باَب التوبَة مفتُوح مهما عظمَ الذنبُ | منتديات الدراسة الجزائرية

باَب التوبَة مفتُوح مهما عظمَ الذنبُ

-


باب التوبة مفتوح مهما عَظـُم الذنب

انقضت سنوات من عمره وهو يرفل في ثياب العافية، وينعم بصحبة الأحبة، يتقلب في أنواع المآكل والمشارب، يرسل الضحكات هنا وهناك، وهو مع ذلك كله غافل عما خلق له، ساه عما يراد منه، قد ملأ أوقاته بالقيل والقال، وغرق في وحل الرذيلة، وعاش دهراً بعيداً عن الفضيلة، لم يذق منذ زمن حلاوة الصلاة، ولا شعر بهدوء الصيام.

ولكنه أفاق..

أنبه ضميره، وعاتبه فؤاده حين رأى أتربه الذين عاشرهم زمن الطفولة ثم فقدهم بل فقدوه، رآهم وقد حفظوا القرآن، وتفوقوا في دراستهم، وسعوا في مرضات ربهم، فخر على وجهه باكياً تائباً،

شاكياً حاله يقول:

كم حادثة ذويت فيها همتـــــــــي وعقدت فيها خير مؤتمـــــــراتي

وشربت فيها الكأس حتى خلتني أدمي فؤاد الكأس بالرشفــــــات

وجعلت فيها الليل يكره نفســـــــه من سوء ما أجنيه في سهراتي

وجمعت للتذكار ألفي صــــــــورة أفنيت في تصويرها عدســـــاتي

ودعوت أصحابي أذيب قلوبهـــم بمغامرات اللهو في رحلاتــــــــي

لا تسألوا عني ولا تتعجبـــــــــــوا مني ولا تبكوا على سقطــــاتي

أنا فارس يغزو ميادين الهـــوى فسلوا بقاع اللهــــو عن غـزواتي

أنا لست وحدي في طريق متاهتي أبناؤكم في اللهو بالعشــــــرات


ثم رفع رأسه قائلاً:

دمعي أمام جدار الليل ينسكـــــب وجمرة في حنـــايا القلب تلتهب

وليلة نجمها يشكو تطاولهـــــــا وبدرها ذابل العينيـــــــــن مكتئب

وصورة لضياع العمــــــــر قـاتمة تسعى إلىَّ ومن عيني تقتــــرب

ووحشة في فؤادي أستريــــح لها كأنني بين أهل الدار مغتـــــــرب

قولوا معي لهذا النادم، وبشروه أن ربنا يقول:

((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ))
رواه الترمذي من حديث أنس وقال الألباني حديث حسن.
ويقول ربنا - تبارك وتعالى -:
((من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئاً))
رواه الطبراني والحاكم من حديث ابن عباس، وقال الألباني حديث حسن.
فبادر بالتوبة فإن بابها مفتوح مهما عَظـُم الذنب
 
عودة
أعلى