"هذه هي الصوفية".. | منتديات الدراسة الجزائرية

"هذه هي الصوفية"..

لهذا الكتاب الذي نصدره بهذه المقدمة قصة.
فمن أعوام خلت شكا سماحة شيخ الصوفية إخواناً لي من أنصار السنة،
بدعوى أنهم ينالون من كرامة الصوفية،
فكان أن رجوت وكيل النائب العام أن أقف وحدي موقف المتهم،

فلم يجد المحقق ما يأخذنا به،
وقد قدمنا له الأدلة الدامغة من كتب الصوفية على ما دمغناهم به،
وعلى صفحات "مجلة الهدى النبوي" نشرت – بعد التحقيق معي –
خطاباً مفتوحاً إلى سماحة الشيخ،
فيه ما فيه من حق يصعق باطلاً
وتوحيد يقضي على وثنية؛


ليعلم الشيخ ومن خلفه، أنهم مهما كادوا لنا، أو مكروا بنا،
فإننا لن نسكت عن أساطيرهم،

وألح إخواننا أنصار السنة هنا وفي السودان العزيز وغيره
في طبع الخطاب، فطبعت منه آلاف النسخ،

فكان أن صودر في السودان بأمر الحاكم العام السابق
ولما أن نفدت نسخه طبعه إخواننا في سوريا الشقيقة
وقد ترجم للأندونيسية.


وألح إخواننا في طبعه مرة أخرى،
فعدت إلى الكتاب أكتبه من جديد وأزيده كثيرا من النصوص،
وموضوعات جديدة لم تكن في طبعته الأولى،

حتى أربى الكتاب على ضعفي حجمه الأول،
فليس افتئاتاً على التاريخ أن أسميه "هذه هي الصوفية"
بدلاً من اسمه الأول "صوفيات" ( 1 )



وسيرى القراء كما عودتهم، أنني لم أرم الصوفية بغير ما به تدين،
وأننا لم نعتد بقول أحد في الصوفية،
وإنما اعتددنا بنقل نصوص كثيرة من كتب الصوفية
بينة الدلالة على معتقدهم،

مقارنين بينها وبين بعض آيات القرآن الكريم،
وأحاديث خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم،
هذا لكيلا يفتري صوفي أننا نرميهم بغير ما يفترون على الله.


كنا نستطيع أن نصنع صنيع بعض نقدة الصوفية قديماً وحديثاً،
فنأتي بفتاوى أئمة المسلمين في شأن الصوفية،
أو ننقل ما نقلوه عن الصوفية من نصوص،
بيد أني رأيت أن يكون للعدل والحق والتحقق الرعاية الأولى،


فنقلب دين الصوفية من كتبهم التي يؤمنون بها ذاكراً اسم الكتاب،
وتاريخ ومكان طبعه، ورقم الصفحة التي عنها نقلب؛

لأرمي الظن والريب باليقين الواضح؛
ولأبعد كل شبهة تتوهم أننا نفتات عليهم، أو نبهتهم؛

وليكون كل قارئ مفتياً لنفسه بالحق،
وحكما بين الحق وباطلهم.



وقد يعيب علينا بعض من سحرتهم طقوس الصوفية،
وشاعريتها الكهنوتية العنف في المحاجة،

لكننا لهؤلاء نقول: رويدكم!!

فإنما نسمي الأشياء بأسمائها، ونصفها بصفاتها،
فلا نقول عن الزقوم: إنه تفاح الجنة،
ولا عن الغسلين: إنه رحيق الفردوس،
ولا عن الشرك: إنه توحيد،


بل لا نحب أن نداهن النفاق فنزعم أن شرك الصوفية خطأ، فحسب،
وعجب مغرب في العجب، أن نغضب، بل نرتجف من الحنق
إذا دعينا نحن بغير أسمائنا،
ونحقر من ينتسب إلى غير أهله،
ثم لا نغضب من نعت الباطل بأنه حق!!


وعجب ذاهل الدهشة
أن نرمي بالعمى والجهالة من يسم الليل: بأنه نهار مشمس،
أو من يقول عن المر: أنه حلو،
أو من يقول عن الثلاثة: إنها واحد!!


ثم لا نرمي بهما – بالعمى والجهالة –
من ينعت الصوفية بأنها إسلام صحيح،
ومن يقول عن الطائفين حول القبور،
اللائذين بأحجارها الصم: إنهم مسلمون!!
ثم يمكر؛ ليحسب مع المسلمين،
فيقول عن أولئك: ولكنهم مخطئون!!


