الارواح المتمردة | منتديات الدراسة الجزائرية

الارواح المتمردة

الجزء الاول
هبطت مدينة كبرى فمشيت في طرقاتها فلم ازل اتنقل من مكان الى مكان حتى انتهى بي المسير الى بنية عظيمة لم ارى بين البنى اعظم من شانها ولا اهول منها منظرا وقد ازدحم على بابها خلق كثير من الناس فسالت بعض الواقفين: ما هذه البنية ما هذا الجمع المحتشد على بابها ?
فعلمت انها قصر الامير وان اليوم هو يوم القضاء بين الناس والفصل بين خصوماتهم
وماهي الا ساعة حتى ناد المنادي فدخل الناس ودخلت على اثرهم وجلست حيث انتهى بي المجلس
فرايت الامير جالسا وقد جلس على يمينه كاهن الدير وعلى يساره قاضي المدينة
وقال :ليؤت بالمجرمين فخرج اعوان يقتادون شيخا هرما
فسال الامير ما جريمته ? فقال الكاهن انه لص دخل الدير فسرق منه غرارة من غرارة الدقيق
فضج الناس ضجيجا وصاحوا :ويل للمجرم الاثيم
فصاح الامير يقاد المجرم الى ساحة الموت فتقطع يمناه ثم يسراه ثم بقية اعضائه ثم راسه ويترك طعاما لطير الغادي
فجثا الشيخ بين الامير ومد له يده الضعيفة المرتعشة يحاول ان يسترحمه
فابى الامير ذلك ثم اعادوه الى السجن
وبعد حين اتو اعوان الدير حاملين فتى في مقتبل العمر
فقال الامير ماهي جريمته
فقال القاضي انه متهم بقتل احد اعوانك فصاح الناس يا للفضاعة هذا الامر
فامر الامير باخذ الفتى وصلبه على شجرة حتى تصفى عروقه كلها حتى لاتبقى قطرة دم في جسمه
فصرخ الغلام صرخة مدافع على نفسة فلم يعره الامير انتباها ثم اخذوه الاعوان الى سجنه
وما لبثوا حتى اتو بفتاة اية في الجمال لم ارى فتاة بجمالها في حياتي
فسال الامير ما جريمتها
فقال القاضي انها امراة زانية دخل عليها رجل من اهلها فوجدها خالية بفتى كان يحبها ويطمع بالزواج منها
فصرخ الناس الرجم الرجم القتل القتل
فقال الامير تؤخذ الفتاة الى ساحت الموت وترجم بالحجارة عارية حتى لاتبقى على لحمها قطعة جلد ولا عضمها قطعة لحم
فهلل الناس اعجابا لعدل الامير وحزمه
خرج الناس فخرجت على اثرهم حزينا كئيبا افكر في عذه المحاكمة الغريبة التي لم يسمع فيها دفاع المتهمين على انفسهم ولم يشهد عليهم سوى خصومهم

غريب امرهم
الم يرتكب الامير جريمة قتل مرة واحدة في حياته فيرحم القاتلين من جرائمهم
الم يسقط الى يد الكاهن دينار من منالدير لايحل له
فيشفق على العجوز المسكين ويغفر له
الم تزل قدم القاضي بين الساقطات فيغفر لهذه المسكينة
انهم ليسو بانبياء معصومون من الخطا ولا باملاك مطهرين


