-----------------<*&*& أهمية الصبر &*&*>----------------- | منتديات الدراسة الجزائرية

-----------------<*&*& أهمية الصبر &*&*>-----------------

أهمية الصبر

ما أعظم الصبر، وما أجمل التمسك به، فالنفس إن عوَّدتها على الصبر فلن تخذلك أبدًا، والبدن إن عوَّدته على الصبر فلن يضرك أبدًا، وبالصبر لن تفتنَك الدنيا بمفاتنها، ولن يتملَّكك الشيطان بوساوسه، وستنجو من مآزق شتى، ولن يضرَّك مَن خذلك، ولن تستعين بغير الله -تعالى- وسيأتيك النصر من تحت قدميك ما دمت صابرًا على طاعة الله -تعالى- صابرًا على ابتلاء الله -تعالى- صابرًا عن معصية الله -تعالى- صابرًا على عمل تبتغي به وجه الله -تعالى- "فالصبر هو الأساس الأكبر لكل جميل، والتنزه من كل خُلق رذيل، وهو حبس النفس على ما تكره، وعلى خلاف مرادها؛ طلبًا لرضا الله وثوابه، ويدخل فيه الصبر على طاعة الله، وعن معصيته، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلا تتم هذه الأمور الثلاثة التي تجمع الدِّين كله إلا بالصبر"[1].

الصبر نصف الإيمان، والنصف الآخر الشكر، وعليه "فإن الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر؛ كما وردت به الآثار، وشهدت له الأخبار، وهما أيضًا وصفان من أوصاف الله -تعالى- واسمانِ من أسمائه الحسنى؛ إذ سمَّى نفسه صبورًا وشكورًا؛ فالجهل بحقيقة الصبر والشكر جهلٌ بكلا شطري الإيمان، ثم هو غفلة عن وصفين من أوصاف الرحمن، ولا سبيل إلى الوصول إلى القرب من الله - تعالى - إلا بالإيمان، وكيف يُتصوَّر سلوك سبيل الإيمان دون معرفة ما به الإيمان، ومَن به الإيمان؟ والتقاعد عن معرفة الصبر والشكر تقاعد عن معرفة مَن به الإيمان، وعن إدراك ما به الإيمان؟

اعلم أن الإيمان تارةً يختص في إطلاقه بالتصديقات بأصول الدين، وتارة يختص بالأعمال الصالحة الصادرة منها، وتارة يطلق عليهما جميعًا، وللمعارف أبواب، وللأعمال أبواب، ولاشتمال لفظ الإيمان على جميعها، كان الإيمان نيِّفًا وسبعين بابًا، ولكن الصبر نصف الإيمان باعتبارين، وعلى مقتضى إطلاقين:
أحدهما: أن يطلق على التصديقات والأعمال جميعًا، فيكون للإيمان ركنان؛ أحدهما اليقين والآخر الصبر، والمراد باليقين: المعارف القطعية الحاصلة بهداية الله - تعالى - عبده إلى أصول الدين، والمراد بالصبر: العمل بمقتضى اليقين؛ إذ اليقين يعرِّفه أن المعصية ضارة، والطاعة نافعة، ولا يمكن ترك المعصية والمواظبة على الطاعة إلا بالصبر، وهو استعمال باعث الدين في قهر باعث الهوى والكسل، فيكون الصبرُ نصف الإيمان بهذا الاعتبار؛ ولهذا جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما فقال: ((مِن أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر، ومَن أعطي حظه منهما لم يبالِ بما فاته من قيام الليل وصيام النهار، ولأنْ تَصبِروا على ما أنتم عليه أحبُّ إليَّ من أن يوافيَني كل امرئ منكم بمثلِ عمَلِ جميعكم، ولكني أخافُ أن تُفتحَ عليكم الدنيا بعدي، فينكر بعضكم بعضًا، وينكركم أهل السماء عند ذلك، فمَن صبر واحتسب ظفِر بكمال ثوابه، ثم قرأ قوله -تعالى-: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ ﴾ [النحل: 96] الآيةَ، وبهذا النظرِ قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "الإيمان نصفان، نصف صبر ونصف شكر، وقد يرفع أيضًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم"[2].

قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، فبالصبر يكونُ الله -تعالى- معنا ولن يخذلنا أبدًا، ولن يترك عدونا يزداد جبروتًا على جبروته وطغيانًا على طغيانه، بل يشفي صدور قوم مؤمنين، "ولا تتحقَّق الآمال، ولا تهون الصعاب إلا بالصبر، فلولا الصابرون في أعمالهم ما أنتجوا، ولولا الصابرون في زرعهم ما حصدوا، ولولا الصابرون في طلب العلم ما حصَّلوا، ولولا الصابرون في ميادين القتال ما انتصروا"[3].