عجب أن نكفر القائلين بأن الله ثالث ثلاثة،
ثم نحكم بالإيمان الحق لمن ينسبون إلى النبي أنه الصوفي الأول،
وأنه الموحي بدين الصوفية!!


من يقولون: إن الله عين كل شيء وأنه مليون ملايين!!
نحكم بإيمان هؤلاء،
لا لشيء سوى أن لهم أسماء تشاكل أسماء المسلمين!!.


إن الحق والدفاع عنه يحتمان علينا أن نسمي كل شيء باسمه،
ونصفه بصفاته،
وإلا افترينا عليه، وجعلنا للباطل الصولة،

قولوا عنا ما شئتم،
فإن للحق صولة تجتاح كل صولة أخرى،
ولن ينال منها أن ترموا بعض جنده بالعنف في البيان والمحاجة.
وعجيب أن نُرمى بالعنف،
أو ينتقد علينا هذا في الدفاع عن أعظم مقدسات الدين والفضيلة،

والله يقول:
( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين، واغلظ عليهم،
ومأواهم جهنم وبئس المصير).


قولوا ما شئتم، فليس بنافع ما تتقولون به في الذياد عن الصوفية
أو الإبقاء على رمقها الشاحب المحتضر!!
بل ستبقى رغم تتقولون به تلك الحقائق الصاعقة العاصفة المدمرة
تدك هياكل الصوفية.


ستبقى شاهد عدل وحق ساطع البرهان
على أن الصوفية عدو الإسلام الألد الخصام،
بيد أن هذا العدو، يسحرك بغزل التقبيل،
ويسكرك بخمرة العناق،
حتى إذا أغمضت عيــنـيـك النشوة الحالمة،
أنفذ إلى صميم قلبك خنجره المسموم.



وما نشتري بما نكتب رضاء الناس،
وإنما نبتغي به رضاء الله،
فلله ما بذلت من جهد،
وأضرع إليه سبحانه أن يدخره لي جهداً في سبيله،
وألا يضيعه بذنب منا نقترفه،
وهو مولانا ونعم النصير.



عبدالرحمن عبد الوهاب الوكيل

القاهرة 11 من ربيع الأخر سنة 1375
26 من نوفمبر سنة 1
955
 
الفصل الأول


ضحية


هذا رجاء شاب مسلم أغوى صباه الغرير سحرُ الصوفية،
فجرَّعتُه زُعافَها يحسبه خمرة الجنة تدهق كئوسها الملائكة،
وغِسلينَها يخاله رحيقاً تُرويه به الحورُ النواعم،
ثم أشرقت على روحه المظلم أشعة الهدى من كتاب الله،
فنظر،
فماذا رأى ؟.



رأى ماضيه الصوفي شيطان كفر مارد يغتال إيمانه،
وشركٍ يعصف بالرمق الشاحب من توحيده،

فيا حَرَّ قلباه !!


كان الفتى اليتيم الروح يأمل أن يمشي على الماء،
وأن يُحلِّق بجناحيه فوق قبة النجوم،
وأن يتحد بالروح الإلهي الأعظم،
وأن يهتك – كالشهاب الثاقب – حُجُبَ "السَّويَّة والغَيْريَّة" ( 1 )



ليشهد حقيقة الوحدة الكبرى، وحدة الوجود، ويسعد بها،
وقد تحققت في ذاته!!


كان يأمل ذلك كله،
فبكل هذه الأساطير المجوسية وعدته الصوفية.
ولكن !!
وآهٍ مما بعده من أدمعٍ وجراح!!.



أمَّلت أن أمشي على الماء،
فكانت الـحُمَمُ المدمدماتُ من سقر!!

أملت أن أحلق بجناحيَّ فوق الأفق،
فإذا هي مأساة المشرك التي قصها الله في كتابه


{ ومن يشرك بالله،
فكأنما خرَّ من السماء، فتخطفه الطيرُ ،
أو تَهْوي به الريح في مكان سحيق } .


فمِن ذروة القمة الحالمِة الخيال هويت
– يدُكُّني الصخر الأصَمُّ الناتئ-
إلى غَوْرٍ سحيق سحيق!!.


