و تبديعهم في سبعة عشر..
و انصرف الإمام الغزالي عن الفلسفة، لأن العقل" ليس مستقلا بالاحاطة بجميع المطالب، و لا كاشفا للغطاء عن جميع المعضلات".
الجزئية الخامسة "الشك المنهجي موقفه من التعليمية "الباطنية"
الجزئية السادسة "الشك المنهجي موقفه من الصوفية.
و طريق الصوفية: علم و عمل، و ابتدأ بتحصيل علمهم، من مطالعة كتب أئمتهم، مثل " قوت القلوب"، "لأبي طالب المكي"، رحمه الله، و كتب " الحارث المحاسبي"، و المتفرقات المأثورة عن "الجنيـــد"، " و الشبلي"، و "أبي يزيد البسطامي"، قدس الله أرواحهم، و غير ذلك من كلام مشايخهم".
و لكن طريق الصوفية لا يتم بالعلم فحسب، بل عن العلم فيه أقل جانب من جوانبه، أما الجانب الذي يصل بالإنسان إلى النور،و الإشراق، و اليقين، إنما هو الجانب العملي، و هذا النوع يحتاج إلى الإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، و ذلك يقتضي الإعراض عن المال و الجاه؛ و الشهرة و ذيـــوع الصيت، و يقتضي الخلوة لفترة تطول، أو تقصر، يتفرغ فيها الإنسان تفرغا كاملا إلى الله فارا مهاجرا إليه.
و لا يزال على هذه الحال قرابة ستة أشهر.، سنة 488 هـ ، و انتهى المر في هذا التجاذب بأن اعتقل لسانه عن التدريس، و غمر قلبه حزن أثر على صحته، فضعفت قواه، ثم يحدثنا هو عما فعل حينئذ:" ثم أحسست بعجزي......و الأصحاب".
تلطف بلطائف الحيل في الخروج من بغداد، مظهرا عزم الخروج إلى مكة، و هو يدبر نفسه السفر إلى الشام... و سار يحدوه الأمل العذب في المعرفة، و يغمر قلبه الرجاء القوي في الفتح: يتفضل به الله عليه كما تفضل على من سلفه من الأولياء العارفين.
حتى إذا ما وصل إلى الشام، أقام به قريبا من سنتين، لا شغل له إلا العزلة، الخلوة، و الرياضة، و المجاهدة: اشتغالا بتزكية النفس،و تهذيب الأخلاق، و نصفية القلب لذكر الله، و كان يعتكف في منارة دمشق،طوال النهار، و يغلق بابها على نفسه.
ثم رحل من الشام إلى بيت المقدس، فكان يدخل كل يوم، الصخرة و يغلق بابها على نفسه، ثم سار إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، و زيارة الرسول، ص.
ثم عاد إلى وطنه ملازما بيته، مشتغلا بالتكفير. و لقد كان، في حله و ترحاله مؤثرا العزلة، حرصا على الخلوة، و تصفية القلب للذكر.. و دام ذلك كله ما يقرب من عشر سنوات،انكشف له في خلواته أثناءها، أمور لا يمكن إحصاؤها. و أفاض الله عليه من النور الإلهي، و غمرته ألطاف الله، و ترقى به الحال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق، و كان كتاب الأحياء من ثمار هذه الفترة.