الجزءء الثاني
ولم ازل اسئل نفسي هذه الاسئلة حتى حل عليا الليل فوجدت نفسي امام ساحة مظلمة تتطاير فيها طيور الغادي وتنبعث منها رائحة دم كريهة
فرايت منظرا تقشعر منه الابدان
رايت جثة الشيخ معفرة بالتراب لا راس لها ولا اطراف
ورايت جثة الفتى مشدودة الى شجرة وفد سال منها كل دمائه
ورايت الفتاة كتلت من اللحم ويحيط جسمها الحجارة التي قذفت بها
وب جانبهم حفرة عميقة بها دماء
فعلمت انها دماء هاؤلاء
فلتفت في وهلة فرايت شخصا قادما فختبئت من فزعني
وبي عجوز شمطاء رثة الثياب تلتمس القتلى فجمعت اطراف جسم العجوز وحفرة له حفرة فدفنته فيها وبدات بي تلاوات صلواتها
فخرجت من مخبئي اسئلها
فقالت لقد كان زوجي خادم وفيا لدير وقضى عمره كله في خدمته وعندما اشتدد به الكبر والعجز طلب معونة من الدير فابو ذلك حتى يبعث ابنائه الى العمل في مكانه
واطفالي صغار لا يقدرون على العمل فستحلفهم رحمة منهم فلم يابهو به حتى اشتد بنا الجوع ولم نجد ما ناكله فقام زوجي بسرقت الرغيف لاطعام صغاره الجياع
وبعدها انت تعرف مذا حدث
قتل لانه اراد اطعام صغاره
فقالت تلك الكلامات ثم رحلت
وبعد مدة ليست قصيرة اتى فتى في مقتبل عمره فاخذ برداء وغطى اطراف تلك الفتاة فقلت له لما تلسم تلك الزانية
فقال انها اشرف الشرفاء وانا الفتى الذي وجد معها
لم المسها حتى
لوان ابوها الذي طمع بها لكانت الان زوجتي ومن نصيبي
زوجها ابوها بشخص فاسق غني لا يلبث يوما في بيته كان دائما يسهر في الحرام وبين المحرمات
تاركا هذه الامينة في يتها تبكي دما على حضها
فقررت الهرب معها فدخلت البيت دون ان يشعر بي احد وقمت باقناعها بالهرب مني فابت
وكانت تقول انا زوجة فلان فاغرب عني
قلت لها وحبنا ووعودنا فكانت تدفعني وتطردني من المنزل
حتى دخل عليها قريبها ورءى هذا النظر فصرخ وجذبها من شعرها قلئلا ايها الزانية
وفي ايامنا تعاقب المراة ولايعاقب الرجل في هذه الامور فويل لهاذه الحكم
فقام بدفنها ورحل
فاتت في اثره شابة صغيرة كانت تبدومن فتيات القرى فقامت بقص الحبال الملتفت على الفتى فقبلته وبكت قائلت فالترحم ايها الشهيد
وكانت تناديه يا اخي فسالتها عن قصتها
فقالت كنت اعمل في الحقل وبي حارس من اعوان الامير اراد ان يراودني عن نفسي وهددني بالقتل الم استجب له فقام اخي ليحميني
فاخرج الحارس سيفه واراد ان يطعن اخي في صدره فقام بالدفاع عن نفسه فسقط الحارس فحصل ما حصل
فوقف اخي امام الجثة ولم يابى الهرب وقال انا لست مجرما قاتلا لكي اهرب وانتظر الاعوان بكل شرف ووقارة حتى اقتادوه الى السجن
فقامت الى دفنه واختفت من الانظار


عجيب جدا ان يقتل الرجل الرجل ليحمي عرضه وشرفه فيسمى قاتلا وعندما امر الامير بقتله سمي عادلا
وان يسرق السارق ليسكت جوع اولاده فسمي لصا فاذا امر القاضي بقطع اطرافه فسمي حازما
وان تسقط المراة سقطة بدون حق اتهمت بالزنا وعندما ترجم عارية بين الطرقات فذلك هو الصواب

غريب امرهم اهاذه هي عدالتهم

ثم وجدت نفسي انني استفقت من هذا الحلم المزعج

شكراااااااااااااااااااااااااا النهاية
من روايات جبران خليل جبران
 
التعديل الأخير:
أحسنت سيدرة مرة أخرى وأبعت في سرد القصة بأسلوب جد رائع .قصتك دليل على فضاعة الحكم الظالم المستبد الذي يحكم من طرف واحد دون سماع للدفاع عن أنفسهم "إذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل"إنشاء الله رب ما يضعنا بين أيدي الظالمين بوركت مرة أخرى
 
عودة
أعلى