وهنالك على الصخور الحدباء بقيت منى أشلاء متأثرة،
تروى لك عبرتي الحزينة المفجوعة!!.

وهنا في القلب الدامي جراحٌ نازفةٌ
تنوح بين يديك بمأساتي الدامية!!.


أمَّلت الاتحاد بالروح الإلهي،
فلم أجد غير الشيطان ينفث في دمي فتونَه،


أملت شهود الوحدة الكبرى!!

وآهٍ من هذه الأسطورة الناعسة الفتنة، المكحولة الآثام!!


فقد وعدتني الصوفية
أن هذه الأسطورة ستجعل مني إلهاً ثائر الرغبات،
عاصف الشهوات،
يَجمَحُ به هواه إلى امتهان ألوهيته
في سبيل هذه الرِّغاب التي تشهَّاها الحرمان
من شاعر ظامئ الجسد.

آه يا يوم التلاقي ليتني كـــنت إلهاً

لأبحــتُ الناسَ للناسِ خدوداً وشفاهاً



وعدتني بالربوبية تتجلى فيَّ بصورة بشرية،
فأصرف الوجودَ بقدري القاهر،
وقضائي الذي لا مردَّ له،
وأسخِّر السماء والأرض، والعواصف والجن، والملائك والحور،
أسخرهم لصَبَوَاتِ شبابي، ونزوات هواي!!.


ألم يبح كاهن الصوفية التلمساني في دينه الأم والأخت،
ويرمي من يحرمهما على الابن والأخ بأنه محجوب ؟! ( 2 )


ألم يؤكد طاغوت الصوفية الأكبر "ابن عربي" ( 3 )


أن الرب الأعظم
غانيةٌ هَلوكٌ تحترق الشفاهُ على ثغرها قبلاً دنسة ملتهبة!!


وأن هذا الرب لا يبلغ كمال تجليه الأعظم
إلا حين يتجسد في صورة أنثى
تجتاح أنوثَتَها خطيئةُ كل عِرْبيد في غيابة الليل!!


قد يتجلي هذا الرب في صورة مَلَك أو رجل،
بَيْدَ أن تَجلِّيه في صورةِ ماجنةٍ تُعْوِل بالشهوة ،
وتصرخ بالرغبة، وتَـتَـقَـتَّــ ل بالمفاتن، وتغازل بالإثم
– تجليه في تلك الصورة أحلى وأجمل، وأتم وأكمل!!.


إذ يتجلى في الرجل بصورة فاعل،
أما في المرأة فيتجلى في صورة فاعل وصورة منفعل،
وصورة فاعل منفعل معاً في مَجْلىً واحد !!. ( 4 )


تـثليث آخر!!


غير أن وراءه شهوة متمردة تَنْزُو به!!


عُذْرَاك إن جَمَحَت بي رغبتي في الذياد عن الحق
إلى ذكر خطايا صوفية، يَدْمى منها حتى الخزي،
وتثير الحياء في صفاقة وجه البَغِي!!


عُذْرَاك فإنما نجاهد لتدمير الطاغوت الأكبر،
وشيخ الصوفية يشكو منا إلى النيابة،
لأننا نكشف لهم ما افتراه الشيطان من أديان وثنية،
فَتَن بها الآبقين من الخَلْق، وسماهم لهم صوفية!!.



فمضى الكهان يبشرون بها على أنها توحيد
يشع منه وحده الحق، وإيمان سماوي الروح، عُذريُّ الحب،


فكان خطرها الناجم الداهم، هو القاصمة،
بل كانت أشد خطراً على المسلمين من المجوسية،
فهذه مُسْتَعْلِنةُ البَغْي لها من قلنسوتها آية.


أما الصوفية،
فبَسَماتٌ حلوة خَلُوب،
ونجاوى ناعمة شَفَّ رقَّتها عشق محروم،
ونغماتٌ عِذَابٌ آسرة،
وعمائم منتفخة كالبطون المُتخمة من الحرام،
ولِحىً بِيضٌ مُرْسَلَة على قلوب سود،




********************
( 1 ) اصطلاحان صوفيان مأخوذان من كلمتي "سوي وغير"
والصوفي الحق في دين الصوفية
من يوقن أنه لا "سوى ولا غير" أي يرى الكل عيناً واحدة!!