ولأن الصبر فيه من المشقَّة ما فيه، وفيه من الهوان ما فيه، وفيه من الأمر الشديد ما فيه، فلا بدَّ من تدريب النفس والبدن على الصبر حتى يأتي النصر، فلن يأتي النصر إلا إذا ذُقْنا مرارة الصبر، فبالصبر ننتصر على الأعداء في ميادين القتال، وفي الاستعداد للقتال، وفي إعداد القوة التي بها ننتصر على الأعداء، قال - تعالى -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، وجاء في الخبر: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرَجَ مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا))، وقال -تعالى-: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 146 - 148].

وعن أبي إبراهيم عبدالله بن أبي أَوفَى - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى مالت الشمس ثم قام فيهم، فقال: ((يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإن لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف))، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم مُنزِل الكتاب، ومُجريَ السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم))؛ (متفق عليه)، وقال -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ [الأنفال: 15].

"أمر الله - تعالى - عباده المؤمنين بالشجاعة الإيمانية، والقوة في أمره، والسعي في جلب الأسباب المقوِّية للقلوب والأبدان، ونهاهم عن الفرار إذا التقى الزحفان... فلا تولُّوهم الأدبار، بل اثبتوا لقتالهم، واصبروا على جلادهم؛ فإن ذلك نصرةٌ لدين الله، وقوة لقلوب المؤمنين، وإرهابٌ للكافرين، فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر، فلا سبيل لغير الصابر أن يدرك مطلوبه، خصوصًا الطاعات الشاقة المستمرة، فإنها مفتقرة أشد الافتقار إلى تحمُّل الصبر وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبُها الصبرَ فاز بالنجاح، وإن ردَّه المكروه والمشقة عن الصبر والملازمة عليها لم يُدرِك شيئًا وحصل على الحرمان، وكذلك المعصية التي تشتدُّ دواعي النفس ونوازعها إليها، وهي في محل قدرة العبد، فهذه لا يُمكِن تركها إلا بصبرٍ عظيم، وكف لدواعي قلبه ونوازعها لله -تعالى- واستعانة بالله على العصمة منها، فإنها من الفتن الكبار، وكذلك البلاء الشاق خصوصًا إن استمرَّ، فهذا تضعف معه القوى النفسانية والجسدية، ويوجد مقتضاها إن لم يقاومها صاحبها بالصبر لله، والتوكل عليه، واللجوء إليه، والافتقار على الدوام؛ فعَلِمت أن الصبر محتاج إليه العبد، بل مضطر في كل حال من أحواله؛ فلهذا أمر الله -تعالى- به وأخبر أنه ﴿ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]؛ أي: مع مَن كان الصبر لهم خلقًا وصفة وملَكة بمعونته وتوفيقه وتسديده، فهانت عليهم بذلك المشاق والمكاره، وسهَّل عليهم كل عظيم، وزالت عنهم كل صعوبة"[4].

وعلَّق الله -تعالى- النصرة على الصبر، فقال - تعالى -: ﴿ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 125]، ولن يتوقَّف الأمر عند هذا الحد، بل إن الله -تعالى- مع الصابرين؛ لذلك فإنه -تعالى- لن يخذل الصابرين في وقت الحرب وعند الاستعداد للحرب؛ قال -تعالى-: ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]، ولا بدَّ أن يعلم المسلمُ أن الصبر طريق للإيمان، فقد ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((الصبر نصف الإيمان))، ومن الإيمان يأتي النصر، وهذا ليس من عندي، بل هو من عند الله -تعالى- حيث قال: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47].

وفي حديث عطاء عن ابن عباس: لما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأنصار، فقال: ((أمؤمنون أنتم؟))، فسكتوا، فقال عمر: نعم يا رسول الله، قال: ((وما علامة إيمانكم؟))، قالوا: نشكر على الرخاء، ونصبر على البلاء، ونرضى بالقضاء، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((مؤمنون ورب الكعبة)).

فالصبر دليل على الإيمان، ولذلك إن كنت مؤمنًا فلن يضيعك الله - تعالى - وسينصرك نصرًا عزيزًا على الأعداء، وأولهم الشيطان، "ولهذا، الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمَن لا صبر له، كما أنه لا جسد لمَن لا رأس له"[5]، قال - تعالى -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس مات الجسد".
 
السلام عليكم

اشكرك علي هده المنقولة رائعة

والصبر مفتاح السعادة و الفرج

وعلي قدر الصبر علي قدر الابتلا،
و اشكرك علي حسن الادا، وشكرا
 
hwaml.com_1398785825_124.gif
 
عودة
أعلى