( 2 ) ص 177 ج1 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية.
( 3 ) هو محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي مات سنة 638هـ
( 4 ) سيأتيك نصه بلفظه
 
دين الصوفية


للصوفية مدد من كل نحلة ودين إلا دين الإسلام،
اللهم إلا حين نظن أن للباطل اللئيم مدداً من الحق الكريم،
وأن للكفر الدنس روحاً من الإيمان الطهور.
والصوفية نفسها تبرأ إلا من دين طواغيتها
مؤمنة بأنه هو الحق الخالص.


يقول التلمساني – وهو من كهان الصوفية-
"القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا " ( 1 )



وابن عربي يزعم أن رسول الله أعطاه كتاب فصوص الحكم
– وهو دين زندقته – وقال له:

"اخرج به إلى الناس ينتفعون به –

ويقول :
فحققت الأمنية كما حَدَّه لي رسول الله بلا زيادة ولا نقصان"

ثم يقول:
فمن الله، فاسمعوا ** إلى الله فارجعوا ( 2 )



على حين يذكر الحق وتاريخه الصادق
أن الصوفية تنتسب إلى كل نِحْلَة مارقة،
وتنتهب منها أخبث ما تدين به،
ثم تفتريه لنفسها، مؤمنة به،
وتحمل على الإيمان به كل فراشة تطيف بجحيمه،



وإلا فهل مِن الإسلام
أسطورة وحدة الوجود،
وخرافة وحدة الأديان ؟!



فتلك تزعم أن الله سبحانه عين خلقه،
عينهم في الذات والصفات والأسماء والأفعال،
تزعم أن واهب الحياة، وخالق الوجود
عين الصخر الأصم، والرمة العفنة!!



ووحدة الأديان تزعم أن كفر الكافر، وخطيئة الفاجر
عين إيمان المؤمن، وصالحة الناسك،

تزعم أن دين الخليل هو دين أبيه آزر،
وأن إيمان موسى عين كفر فرعون،
وأن وثنية أبي جهل عين توحيد محمد،
فكلٌّ رب الدين ورسوله!!


كلٌ تَعَـيُّـنٌ للذات الإلهية،
غير أنها سميت في تَعَـيُّـنٍ بمحمد، وفى أخر بأبي جهل،
وهيَ هيَ في مظهريها، أو اسميها!!



تزعم أن دين إبليس وإيمانه
عين دين أمين الوحي، وروح إيمانه،

بل زادت الخطيئة فجوراً،
فزعمت أن إبليس أعظم معرفة بآداب الحضرة الإلهية
من أمين الوحي، وأسمى مقاماً!!


أفمِن دين الإسلام هذه الخطايا الكافرة ؟!




********************
( 1 ) ص 145 جـ 1 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية
( 2 ) ص 4 فصوص الحكم بشرح بالي ط 1309هـ
 
افتراء على دين الله


ولكن ما بالي أسرف في الِحجاج؛
لأثبت ما ليس في حاجة إلى دليل يثبته،
بل ما الصوفية – نفسها – تقر مؤمنة به؟!


سلوها لم انتبذت من المسلمين مكاناً قصياً
تسمي فيه المدنسين برجسها صوفيين، لا مسلمين،
والاسمان متقابلان تقابل الظلام الجائر، والضوء الباهر؟


سلوها لم تمقت ما سمي به الله من يعبدونه على بصيرة،
وتَجْنَح إلى اسم ماله من دلالة إلا على كفر أو مذلة ؟


سلوها مَنْ هم كهان دينها، وأحبار طقوسها؟


سلوها لم تُورِّث أحقاد طواغيتها على الكتاب والسنة ؟


سلوها لم تفتن الأغرار عن دين الحق،
فتزعم لهم أن الإسلام شريعة وحقيقة،
تعني بالشريعة ما أوحاه الله إلى رسوله،
وبالأخرى وساوس الأبالسة النافثين لبدع الصوفية.

سلوها ، وسلوها ؟

ولكن لا تكدوا أنفسكم،


فهذا ابن عجيبة الفاطمي الهوى، الصوفي الدين
يلهمكم جواب ما عنه تسألون،
فإليكم ما افتراه:

"وأما واضع هذا العلم "يعني التصوف"
فهو النبي صلى الله عليه وسلم علمه الله بالوحي والإلهام،

فنزل جبريل أولاً بالشريعة فلما تقررت،
نزل ثانياً بالحقيقة،
فخص بها بعضاً دون بعض،
وأول من تكلم فيه، وأظهره سيدنا علي كرم الله وجهه،
وأخذه عنه الحسن البصري " ( 1 )


وإنها لفرية جائرة الإفك على رسول الله،
وبَهت له بجريمة ملعونة،
جريمة كتمان العلم، وأي علم ؟
إنه علم الحقيقة في دين الصوفية !!


أفيكتم الرسول الحق وعلمه ودلائله،
وقد توعد كاتم العلم بعقاب شديد من الله
"من كتم علماً يعلمه الله إياه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار " ( 2 )


ثم وراء هذا البهتان اتهام صريح لأبي بكر وعمر وعثمان،
ومعهم خيار الصحابة من السابقين،

بأنهم كانوا أنْضَاء ضلالة وجهالة
بما يعرج بالروح على محبة الله،


وراءه محاولة حقودٌ مصممة على تجريد الجماعة الإسلامية
من خيار سلفها وخيار خلفها من صفة الإيمان الحق.



وحسب الصوفية أن تبوء هي وحدها
بما تبهت به الصديقين والشهداء.





********************
( 1 ) ص 5 إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عجيبة جـ 1 ط 1913م.
وفي قوله ذاك دليل الصلة الوثيقة بين الصوفية وبين الشيعة التي تؤله أئمتها


( 2 ) أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم وصححة من طريق أبي هريرة
وقال الترمذي: حسن صحيح.
 
وسيلة المعرفة عند الصوفية


ويدين الصوفية ببهتان آخر يدمغها بالمروق عن الإسلام،
ذلك هو اعتقادها أن الذوق الفردي ( 1 )
- لا الشرع، ولا العقل –
هو وحده وسيلة المعرفة ومصدرها.


معرفة الله وصفاته، وما يجب له ( 2 ) ،
فهو – أي الذوق – الذي يقوم حقائق الأشياء،
ويحكم عليها بالخيرية أو الشَّرية، بالحسن أو القبح،
بأنها حق أو باطل،


فلا جرم أن تدين الصوفية بعدد عديد من أرباب وآلهة،
ولا عجب أن ترى النِّحلة منها تعبد وثناً بغير ما تعبده به أخرى،
أو تخنع لصنم يكفر به سواها من النحل الصوفية،


لا عجب من ذلك كله،
ما دامت تجعل "الذوق" الفردي حاكماً وقيماً على المسميات وأسمائها،
فيضع للشيء معناه مرة، ثم ينسخه بنقيضه مرة أخرى.


هذه الحِدَّةُ في تَوتُّر التناقض
صبغة الصوفية دائماً في منطقها المخبول،


ولقد ضربت الصوفيين أهواء أحبارهم بالحيرة والفرقة،
فحالوا طرائق قدداً،
تُؤلِّه كل طريقة منها ما ارتضاه كاهنُها صنماً له،
وتعبده بما يفتريه هواه من خرافات!!


على حين يجمعهم على الوحدة هوى واحد، وغاية واحدة،
هي القضاء على الإسلام والجماعة الإسلامية.


وما إخالك يا سماحة الشيخ تمتري فيما ذكرته لك، فأنت به خبير،
وإلا ففيم هذه الشِّيَعُ المتطاحنة ( 3 ) وفيم هذه المشيخات المتنابذة،
كلما دخلت واحدة منها عليك لعنت أختها،


بل فيم هذه الحرب التي يثيرونها عليك في مكر دنيء ورياء ماكر؛
إذ جلست على عرشهم دون أن تكون لك قدم ثابتة في التصوف،
ودون أن تنصب شيخ طريقة من قبل؟!!


قلها صريحة الجرأة يا سماحة الشيخ،
يهب الله لك هداه، ومقام الصديقين،
وإنه للخير الذي تنشده نفس كل مؤمن.


*******************
( 1 ) يعني به الذوق الخاص بكل إنسان

( 2 ) لم نقل: وما يستحيل عليه.
لأن الصوفية تؤمن بأنه سبحانه يجب له كل شيء ، لأنه عين كل شيء،
فلا يستحيل عليه نقص ولا عجز

( 3 ) يقول رويم البغدادي: "لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا، فإن اصطلحوا، هلكوا"
ص 181 طبقات الصوفية للسلمي،
فليتنافر المسلمون، وليتطاحنوا فهذا دين الصوفية.​
 
عودة
أعلى